أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-10-2016
878
التاريخ: 17-10-2016
2018
التاريخ: 2023-10-21
854
التاريخ: 2024-09-09
375
|
أمّا يوم الجمعة، فهو من أفضل الايام، وأجلّها شأنا، ففيه تقام صلاة الجمعة، التي هي من أهم العبادات في الإسلام، وذلك لما لها من الاثر الإيجابي في يقظة المسلمين، وتنمية وعيهم، وتطوير حياتهم السياسية، والاجتماعية، وذلك لما يلقيه إمام الجمعة، من الخطب قبل الصلاة، وهو ملزم بأن يوصي الناس بتقوى الله وطاعته، ويعرض لما أهمهم من الاحداث، والشؤون الاجتماعية.
وعلى أيّ حال، فإنّ الامام الصادق (عليه السلام)، كان يستقبل يوم الجمعة بذكر الله تعالى، وبالدعاء، وكان مما يدعو به هذا الدعاء الجليل، وكان يستقبل القبلة قائما في حال دعائه، وهذا نصه:
يا مَنْ يَرْحَمُ مَنْ لا يَرْحَمُهُ العِبَادُ، وَيا مَنْ يَقْبَلُ مَنْ لا تَقْبَلُهُ البِلادُ، وَيا مَنْ لا يَحتَقِرُ أَهْلَ الحَاجَةِ إليْهِ، ويا مَنْ لا يُخِيبُ المُلِحِّينَ عَلَيْهِ، ويا مَنْ لا يَجُبَهُ بِالرَدِّ، أَهْلَ الدَّالَةِ عَلَيْهِ، وَيا مَنْ يَجْتَبي صَغِيرَ ما يُتْحَفُ بِهِ وَيْشكُر يسير ما يُعمل له، ويا من يُشْكَرُ بالقليل، ويجازي بالجليل، ويا من يُدْنِي مَنْ دَنَا مِنْهُ، وَيا مَنْ يَدْعُو إلى نَفسِهِ مَنْ أَدْبَرَ عَنه، وَيا مَنْ لا يُغَيَّرُ النِّعْمَةَ، وَلا يُبَادِرُ بِالنَّقْمَةِ، وَيا مَنْ يُثْمِرُ الحَسَنةَ حَتىَّ يُنْمِيَها، وَيَتَجَاوَزُ عَنِ السَيِّئَةِ حَتى يُعْفِيهَا، انصرفت الآمَالُ دُونَ مَدَى كَرَمِكَ بِالحَاجَاتِ، وَامْتَلَأتْ بِفَيْضِ جُودِكَ أَوُعِيَةُ الطَّلَبَاتِ، وَتَفَتَّحَتْ دُونَ بُلُوغِ نَعْتِكَ الصِفَاتُ، فَلَكَ العُلُوُّ الَأعْلَى، فَوْقَ كُلِّ عَالٍ، وَالجَلالُ الأمْجَدُ، فَوْقَ كُلِّ جَلالٍ، كُلُّ جَلالٍ عِنْدَكَ صَغِيرٌ، وَكُلُّ شَرِيفٍ في جَنْبِ شَرَفِكَ حَقِيرٌ، خَابَ الوَافِدُونَ على غَيْرِكَ، وَخَسِرَ المُتَعَرِّضُونَ إلاَّ لَكَ، وَضَاعَ المُلِمُّونَ إلاَّ بِكَ، وَأَجْدَبَ المُنْتَجِعُونَ إلاَّ مَنِ انْتَجَعَ فَضْلَكَ، بَابُكَ مَفْتُوحٌ لِلرَّاغِبِينَ، وَجُودُكَ مُبَاحٌ لِلسَّائِلينَ، وَإغَاثَتُكَ قَرِيبَةُ مِنَ المُسْتَغِيثِينَ، لا يَخِيبُ مِنْكَ الآمِلُونَ، ولا يَيَأسُ مِنْ عَطَائِكَ المُتَعَرِّضُونَ، ولا يَشْقى بِنَقْمَتِكَ المُسْتَغْفِروٌنَ، رِزْقُكَ مَبْسُوطٌ لِمَنْ عَصَاكَ، وَحِلْمُكَ مُتَعَرِّضٌ لِمَنْ نَاوَأكَ، عَادَتُكَ الإحْسَانُ إلى المُسْيئِينَ وَسُنَّتُكَ الإِبْقَاءُ على المُعْتَدِينَ، حَتىَّ لَقْد غَرَّتْهُمْ أَنَاتُكَ عَنِ الرُجُوعِ، وَصَدَّهُمْ إمْهَالُكَ عَنِ النُّزُوعِ، وَإنَّما تَأَنَّيْتَ بِهِمْ لِيَفِيئوا إلى أَمْرِكَ، وَأَمْهَلْتَهُمْ ثِقَةً بِدَوَامِ مُلْكِكَ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلَ السَّعَادَةِ خَتَمْتَ لَهُ بِهَا، وَمَنْ كَانَ مِنَ أَهْلَ الشَّقَاوَةِ خَذَلْتَهُ بِهَا، كُلُّهُمْ صَائِروُنَ إلى حُكْمِكَ، وَأُمُورُهُم آيلِةٌ إلى أَمْرِكَ، لَمْ يَهُنْ على طُولِ مُدتِهِمْ سُلْطَانُكَ، وَلَمْ يُدْحَضْ لِتَرْكِ مُعَاجَلَتِهِمْ بُرْهَانُكَ، حُجَّتُكَ قَائِمَةٌ لا تُدْحَضُ، وَسُلْطَانُكَ ثَابِتٌ لا يَزولُ، فَالوَيْلُ الدَّائِمُ لِمَنْ جَنَحَ عَنْكَ، وَالخَيْبَةُ الخَاذِلَةُ لِمَنْ خَابَ مِنْكَ، وَالشَّقَاءُ الَأشْقَى لِمَنْ اغْتَرَّ بِكَ، ما أَكْثَرَ تَصَرُّفَهُ في عَذَابِكَ، وما أَطْوَلَ تَرَدُّدَهُ في عِقَابِكَ، وَما أَبْعَدَ غَايَتَهُ مِنَ الفَرَجِ، وما اقْنَطَهُ مِنْ سُهُولَةِ المَخْرَجِ، عَدْلاً مِنْ قَضَائِكَ لا تَجوُرُ فِيِهِ، وَإنصَافاً مِنْ حُكْمِكَ لا تَحِيفُ عَلَيهِ، فَقَد ظَاهَرْتَ الحُجَجَ، وَأَبْلَيْتَ اَلإِعْذَارَ، وَقَدْ تَقَدَّمْتَ بِالوَعِيدِ، وَتَلَطَّفْتَ في التَّرْغِيبِ، وَضَرَبْتَ الأمْثَالَ، وَأَطَلْتَ اَلإمْهَالَ، وَأَخرْتَ، وَأَنْتَ مُسْتَطِيعٌ بِالمُعَاجَلَةِ، وَتَأَنَّيْتَ وَأَنْتَ مَليءٌ بِالمُبَادَرَةِ ، وَلَمْ تَكُنْ أناتُكَ عَجْزاً، ولا إمْهَالُكَ وَهْناً، وَلا إمْسَاكُكَ غَفْلَةً، وَلا انْتِظَارُكَ مَدَارَاةً، بَلْ لِتَكُونَ حُجَتُكَ أبْلَغَ، وَكَرَمُكَ اَكْمَلَ، وَإحْسَانُكَ أَوْفَى، وَنِعْمَتُكَ أَتَمَ، كُلُّ ذلِكَ كَاَنَ، وَلَمْ تَزَلْ، وَهُوَ كَائِنٌ، وَلا تَزَالُ، وَحُجَّتُكَ أَجَلُّ مِنْ أَنْ تُوصَفَ بِكُلِّهَا، وَمَجْدُكَ أَرفَعُ مِنْ أَنْ يُحَدَّ بِكُنْهِهِ، وَنِعْمَتُكَ أكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى بِأَسْرِها، وَإحْسَانُكَ أكْثَرُ مِنْ أَنْ تُشْكَرَ على أَقَلِهِ، وَقَدْ قَصُرَ بي السُّكُوتُ، عَنْ تَحْمِيدِكَ، وَفَهَهَني الإمْسَاكُ عَنْ تَمْجِيدِكَ، وَقُصَارَى الأكرار بِالحُسُورِ، لا رَغْبَةَ يا إلهي، بَلْ عَجْزاً، فَهَا أَنا ذَا أَرومُكَ بِالوِفَادَةِ، وَأَسأَلُكَ حُسْنَ الرِفَادَةِ، فَصَلِّ على مُحَمَدً وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاسْمَعْ نَجْوَايَ وَاسْتَجِبْ دُعَائِي، وَلا تَخْتُمْ يَوْمي بِخَيْبَتِي، وَلا تَجْبَهْني بالرَدِّ في مَسْأَلَتَي، وَأَكْرِمْ مِنْ عِنْدَكَ مُنْصَرَفي، وَإلَيْكَ مُنْقَلَبي، إنَّكَ غَيْرُ ضَائِقٍ بِمَا تُرِيدُ، وَلا عَاجِزٌ عَمَّا تُسْأَلُ، وَأَنْتَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلاَّ بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ» (1).
لقد أخلص الامام الصادق (عليه السلام)، في دعائه لله تعالى، كأعظم ما يكون الاخلاص، فقد دعاه بقلب متفتّح بنور التوحيد، وناجاه بعقل مشرق بنور الايمان، وقد حفل دعاؤه، بجميع آداب الدعاء، من الخضوع والتذلل، والانقياد إلى الله تعالى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المصباح: ص 433 ـ 434.
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|