أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-09-03
1349
التاريخ: 29-6-2022
1557
التاريخ: 2024-11-27
256
التاريخ: 2024-08-10
583
|
إنّ الظلم الذي هو التجاوز على حقوق الآخرين، إنما ينبع من الجهل العلمي أو الجهالة العملية. وإن أي تجاوز على الآخر فهو يعود على النفس بالتعدي: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7]. والإساءة دوماً تخص روح المسيء؛ كما أنه لا ينفك الإحسان عن روح المحسن: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ} [الإسراء:7] والذي يسري إلى الآخرين هو ظل الظلم وليس الظلم ذاته. حتى إعدام الاخر فهو ظلم وإن أصله هو الذي ينال من روح القاتل ولا يصل المقتول غير ظله؛ إذ لا يؤخذ من المقتول غير الحياة الدنيوية المحدودة والعابرة، أما القاتل فيصيبه عذاب البرزخ وعذاب جهنّم وهما مما لا يمكن تصورهما بدقة في هذه الحياة الدنيا. إن ما يحصل في تقسيم الظلم إلى ثلاثة أقسام من وضع الظلم للنفس في مقابل الظلم للغير فهو عائد إلى الحكم الفقهي والحقوقي وليس إلى علم معرفة الإنسان، وإلا فإنّه بدراسة أصول معرفة النفس فإن كل المظالم العلميّة والعمليّة للإنسان تعود إلى ظلم نفسه؛ يعني: المظالم الفكرية فإن الحس والوهم والخيال تظلم العقل النظري، وفي المظالم العمليّة فإن الشهوة والغضب تجور على العقل العملي. لكن موضوع عودة كافة المظالم حتى الشرك الذي يُدعى بالظلم العظيم إلى ظلم النفس فهو خارج عن الرسالة الحالية لهذا الكتاب.
أما القول بأن منشأ أي نمط من أنماط الظلم هو الجهل العلمي أو الجهالة العملية فهو مما لا يحتاج لبحث مستفيض؛ وذلك لأنه إذا أهين الشيء أو الشخص الذي لابد أن يكون محط تكريم وتبجيل ولم يؤد حقه فإن هذا يحدث بسبب كون مقامه مجهولاً ب "الجهل العلمي" أو مغضوباً ب "الجهالة العملية"، وأما إذا كان الشيء أو الشخص ممن يستحق التعيير أو التوبيخ، فإن إهانته أو توبيخه لا تُعد ظلماً. إذن فعودة جميع المظالم تكون إلى الجهل العلمي أو الجهالة العملية، ولما كانت جميع المظالم وفقاً للتحليل الأنف الذكر - ترجع إلى ظلم النفس، وإن منشأ كل المظالم - ح الحالي - هو الجهل أو الجهالة، إذن يصبح سبب جميع المظالم بالهوية الأصيلة للنفس؛ كما أن كل أنواع العدالة تنبع من معرفة النفس.
إذا عد أساطين فن التهذيب ومشاهير صناعة التزكية معرفة النفس أمّ الفضائل ومفتاح العلوم الحقيقية (1)، فهو من باب أن الجهل بالنفس يؤدي إلى معاداتها؛ كما تذهب سنة أهل بيت الوحي والعصمة إلى ذلك: "الناس أعداء ما جهلوا"(2)، وإذا شمّر القرآن الكريم عن ساعديه لتعريف الإنسان وانبرى لتحذيره من نسيان نفسه الباعث إلى عصيان الله، فهو من باب أنه ما لم يتبدل الجهل بالنفس إلى معرفتها، فإنه لن تُبدل معاداة النفس إلى محبّتها، وتبعاً لذلك فسوف لن يتحول العصيان، الذي يظهر بشكل مظالم متنوعة، إلى طاعة.
لقد تمثل ظلم بني إسرائيل بارتداد البعض ومداهنة ومواهنة البعض الآخر الذين تخلوا عمداً عن فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتخلّوا عن نبي الله هارون (عليه السلام) وتركوه وحيداً في الميدان، وإلا فإن هارون كان بمقدوره - بدعم من الموحدين والأوفياء لدين موسى الكليم (عليه السلام) - الوقوف بوجه دعوة السوء الصادرة من السامري؛ أي إن الجهل بهوية النفس كان العامل وراء عبادة بني إسرائيل للعجل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. تفسير صدر المتألهين، ج3، ص 385.
2. نهج البلاغة، الحكمة 172 و 438.
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|