الصفات الطبيعية للصحاري المؤثرة على العمليات العسكرية

ان أهم ما يميز الصحاري هو انخفاض معدلات التساقط وتزايد معدلات التبخر فلا تزيد معدلات التساقط في معظم صحاري العالم عن 25 سم سنويا، رغم تمتع بعض الصحاري بمعدلات امطار تزيد عن 30 سم. وتمتاز امطار الصحاري بانها مشتتة غير متوقعة، وغزيرة تهطل في فترات زمنية قصيرة وهي في الغالب ناجمة عن عواصف رعدية مفاجأة تؤدي الى حدوث الفيضانات والانجرافات وفي الوطن العربي ثلاثة مناطق صحراوية تمتاز بشدة الجفاف هي: صحراء الربع الخالي التي تزيد مساحتها عن 229.000میل مربع، صحراء ساحل عدن، وصحراء جنوب سيناء اضافة الى صحاري شرق ايران. وفي حين تغطي الصحاري العربية في اسيا ما مساحته 224.000 ميل مربع في كل من سوريا، العراق، الاردن والسعودية. غير أن معدلات الامطار الساقطة فيها تتجاوز 20 سم.

وتمتاز الصحاري بارتفاع درجات الحرارة باستثناء الصحاري الباردة. فتصل درجات الحرارة في الصيف الى 50 درجة مئوية. وبالضافة الى شدة الحرارة فان المناخ الصحراوي يمتاز بارتفاع المدى الحراري اليومي والسنوي. حيث يتزايد الفرق بين اعلى درجة حرارة واخفض درجة حرارة بين الليل والنهار والصيف والشتاء. فعلى سبيل المثال فقد وصل المدى الحراري السنوي في طرابلس الغرب الى 68 درجة، وهو الفرق بين اعلى درجة حرارة سجلت في فصل الصيف وهي 99 درجة وادنى درجة حرارة سجلت في الشتاء وهي 31. ويمتاز مناخ الصحاري بالعواصف الرملية وشدة الرياح التي قد تستمر لعدة أيام أو عدة أسابيع. وفي الصحاري الرملية تثير تلك الرياح العواصف وتحمل الرمال وتنقلها من مكان الى الآخر.

اما من الناحية الجيومورفولوجية فان سطح الصحاري في غالب الاحيان شبه مستوي باستثناء صحاري التلال والأودية. ويتكون سطوح الصحاري اما من الرمال المفككة، أو من التكوينات الصخرية المكشوفة. كما تحتوي الصحاري على بعض القيعان التي تشكل مناطق التقاء للأودية، فتتكون فيها السبخات الملحية. وتغطي بعض اسطح الصحاري الطفوح البركانية البازلتية القاسية التي تعتمد في سماكتها وانتشارها على عمرها ، ومدى نشاط عوامل الحت والتعرية. ومن أمثلة ذلك الطفوح البركانية المنتشرة في شرق المملكة الاردنية الهاشمية. وكنتـيـجـة مـبـاشـرة للظروف المناخية السائدة فـان الصحاري تخلو من الانهار والأودية، الا من بعض الاودية التي تقع على اطراف الصـحـاري وتربطها مع المناطق شـبـه الجافة. ويستثنى من ذلك بعض الانهار الكبيرة التي تخترق الصحاري كنهر النيل والفرات. وتغطي بطون الأودية الصحراوية ترب صحراوية بنيـة تتحول الى ترب طينية حال سقوط الامطار وجريان الأودية. وتتميز الاودية الصحراوية بانتشار المراوح الفيضية عند مصابتها. والمراوح الفيضية هي عبارة عن سهول فيضية تشبه الدلتاوات في حالة الانهار الرطبة تتكون عند مـصـبـات الاودية في القيعان والمناطق المنخفضة. وتنتشـر مـثل تلك المراوح عند اقدام التلال، وعلى مصبات الأودية الصحراوية، التي تصب في وادي عربة. وتغطي اسطح صحاري العرق أو الصحاري الرملية الكثبان الرملية الناعمة، التي تختلف احجامها وارتفاعاتها واتجاهاتها، تبعا لشدة الرياح واتجاهاتها. وقد تكون الرمال الصحراوية عبارة عن كثبان متجمعة، وقد تكون عبارة عن غطاءات رملية واسعة الانتشار يطلق عليها اسم بحر الرمال.

ونتيجة لقلة الامطار فان كثافة الغطاء النباتي تقل، بل وتنعدم في كثير من الحالات. وقد تغطي بعض الصحاري شجيرات شوكية قصيرة ومتفرقة. والنباتات الصحراوية قصيرة لا يزيد ارتفاعها عن مـتـريـن ولها شكل تاجي حتى تتمكن من الاحتفاظ بأكبر قدر ممكن من الماء. وهي ايضا متباعدة، تتقارب من بعضها البعض في بطون الأودية والقيعان التي تتجمع فيها المياه. وانتشارها يعود الى ضرورة عدم تنافسها على الرطوبة القليلة في التربة. وقصر الاشجار، وقلة اغصانها وطبيعة أوراقها الابرية لا تساعد على التخفي والتستر بالنسبة للقوات المنتشرة في الصحراء. ومما يزيد في عدم ملائمتها لأغراض التخفي ابتعادها عن بعضها البعض والمساحات الصغيرة التي تغطيها.

ومن الناحية البشرية فـان الصحاري قليلة السكان، قد تخلو بعض اجزائها من السكان كصحراء الربع الخالي، وقد تنتشر فيها بعض قبائل البدو، التي تعتمد في حياتها على بعض الينابيع والآبار القليلة في الواحات. وقلة المياه هي العامل الرئيسي في تخلخل الكثافات السكانية، في الصحاري. لذلك يميل معظم سكان الصحاري للعيش في أطرافها القريبة من الاراضي شبه الرطبة التي تتوفر فيها المياه. وكنتيجة مباشرة لتخلخل الكثافات السكانية فأن الصحاري تفتقر للطرق والسكك الحديدية. وتربط الطرق الصحراوية في معظمها بين الواحات.