أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-07-2015
1622
التاريخ: 1-07-2015
1878
التاريخ: 1-2-2018
2192
التاريخ: 5-12-2018
2196
|
الموضوع : العلم يحصل بالنظر.
المؤلف :
محمد جعفر الاسترآبادي المعروف بــ(شريعتمدار).
الكتاب :
البراهين القاطعة في شرح تجريد العقائد الساطعة.ص434-439/ج1.
________________________________________________
قال : ( وكسبيّ العلم يحصل بالنظر مع سلامة
جزأيه ضرورة).
أقول ... أنّ العلم ضربان : ضروريّ لا
يفتقر إلى طلب وكسب. ونظري يفتقر إليه.
فالثاني هو المكتسب بالنظر ، وهو « ترتيب
أمور ذهنيّة للتوصّل بها إلى أمر مجهول ».
فالترتيب جنس بعيد ؛ لأنّه كما يقع في
الأمور الذهنيّة كذلك يقع في الأشياء الخارجيّة ، فالتقييد بالأمور الذهنيّة يخرج
الآخر عنه.
ثمّ الترتيب الخاصّ قد يكون لاستحصال ما
ليس بحاصل ، وقد لا يكون كذلك ، فالثاني ليس نظرا.
وهذا الحدّ قد اشتمل على العلل الأربعة
للنظر ، أعني المادّة ، والصورة ، والغاية ، وفيه إشارة إلى الفاعل.
وهذه الأمور قد تكون تصوّرات هي إمّا حدود
أو رسوم يستفاد منها علم بمفرد ، وقد تكون تصديقات يكتسب بها تصديق مجهول.
واعلم أنّ النظر لمّا كان متعلّقا بما يكون
مركّبا ، اشتمل بالضرورة على جزء مادّي وجزء صوري ، فالجزء المادّي هو المقدّمات
والمبادئ ، والصوري هو الترتيب بينها. فإذا سلم هذان الجزءان ـ بأن كان الحمل
والوضع والوسط والجهة على ما ينبغي ـ وكان الترتيب على ما ينبغي ، حصل العلم
بالمطلوب بالضرورة ، وهو الغاية.
والمرتّب الذي هو النفس الناطقة بمنزلة
العلّة الفاعليّة ، بل يمكن استفادة العلّة المعدّة ، وهي العلّة الخامسة ، أعني
ما يوجب استعداد النفس الناطقة لترتيب أمور معلومة.
هذا في التصديقات ، وكذا في التصوّرات ؛
فإنّه اذا كان الحدّ مشتملا على جنس قريب وفصل أخير ، وقدّم الجنس على الفصل ، حصل
تصوّر المحدود قطعا.
وإليه أشار المصنّف ; بقوله : « مع سلامة
جزأيه » يعني الجزء المادّي والجزء الصوري.
واعلم أيضا أنّ الناس اختلفوا هنا ، فقال
من (1) لا مزيد تحصيل له : إنّ النظر لا يفيد العلم ؛ فإنّ إفادته العلم إن كان
ضروريّا ، لزم اشتراك العقلاء فيه ، وإن كان نظريّا ، تسلسل. ولأنّ النظر لو
استلزم العلم لم يختلف الناس في آرائهم ؛ لاشتراكهم في العلوم الضروريّة التي هي
مبادئ للنظر.
وذهب المحقّقون (2) إلى أنّه يفيد العلم
بالضرورة ؛ فإنّا إذا اعتقدنا أنّ العالم ممكن ، وكلّ ممكن محدث ، حصل لنا العلم
بالضرورة بأنّ العالم محدث.
فخرج الجواب عن الشبهة الأولى بقوله : «
ضرورة » ولا يجب اشتراك العقلاء في الضروريّات ؛ فإنّ كثيرا من الضروريّات يتشكّك
فيها بعض الناس إمّا للخفاء في التصوّر أو لغير ذلك.
وخرج الجواب عن الشبهة الثانية بقوله : «
مع سلامة جزأيه » وذلك لأنّ اختلاف الناس في الاعتقاد إنّما كان بسبب تركهم
الترتيب الصحيح ، وغفلتهم عن شرائط الحمل ، وغير ذلك من أسباب الغلط إمّا في الجزء
المادّي أو الصوري ، فإذا سلما حصل المطلوب لكلّ من حصل له سلامة الجزءين.
ثمّ اعلم أنّ النظر قد يحصل العلم به من
غير كسب بواسطة الوحي أو الإلهام أو نحو ذلك ، وهذا هو العلم الموهبي واللدنّي ،
والمراد غير ذلك ، كما لا يخفى.
قال : ( ومع فساد أحدهما قد يحصل ضدّه ).
أقول : النظر إذا فسد ـ إمّا من جهة
المادّة أو من جهة الصورة لم يحصل العلم ، وقد يحصل ضدّه ، أعني الجهل.
