أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-08-2015
1803
التاريخ: 1-07-2015
2065
التاريخ: 1-07-2015
2153
التاريخ: 9-2-2018
1798
|
الموضوع : العلم يتوقّف على الانطباع.
المؤلف :
محمد جعفر الاسترآبادي المعروف بــ(شريعتمدار).
الكتاب :
البراهين القاطعة في شرح تجريد العقائد الساطعة.ص414-420/ج1.
________________________________________________
قال : ( ولا بدّ فيه من الانطباع ).
أقول : اختلف العلماء في ذلك ، فذهب جمهور
الأوائل (1) إلى أنّ العلم يستدعي انطباع المعلوم وانتقاش مثاله وشبحه في العالم ،
فبشهادة الوجدان بعدم الفرق بين العلم بالموجود والمعدوم يحكم بأنّ العلم مطلقا
يجب فيه الانطباع إذا لم يكن المعلوم أو علّته حاضرا عند العالم ولو على وجه
المغايرة الاعتباريّة ، ولا يحصل العلم الأقوى من غير انطباع ؛ لأنّ انكشاف الشيء
للعالم لأجل حضوره بنفسه أو بعلّته أقوى من حضوره بصورته ، فلا يرد الإشكال في علم
الواجب تعالى حتّى بالمعدومات بل الممتنعات (2) ، كما سياتي ان شاء الله.
وأنكره آخرون (3).
احتجّ الأوّلون (4) بأنّا ندرك أشياء لا
تحقّق لها في الخارج ، فلو لم تكن منطبعة في الذهن ، كانت عدما صرفا ونفيا محضا ،
فيستحيل الإضافة إليها.
واحتجّ الآخرون (5) بوجهين :
الأوّل : أنّ التعقّل لو كان حصول صورة
المعقول في العاقل ، لزم أن يكون الجدار المتّصف بالسواد متعقّلا له ، والتالي
باطل ، فكذا المقدّم.
الثاني : أنّ الذهن قد يتصوّر أشياء
متقدّرة ، فيلزم حلول المقدار فيه فيكون متقدّرا.
والجواب عنه ما سيأتي.
قال : ( في المحلّ المجرّد القابل ).
أقول : هذا إشارة إلى الجواب عن الإشكالين.
وتقريره : أنّ المحلّ الذي جعلنا عاقلا
مجرّد عن الموادّ كلّها ؛ لأنّه النفس ، وهي مجرّدة كما مرّ ، والمجرّد لا يتّصف
بالمقدار باعتبار حلول صور فيه ؛ فإنّ صورة المقدار لا يلزم أن تكون مقدارا.
وأيضا هذه الصور القائمة بالعاقل حالّة في
محلّ قابل لتعقّلها ؛ ولهذا كان عاقلا لها.
أمّا الجسم فليس محلاّ قابلا لتعقّل السواد
، فلا يلزم أن يكون متعقّلا له ، مع أنّ الحصول في الذهن غير الحصول في الشيء.
قال : ( وحلول المثال مغاير ).
أقول : هذا إشارة إلى كيفيّة حصول الصورة
في العاقل.
وتقريره : أنّ الحالّ في العاقل إنّما هو
مثال المعقول وصورته ، لا ذاته ونفسه ؛ ولهذا جوّزنا حصول صور الأضداد في النفس ،
ولم نجوّز حصول الأضداد في محلّ واحد في الخارج.
واعلم أنّ حلول مثال الشيء وصورته مغاير
لحلول ذلك الشيء. ولمّا كان هذا الكلام ممّا يستعان به على حلّ ما تقدّم من الشكوك
ذكره عقيبه.
قال : ( ولا يمكن الاتّحاد ).
أقول : ذهب قوم (6) من أوائل الحكماء إلى
أنّ التعقّل إنّما يكون باتّحاد صورة المعقول والعاقل.
وهو خطأ فاحش ؛ فإنّ الاتّحاد محال
بالبديهة.
ويلزم أيضا المحال من وجه آخر ، وهو اتّحاد
الذوات المعقولة.
فلذلك ذهب آخرون (7) إلى أنّ التعقّل
يستدعي اتّحاد العاقل بالعقل الفعّال.
وهو خطأ أيضا ؛ لما تقدّم ، ولاستلزامه
تعقّل كلّ شيء ثابت فيه عند تعقّل شيء واحد.
