أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-8-2016
2866
التاريخ: 16-8-2016
3158
التاريخ: 19/11/2022
1854
التاريخ: 16-8-2016
3230
|
أولى الإمام ( عليه السّلام ) اهتماما خاصا بالنظام الأمني للجماعة الصالحة ، حفاظا على سلامة أفرادها وكيانها من التصدّع أو التصفية الجسدية ، ليبقى أفرادها أحرار في حركتهم الاصلاحية والتغييرية . والاحتياط والحذر الأمني له آثار ايجابية على سلامة العقيدة وسلامة الشريعة وسلامة القيم الإسلامية ، فإنّ أي خلل في الوضع الأمني يؤدي إلى سجن أو قتل أو تهجير من له تأثير ايجابي في الأمة ، وبالتالي يكون خير فرصة للمنحرفين لنشر عقائدهم وأفكارهم لبلبلة الأفكار وخلق الاضطراب في العقول والقلوب والنفوس ، بعد خلو الميدان من المصلحين الذين ينتمون إلى الجماعة الصالحة .
والاهتمام بالنظام الأمني يضمن للجماعة الصالحة بقاء القيادة وهي المعصومة ( عليه السّلام ) بين ظهرانيهم ، ترشدهم وتوجههم وتربيهم ، وتعلّمهم أحكام الدين وسبل الشريعة .
وللنظام الأمني معالم ومظاهر يمكن تحديدها في النقاط التالية :
1 - التقيّة
التقية عملية مشروعة لما لها من آثار ايجابية على سير الجماعة الصالحة وتوجيه حركتها نحو اصلاح الواقع وتغييره دون عرقلة أو منع أو تحجيم .
وللتقية موارد عديدة تحددها طبيعة الظروف المحيطة بالفرد وبالجماعة الصالحة ، من حيث القوة والضعف ، ومن حيث موقف الحكام وأجهزته من الإمام ( عليه السّلام ) ومن الجماعة الصالحة .
والقاعدة الأساسية في استخدام التقية هي قول الإمام ( عليه السّلام ) : « التقيّة في كل ضرورة »[1].
فالضرورة هي التي تحدّد استثمارها واستخدامها من حيث الوجوب والاستحباب ، ومن حيث المرّة والتكرار .
والهدف من التقيّة هو حقن الدماء وحفظها في مواقف ليست ضرورية ، وليس لها تأثير على سير حركة الاصلاح والتغيير ، أمّا إذا لم تحقق هدفها ذاك فلا ينبغي ممارستها .
قال الإمام الباقر ( عليه السّلام ) : « إنما جعلت التقيّة ليحقن بها الدماء ، فإذا بلغ الدّم فلا تقيّة »[2].
ومن موارد التقيّة :
أ - كتمان المعتقد بالاسلام إذا كان المجتمع مجتمعا غير اسلامي محاربا للمسلمين ، وكتمان المعتقد بمذهب أهل البيت ( عليه السّلام ) إذا كان المجتمع مخالفا أو معاديا لهم ، ويستحل قتل أو تعذيب من يروّج له أو يعلن الانتماء اليه .
أو كان الاعلان عن المعتقد يؤدي إلى عزل المؤمن عن المجتمع وعدم التأثر بقوله وفعله ، أي في حال عرقلة مهمة الاصلاح والتغيير .
ب - كتمان الأحكام الفقهية إن ادّت إلى الضرر الكبير .
ت - كتمان الآراء السياسية .
ث - كتمان الأسرار السياسية .
ج - كتمان البرامج والخطط المعدّة لاصلاح الواقع وتغييره .
والتقية قد تكون بكتمان هذه الموارد ، أو التظاهر بغيرها . وبعبارة أخرى : ان التقيّة هي المصانعة مع المخالفين أو المعادين للجماعة الصالحة تخلّصا من عدوانهم وأذاهم ، أو إضرارهم بالعمل .
والتقيّة هي الموقف المتوازن بين الانعزال عن المجتمع والابتعاد عن ميدان الاصلاح والتغيير ، وبين المواجهة والصراع ، لأنّ عدم ممارستها يؤدي إلى واحد من الموقفين ، وفي كليهما لا يحقق الانسان أهدافه في الحياة الاجتماعية ، وقد يؤدي أحيانا إلى النكوص والتراجع أو التخلّي نهائيا عن المنهج السليم ، أو الانحراف عنه .
