أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-12-26
218
التاريخ: 2024-12-28
250
التاريخ: 2024-10-02
412
التاريخ: 2023-10-20
1293
|
إنَّ المشكلة التي تعاني منها مدرسة السلف هو عدم الإقرار بأكثر صحاح الفضائل في [أمير المؤمنين] علي (عليه السلام) مهما ثبتت طرقها وتواترت، وهذهِ العقدة تدفع برجال الجرح والتعديل إلى تضعيف الراوي والطعن عليه على أنَّ الطعن على الراوي لم يكن حقيقيّاً بقدر ما هو إجراء وقائيّ تتخذه مدارس السلف للتحرّز من اختراق أحاديث الفضائل والطعن بعد ذلك في شرعيّة خلافة الثلاثة؛ لذا فإنّ الراوي الذي يُكثر مرويّاته في فضائل علي (عليه السلام) سوف يُحكم عليه بالتشيّع ومن ثّمَّ بالرفض ثمّ بالغلوّ ثم بالتخليط ثم بعدم الضبط ثم بروايته المناكير، ثم بعدم التثبّت ثم بالأخذ من الضعفاء، ثم بعدم الورع في الأخذ عن الكذّابين بالواقع.
وهكذا تتصاعد وتائر مسلسل الطعن على الراوي كلما تصاعدت لديه وتائر رواية الفضائل، ولعلّ ذلك يرجع إلى سببين أساسيّين:
أولاً: أنَّ البعض إذا أردنا أن نحسن الظن قد غفل تواتر أو مشهوريّة فضائل علي (عليه السلام) فضلاً عن صحتها؛ لذا حين «تفاجئه» روايات الفضائل أوعز هذا إلى كون الراوي يتشيّع دون الالتفات إلى كون الراوي لم يسلك في زوايته سوى طرق التصحيح الإسنادي الذي تقرّه مدارس الجرح والتعديل السلفيّ، ولم يتجاوز في ذلك ما قرّرته منهجيّة الرواية لدى أهل السف مراعياً في ذلك ضوابط الجرح والتعديل، ومع هذا فلا يمكن أن يتغافل عن فضائل علي (عليه السلام) التي تبلغ حد التواتر فضلاً عن المستفيض والمشهور.
ثانياً: وهو ما يمكن ترجيحه على غيره أنَّ فضائل علي (عليه السلام) ستفتح باب الطعن على مشروعيّة خلافة الشورى والإجماع وما تبعها؛ لذا فإنّ أقصر الطرق في إلغاء وشطب ملاحم هذه الفضائل هو نسبة التشيّع إلى رواة هذه الفضائل، ومن ثَمَّ توهين وثاقة الراوي وحجيّته على مبنى أهل السلف، وبذلك ستتمكّن مدارس السلف بالتخلص من مشكلة الطعن على مشروعيّة الخلافة من خلال رواية فضائل علي (عليه السلام) التي يلزم منها تفضيله على غيره
وهذان سببان يمكن تعميمهما على جميع مشاريع الجرح والتعديل السلفيّ التي تّتهم الراوي لفضائل علي (عليه السلام) بالتشيّع؛ لذا فإنّ الحاكم النيسابوريّ هو أحد نماذج هذه الظاهرة فاستدراكه على الشيخين من فضائل علي (عليه السلام) يوجب على مدارس السلف دفعها بكونه ممّن يتشيّع إذْ كيف يمكن الجمع بين رواية الفضائل والانتماء إلى خط يصحّح مشروعيّة خلافة الإجماع والشورى مع كون الفضائل تعدّ نصوصاً صريحة في أحقيّة علي (عليه السلام) بالخلافة.
على أنّا يمكن دفع دعوى تشيّع الحاكم النيسابوريّ بما يلي:
أولاً: إنَّ الحاكم كان إماماً في الحديث، وكان أهل عصره یكرّمونه ويقدمونه، قال السبكيّ في طبقات الشافعيّة: وسمعت مشايخنا يذكرون أيّامه ويحكون أنَّ مقدّمي عصره مثل الإمام أبي سهل الصعلوكيّ والإمام ابن فورك وسائر الأئمة يقدّمونه على أنفسهم ويراعون حقّ فضله ويعرفون له الحرمة الأكيدة بسبب تفرّده بحفظه ومعرفته.
وقال نقلاً عن عبد الغافر الفراسيّ: إنَّ الحاكم اختصّ بصحبة إمام وقته أبي بكر أحمد بن إسحاق الصبغيّ، وأنّه كان يراجعه في الجرح والتعديل والعلل، وأّنه أوصى إليه في أمور مدرسته دار السنّة، وفوَّض إليه تولية أوقافه (1).
فإذا كان أهل عصره يرون فيه من التقديم على أنفسهم كما عرفت، فكيف خفي عليهم تشيّعه دون التصريح بذلك أو صدور ما يبنى على ذلك مع أنّهم عدّوا التشيّع أحد مطاعن الراوي وضعفه، وقد دفع السبكيّ دعوى التشيّع بقوله: ثُمّ نظرنا مشايخه الذين أخذ عنهم العلم، وكانت له بهم خصوصيّة، فوجدناهم من كبار أهل السنة، ومن المتصلّبة في عقيدة أبي الحسن الأشعريّ كالشيخ أبي بكر بن إسحاق الصبغيّ والأستاذ أبي بكر بن فورك والأستاذ أبي سهل الصعلوكيّ وأمثالهم، وهؤلاء هم الذين كان يجالسهم في البحث، ويتكلّم معهم في أصول الديانات وما يجري مجراها.
ثُمّ نظرنا تراجم أهل السنّة في تاريخه فوجدناه يعطيهم حقّهم من الإعظام والثناء مع ما ينتحلون وإذا شئتَ فانظر ترجمة أبي سهل الصعلوكيّ، وأبي بكر بن إسحاق وغيرهما من كتابه، ولا يظهر عليه شيء من الغمز على عقائدهم (2).
وما ذكره السبكيّ كافٍ في الطعن على دعوى تشيّعه.
ثانياً: تُرجم للحاكم في كتب الجرح والتعديل ما يؤكّد وثاقته وصدقه فكيف خفي عليهم تشيّعه وميله إلى علي (عليه السلام) إذ مجرّد هذه الدعوى توجب عندهم ضعفه والطعن عليه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) طبقات الشافعيّة: 4 / 159.
(2) المصدر نفسه.
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|