قال : ( ويختلف باختلاف المعقول ).
أقول : اختلف الناس هنا ، فذهب قوم (8) إلى
جواز تعلّق علم واحد بمعلومين.
ومنعه آخرون (9). وهو الحقّ ؛ لأنّا قد بيّنّا
أنّ التعقّل هو حصول صورة مساوية للمعلوم في العالم ، وصور الأشياء المختلفة تختلف
باختلافها ، فلا يمكن أن تكون صورة واحدة لمختلفتين، فلا يتعلّق علم واحد باثنين.
وإنّما جوّز ذلك من جعل العلم أمرا وراء الصورة.
قال : ( كالحال والاستقبال ).
أقول : هذا إشارة إلى إبطال مذهب جماعة من
المعتزلة (10) ، حيث ذهبوا إلى أنّ العلم بالاستقبال علم بالحال عند حصول
الاستقبال ، فقالوا : إنّ العلم بأنّ الشيء سيوجد علم بوجوده إذا وجد.
وإنّما دعاهم إلى ذلك ما ثبت من أنّ الله
تعالى عالم بكلّ معلوم ، فإذا علم أنّ زيدا سيوجد ثمّ وجد، فإن زال العلم الأوّل
وتجدّد علم آخر لزم كونه تعالى محلاّ للحوادث ، وإن لم يزل كان هو المطلوب (11).
وهذا خطأ ؛ فإنّ العلم بأنّ الشيء سيوجد
علم بالعدم الحالي والوجود في ثاني الحال ، والعلم بأنّ الشيء موجود غير مشروط
بالعدم الحالي ، بل هو مناف له ، فيستحيل اتّحادهما.
والوجه في حلّ الشبهة المذكورة أنّ علمه
تعالى بالمعدومات إنّما يكون في مقام علمه تعالى بذاته علما تامّا ؛ لأنّ ذاته
تعالى علّة تامّة للأشياء ، والعلم التامّ بالعلّة التامّة علّة تامّة للعلم
التامّ بالمعلول ، فالتغيّر يكون في المعلوم لا العلم المتعالي عن الزمان والمكان.
مضافا إلى ما التزمه أبو الحسين هنا من أنّ
الزوائل هي التعلّقات ـ الحاصلة بين العلم والمعلوم ـ لا العلم نفسه... (12).
قال : ( ولا يعقل إلاّ مضافا ، فيقوى
الإشكال مع الاتّحاد ).
أقول : اعلم أنّ العلم وإن كان من
الكيفيّات الحقيقيّة القائمة بالنفس ، إلاّ أنّه لا يعقل إلاّ مضافا إلى الغير ؛
فإنّ العلم علم بالشيء ، ولا يعقل تجرّده عن الإضافة حتّى توهّم بعضهم (13) أنّه
نفس الإضافة الحاصلة بين العلم والمعلوم ، ولم يثبت كونه أمرا حقيقيّا مغايرا
للإضافة.
إذا عرفت هذا ، فاعلم أنّ الإشكال يقوى على
الاتّحاد كما قاله المصنّف ; ؛ فإنّ العاقل والمعقول إذا كانا شيئا واحدا ـ كما
إذا عقل الشخص نفسه ـ يرد الإشكال (14) عليه بأن يقال : أنتم قد جعلتم العلم صورة
مساوية للمعلوم في العالم ، وهذا لا يتصوّر هاهنا ؛ لاستحالة اجتماع الأمثال.
ويقوى الإشكال (15) باعتبار الإضافة ؛ إذ
الإضافة لا تعقل إلاّ بين الشيئين ، لا بين الشيء الواحد ونفسه ، فلا يتحقّق علم
الشيء بذاته.
والجواب عن الأوّل (16) : أنّ العلم إنّما
يستدعي الصورة لو كان العالم عالما بغيره ، أمّا إذا كان عالما بذاته فإنّ ذاته
تكفي في علمه من غير احتياج إلى صورة أخرى ؛ لأنّ علمه حينئذ علم حضوري ، بمعنى
عدم غيبوبة المعلوم عن العالم ، لا حضوره عنده حقيقة ، وليس علمه حصوليّا حتّى
يحتاج إلى صورة أخرى.
