الأحوال المناخية

للمناخ تأثير مباشر علي المراكز العمرانية ، يتمثل ذلك الارتباط الواضح بين تخطيط المحلات العمرانية والخصائص المناخية السائدة فيلاحظ مثلا من تخطيط المدن في الأقاليم الباردة أنها تتسم باتساع الشوارع وارتفاع المباني المختلفة للاستفادة قدر المستطاع من اشعة الشمس وعلى العكس من ذلك تخطيط المدن في الأقاليم المدارية الحارة إذ يلاحظ ضيق شوارعها وانحناء مبانيها لتوفير قدر من الظل اتقاء لأشعة الشمس الشديدة ، وقد ثبت أن الجزء الأوسط من المحلات العمرانية في الأقاليم المعتدلة الباردة والباردة يتميز بدفئه النسبي علي الأطراف المكشوفة ، ومرد ذلك زيادة الإشعاع الأرضي في الجزء الأوسط وتأثير المباني .

ويتناسب دور المناخ في عملية التشكيل العمراني تناسب طرديا مع تطرف الظروف المناخية سواء بالسلب أو بالإيجاب ، فإذا أعتدل المناخ نجد أن تأثير هذا العنصر يكاد أن يختفى كعنصر مؤثر على اتجاه النمو العمراني للمدن ، وعن المدن المصرية نجد أن معظم الكتلة العمرانية تقع في نطاق الأقاليم المعتدلة مناخية، وذلك يتراجع تأثير عنصر المناخ على التكوين العمراني للمدن في مصر ، وعند إسقاط خطوط المطر على مناطق التجمعات السكانية نلاحظ أن المطر يحدد بشكل فعال أماكن التجمع السكاني حيث تزداد كثافة وحجم التجمع في المناطق الغنية بالأمطار وتتناقص طردية .

وتؤثر عناصر المناخ المختلفة علي المراكز العمرانية بأكثر من صورة فكلما ارتفعت درجة الحرارة كلما حتم ذلك استخدام أنواع من النار لا تذوب بفعل الإشعاع الشمسي، وأيضا بناء المساكن بجدران سميكة وفتحات محدودة اتقاء من أشعة الشمس القوية وعلى العكس من ذلك يلاحظ وجود فتحات واسعة يغطيها الزجاج في مباني المدن والأقاليم الباردة ، وللرياح تأثير كبير في تخطيط المحلات العمرانية ، إذ يراعي دائما أن تكون المنطقة الصناعية بعيدة عن المنطقة السكنية وفي موقع بعيد عن اتجاه الرياح حتى لا تتأثر المحلة بالدخان الخارج من مداخن المصانع والروائح الكريهة والمتولدة عن بعض الصناعات وخاصة الصناعات الكيميائية ولذلك اتسعت المنطقة الصناعية في حلوان جنوب القاهرة لأن الرياح الشمالية هي السائدة علي هذه المدينة ونظرا لأن معظم الرياح السائدة علي المدن المصرية تأتي من جهة الشمال وتعمل علي تلطيف درجة الحرارة.