أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-7-2018
2458
التاريخ: 2023-10-29
1204
التاريخ: 5-6-2022
2092
التاريخ: 25-7-2016
2205
|
يحيط بوجود الإنسان في هذه الحياة من أول يوم قدم إليها حوائج تحاصره حصرا شديدا، فبعضها من ضرورات الحياة البدائية التي يتوقف عليها حفظ نظام حياة الإنسان وبقاؤه كالطعام واللباس والمسكن، فهي من الحوائج الطبيعية التي لا يمكن سدها سداً نهائياً. والقسم الآخر منها حاجات غير ضرورية، فهي دائماً في طور التحول والتغيير. وهي حاجات وسيعة لا تحد بحد ولا يقدر أحد ان ينالها جميعاً بل ان منالها ليس في الحقيقة إلا أحلاماً شائقة.
وكل إنسان يسعى وفق دوافعه الطبيعية وإحساسه بالحاجة وراء تحصيل المال، ويكافح بما أوتي من استعداد مع مشاكل الحياة وعقباتها وعراقيلها في سبيل ذلك، وذلك إذ أن المال قوام الحياة وبهاؤها ورونقها وجمالها وزينتها.
ومن الطبيعي أن يختلف أحوال أفراد الإنسان في هذا السبيل، فإن ضاق به العيش وإحاطته الحياة بمواصفات الفقر الفاقرة أحس بالذل والضعف والهوان وأخذ يجول في طلب رزقه هنا وهناك متوسلاً بكل وسيلة لرفع الفقر عن نفسه. وإذا أصاب غنى كان معه الكبر ولوث العتوّ والطغيان كأنما بينهما نوع علاقة أو رابطة خاصة، فإذا ما وقع بيد الإنسان ثروة هائلة معها جميع وسائل الحياة الميسرة سكر بسكر الغرور والنخوة ووسوست في فكره أهواء لا نهاية لها.
لحياة البشر أشكال مختلفة ينظر إليها كل إنسان بنظرة خاصة، إذ لا يتشابه المستوى الفكري والعقلي لجميع الناس، فهناك جماعات كثيرة من البشر لم يصلوا بعد إلى مرحلة من الكمال يدركون بها حقيقة الحياة ويميزون منها بين مناطق السلامة والنجاة ومناطق الخطر، إن درك حقائق الحياة والعروج إلى مقام السعادة يستلزم دقة في أسرار الوجود، وبالأخص منها (معرفة النفس)، ولا يمكن ذلك إلا في نطاق العقل والمنطق لا غير.
يجب على الإنسان أن يعلم لماذا جاء إلى سوق الحياة هذه، كي يبدأ بمقتضى هذه المعرفة سعيه في سبيل السعادة ويختار طريق التقدم وفق حوائجه الروحية والطبيعية، ويحترز عن العيوب التي تباين تكامل الروح ونمو الشخصية الواقعية.
وليس الفلاح والنجاح والسعادة أن يسبق الإنسان الآخرين في سبيل الاستفادة من الأمور المادية ويطرد في ذلك إلى الأمام دائماً، فإن الأمور المادية ليست القطب الأساس لهذه الحياة، ولا ينبغي أن يتجاوز الإنسان لنيلها حدود الفضيلة والتقوى ويهمل شروط الإنسانية في بوتقة النسيان.
يقول الدكتور كارل: (في المحيط الفكري الذي أوجدته المادية الليبرالية اخذ الفكر النفعي بمجامع شعورنا وأفكارنا جميعاً، وتجلت الثروة في نظرنا أكبر موهبة من مواهب الحياة، وأصبح التوفيق في الحياة يقاس بمقاييس الأوراق النقدية، وقد سرت فكرة المنافع المادية من البنك والصناعة والتجارة إلى جميع مجالات المساعي البشرية، وأصبح الذي يدفعنا في أعمالنا هو التوصل إلى تقدم شخصي وفي مقدمته الأمور المالية. إن المجتمع الذي يرى الأولوية للأمور الاقتصادية لا يميل إلى الفضيلة أبداً، إذ أن الفضيلة تتطلب إطاعة قوانين الحياة، وحينما يخصص الشخص مساعيه في الأمور الاقتصادية فلا يتبع حتى القوانين الطبيعية للحياة. إن الفضيلة توصلنا إلى الحقيقة من دون ان يكون في هذا كلمة جزاف، وتنظم جميع فعالياتنا الجسمية والنفسية وفق نظام الجهاز الانساني. إن صاحب الفضيلة الأخلاقية يشبه المحركات القوية التي تعمل بانتظام، وأن الاختلالات والاضطرابات في المجتمع اليوم ليست إلا من آثار فقدان الفضيلة الأخلاقية).
إن الحصول على المعنوية هو الهدف الأصيل في الحياة وهو أهم وأثمن ما يمكن أن يحصل عليه الإنسان، وأن الذي تخزن نفسه من الثروات المعنوية لا يحس بالحاجة إلى هذه الدنيا إلا قليلاً، فإنه يحصل في ظلال معنوياته على غنى النفس الذي يرافقه مدى الحياة، ولا يعوض مثل هذا الشخص ما لديه من الثروة بثروة المال والجمال والجلال المادي أبداً.
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
استمرار توافد مختلف الشخصيات والوفود لتهنئة الأمين العام للعتبة العباسية بمناسبة إعادة تعيينه
|
|
|