- عن علي (عليه السلام): "فإنَّا لله وإنّا إليه راجعون. ظهر الفساد فلا مُنكِر مُغيّر، ولا زاجر مزدجر... لعن الله الآمرين بالمعروف التاركين له، والناهين عن المنكر العاملين به" (1).

- وعنه (عليه السلام): "لا تكن ممّن يرجو الآخرة بغير عمل... ينهى ولا ينتهي، ويأمر بما لا يأتي" (2).

إشارة: لقد تم توبيخ العالم غير العامل والواعظ غير المتعظ في الروايات بشدة؛ كما أنه تمّ الإطراء على العالم العامل والمعلم والمؤدب لنفسه؛ فقد جاء في البيان النوراني لأمير المؤمنين (عليه السلام) ما نصه: "مَن نصَب نفسه للناس إماماً فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه"، ثم يقول بعد ذلك: "ومعلّمُ نفسه ومؤدبها أحقّ بالإجلال من معلم الناس ومؤدبهم" (3).

على هذا الأساس فإنه يتحتم على جميع الواعظين والعلماء مراقبة أنفسهم على الدوام كي يكونوا معلّمين ومؤدبين لأنفسهم قبل تعليم وتأديب الآخرين. كما أن معيار تلك المراقبة وميزانها أيضاً هو أن يلاحظ كل شخص أيّ أثر في نفسه تتركه المباحث العلمية والخواطر التي يسمعها وإذا تعلم حديثاً أخلاقياً أو ملاحظة قابلة للاهتمام في هذا المجال فهل سيُسرّ يا تُرى لمجرد أنه سيكون بمقدوره نقلها للآخرين؟ أم إنّها ستترك أثراً عليه في المرحلة الأولى فيكون مسروراً لاستطاعته هو العمل بها، من جهة، ثم يبينها في المرحلة التالية للآخرين من جهة أخرى؛ فإن كان من قبيل النوع الثاني فإنه سيكون سائراً على الدرب بنفسه وهادياً لغيره في آن معاً، أما إذا كان من النوع الأول فإنّه يكون ممن يبتغي العلم من أجل روايته للآخرين وإنعاش تجارته العلمية، وليس من أجل تربية روحه. قال الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) في هذا المضمار: "حسبُك من الجهل أن تُظهر ما علمت" (4)، فالذي يتظاهر بالعلم جاهل.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) نهج البلاغة ، الخطبة 129، المقطع 7 - 8 ؛ ووسائل الشيعة، ج 16، ص 151.

(2) نهج البلاغة، الحكمة 150؛ ووسائل الشيعة، ج16، ص151.

(3) نهج البلاغة، الحكمة 73؛ ووسائل الشيعة، ج 16، ص 151.

(4) نهج الفصاحة، ج1، ص195.