أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-06-30
647
التاريخ: 24-8-2019
26856
التاريخ: 2024-07-15
682
التاريخ: 2023-03-06
1260
|
الجاذبية هي أكثر قوة معروفة، لكنها فعليًّا غاية في الضعف؛ فمن السهل أن ترفع تفاحة إلى أعلى متغلبا بذلك على قوة جذب الكوكب بأكمله. وتنبع قوتنا العضلية من القوى الكهربائية الأقوى من قوة الجاذبية بكثير التي تمنحنا الهيئة التي نحن عليها. غير أن التجاذب والتنافر الذي يحدث بين الشحنات الموجبة والسالبة داخل المادة يبطل بعضه بعضًا، في حين أن قوة الجذب التي تؤثر على كل ذرة داخل أي جسم كبير تتعاظم. ومتى زاد قطر الجسم عن 500 كيلومتر تكون السيادة لقوة الجاذبية.
لما كانت الجاذبية لا تأبه بالاتجاه، وتعمل بالمقدار نفسه في الأبعاد الثلاثة، فهي بذلك تجعل الأجسام كروية. هذا هو الحال مع الشمس، فالنتوءات والأودية الموجودة على كوكب الأرض ما هي إلا تعاريج ظهرت على السطح بفعل التأثيرات الجيولوجية ويرجع انبعاج شكل الكوكب إلى دورانه حول ذاته مرة كل يوم.
بالنسبة للأجسام هائلة الحجم تتعاظم تأثيرات الجاذبية بدرجة كبيرة. فتستطيع الشمس، التي لا تتعدى حجم ظفر الإبهام عند رؤيتها من الأرض، أن تأسرنا بجاذبيتها نحن والكواكب الأخرى في رقصة كونية عبر الفضاء الفسيح على الرغم من ابتعادنا عنها مئات الملايين من الكيلومترات. كيف ينتشر هذا التأثير عبر الفضاء؟
كان إسحاق نيوتن صاحب الفكرة العبقرية التي تقضي بأن قوة الجاذبية بين جسمين تتناسب عكسيا مع مربع المسافة بينهما. ويعد «قانون التربيع العكسي» المتعلق بضعف تأثير الجاذبية مع زيادة المسافة غاية في الأهمية لبنية الكون، وربما أيضًا لتطور علم الفيزياء. نحن أسرى كوكب الأرض الذي يدور حول الشمس، والقمر صغير الحجم لكن القريب نسبيًّا تأثير جذبوي يتمثل في ظاهرة المد والجزر، لكن مجرات النجوم النائية لا تؤثر تأثيرًا يُذكر علينا. فالمد والجزر والكسوف وطيران المركبات الفضائية كلها أمور يمكن تحديدها دون الحاجة إلى أخذ هذه الكتل البعيدة في الحسبان. ولو كانت قوة الجاذبية لا تعتمد على المسافة لكانت هذه المجرات البعيدة هي التي تحكمنا، وما كان كوكب الأرض ليستطيع أن يتماسك بفعل جاذبيته. ولو كانت الجاذبية تضعف على نحو مباشر مع زيادة المسافة لكان من الممكن أن نعيش على سطح أحد الكواكب الصخرية، لكن سيكون من العسير تخيل ما سيكون عليه تأثير قوة الجاذبية، فالقدرة على تجاهل تأثيرات كل الأجرام خلا اثنين فقط، في ظل تأثيرات طفيفة من جرم ثالث هي التي مكنتنا من إجراء الحسابات وتحديد القواعد الأساسية المتعلقة بالجاذبية.
لا يقتصر قانون التربيع العكسي للقوة على الجاذبية وحدها: فالمبدأ عينه ينطبق على القوى الكهربائية بين أي جسيمين لهما شحنة وفي ظل عدد الاحتمالات الأخرى الممكنة، من العجيب أن تعمل كل من القوة الكهربائية وقوة الجاذبية وفق قانون التربيع العكسي عينه يرتبط السبب ارتباطًا وثيقًا بطبيعة الفضاء الثلاثية الأبعاد وحقيقة أن الجاذبية تملأ جميع أركانه، كما تملؤه المجالات الكهربائية على الأقل في المنطقة المجاورة لشحنة واحدة.
بطريقة أو بأخرى، يبعث الجسم الضخم، مثل كوكب الأرض أو الشمس، مجساته الجاذبة إلى الفضاء في كل الاتجاهات بالتساوي. يكاد يكون مدار الأرض حول الشمس مدارا دائريًا. تخيل أن الشمس موجودة في مركز كرة قطرها هو نفس قطر مدار كوكب الأرض. إن قوة الجذب التي يتعرض لها كوكبنا هي نفسها تماما في جميع أرجاء السطح الداخلي للكرة المتخيلة. إذا تخيلنا أننا قد انتقلنا الآن إلى مدار يساوي ضعف مدار الأرض، فإن سطح الكرة المتخيلة سيتضاعف أربع مرات لأن المساحة تزيد مع مربع المسافة. أدرك نيوتن أنه إذا شُبهت قوة الجاذبية بمجسات تخرج من المصدر في كل الاتجاهات بالتساوي، عندئذ ستنتشر قوة الجذب بالتساوي عبر مساحة الكرة المتخيلة. ومع زيادة المساحة بمقدار مربع المسافة، تضعف قوة الجذب بالتبعية عند أي نقطة عليها.
من الواضح أنه يمكن صياغة مجموعة من الملاحظات الشبيهة بخصوص المجالات الكهربائية المنبعثة من جسم ذي شحنة كهربية.
تبرز هذه التشبيهات العلاقة الوثيقة بين سلوك هاتين القوتين وطبيعة الفضاء ثلاثية الأبعاد، والمعروفة منذ وقت نيوتن. وتقدم خيطًا مهما لفهم لغز تولد قوة ما بين جسمين غير متصلين في ظاهرهما تلعب المساحة التي تفصل الجسمين دورًا بطريقة أو بأخرى؛ فهذه المسافة ليست فارغة لكنها مليئة بـ «مجال»، مع أن الماهية المحددة لما يملأ هذا المجال هي. مثال حديث لنوعية الأسئلة التي حيرت الفلاسفة القدماء. انبثقت الفكرة عن نيوتن وبقيت ملامحها الأساسية معنا لمدة ثلاثمائة عام، وقد أثرتها أفكار أينشتاين الثاقبة وطبقت بطرق لم يتخيلها نيوتن قط. تكمن الفكرة الأساسية في وجود نوع من التوتر في الفضاء الخاوي» يكشف عن نفسه عن طريق توليد قوة على الأشياء التي يتصادف وجودها بالقرب منه. تُسمى منطقة تأثير هذا التوتر باسم «المجال»، ومجال جاذبية الأرض الممتد في الفضاء هو الذي يشد القافزين بالمظلات إلى الأرض، ومجال جاذبية الشمس الذي يحفظ كوكب الأرض في مداره السنوي.
من هنا تبدأ إجابة السؤال الذي ألهمني أساسًا في التبلور. فإذا أزلنا كل الأجسام إلا جسما واحدًا فستولد كتلته مجال جاذبية ينتشر عبر الفضاء. يعني هذا أنه يمكن أن نعتبر منطقة ما من الفضاء خالية من كل الأجسام المادية، لكنها لن تكون فارغة لو وجد جسم واحد آخر فقط في مكان ما في الفضاء؛ فمجال الجاذبية الصادر من الجسم البعيد سوف يملأ جميع أرجاء المنطقة «الفارغة» الأخرى.
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|