والضابط في ذلك أن نقول : إن كان الفساد من
جهة الصورة لم يستلزم النتيجة الباطلة ، وإن كان من جهة المادّة لا غير كان القياس
منتجا ، فإن كانت الصغرى في الشكل الأوّل صادقة والكبرى كاذبة ، كانت النتيجة
كاذبة قطعا ، وإلاّ جاز أن تكون صادقة وأن تكون كاذبة.
وبهذا التحقيق ظهر بطلان ما يقال من أنّ
النظر الفاسد لا يستلزم الجهل ، وإلاّ لكان المحقّ إذا نظر في شبهة المبطل أفاده
الجهل ، وليس كذلك ؛ وذلك لأنّه معارض بالنظر الصحيح ، وفاقد لشرط الإفادة ؛ فإنّ
شرط اعتقاد حقّيّة المقدّمات في الصحيح شرط في الفاسد أيضا.
قال : ( وحصول العلم عن الصحيح واجب ).
أقول : اختلف الناس هنا ، فالمعتزلة على
أنّ النظر مولّد العلم وسبب له (3).
والأشاعرة (4) قالوا : إنّ الله تعالى أجرى
عادته بخلق العلم عقيب النظر ، وليس النظر موجبا ولا سبب للعلم.
واستدلّوا (5) على ذلك بأنّ العلم الحادث
أمر ممكن ، والله تعالى قادر على كلّ الممكنات وفاعل لها ـ على ما يأتي في خلق
الأعمال ـ فيكون العلم من فعله.
والمعتزلة (6) لمّا أبطلوا القول باستناد
الأفعال الحيوانيّة إلى الله تعالى ، بطل عندهم هذا الاستدلال. ولمّا رأوا العلم
يحصل عقيب النظر بحسبه وينتفي عند انتفائه ، حكموا بأنّه سبب له كما في سائر
الأسباب.
والحقّ أنّ النظر الصحيح يجب عنده حصول
العلم ، ولا يمكن تخلّفه ؛ فإنّا نعلم قطعا أنّه متى حصل لنا اعتقاد المتقدّمتين
فإنّه يجب حصول النتيجة.
وقالت الأشاعرة (7) : التذكّر لا يولّد
العلم وكذا النظر إلى القياس (8).
والجواب : أنّ الفرق بينهما ظاهر.
قال : ( ولا حاجة إلى المعلّم ).
أقول : ذهب الملاحدة (9) إلى أنّ النظر غير
كاف في حصول المعارف (10) ، بل لا بدّ من معونة المعلّم للعقل ؛ لتعذّر العلم
بأظهر الأشياء وأقربها ـ يعني معرفة الله ـ من دون مرشد.
وأطبق العقلاء (11) على خلافه ؛ لأنّا متى
حصلت المقدّمتان لنا على الترتيب المخصوص حصل لنا الجزم بالنتيجة ، سواء كان هناك
معلّم أو لا.
وصعوبة تحصيل المعرفة بأظهر الأشياء ـ وهو
الله ـ ممنوعة ؛ ولهذا قال الله تعالى : {أَفَلَا تَعْقِلُونَ}
[الأنبياء: 67] {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ
اللَّهُ} [لقمان: 25] ونحو ذلك ، وورد « أنّ العقل ما عبد به الرحمن » (12) وغير ذلك.
ولو سلّمت فهي لا تدلّ على امتناعها مطلقا
من دون المعلّم ؛ لحصول المعارف الإلهيّة لمن كان له قلب بالنظر ، ولغيره إذا ألقى
السمع وهو شهيد.
وقد ألزمهم المعتزلة والأشاعرة (13) الدور
والتسلسل ؛ لتوقّف العلم بتصديق الله تعالى إيّاه بواسطة المعجزة على معرفة الله ،
فلو توقّفت معرفة الله تعالى عليه دار ؛ ولأنّ احتياج كلّ عارف إلى معلّم يستلزم
حاجة المعلّم إلى آخر ويتسلسل.
وهذان الإلزامان ضعيفان ؛ لأنّ الدور لازم
على تقدير استقلال المعلّم بتحصيل المعارف ، وليس كذلك ، بل هو مرشد إلى استنباط
الأحكام من الأدلّة التي من جملتها ما يدلّ على صدقه من المقدّمات ، بمعنى أنّه
يحصل العلم بصدق المعلّم بوضع المعلّم مقدّمات منبّهة للعقل ، فيكون موقوفا عليهما
، ومعرفة الله موقوفة على إخباره والعلم بصدقه ، فلا دور.
والتسلسل يلزم لو وجب مساواة عقل المعلّم
لعقولنا ، أمّا على تقدير الزيادة فلا ، فإنّ كمال عقله بتأييد الله يقتضي
استقلاله وعدم احتياجه إلى غيره ، مضافا إلى احتمال الانتهاء إلى النبيّ العالم
بالوحي ونحوه.
قال : ( نعم ، لا بدّ من الجزء الصوري ).
