يحتل الغذاء أهمية بارزة، حيث يعد التحدي الأول للإنسان منذ الأزل، وفي عصرنا الراهن. ومع التطورات الكبيرة في مجال الزراعة والازدياد المطرد في عدد السكان، صارت قضية الأمن الغذائي من أهم القضايا التي تهم جميع الشعوب؛ لذا فان التطورات العلمية الحديثة تجد في الغالب تطبيقات في هذا المجال الحيوي، فاستخدمت الأشعة في إطالة حفظ الأغذية، وأنتجت الأغذية المحوّرة وراثيا.

كما أدلت تقنيات النانو بتطبيقاتها المختلفة دلوها في مجال الأغذية، حيث إن أغذية كثيرة معتمدة على تقنية النانو (Nano-based foods) أصبحت موجودة في الأسواق، كما أنّ المئات منها في طور الإنتاج، فهناك كبسولات النانو؛ لتنشيط نكهة الأغذية، وصهر الإستيرويدات النباتية؛ لاستبدال كولسترول اللحوم بأنابيب وجزيئات النانو، مثل الجيلاتين، ومواد اللزوجة، وجزيئات النانو؛ لإزالة الكيميائيات، والمسببات المرضية في الغذاء.

وإذا نظرنا إلى ما يخص عبوات الحفظ للأغذية، فالنانو تكنولوجيا أيضًا لها تطبيقاتها في هذا المجال، ومن ذلك إيجاد أغلفة مزودة بجزيئات نانو مضادة للميكروبات والفطريات من معادن الفضة، والماغنسيوم، والزنك، حيث إنها أغلفة أخف وزناً، وأكثر متانة، وأكثر مقاومة للحرارة من جزيئات النانو المأخوذة من السليكا. كما توجد مستشعرات كهربائية كيميائية تعتمد على تكنولوجيا النانو؛ لتقدير غاز الإيثلين وكذلك تمثل شرائح النانو مواد عازلة؛ لمنع فساد الغذاء، وامتصاص الأكسجين ⁽⁵⁷⁾.

لقد أنشأت شركة كرافت المتخصصة في الأغذية اتحادًا لأقسام البحوث العلمية؛ لاختراع مشروبات مبرمجة لا لون لها، ولا طعم. إذن يمكننا قريبًا شراء مشروب لا لون له، ولا طعم، بحيث يتضمن نانو يحمل جزيئات للون والطعم، وعندما نضعه في الميكروويف على تردد معين يصبح لدينا عصير ليمون، وعلى تردد آخر يصبح هو نفسه عصير تفاح، وتسمى هذه الأنواع من الأغذية بالأغذية الجذابة Attractive food حيث يغيّر الغذاء وفقا للحاجة والمبدأ في هذه الأغذية؛ لأنّ بها الآلاف من كبسولات النانو التي تحتوي على محفزات النكهة واللون، أو عناصر تغذية مضافة، مثل: الفيتامينات التي تكون سائدة في الغذاء، وتحرر فقط عند رغبة المستهلك.

والأغذية الذكية تستطيع أن تستشعر الشخص المتحسّس من مكون غذائي معين، بحيث تحجز عنه المكونات الضارة. وقد دخلت الأسواق العبوات الذكية، أي: الأغلفة المضادة للميكروبات (Anti-microbial films) التي تحتوي على مستشعرات ومضادات ميكروبية نشطة قد طورت؛ لتمديد فترة حفظ الأغذية، كما أنّ المستشعرات يمكن أن تتبع الأغذية من الحقل إلى المصنع ثم إلى السوق حتى تصل إلى المستهلك.

أما كبسولات النانو فستمكننا من تسويق الشكولاتة، والكعكات الصغيرة، وصلصة الطماطم كأغذية صحية. ويرى كبار علماء الأغذية في بعض الشركات المشهورة أنه بإمكانهم تفتيت نظام الإنتاج الطبيعي غير النافع، ويتقبلون قيام نظام الرجل الآلي المتناهي في الصغر (المستقبلي)، والذي سينتج الغذاء عوضا عن جني الحبوب، وتربية المواشي؛ بهدف الحصول على الكربوهيدرات، والبروتينات، وذلك باستخدام النانوبوت Nano bot)) التي تستطيع أن تجمع شرائح اللحم أو الطحين من ذرات الكربون، والهيدروجين والأكسجين الموجودة في الهواء بصورة ماء، وثاني أكسيد الكربون. كما تعدّ النانوبوتات أحد داعمات ومقويات الأغذية، بالإضافة إلى أنّ النانوبوتات الموجودة في الغذاء تستطيع التحرك في الدورة الدموية وتنظف رواسب الدهون، كما تسهم في قتل المسببات المرضية. ومن تطبيقات النانو إنتاج عبوات زجاجية، وكرتونية، وأغلفة رقائق تحتوي على مركبات النانو الطينية ((clay nano composite التي تعمل كحاجز يمنع مرور الغازات والنكهات.

كما تستخدم الرقائق البلاستيكية التي تحتوي على جزيئات نانو سيلكاتية (Silicate nano particles) كحاجز يمنع دخول الغازات والرطوبة. وهناك جزيئات النانو التي توزع الفيتامينات والعناصر الغذائية الموجودة في الأغذية، أو المشروبات دون التأثير في طعمها، أو مظهرها. وقد طوّر باحثون أوروبيون جهاز استشعار محمول (Portable nano sensor) يستشعر السّموم والكيميائيات والميكروبات الممرضة في الأغذية ⁽⁵⁷⁾.

إن بعض الشركات أصبحت مدركة أثر تقنية النانو؛ فقدمت تسهيلات بحثية كثيرة. وهناك تطبيقات واعدة لازالت في إطار البحث والدراسة. وعلى الرّغم من وجود بعض أغذية النانو في السوق فإن الاحتمالات الكبيرة الواعدة ستجذب متنافسين كثيرين في هذا الحقل البكر ⁽⁵⁷⁾.

وبينت إحدى الدراسات أن سوق أغذية النانو تطوّر على النحو المبين في الشكل رقم (11)، حيث ارتفع من 2.6 بليون دولار عام 2004 م، إلى 7 بلايين دولار عام 2006 م، ثمّ إلى 20.4 بليون دولار عام 2010 م؛ وهذا الأمر دفع شركات أغذية كثيرة إلى عدم التردّد في الإعلان عن برامجها البحثية في مجال أغذية النانو، حيث شرعت في الإعلان عن نشاطاتها للجمهور من أجل تطوير الأغذية الموجودة حاليًّا، وكذلك تطوير أغذية جديدة؛ للحفاظ على السوق، والسيطرة عليه ⁽⁵⁸⁾.

__________________________________________________

هوامش

(57) الكثيري؛ محمد عاشور، تطبيقات النانو تكنولوجيا في علوم الأغذية. كلية العلوم التطبيقية – جامعة حضرموت للعلوم والتكنولوجيا. اليمن: حضرموت (2007 م).

(58) Helmuth Kaiser Consultancy. Nanotechnology in Food and Food Processing Industry Worldwide, 2004.