أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-3-2018
2006
التاريخ: 2-4-2016
33171
التاريخ: 22-8-2022
2435
التاريخ: 30-4-2019
19094
|
يعد التعليل من أهم الضمانات القانونية للموظفين الذين يصدر بحقهم عقوبات تأديبية، فيجب أن يقوم القرار على سبب يسوغ تدخل الإدارة لإحداث أثر قانوني، ولا يكون ثمة سبب للقرار إلا إذا قامت حالة واقعية أو قانونية تسوغ هذا التدخل (1).
ويقصد بالتعليل إيراد الحجج الواقعية والقانونية التي يبنى عليها القرار أو الحكم التأديبي والمنتجة له، كبيان ما يقوم عليه استدعاء الدعوى، والواقعة وبيان ملابسات الدعوى، ولحض الدفوع التي أوردها الخصم وبيان الأسباب التي حملت السلطة التأديبية للأخذ بهذا المنحى، وذكر المادة القانونية التي تحكم الواقعة. (2)
إذا يجب أن يكون القرار التأديبي متضمنة الوقائع، والذنب المرتكب والأدلة التي تدين المتهم وأن يكون القرار مستندة إلى هذه الأدلة السابق مناقشتها والمستمدة من أوراق الدعوى التأديبية. وهو واجب على السلطة التأديبية تطبيق القاعدة قرينة البراءة: "... على السلطة الإدارية أن تستجمع عناصر الإثبات اللازمة لإسناد قرارها . إن قاعدة قرينة البراءة توجب على السلطة التأديبية أن تتحمل عبء الإثبات وتقدم للقاضي الإداري عبر الملف الإداري والتعليل المعطى للقرار المطعون فيه عناصر الإثبات التي تشكل أساسا لهذا القرار(3).
وتبرز أهمية هذه الضمانة في كونها تمنع السلطة التأديبية من التعسف والمغالاة عند إصدارها قرارة تأديبية وذلك من خلال حث الإدارة على دراسة قرارها جيدة، كما تسمح للقضاء بأن يمارس رقابته على القرارات الإدارية التأديبية للحكم بمشروعيتها وتناسبها مع الخطأ المقترف.
بالإضافة إلى ذلك، فهو يحقق المصلحة الشخصية للموظف، من حيث أنه يبرر له عدالة العقوبة التي فرضت عليه من خلال اطلاعه على الأسباب الواقعية والقانونية التي أملت فرض هذه العقوبة ليقرر في ضوئها موقفه من القرار تمهيدا للاعتراض عليه (4).
وفي إطار دراستنا لمبدأ إلزامية التعليل، لا بد من التفريق بين ما إذا كان قرار العقوبة صادرة عن السلطة الإدارية أم عن الهيئات الإدارية ذات الصفة القضائية. أولا، بالنسبة للقرارات الصادرة عن الهيئات الإدارية ذات الصفة القضائية (مثل الهيئة العليا للتأديب وهيئة التفتيش المركزي)، لا تحتاج المسألة إلى الكثير من الشرح إذ يجب أن تكون دائما معللة حتى أمام سكوت النص، لأنها قرارات ذات طابع قضائي صادرة عن هيئات إدارية ذات صفة قضائية. وهذا ما سار عليه الاجتهاد الذي أوجب ضرورة تعليل القرارات القضائية.
"Si la décision est juridictionnelle, elle doit être motive (5) "
إلا أنه ولتأكيد المؤكد، عمد المشرع اللبناني إلى تكريس هذا المبدأ بنصوص قانونية صريحة. فنصت المادة 36 من نظام المجلس التأديبي العام ( الهيئة العليا للتأديب) على أنه يجب أن تكون قرارات المجلس معللة، وتوقع هذه القرارات من الرئيس والعضوين والموظف المكلف بتنظيم محاضر الجلسات. كما نصت على ذلك أيضا المادة 59 من نظام الموظفين فقرة 9 من المرسوم الاشتراعي رقم 59/112 يتخذ المجلس قرارات معللة بأكثرية الأصوات".