وعن الثاني (17) : أنّ العاقل من حيث إنّه
عاقل مغاير له من حيث إنّه معقول ، فأمكن
تحقّق الإضافة ؛ لكفاية التغاير الاعتباري
فيها ؛ ولأنّ العالم هو الشخص والمعلوم هو الماهيّة الكلّيّة. كذا أجيب.
واعترض (18) على الجوابين عن الثاني
بأنّهما دوريّان.
أمّا الأوّل : فلأنّ المغايرة بين العاقل
من حيث إنّه عاقل والمعقول من حيث إنّه معقول متوقّفة على التعقّل ، فلو جعلنا التعقّل
متوقّفا على هذا من حيث التغاير دار.
وفيه : أنّ العلم سبب الإضافة لا نفسها ،
فلا يلزم الدور.
وأمّا الثاني : فلأنّ العالم هاهنا يكون
عالما بجزئه ، وليس البحث فيه ، فتأمّل.
قال : ( وهو عرض لوجود حدّه فيه ).
أقول : ذهب المحقّقون (19) إلى أنّ العلم
عرض. وأكثر الناس كذلك في العلم بالعرض. واختلفوا في العلم بالجوهر.
فالذين قالوا : إنّ العلم إضافة بين العالم
والمعلوم قالوا : إنّه عرض أيضا (20).
والذين قالوا : إنّ العلم صورة اختلفوا ،
فقال بعضهم (21) : إنّه جوهر ؛ لأنّ حدّه صادق عليه؛ إذ الصورة الذهنيّة ماهيّة
إذا وجدت في الأعيان كانت لا في الموضوع ، وهذا معنى الجوهر.
والمحقّقون (22) قالوا : إنّه عرض أيضا ؛
لوجود حدّ العرض فيه ، فإنّه موجود حالّ في النفس، لا كجزء منها ، بل كقيام باقي
الكيفيّات النفسانيّة ، وهذا معنى العرض.
واستدلال القائلين (23) بأنّه جوهر خطأ ؛
لأنّ الصورة الذهنيّة يمتنع وجودها في الخارج ، وإنّما الموجود ما هي مثال له.
__________________
(1) انظر : « الشفاء » 2 : 50 ـ 57 ؛ « المباحثات
» : 184 / 546 ؛ « شرح الإشارات والتنبيهات » 2 : 308 ؛ « نقد المحصّل » : 156 ـ
157 ، ونسبه في « شرح المواقف » 6 : 3 إلى الحكماء.
(2) أورد القوشجي هذا الاستدلال والجواب عليه في
« شرح تجريد العقائد » : 250 ـ 251.
(3) انظر : « المباحث المشرقيّة » 1 : 442 ـ 443
؛ « نهاية المرام » 12 ـ 33 ؛ « شرح المواقف » 6 : 7.
(4) « شرح المواقف
» 6 : 3 ؛ « شرح المقاصد » 2 : 300 ؛ « المحاكمات » في هامش « شرح الإشارات والتنبيهات
» 2 : 300.
(5) ما ذكره المصنّف هنا من الوجهين هو كلام العلاّمة في « كشف المراد
» : 226 ، ولم نعثر على الوجهين بهذا البيان في كتب القوم. انظر : « المحصّل » :
244 ؛ « المباحث المشرقيّة » 1 : 442 ؛ « نهاية المرام » 2 : 120 ؛ « شرح المواقف
» 6 : 7.
(6) نسبه الشيخ في « الإشارات والتنبيهات » إلى قوم
من المشّائين ، منهم فورفوريوس ، انظر : « شرح الإشارات والتنبيهات » 3 : 292 ـ
295 ، ولمزيد التوضيح راجع « الشفاء » الطبيعيّات 2 : 212 ـ 220 ؛ « المباحث المشرقيّة
» 1 : 446 ـ 449 ؛ « نهاية المرام » 2 : 36 ـ 46.
(7) منهم الشيخ في كتابه « المبدأ والمعاد » 7 ـ
10 على ما نسبه إليه الفخر الرازي في «المباحث المشرقيّة » 1 : 448 والعلاّمة في «
نهاية المرام » 2 : 37 ، ولكنّ الأمر ليس كذلك؛ لأنّ الشيخ صنّفه تقريرا لمذهبهم في
المبدأ والمعاد. انظر : « شرح الإشارات والتنبيهات» 3 : 293 ؛ « شوارق الإلهام » :
417.
