أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-02-2015
2266
التاريخ: 9-5-2017
5535
التاريخ: 29-04-2015
2329
التاريخ: 2024-09-14
449
|
لم يقصر الزمخشري في تهاجمه على خصومه من أهل الحديث ، فلم يدع فرصة أثناء تفسيره إلا وقـذفـهـم بقذائف لاذعة وقرعهم بمقامع دامغة قال الذهبي : وإن المتتبع لما في (الكشاف) من الجدل المذهبي ، ليجد أن الزمخشري قد مزجه في الغالب بشيء من المبالغة في السخرية والاستهزاء بـأهـل الـحديث ، فهو لا يكاد يدع فرصة تمر بدون أن يحقرهم ويرميهم بالأوصاف المقذعة ، فتارة يـسـمـيـهـم الـمـجـبرة ، وأخرى يسميهم الحشوية ، وثالثة يسميهم المشبهة ، وأحيانا يسميهم الـقـدريـة ، تـلك التسمية التي أطلقها أهل الحديث على منكري القدر ، فرماهم بها الزمخشري ، لأنهم يـؤمـنون بالقدر كما جعل حديث الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) الذي حكم فيه على القدرية أنهم مجوس هذه الأمة ، مـنـصباً عليهم ، وذلك حيث قال عند تفسيره لقوله تعالى {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى} [فصلت : 17] : ولو لم يكن في القرآن حجة على القدرية الذين هم مجوس هذه الأمة ، بشهادة نبيها (صلى الله عليه واله وسلم) ـ وكفى به شاهداً ـ إلا هذه الآية لكفى بها حجة (1) .
كـمـا سـماهم بهذا الاسم ورماهم بأنهم يحيون لياليهم في تحمل الفاحشة ، ينسبونها الى اللّه تعالى ، حـيث قال عند تفسيره لقوله تعالى {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: 9، 10] : وأما قول من زعم أن الضمير في (زكى) و(دسى) للّه تعالى ، وأن تأنيث الضمير الراجع الى (من) لأنـه في معنى النفس ، فمن تعكيس القدرية الذين يوركون (2) على اللّه قدراً هو بريء منه ومتعال عنه . ويحيون لياليهم في تمحل فاحشة ينسبونها إليه (3) .
والـظـاهـرة الـعـجـيبة في خصومة الزمخشري ، أنه يحرص كل الحرص على أن يحول الآيات الـقـرآنـيـة التي وردت في حق الكفار ، الى ناحية مخالفيه في العقيدة من أهل الحديث ، ففي سورة آل عـمـران حـيـث يـقـول تـعـالـى : {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ} [آل عمران: 105] ، نجد الزمخشري بعد ما يعترف بأن الآية واردة في حق اليهود والنصارى يـجوزان تكون واردة في حق مبتدعي هذه الأمة ، وينص على أنهم (المشبهة) و(المجبرة) و(الحشوية) وأشباههم (4) .
وفي سورة يونس ، حيث يقول تعالى : {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ} [يونس: 39] ، يقول : بل سارعوا الى التكذيب بالقرآن وفاجأوه في بديهة السماع قبل أن يفقهوه ويعلموا كنه أمره ، وقـبل أن يتدبروه ويقفوا على تأويله ومعانيه ، و ذلك لفرط نفورهم عما يخالف دينهم ، وشرادهم عن مفارقة دين آبائهم ، كالناشئ على التقليد من (الحشوية) اذا أحس بكلمة لا توافق ما نشأ عليه وألفه وإن كانت أضواء من الشمس في ظهور الصحة وبيان الاستقامة أنكرها في أول وهلة ، واشمأز مـنـهـا قبل أن يحس إدراكها بحاسة سمعه ، من غير فكر في صحة أو فساد ، لأنه لم يشعر قلبه إلا صحة مذهبه وفساد ما عداه من المذاهب (5) .
ولـقد أظهر الزمخشري تعصباً قوياً لمذهبه ، الى حد جعله يُخرج خصومه السُنيين من دين اللّه ، وهـو الإسـلام ، وذلك حيث يقول عند تفسيره لقوله تعالى {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ} [آل عمران: 18] : فإن قلت : ما المراد بأُولي العلم الذين عظمهم هذا التعظيم ، حيث جمعهم معه ومع الملائكة في الشهادة على وحدانيته وعدله ؟.