إلا أن التساؤل يدور حول إلزامية التعليل في القرارات الصادرة عن السلطة الإدارية. فهل الإدارة ملزمة في تعليل قراراتها؟
من حيث المبدأ، إن الإدارة غير ملزمة بتعليل قراراتها الإدارية حتى التأديبية منها إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك بموجب نص صريح.
هذا وقد بقيت الإدارة غير ملزمة بتعليل قراراتها في فرنسا إلى حين صدور القانون رقم 79 - 587 تاريخ 11 تموز 1979 الذي فرض في أولى مواده موجب تعليل القرارات التأديبية تحت طائلة إبطالها:
"Si la décision est administrative, elle n'avait pas, sauf texte contraire à être motivée... l'intervention de la loi du 11 juillet 1979 va cependant modifier profondément les obligations de l'administration, puisqu'en son article 1e'elle prévoit que doivent notamment être motivées les décisions administratives qui infligent une sanction » (6).
في الواقع، لا يوجد أي نص قانوني مماثل في لبنان يفرض على السلطة الإدارية تعليل قرارها حتى في حال التأديب. فلا نجد في المرسوم الاشتراعي رقم 112-09 الذي يحدد الجهات المخولة فرض العقوبة التأديبية " المدير العام، المدير، رئيس المصلحة..." ما يلزم هؤلاء الأشخاص بالتعليل.
إلا أنه إذا كان القانون لا يفرض على الإدارة تعليل قراراتها بشكل صريح، فإن ذلك لا يعفيها من إسناد هذه القرارات إلى أسباب جدية، لأن السلطة الإدارية لا تملك أن تتصرف بحرية مطلقة كالأشخاص الذين يتصرفون على هواهم ووفق نزواتهم.
"Lorsque la loi n'exige pas qu'une décision soit motivée, cela ne signifie pas que la décision n'a pas besoin d'être précédée de considérants ou d'attendus exprimant ses motifs, les rendant publics ou les faisant au moins connaitre à l'intéressé (7)"
برأينا، وأمام سكوت النص الذي من شأنه أن يفرض على الرئيس الإداري تعليل قراره التأديبي، وبالقياس مع القوانين التي ترعى أصول التأديب لدى المجالس التأديبية مثل نظام الهيئة العليا للتأديب، وكون تعليل القرار يبنى عليه للطعن أمام القضاء، وتماشيا مع الغاية التي وجد من أجلها نظام التأديب وهي الإصلاح، ووفقا لما استقر عليه الفقه والاجتهاد، وبالموازاة مع ما درجت عليه العادة في الإدارات، وكون التعليل من مقتضيات العدالة والإنصاف، ولاتصاله الوثيق مع حق الدفاع، نرى بإلزامية التعليل.
إزاء کا ما تقدم، نهيب بالمشرع أن يكرس هذا المبدأ في المرسوم الاشتراعي رقم 112-59 لسد الفراغ، وعدم منح الإدارة أي حجة للتهرب من تعليل قراراتها حماية للموظف.
واستطرادا، فالقرارات التأديبية الصادرة عن السلطة التأديبية الإدارية هي أولى بالتعليل وذلك الضمان استناد مثل هذه القرارات على أسباب قانونية وواقعية سليمة تبرر فرض العقوبة، ولضمان عدم تعسف السلطة التأديبية الإدارية في قراراتها الفردية الأحادية الجانب(8).
وفي ما يلي عرض موجز لأبرز القرارات الصادرة عن مجلس شورى الدولة في هذا الخصوص: اعتبر مجلس شورى الدولة أن إغفال التعليل يؤدي إلى تعطيل الرقابة القضائية: " إن إغفال الأسباب الواقعية للإجراء التأديبي المتخذ بحق المستدعي يعتبر تعطيلا للرقابة القضائية التي يمارسها هذا المجلس... لأنه لا يمكن القاضي من ممارسة مهمته في الرقابة (9)"
كما جاء بأنه حتى يكون التعليل صحيحا، يجب أن يشتمل القرار على بيان الأسباب وعلى حل جميع المسائل المطروحة على بساط البحث وعلى الأسباب الملائمة لكل جواب يتضمنه القرار. ويعتبر الاجتهاد التعليل معاملة جوهرية في القضايا التأديبية (10)، فإذا لم يستدع مجلس التأديب الشهود واذا رفض دعوتهم بالرغم من إصرار المحال على المحاكمة وهو لم يعلل رده بحيث لم يتمكن مجلس شورى الدولة من الوقوف على سبب الرد وملائمته فإن قراره مشوب لذلك بمخالفة القانون وعدم مراعاة الصيغ الجوهرية والفاقد الأساس القانوني وبالتالي يكون مستوجب الإبطال (11).
