أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-12-2015
![]()
التاريخ: 9-11-2014
![]()
التاريخ: 24-11-2014
![]()
التاريخ: 25-09-2014
![]() |
القيامة، يوم ظهور الدين
إن الله سبحانه أطلع الناس في الدنيا على ظواهر الدين كلزوم الطاعة واجتناب المعصية، ولكن لم يشر إلا إلى شيء يسير من أسرار الدين، كوصفه للغيبة على لسان الإمام السجاد (عليه السلام) حيث يقول: "إياكم والغيبة فإنها إدام كلاب النار".(1) وفي القيامة تظهر حقيقة وباطن الغيبة وسائر الذنوب، بل جميع حقائق الدين الأعم من الجزاء وغيره، لأن عنوان الدين قد استعمل في موارد متعددة بمعنى الشريعة الإلهية والملة الجامعة للعقيدة والأخلاق والعمل.
ولهذا وصف يوم القيامة في القرآن الكريم بأنه (يوم الدين) كما في قوله تعالى: {وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (14) يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ (15) وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ (16) وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (17) ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (18) يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} [الانفطار: 14 - 19] (2)، {وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ } [الذاريات: 6] ، {يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ } [الذاريات: 12]. فالآيات المذكورة تخبر بأن وقوع يوم الدين (القيامة) حتمي وواقعي، وأن في الدين إضافة إلى الجزاء حقائق كثيرة، كالتوحيد والنبوة والولاية وباطن الناس وباطن التكليف وأسرار العبادات، وفي يوم القيامة يظهر جميع ذلك.
والله سبحانه يقول حول ظهور باطن القرآن في يوم القيامة: {يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ} [الأعراف: 53] وتأويل القرآن هو حقيقته العينية والخارجية. فالمعارف الواسعة للقرآن الكريم تظهر في القيامة بدرجة لا تبقي أي نحو من الاختلاف والشك في جميع الأمور. فيتبين الحكم الحق من بين الأحكام المختلفة ويتميز المذهب الحق من بين الملل والمذاهب المتعددة، كما لا يبقى في ذلك اليوم محل للكفر أو الشك، وفي الدنيا يمكن أن يلجأ الإنسان إلى المحكمة الإسلامية ومع ذلك يرجع معترضا على الحكم ويرتاب في أمر القاضي هل أنه حكم عليه بالحق أم بغير حق، ولكن في يوم القيامة تزال جميع الأستار والحجب ولا يبقى أي مجال للشك عند الجميع.
وقد عبر القرآن الكريم عن حقيقة ظهور جميع معارف وأبعاد الدين في القيامة بعبارة (توفية الدين) فقال: {يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ} [النور: 25]. وتوفية الدين الحق تعني كشف كل أسرار الدين الباطنية للجميع. ولو كان الدين بمعنى الجزاء فقط لم يقل في ذيل هذه الآية الكريمة: {ويعلمون أن الله هو الحق المبين} بل كان يقول بدلا عن ذلك: "ويعلمون أن الله هو القهار المنتقم"، أي يطلعون في يوم القيامة على قهر الله وانتقامه. في حين أن الناس يدركون في يوم
القيامة أن الله كان هو الحق الواضح المبين، ولكنهم لم يكونوا يرونه وإن كان الحق في الدنيا واضحاً أيضاً، لأن الله سبحانه الذي هو نور السماوات والأرض أي أن به يتم ظهور السماوات والأرض: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [النور: 35] لا حجاب عليه، وحرمان الإنسان من رؤيته، سببه الحجاب الذي يسدله الإنسان على نفسه(3).
ولذلك يخبر القرآن عن أن على عيون الكفار غطاء وحجاباً: {الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي} [الكهف: 101] وأن العيون الباطنية للبعض عمياء: {لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج: 46].