قلت : هم الذين يثبتون وحدانيته وعدله بالحجج الساطعة والبراهين القاطعة ، وهم علما العدل والتوحيد ـ يريد أهل مذهبه ـ .
فإن قلت : ما فائدة هذا التوكيد يعني في قوله : {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19] ؟.
قـلـت : فـائدته أن قوله : {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} هو توحيد ، وقوله : {قَائِمًا بِالْقِسْطِ} [آل عمران: 18] تعديل ، فإذا أردفه بقوله : {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} فقد آذن أن الإسلام هو العدل والتوحيد ، وهو الدين عند اللّه ، ومـا عـداه فـلـيـس عـنده في شيء من الدين وفيه : أن من ذهب الى تشبيه ، أو ما يؤدي إليه كإجازة الـرؤيـة ، أو ذهب الى الجبر الذي هو محض الجور ، لم يكن على دين اللّه الذي هو الإسلام ، وهذا بين جلى كما ترى (6) .
وعند تفسيره لقوله تعالى : {قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} [الأعراف: 143] ، قال : (ثم تعجب من المتسمين بالإسلام ، المتسمين بأهل السنة والجماعة ، كيف أتخذوا هذه العظيمة مذهباً ، ولا يغرنك تسترهم بالبلكفة (7) فإنه من منصوبات أشياخهم ! والقول ما قال بعض العدلية فيهم :
لجماعةٌ سمّوا هواهم سُنّةً ـــــ وجماعةٌ حُمُرٌ لعمري موكفة (8) .
قد شبّهوه بخلقه وتخوّفوا ـــــ شَنعَ الورى فتستّروا بالبلكفة .
وحمل الآية على انها ترجمة عن مقترح قومه وحكاية لقولهم .
وتفسير آخر ، وهو : أن يريد بقوله : {أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} [الأعراف: 143] عرفني نفسك تعريفاً واضحاً جلياً ، كأنها إراءة فـي جـلائها بآية ، مثل آيات القيامة التي تضطر الخلق الى معرفتك ، أنظر إليك : أعرفك معرفة اضـطـرار ، كأني أنظر إليك ، كما جاء في الحديث (سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر) بمعنى : ستعرفونه معرفة جلية هي في الجلاء كإبصاركم للقمر اذا امتلأ واستوى (9) .
وقـد أثـار ذلك ثورة أحمد الإسكندري ، فجعل يقابل هجاءه لأهل السنة بهجاء أهل العدل ، قال : (ولـولا الاستناد بحسان بن ثابت الأنصاري صاحب رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم ) وشاعره ، والمنافح عنه وروح الـقـدس مـعـه ، لـقـلنا لهؤلاء المتلقبين بالعدلية وبالناجين سلاماً ، ولكن كما نافح حسان عن رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم ) اعداه ، فنحن ننافح عن اصحاب سنة رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم ) أعداهم فنقول :
وجماعة كفروا برؤية ربهم ـــــ حقاً ووعد اللّه ما لن يخلفه .
وتلقّبوا عدلية قلنا : أجل ـــــ عدلوا بربهم فحسبهموا سفه .
وتلقبوا الناجين ، كلا إنهم ـــــ إن لم يكونوا في لظى فعلى شفه ( (8) .
_________________
1- الكشاف ، ج4 ، ص194 .
2- ورك فلان ذنبه على غيره ، إذا قرفه به ، أي اتهمه به ظلماً .
3- الكشاف ، ج4 ، ص760 .
4- الكشاف ، ج1 ، ص399 .
5- الكشاف ، ج2 ، ص347-348 .
6-الكشاف ، ج1 ، ص344-245 ؛ راجع : التفسير والمفسرون ، ج1 ، ص465-467 .
7- لأنهم قالوا : إنه يُرى بلا كيف ، أي لا تسأل عن كيفية رؤية تعالى . والبلكفة مخففة ذلك . وعد الزمخشري ذلك ذريعة للتخلص من مأزق القول بالجسمية والقول بالجهة ، فهو من منصوبات أشياخهم ، أي شبكات يتصيدون بها الضعفاء .
8- أي موضوع عليها الإكاف وهي البرذعة . وهي بمنزلة السرج للفرس .
9- تفسير الكشاف ، ج2 ، ص152-156 .
10. الكشاف (الهامش) ، ج2 ، ص156 .
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|