وقضي أيضا: "إن التعليل في القرارات القضائية الصادرة عن هيئة التفتيش المركزي يجب أن يكون على درجة من التفصيل والوضوح، وأن يتضمن نكرة للوقائع المادية والأحوال الفردية العائدة للموظف المعني أي بسطة للأسباب الواقعية الدافعة والموجهة التي قادت هذه الهيئة إلى التكييف القانوني الذي خلصت إليه والإجراء المتخذ بحق الموظف موضوع المساءلة... إن فقدان التعليل في القرار المطعون فيه يجعل القرار مشوب بعيب في صيغة جوهرية يفضي إلى نقضه (12)".
وعلى هذا الأساس لا يكون القرار التأديبي معلل؟ إذا ورد النص كالتالي " إن الموظف خرج على مقتضى الواجب الوظيفي..." (13)
ولم يتوان مجلس شورى الدولة عن إبطال قرارا لعلم استناده إلى واقعة محددة بل السلوك الموظف الشائن بشكل عام ولم يتضمن واقعة معينة ومحددة بذاتها (14).
بالإضافة إلى ذلك، أكد اجتهاد مجلس شورى الدولة أنه وبالرغم من اعتبار التعليل من الأصول الجوهرية، إلا أن انعدام التعليل وحده يؤدي إلى الإخلال بالأصول الجوهرية إذ يجب التفريق بين الانعدام والنقص في التعليل (15).
__________
1- مازن راضي، موسوعة القضاء الاداري الموسوعة الحديثة للكتاب 2016 ص 321
2- صدام حسين العيني، ص 237، أشار إليه د مازن راضي، مرجع نفسه، ص 321
3- شورى لبنان، قرار رقم 446، تاريخ 4۔5۔2009، بيار غنطوس - الدولة م .ق 2011، ص 843.
4- يوسف سعد الله الخوري، الوظيفة العامة في التشريع والاجتهاد، الكتاب الثاني، بيروت، 2004 ص 472
5-Raymond odent, op cit, p678
6- Raymond odent, op cit, p 678
7- Marcel walnme, CE, 24 nai1954 RD.P.1954 P509 ، 285
، أشار إليه فوزي حبيش، القانون الإداري العام، المؤسسة الحديثة الكتاب، 2011 470
8- يوسف سعد الله الخوري، الوظيفة العامة في التشريع والاجتهاد، الكتاب الثاني، بيروت، 2004 ، ص470
9- شورى لبنان، قرار رقم 5، تاريخ : 1.2009.9 ، زهير طرابلسي - الدولة، ب. ق 2012، ص 12
10- شورى لبنان، قرار رقم 1861، تاريخ 23/12/65 م. ق 1966 ص 23.
11- شورى لبنان، قرار قم 1324، تاريخ 10/8/67 م.ق 1967 215 ش.ل قرار رقم 1167 تاريخ 30/6/67 ، مجلة المحامي 1967، ص 49
12- شورى في لبنان، قراني رقم 5، تاريخ : 10.10.2006 ، زهير طرابلسي الدولة، م.ق 2012، ص 12.
13- سليمان الطماوي، قضاء التنيب، دراسة مقارنة، ص 796 .
14- شوری لبنان، 15 تشرين الأول 1962 ، م.قد 1962، أشار إليه يوسف سد الله الخوري، الوظيفة العامة في التشريع والإجتهاد، مرجع سابق،476
15- شوری لبنان قرار رقم 353 تاریخ 31-2007 , الدولة - نزيه شمعون, م. ق. 2012 ص 826
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
العتبة العباسية تستعدّ لتكريم عددٍ من الطالبات المرتديات للعباءة الزينبية في جامعات كركوك
|
|
|