أقول : يشير بذلك إلى ترتيب المقدّمات ،
فإنّه لا بدّ ـ بعد حضور المقدّمتين في الذهن ـ من ترتيب حاصل بينهما ، ليحصل
العلم بالنتيجة ، وهو الجزء الصوري للنظر ؛ إذ لو لا اشتراط الترتيب ـ بأن كان
العلم بالمقدّمات مطلقا كافيا ـ لحصلت العلوم الكسبيّة لجميع العقلاء ولم يقع خلل
لأحد في اعتقاده ، وليس كذلك ؛ فإنّ كثيرا من العقلاء يعلمون مقدّمات كثيرة ولا
شعور لهم بالنتيجة ؛ لفقدان الترتيب.
وقيل (14) : لا حاجة إليه ، وإلاّ لزم
التسلسل أو اشتراط الشيء بنفسه.
وهو خطأ ؛ فإنّ التسلسل يلزم لو قلنا
بافتقار كلّ زائد إلى ترتيب ، وليس كذلك ، بل المفتقر إلى الترتيب إنّما هو
الأجزاء المادّية خاصّة.
قال : ( وشرطه عدم الغاية وضدّها ، وحضورها
).
أقول : الظاهر أنّ المراد أنّ شرط النظر
عدم العلم بالمطلوب الذي هو غاية النظر ، وإلاّ لزم تحصيل الحاصل.
وأمّا ما يصدر من العقلاء من إيراد أدلّة
متعدّدة فهو في الظنّيّات ، لحصول زيادة قوّة ظنّ الظانّ ، وفي العلميّات لزيادة
الاطمئنان.
ويشترط أيضا عدم ضدّها ، أعني الجهل
المركّب ؛ لأنّه اعتقاده حصول العلم له لا يطلبه ، فلا يتحقّق النظر.
ويشترط أيضا حضورها والشعور بها ، بمعنى
حضور المطلوب الذي هو الغاية ؛ إذ الغافل عن الشيء لا يطلبه ؛ لامتناع طلب المجهول
مطلقا ، والنظر فرع الطلب.
ولا يخفى أنّ ما ذكره المصنّف إنّما يتمّ
بحسب الغالب ، وإلاّ فقد يرتّب الجاهل مقدّمات منتجة لما هو الحقّ المخالف لمعتقده
أو ما لم يكن ملتفتا إليه.
__________________
(1) نسبه إلى السمنيّة في « المحصّل » : 122 و «
مناهج اليقين » : 103 و « شرح المواقف » 1 : 218 وما بعدها.
(2) انظر : « المحصّل
» : 122 وما بعدها ؛ « مناهج اليقين » : 103 وما بعدها ؛ « نقد المحصّل » : 49 ؛ «
شرح المواقف » : 207 وما بعدها ؛ « شرح المقاصد » 1 : 235 وما بعدها ؛ « شوارق الإلهام
» 2 : 427 ـ 428.
(3) « المغني » 12 : 69 ـ 99 ؛ « مناهج اليقين »
: 105 ؛ « شرح المواقف » : 1 : 243؛ « شرح المقاصد » 1 : 237.
(4) « المحصّل » : 163 ؛ « شرح المواقف » 1 :
241 ـ 243 ؛ « شرح المقاصد » 1 : 237 ؛ « شرح تجريد العقائد » : 261 ـ 262.
(5) « المحصّل » : 136 ـ 137 ؛ « شرح المواقف »
1 : 241 ـ 242 ؛ « شرح المقاصد» 1 : 237 ؛ « شرح تجريد العقائد » 261 ـ 262.
(6) انظر : « المغني » 8 : 3 وما بعدها و 177 وما
بعدها.
(7) « شرح المواقف » 1 : 243 ـ 245 ، ونسب إلى بعض
الأشاعرة في « شرح المقاصد » 1 : 237 و « شرح تجريد العقائد » : 261.
(8) في « كشف المراد » : « بالقياس عليه » بدل «
إلى القياس ».
(9) منهم الإسماعيلية. من حاشية نسخة الأصل.
(10) « المحصّل » : 126 ـ 127 ؛ « شرح المواقف »
1 : 238 ؛ « شرح المقاصد » : 1 : 259 ؛ « شرح تجريد العقائد » : 262.
(11) انظر المصادر المتقدّمة.
(12) « الكافي » 1 : 11 من كتاب العقل والجهل ، ح
3 ؛ « معاني الأخبار » : 239.
(13) « المحصّل » : 127 ؛ « شرح المواقف » 1 :
238 ـ 239 ؛ « شرح المقاصد » 1 : 259 ـ 260.
(14) القائل هو الفخر الرازي في « المحصّل » :
138 ـ 139 ، ولمزيد التوضيح انظر : «نقد المحصّل » : 63 ؛ « مناهج اليقين » : 113 ؛
« شرح المواقف » 1 : 285 ـ 288 ؛ « شرح المقاصد » 1 : 240 وما بعدها.
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|