فالانعزال قد يؤدي إلى الوقوع في حبائل الغلو ، والتحول إلى الباطنية كما حدث للحركة الإسماعيلية .
والمواجهة قد تؤدي إلى الضعف أمام أساليب الأرهاب والإغراء والخداع والتضليل ان كانت الجماعة الصالحة غير مهيئة لخوض غمار الصراع والمواجهة .
وقد استطاع الإمام ( عليه السّلام ) أن يحافظ على أمن الجماعة الصالحة بتأكيده على التقيّة ، حيث استطاع أن يوسّع قاعدته الشعبية ، ويرفد الجماعة الصالحة بأفراد جدد ، وبكوادر جديدة ، واستطاع أن ينشر علوم أهل البيت ( عليه السّلام ) وان يشيع الفضائل والمكارم في المجتمع ، دون ان يمنح للحكّام فرصة لاغتياله أو اعتقاله أو منعه من نشاطاته العامة في التدريس ، واللقاءات ، والزيارات .
والتقيّة قد تتوقف أحيانا وفي حدود خاصة على تظاهر الانسان بالجنون حفاظا على نفسه والجماعة التي ينتمي إليها ، وهي حالة نادرة أمر بها الإمام ( عليه السّلام ) جابر بن يزيد الجعفي ، حيث كتب اليه كتابا في ذلك ، فلما دخل الكوفة ، لم ير ضاحكا ولا مسرورا ، وتظاهر بالجنون ، وبعد أيام من كتاب الإمام ( عليه السّلام ) جاء كتاب هشام بن عبد الملك يأمر بقتله ، فتركه الوالي ولم يقتله ، بعد أن أخبره الناس بجنونه[3].
2 - كتمان الاسرار
ان الظروف المحيطة بالإمام ( عليه السّلام ) وبالجماعة الصالحة جعلت الإمام ( عليه السّلام ) يأمر بكتمان الاسرار ، قال ( عليه السّلام ) : « اكتموا اسرارنا ولا تحمّلوا الناس على أعناقنا »[4].
والجماعة الصالحة محاطة بجماعات وتيارات وأجهزة أمنية تتابع أقوالها وأفعالها وممارساتها العملية ، وتستثمر الثغرات والفرص المتاحة لتشويه سمعتها في عقيدتها وفي أحكامها وفي سلوكها ، وتحجيم دورها في الحياة ؛ ولهذا فهي بحاجة إلى عناية إضافية بكتمان الاسرار ، سواء كانت ممّا يتعلق بفضائل ومكارم أهل البيت ( عليهم السّلام ) التي لا تتحملها عقول المخالفين ، أو ممّا يتعلق بتنظيم الجماعة الصالحة من حيث العدّة والعدد ، وأسماء الوكلاء ، أو الطليعة المؤثرة على سير الأحداث ، أو كانت من أسرار العلاقات واللقاءات ، أو الأسرار السياسية المتعلقة بالبرامج والخطط الموضوعة لاصلاح وتغيير الواقع السياسي والاجتماعي ، أو الأسرار المتعلقة بساعات التنفيذ وما شابه ذلك .
فالإمام ( عليه السّلام ) كان يتكتم على المواقف المهمة ، فحينما حرّم الدخول إلى السلاطين والتعاون معهم ، كان هذا التحريم محدودا لم يبلّغ به إلّا المقربين منه .
وكان يخطط لثورة زيد دون أن تعلم به السلطات ، ودون علم كثير من أفراد الجماعة الصالحة ، وكان يكتفي بمدح شخصية زيد ليوجه الانظار بصورة غير مباشرة اليه وإلى مواقفه المستقبلية .
وكان يثني على المختار مقرّا بثورته وولائه لأهل البيت ( عليهم السّلام ) ولكن في نطاق محدود أمام بعض أصحابه .
ولم يعلن ( عليه السّلام ) عن إمامة الإمام الصادق ( عليه السّلام ) إلّا في نطاق محدود لمن كان يثق به ويعتمد عليه في عدم كشف السرّ إلّا في وقته المناسب .