(8) منهم الجبائي ، انظر : « نقد المحصّل » :
158 ، ونسبه إلى بعض أصحاب الأشاعرة في « شرح المواقف » 6 : 17 و « شرح المقاصد »
2 : 325.
(9) منهم أبو الحسن الأشعري وكثير من المعتزلة ،
انظر : « أصول الدين » 30 ـ 31 ؛ « شرح المواقف » 6 : 17 ؛ « شرح المقاصد » 2 :
325 ؛ « شرح تجريد العقائد » : 251.
(10) نسبه إلى جمهور المشايخ في « مناهج اليقين » : 94 والى أبي هاشم
وجماعة في «نهاية المرام » 1 : 237 ، وإلى مشايخ المعتزلة وكثير من الأشاعرة في المواقف
وشرحه 8 : 75 وإلى كثير من المعتزلة وأهل السنّة في « شرح المقاصد » 4 : 124.
(11) راجع « نهاية المرام » 1 : 235 ـ 237 ؛ « شرح
المواقف » 8 : 74 ـ 75 ؛ « شرح المقاصد » 4 : 122 و 124.
(12) المنقول عنه خلاف ذلك ، كما في « نهاية المرام
» 1 : 237 ؛ « شرح المقاصد » 4 : 125.
(13) هو الفخر الرازي ، كما في « المحصّل » : 245 ؛ « المباحث المشرقيّة
» 1 : 450 ؛ « شرحي الإشارات » 1 : 133 ـ 134 ، واختاره في « المطالب العالية » 3
: 104 بعد نسبته إلى جمع عظيم من الحكماء والمتكلّمين.
(14) راجع « شرح الإشارات والتنبيهات » 2 : 320 ـ
321 ؛ « نهاية المرام » 2 : 12 ـ 13 ؛ « كشف المراد » : 228 ؛ « اللوامع الإلهيّة
» : 55 ؛ « شرح المواقف » : 15 ؛ «شرح المقاصد » 2 : 301 ـ 302 ؛ « شرح تجريد العقائد
» : 252.
(15) « مناهج اليقين » : 87 ـ 88 ؛ « كشف المراد
» : 228 ؛ « شرح المواقف » 6 : 16؛ « شرح المقاصد » 2 : 302 ؛ « شرح تجريد العقائد
» 252.
(16) « كشف المراد » : 228 ، ويعتبر هذا أحد الأجوبة
، وللمزيد انظر : « شرح المواقف» 6 : 15 ـ 16 ؛ « اللوامع الإلهيّة » : 55 ؛ « شرح
المقاصد » 2 : 302 ؛ « شرح تجريد العقائد » : 252.
(17) « المباحث المشرقيّة » 1 : 450 ؛ « شرح الإشارات
والتنبيهات » 2 : 321 ؛ « كشف المراد » : 228 ـ 229 ؛ « نهاية المرام » 2 :
13 ؛ « مناهج اليقين » : 87 ـ 88 ؛ « شرح المواقف » 6 : 16 ؛ « شرح المقاصد » 2 :
302 ؛ « شرح تجريد العقائد » : 252.
(18) المعترض هو العلاّمة على ما في « كشف المراد » : 229 و « مناهج
اليقين » : 88.
(19) انظر : « المباحث المشرقيّة » 1 : 458 ؛ « مناهج
اليقين » : 89 ؛ « نهاية المرام » 2 : 157 ـ 158 ؛ « شرح تجريد العقائد » : 252.
(20) انظر : « المباحث المشرقيّة » 1 : 458 ؛ « مناهج
اليقين » : 89 ؛ « نهاية المرام » 2 : 157 ـ 158 ؛ « شرح تجريد العقائد » : 252.
(21) نسبه في « مناهج اليقين » : 89 إلى قوم من الأوائل.
(22) منهم العلاّمة في « مناهج اليقين » : 89.
(23) انظر : « مناهج اليقين » : 89 ؛ « نهاية المرام
» 2 : 159.
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
العتبة العباسية تستعدّ لتكريم عددٍ من الطالبات المرتديات للعباءة الزينبية في جامعات كركوك
|
|
|