ويجدر بنا أن نذكر بهذه الملاحظة القرآنية في ختام هذا البحث وهي أن الاختلاف في الدنيا لا ينتهي، وحتى في زمان ظهور الإمام صاحب العصر فالاختلاف موجود أيضاً، لأن الكفر والنفاق واليهودية والنصرانية، على الرغم من إخماد صوتهم واستسلامهم
لسلطان الحكومة الإسلامية ودفع اليهود والنصارى للجزية، لكن يبقيه لديهم نشاط وفعاليات تؤدي في الأخير إلى استشهاد الإمام المهدي على يد أعدائه المجرمين.
وبقاء اليهود والنصارى إلى يوم القيامة يمكن استفادته من بعض آيات القرآن الكريم كقوله تعالى: {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [المائدة: 14] ، {وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ } [المائدة: 64]. وعليه فإن يوم ظهور المصلح الكبير أيضا ليس يوما للظهور التام للحق، بل إن التوفية الكاملة من قبل الله لجميع حقائق الدين لا تتم إلا في عرصة القيامة وحدها، وبنحو يرى فيه الجميع الحق جليا وواضحا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 . البحار، ج72، ص256.
2. سورة الانفطار، الآيات 14-19 فالناس في الدنيا يعملون اما على أساس العلاقات) أو طبقا للقوانين). أما في القيامة فلا القوانين والمقررات تنفع (عمل الإنسان لنفسه) ولا العلاقات (عمل الآخرين للإنسان).
فالقرآن يخبر عن انقطاع القوانين بقوله تعالى: {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ} [البقرة: 166] ففي الدنيا وطبقا لنظام العلة والمعلول فإن الجائع يشبع بالطعام والظمآن يرتوي بالماء، لكن هذه الأسباب تنقطع يوم القيامة، ولذلك فلا سبيل لرفع الجوع والعطش في ذلك اليوم. وحول انقطاع العلاقات يقول أيضا أنت النسب ينتهي دوره بعد نفخ الصور {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ } [المؤمنون: 101] فالكل يخرج من التراب وقد طويت صفحة الأنساب والعلاقات، وإذا كان الأخ في الدنيا يحل مشكلة أخيه أو الأب يحل مشاكل أسرته، فإنه في القيامة ينتقض نسيج العلاقات: {لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ} [البقرة: 254] ، فلا معاملة أو عقد ينفع ولا صديق أو خليل يشفع. ولا أحد يملك في ذلك اليوم شيئا والأمر بيد الله وحده .
نعم الشفاعة أمر ثابت و حق ولكن التمهيد لها يتم في الدنيا، فمن هيأ في الدنيا أسباب سعادة الأخرة جنى في القيامة ثمار عمله، أما إذا لم يكن له في الدنيا علاقة بشفعاء الآخرة ففي القيامة لا يمكنه الاستعانة بهم.
3. وعليه فإن الإنسان يستطيع أن يرى الله سبحانه في الدنيا، لكن بعين السر لا بعين الظاهر، والإمام الصادق ؟ أجاب أبا بصير عندما سأله عن رؤية المؤمنين الله في يوم القيامة قال "قبل يوم القيامة رأوه عندما أجابوا نداء {ألست بربكم}" (سورة الأعراف، الآية 172). ثم قال الإمام لأبي بصير وكان مكفوف البصر "أولست ترى الله الآن؟" ثم استأذن أبو بصير من الإمام أن يروي هذا الحديث ولكن الإمام لم يأذن له، والسر في ذلك وضحه الإمام لأبي بصير وقال: "ان من يستمع الى هذا الحديث لا يدرك معنى رؤية الله ويظن انها الرؤية بالعين الظاهرية فينكرها فيكفر بالله". (توحيد الصدوق، باب ما جاء في الرؤية، ح 20)
|
|
التوتر والسرطان.. علماء يحذرون من "صلة خطيرة"
|
|
|
|
|
مرآة السيارة: مدى دقة عكسها للصورة الصحيحة
|
|
|
|
|
نحو شراكة وطنية متكاملة.. الأمين العام للعتبة الحسينية يبحث مع وكيل وزارة الخارجية آفاق التعاون المؤسسي
|
|
|