أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-02-26
1147
التاريخ: 2023-11-18
1212
التاريخ: 2023-02-23
1301
التاريخ: 2023-02-27
979
|
تلعب القوة الضعيفة دورًا مهما في جانب آخر من قصة الحياة؛ ألا وهو التحكم في مقدار الهليوم المتكون في الكون المبكر الحار. إن الوفرة النسبية للهيدروجين والهليوم تعتمد على نسبة النيوترونات إلى البروتونات في المادة الأولية التي تواجدت بعد ثانية واحدة من الانفجار العظيم، إليك الكيفية التي تؤثر بها القوة الضعيفة على سير الأمور: إن النيوترون المعزول غير مستقر، ويصل عمر النصف له إلى 615 ثانية، ثم يتحلل إلى بروتون.17 عملية التحلل هذه نتاج لعمل القوة النووية الضعيفة. لكن الكون احتاج حوالي 100 ثانية كي يبرد بما يكفي كي يبدأ الديوتيريوم في التكون، لذا كان الوقت المتاح محدودًا. لو كانت القوة الضعيفة أقوى بقدر طفيف فستتحلل النيوترونات الأولية بشكل أسرع، مقللة كمية الهليوم المنتجة، وهو ما سيقلل بدوره من عملية تكوين الكربون الداعم للحياة في النجوم. وفي المقابل، لو كانت القوة الضعيفة أضعف بقليل فسنواجه مشكلة مختلفة. كانت المادة الكونية الأولية خليطا من البروتونات والنيوترونات والإلكترونات والنيوترينوات قبل ثانية واحدة تقريبًا كانت فصائل الجسيمات المختلفة محفوظة في درجة حرارة متساوية (أي كانت في حالة توازن ديناميكي حراري بفعل تفاعلات متعددة). لعبت النيوترينوات الدور الأساسي في الحفاظ على حالة التوازن بين البروتونات والنيوترونات؛ لأن هذين النوعين من الجسيمات يمكنهما التحول من أحدهما للآخر عن طريق إطلاق أو امتصاص النيوترينوات (أو مضادات النيوترينوات). ومع ذلك فإن قدرة النيوترينوات على توزيع الطاقة الحرارية بشكل عادل بين البروتونات والنيوترونات تعتمد بالأساس على ما إذا كان التحول يحدث بسرعة كافية تتوافق مع الانخفاض في درجة الحرارة. إن سباق التوافق يصير أصعب وأصعب؛ لأن تمدد الكون يخفف كلا من طاقات الجسيمات المشاركة وكثافاتها، ومن ثم يقلل معدل التفاعل. وفي النهاية يأتي الوقت الذي تخسر فيه الجسيمات الصراع؛ إذ لا تستطيع النيوترينوات المسكينة - المسلحة بالقوة النووية الضعيفة فقط - أن تواصل عملها ومن ثم تنسحب من اللعبة. يقع حادث «الانفصال» هذا قبل أقل من عمر ثانية واحدة. في هذه النقطة ينتهي التوازن الديناميكي الحراري بين البروتونات والنيوترونات نظرا لعدم وجود آلية لتوزيع الطاقة المتاحة بين هذين النوعين من الجسيمات.
النيوترونات أثقل من البروتونات بحوالي 0.1 بالمائة، لذا يعني التوزيع العادل أنها لو حصلت على حصتها المستحقة وحسب من الطاقة المتاحة فسيكون عددها أقل في النهاية من البروتونات لأن تكون النيوترون الأثقل قليلا من البروتون سيحتاج قدرًا أكبر من الطاقة. يعتمد مقدار إسهام هذا التباين في الكتلة في الزيادة العددية للبروتونات عن النيوترونات إلى حدٍّ بعيد على درجة الحرارة، فبعد ميكروثانية من الانفجار العظيم، حين كانت درجة الحرارة تبلغ تريليون درجة، لم يكن لفارق الكتلة البالغ 0.1 بالمائة أثر يذكر بالمقارنة بالطاقة الحرارية الهائلة المتاحة، لذا كانت نسبة النيوترونات إلى البروتونات واحدًا إلى واحد تقريبًا. لكن مع انخفاض درجة الحرارة أكثر وأكثر صارت الطاقة الحرارية متاحة للتقاسم، وهنا مالت الكفة بدرجة كبيرة ناحية البروتونات الأخف وزنا؛ إذ انخفضت نسبة النيوترونات إلى البروتونات بشكل قاس لتبلغ واحدًا إلى ستة (أي ستة بروتونات مقابل كل نيوترون). في هذه المرحلة خرجت النيوترينوات من المعادلة وظلت نسبة البروتونات إلى النيوترونات ثابتة على ما يربو قليلا عن الستة إلى واحد.
الآن يمكنك أن ترى ما كان سيحدث لو أن القوة الضعيفة كانت أضعف مما هي عليه كانت النيوترينوات ستترك الصراع بشكل أسرع، حين كان الكون أكثر حرارة وكانت الميزة العددية الممنوحة للبروتونات الأخف وزنًا، بفعل مبدأ التوزيع العادل، أقل. كان هذا سيعني وجود نيوترونات أكثر وبروتونات أقل في الخليط النهائي. ولأن فائض البروتونات هو الذي شكل بعد ذلك الهيدروجين ستكون بالتالي كمية الهيدروجين في الكون أقل وتكون نسبة الهليوم أعلى. ولو كانت النسبة التي توقف عندها التفاعل واحدًا إلى واحد بالضبط، كانت المادة كلها سينتهي بها الحال إلى الهليوم كانت قلة الهيدروجين ستسبب تداعيات خطيرة على الحياة؛ فالنجوم المستقرة طويلة العمر، كشمسنا، هي مفاعلات نووية هيدروجينية، ودون مخزون وفير من هذه المادة الخام كانت النجوم ستحرم من الوقود اللازم لها وكانت خصائصها ستختلف اختلافا كبيرًا أيضًا يتحد الهيدروجين مع الأكسجين لتكوين الماء، الذي يلعب دورًا محوريا في قصة الحياة بجميع مراحلها. على سبيل المثال، بدأت الحياة على الأرجح في «حساء بدائي» مائي، وطوال القدر الأعظم من تاريخها، ظلت الحياة على الأرض مقصورة على المحيطات. وحتى حيوانات البر، مثلنا، تتكون أجسامها بنسبة 75 بالمائة من الماء. ودون وفرة من الماء ستكون فرص ظهور الحياة وازدهارها شحيحة.
المحصلة النهائية لتلك الاعتبارات النووية العديدة، إذن هي أنه لو كانت القوة النووية الضعيفة أقوى مما هي عليه أو أضعف ولو بقدر ضئيل، كان التركيب الكيميائي للكون سيختلف اختلافًا كبيرًا، مقللًا من فرص ظهور الحياة.
هوامش
(17) Neutron decay is a statistical process subject to quantum fluctuations. Half-life is defined as the average time it takes for exactly half of a population of neutrons to decay.
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|