أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-03-2015
3675
التاريخ: 25-03-2015
8894
التاريخ: 24-09-2015
2497
التاريخ: 25-03-2015
5532
|
وهو
يختص غالباً بفن الهجاء، وإن وقع نادراً في غيره، فإنه عبارة عن نزاهة ألفاظ
الهجاء وغيره من الفحش حتى يكون الهجاء كما قال فيه أبو عمرو بن العلاء وقد سئل عن
أحسن الهجاء فقال: الذي إذا أنشدته العذراء في خدرها لا يقبح عليها، مثل قول جرير [كامل]:
لو أن
تغب جمعت أحسابها ... يوم التفاخر لم تزن مثقالا
وكقوله
[وافر]:
فغض
الطرف إنك من نمير ... فلا كعباً بلغت ولا كلابا
وكقول
عمرو بن معد يكرب الزبيدي [طويل]:
ظللت
كأني لرماح دريئة ... أطاعن عن أبناء حرب وفرت
وقال
ابن الأعرابي: أهجي بيت وأمضّه قول الشاعر [طويل]:
وقد
علمت عرساك أنك آيب ... تخبرهم عن جيشهم كل مرتع
ومن
شواهد هذا الباب للمولدين قول أبي تمام: [بسيط]
مودة
ذهب أثمارها شبه ... وهمة جوهر معروفها عرض
وقوله:
بني
لهيعة ما بالي وبالكم ... وفي البلاد مناديح ومضطرب
لجاجة
لي فيكم ليس يشبهها ... إلا لجاجتكم في أنكم عرب
وكالذي
قاله معد بن الحسين بن جبارة لرجل كان يدعو قوماً إلى سماع قينة له، ثم انكشف له
بعد ذلك أنهم ينالون منها القبيح [بسيط]:
ألم
أقل لك إن القوم بغيتهم ... في ربة العود لا في رنة
العود
لا
تأسفن على الشاة التي عقرت ... وأنت غاد بها في مسرح
البيد
فانظر
إلى هذه المعاني ونزاهة ألفاظها، وقس على ذلك.
وقد
وقع من النزاهة في الكتاب العزيز قوله تعالى: (وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا
فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ * وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ
مُذْعِنِينَ * أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ
يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) فإن
ألفاظ الذم للمخبر عنهم في هذه الآية أتت منزهة عما يقع في غير هذا القسم من
الهجاء واتفق في هذه الآية من النزاهة صحة الأقسام، فإنه لم يبق بعد قوله: (أَفِي
قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) إلى قوله: (أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ)
قسماً من هذا المعنى حتى ذكره، لأن المرض عبارة عن إبطان الكفر، والريبة والشك
والتردد وذكر الخوف من الحيف، فذكر جميع الأقسام التي هي أسباب القعود عن الإجابة
لحكم الله ورسوله، وحصل مع ذلك الافتنان، فإنها تضمنت فن الفخر بوصف نفسه ورسوله
بالعدل مدمجاً في الإيغال الذي وقع في فاصلة الآية، فإن ملزوم قوله تعالى: (بَلْ
أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) وصفه ورسوله بالعدل، فاقترن التشكيك بصحة الأقسام،
وأدمج الافتنان في الإيغال، فسبحان المتكلم بهذا الكلام.