أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-08-2015
1549
التاريخ: 10-7-2019
2218
التاريخ: 1-07-2015
2057
التاريخ: 1-07-2015
1619
|
إِنَّ كُلاًّ من الإِلهي والمادي يستعمل كلمة العلّة وكلٌّ يريد منه معنى مُغَايراً لما يريدُه الآخر.
فالعلّة عند الإِلهي هي مفيضُ الوجودِ على الاشياءِ و مُخرِجُها من العدم ، و مصيِّرها موجودةً بعد أَنْ كانت معدومة ـ فعند ذلك يكون المعلولُ بمادته و صورته و بجميع شؤونه منوطاً بها ، فالعلة هي التي تعطي المادة وجودها و صورتها و كل شؤونها و هي التي ـ بالتالي ـ تخرجها من ظلمة العدم إلى حيّز التحقّق.
وللتوضيح نمثل لذلك بالصور الذهنية و النفسِ الإِنسانية. إِنَّ النفسَ تُوجِد الصورَ في الذهن و تُكَوِّنُها فيه. نعم ، النفسُ تستعين في خلقها لبعض الصور بأَمثلة خارجية محسوسة ولكنها قد تخلق أَحياناً صوراً في الذهن لا مثيل لها في الخارج كالمفاهيم الكليّة مثل مفهومي الإِنسان و الإِمكان.
وعلى ذلك فالعلّة التي يقصدها الإِلهي هي ذلك. و بالتالي إنَّ الخالق خَلَقَ المادة و أَفاض عليها صُوَرَها و أَحاطها بشبكة من النظام البديع الذي لم يكن قبل ذلك قط.
وأَما العلةُ عند المادي فهي المُوجِد للحركة و التفاعلات في المادة ، كالنجار الّذي يجمع الأخشاب من هنا و هناك و يضم بعضها إلى بعض بنحو خاص فتصيرُ على هيئة الكرسي ، أو كالبنّاء الذي يجمع الأحجَار و الطين من هنا و هناك و يرتِّبُها بهندسة خاصة فتصير جداراً و بناءً ، أو كالنَّار التي توجب غليان الماء و تُحَوِّلُه إلى بخار.
وربما يتوسع الماديّ في استعمال كلمة العلّة فيطلقُها على نفس المادة المتحولة إِلى مادة أخرى كالحطب إلى الرماد ، و الوَقود إلى الطاقة ، و الكهرباء إلى الضوء و الصوت و الحرارة.
فبذلك عُلِمَ أَنَّ بين المصطلحين بوْناً شاسعاً ، فأَين العلة التي يستعملها الإِلهي في مفيض الوجود بمادته و صورته ، من العلة التي يستعملها المادي في موجد الحركة في المادة أَو في المادة القابلة للتحول إِلى شيء آخر!!.
والذي دعى المادي إلى تفسير العلَّة بهذا المعنى هو اعتقادُه بِقدَمِها و قِدَمِ الطاقاتِ الموجودة فيها و غناها عن مُوجِدِها. و هذا بخلاف الإلهي المعتقد لحدوث المادة و سَبْقِها بالعدَم ، فلها علّة فاعلية مخرجة لها من العدم إِلى الوجود.
وإِلى ذينك الإِصطلاحين أَشارَ الحكيم الإِلهي السبزواري بقوله :
معطي الوجود في الإِلهي فاعل ... معطي التحرك الطبيعي قائل
نعم ربما يستعمل الإِلهي لفظة العلّة في معطي الحركة و مُوجِدِها و إِنْ لم يُوجِد المادةَ و صورتَها ، فيقول : إِنَّ النجارَّ علةٌ للسرير ، والنارَ للإِحراق ، توسعاً في الإِصطلاح.
وإلى ما ذكرنا يشير قوله سبحانه : { أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ * أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ *نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ * عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ * وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ * أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ * أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ * لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ * إِنَّا لَمُغْرَمُونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ * أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ * أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ} [الواقعة: 58 - 72] و لا شك أنَّ للإِنسان دوراً في تكوُّن الإنسان و الزرعِ و الشجرِ ، ولله سبحانه أيضاً دوراً. ولكنَّ دورَ الإِنسان لا يتجاوز كونَه فاعلا بالحركة حيث يلقي النطفة في الرحم و ينثر البذور في الأرض و يغرس الأشجار و يُجْري الماء عليها ، فأين هو من إفاضة الوجودِ على الإِنسان و الزرع.. و الشجرة ، مادة وصورة.
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|