إن ادعاء اليهود أنهم أول من قال بعقيدة التوحيد وهم الذين قدموها للعالم وللبشرية، وأن الفضل يرجع إليهم في وضع أسس الديانة التي يدين بها اليهود والمسيحيون والمسلمون، وهو الادعاء الذي يؤيدهم به كثير من الكتاب، انماهو محض ادعاء باطل لا يستند الى أي أساس أو واقع تاريخي. لأن عقيدة التوحيد لم يناد بها أول مرة غير أنبياء ساميين عرب، وفي مقدمتهم «ابراهيم الخليل» الذي ظهر قبل عهد اليهود بألف واربعمائة عام وأن فكرة الاله العلي الواحد مالك السماوات والأرض، كانت معروفة عند «الكنعانيين» بشكل من الاشكال، وكان «الميدانيون العرب» يمارسون عقيدة التوحيد أيضا. ويؤكد بعضهم أن اسم «يهوه» إله اليهود نفسه هو اسم أحد آلهة البدو الشماليين في جزيرة العرب. وكان الكاهن الكنعاني ملكي «صادق» ملك اورشليم يدين بالإله الواحد إله السماوات والأرض وهو الذي بارك ابراهيم الخليل (عليه السلام) وكان ذلك قبل ظهور موسى النبي بحوالي سبعة قرون.. وعقيدة التوحيد التي تبناها (أخناتون) قبيل عهد مرسى قد جاءت الى مصر على الأرجح عن طريق قبائل الهكسوس السامية التي حكمت مصر زهاء قرنين من الزمن، وذلك قبل عهد «أخناتون» مباشرة. وقد ذهب بعض الباحثين الى أن موسى (عليه السلام) أخذ هذه العبادة في عهد «أخناتون»، وأن موسى (عليه السلام) نفسه كان مصريا من أتباع هذه الديانة الجديدة وقد سبقت الاشارة انى ذلك. وتعترف التوراة بان أهل كنعان ومعهم ملك موآب وشيوخ مديـــان أرسلوا رسلا الى النبي بلعام، وهو نبي موحد، وطلبوا اليه أن يلعن قوم موسى عند دخولهم الى أرض كنعان فأوحى اليه الرب بعدم الاستجابة الى طلبهم: وهذا النبي نبي كنعاني كان هو وأتباعه يدينون بدين التوحيد مما يدل على أن دين التوحيد كان معروفاً عند الكنعانيين وكان بعض قبائلهم يمارسه (الاصحاح 22 من سفر العدد وما بعده). وهناك ما يدل على أن بعض القبائل العربية في الجزيرة العربية كانت تمارس دين التوحيد الذي نادى به ابراهيم الخليل من قبل، فيقول الدكتور غوستاف لوبون: «لقد وجد بين العرب في جزيرة العرب من يعبد إلها واحد؟ وسمي هؤلاء بالحنفاء، وكان محمد يحب هذا الاسم، وليست عقيدة التوحيد، التي في من أهم مبادئ القرآن، كل ما عند الحنفاء، بل قالوا أيضا، كما قال القرآن فيما بعد، إن على الانسان أن يسلم بقضاء الله وقدره تسليم ابراهيم حينما رأى ذبح ابنه اسحق، ولذا لم يكن من الخطأ إخبار محمد في القرآن بوجود مسلمين قبل ظهوره ⁽¹⁾

.....................................................

1- (حضارة العرب) ،ترجمة عادل زغيتر ، ص 99 ــ 100 (الطبعة الرابعة ).