3 - التوازن في العلاقة مع الحكّام
إنّ مقاطعة الحاكم الجائر هي إحدى الخصائص التي اختص بها أئمة أهل البيت ( عليهم السّلام ) ، وقد كانت ارشادات وأوامر الإمام الباقر ( عليه السّلام ) إلى أفراد الجماعة الصالحة تؤكد على المقاطعة في جميع صورها ، لأنّ العمل مع الجائر يؤدي إلى احتمالات واقعية ، هي :
أ - تقويته ودعم أركان دولته المنحرفة .
ب - ممارسة الاعمال المنحرفة التي يمليها الواقع المنحرف .
ت - تأثر العامل معه - في بعض الأحيان - بالاغراء المتنوع ، بالأموال والمناصب والجاه ، وقد يؤدي هذا إلى التخلي عن الانتماء إلى الجماعة الصالحة .
ث - تحول العامل إلى عدو للجماعة الصالحة في بعض الأحيان .
ولهذا أمر ( عليه السّلام ) بمقاطعة الحاكم الجائر[5]. وجعل العمل مع الجائر دليلا على كراهية الجنّة ، تشديدا منه على عدم الدخول معه في الاعمال . عن عقبة ابن بشير الأسدي ، قال : دخلت على أبي جعفر ( عليه السّلام ) فقلت له : اني من الحسب الضخم من قومي ، وانّ قومي كان لهم عريف فهلك ، فأرادوا ان يعرفوني عليهم ، فما ترى لي ؟
قال ( عليه السّلام ) : « فإن كنت تكره الجنة وتبغضها ، فتعرّف على قومك ، يأخذ سلطان جائر بإمرئ مسلم يسفك دمه ، فتشركهم في دمه ، وعسى أن لا تنال من دنياهم شيئا »[6].
وعلى الرغم من أوامره في مقاطعة الحاكم الجائر إلّا انّه راعى المصلحة الإسلامية العليا في موارد عديدة ، فجوّز ( عليه السّلام ) بيع السلاح أو حمله إلى اتباع السلطان[7] للمساهمة في ردّ أعداء الكيان الاسلامي ، ولإثبات حسن التعامل للحاكم إن سمع أو لاحظ هذه الإسناد .
وكان ( عليه السّلام ) لا يمتنع إن دعاه الحاكم للقاء به ، ولا يمنع أصحابه من ذلك ، حفاظا على أمنهم ، لأنّ التمرد على طلبه قد يؤدي إلى كشف نواياهم في المعارضة وعدم الرضى بحكمه .
ولم يمنع ( عليه السّلام ) أفراد الجماعة الصالحة من المشاركة في الغزوات التي كان يقودها حكّام الجور المسلمون في مختلف الأزمان .
4 - مراعاة المستويات المختلفة
راعى الإمام ( عليه السّلام ) في أوامره وتعليماته ، وفي اشراك أفراد الجماعة الصالحة في النشاطات والاعمال المختلفة ، تفاوت مستويات الأفراد المختلفة من حيث الطاقات والامكانيات ، ومن حيث الوعي والادراك ، ودرجة التحمّل ، والقدرة على أداء الواجب أو الاستمرار في الأعمال ، وحدّد لكل فرد مستواه ؛ لكي يكلّف بقدر مستواه .
عن سدير قال : قال لي أبو جعفر ( عليه السّلام ) : « ان المؤمنين على منازل ، منهم على واحدة ، ومنهم على اثنين ، ومنهم على ثلاث ، ومنهم على أربع ، ومنهم على خمس ، ومنهم على ست ، ومنهم على سبع ، فلو ذهبت تحمّل على صاحب الواحدة ثنتين لم يقو ، وعلى صاحب الثنتين ثلاثا لم يقو ، وعلى صاحب الثلاث أربعا لم يقو . . . »[8].
وكذا الحال في اعطاء الاسرار المتعلقة بالفضائل والكرامات لأهل البيت ( عليهم السّلام ) أو الاسرار السياسية ، فلكل فرد حسب طاقته العقلية والعاطفية والبدنية .
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|