3-3- واقع المساعدات التنموية الموجهة للعالم النامي

لقد كان من توصيات إعلان الأمم المتحدة للألفية في سبتمبر 2000 أن يحث المؤتمر الدولي لتمويل التنمية المقرر عقده في مارس 2002 البلدان الصناعية على التعهد بتحقيق تقديم مساعدة إنمائية رسمية للدول المتخلفة تقدر بـ %0.7 من دخلها القومي الإجمالي (الخام)، وبالفعل فقد التزمت هذه الدول بتخصيص هذه النسبة في مؤتمر مونتيري بالمكسيك( 21-22 مارس 2002) المخصص لتمويل التنمية. 

ويكشف واقع الإحصائيات وحسب معطيات منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية بأن نسبة المساعدة العمومية للتنمية استمرت دون النسبة المتعهد بها حيث كانت تصل فقط إلى 0.33% طيلة عقدين من الزمان (1970-1990)، وقد ازدادت هذه النسبة تقلصاً خلال التسعينات بعد سقوط جدار برلين وزيادة عدد طالبي المساعدة الدولية، وإن كانت قد عرفت إعادة ارتفاع مع مطلع القرن الجديد كما يوضحه الشكل التالي:

وتشير الإحصائيات إلى أنه وطيلة الفترة 1970ـ 2009  كانت الولايات المتحدة الأمريكية دوماً تحتل الصدارة في قائمة الدول المانحة للإعانات، متبوعة بفرنسا واليابان وألمانيا والمملكة المتحدة . وفيما يلي جدول بأكبر 10 دول مانحة للمساعدات الدولية للتنمية خلال الفترة 2007-2009 .

وبمتابعة إحصائيات تطور الإعانات حسب الدول المستقبلة لها وحسب الفترات، يتضح أن دول إفريقيا استحوذت على أكثر من ثلث المساعدات (36.5%) متبوعة بدول آسيا (31.9 %) ثم دول أمريكا اللاتينية بـ 7.8% فقط.

أما عن أول عشر دول استقبلت الإعانات خلال الفترة 2007-2009 فتتصدرها العراق فأفغانستان فإثيوبيا ثم فيتنام كما هو موضح في الجدول التالي، مع ملاحظة أن هذا الترتيب لا يعطي صورة حقيقية عن أهمية الدول في الترتيب حسب الحاجات التنموية، إذ نلاحظ مثلا أن العراق ظل لفترة طويلة (30 سنة) من 1970 إلى 1999 لا يتلقى إلا مساعدات ضعيفة لترتقي المساعدات المقدمة إليه إلى مستوى قياسي مقارنة بالسابق( 6536 مليار دولار في المتوسط خلال 2000 ـ 2009 وإن كانت تراجعت بالربع تقريباً من 2008 إلى 2009 إذ انتقلت من 9880 مليار دولار إلى 2791 مليار دولار) وهو ما يفتح مجالاً للبحث وفق إحصائيات كل دولة عن الدوافع الحقيقية الكامنة وراء قرار منح المساعدة الذي تتخذه الدول المانحة.  

وتشير آخر الإحصائيات أن إعانات التنمية الصافية المدفوعة من طرف أعضاء لجنة مساعدات التنمية بـ OCDE عام 2010 بلغت 128.7 مليار دولار بارتفاع يقدر بنسبة 6.5% عن سنة 2009 (119.7 مليار دولار) وهو مستوى تاريخي لم يسجل من قبل. وكانت أهم الدول التي ارتفعت مساهماتها: الولايات المتحدة الأمريكية (وظلت تحتل الصدارة دائماً بمساهمة قدرت بـ 30.2 مليار دولار عام 2010)، روما الاتحادية، فرنسا، ألمانيا واليابان. كما أن الدانمارك ولوكسمبورغ والنرويج والسويد تجاوزت مساهماتها 0.7% من RNB (الدخل الوطني الخام) وهي النسبة التي حددتها الأمم المتحدة كما ذكرنا. أما دول الاتحاد الأوروبي فرغم أن مساهمتها مجتمعة مثلت سنة 2010 نسبة 54% من إجمالي المساعدات بمبلغ 70.2 مليار دولار، إلا أن هذه المساهمة لا تشكل سوى% 0,41 من إجمالي RNB المجمع لهذه  الدول⁽¹⁾.

وتشير توقعات OCDE المستقبلية إلى آفاق سنة 2013 بأن مساعدات التنمية سيتباطأ نموها، حيث يتوقع أن تنمو  2% سنويا في الفترة 2011-2013 مقارنة بـ 8% سنويا خلال الثلاث سنوات السابقة.

 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

' (1) OCDE, aide publique au développemet avril 2011, site: www.oecd.org/