تترك الطريقة التي تستخدم بها الموارد الطبيعية المتاحة لنا آثارها في صحتنا، والبيئة التي من حولنا، وهي تتأثر إلى حد كبير بالجوانب الثقافية، والخيارات الشخصية. وتشكل الموارد الطبيعية عاملاً مهماً في الاقتصاد، وعنصرًا حيويًّا في صلاح معيشتنا. ويمكن أن تكون للابتكارات التكنولوجية (بما فيها تلك الناجمة عن العلوم النانوية، والتكنولوجيات النانوية) دورا أساسيا في استخدام الموارد المتوفرة لنا على نحو أكثر كفاءة.

وينبغي قبل استحداث أو استعمال أي تطبيق من تطبيقات التكنولوجيا النانوية، طرح الأسئلة عن استعمالاتها الاجتماعية. وتتطلب الإجابة عن هذه الأسئلة معرفة الإسهامات المحتملة لتطبيقات محددة مستمدة من التكنولوجيات النانوية في حل أي مشكلة محدّدة ذات صلة بالمجتمع، مثل: تغيّر المناخ، ونقص المياه، والمجاعات. ويجب أخذ المخاطر الصحية والبيئية وآثارها الجانبية المحتملة في المجتمع، والاقتصاد في الحسبان، إضافة إلى الحلول البديلة القائمة. وتتمثل النتيجة التي يؤدي إليها هذا التقويم دوما باتخاذ قرار على الصعيد المحلي (القطري، والإقليمي). ويعد إنتاج السلع لأغلب البلدان النامية العمود الفقري لاقتصاداتها. كما أن المنجزات في مجالي العلوم والتكنولوجيا كانت على الدوام مصدر تأثير عميق في إنتاج السلع والتجارة. وثمة مخاوف من تغيير التكنولوجيا النانوية أسواق السلع، وتعطيل النشاط التجاري، ومن ثم الإفضاء إلى البطالة. فتشريد العمال الذي يسببه بطلان استخدام السلع سيضر أشد الناس فقرًا، وأكثرهم عرضة للتأثر، وخصوصا عمال العالم النامي الذين لا تتوفر لهم المرونة الاقتصادية اللازمة؛ للاستجابة للطلب المفاجئ على المهارات الجديدة، أو المواد الخام المختلفة. وتحرك في الوقت الراهن البلدان المتقدمة بصورة رئيسة الابتكارات في مجال التكنولوجيا النانوية، وكذلك حقوق الملكية الفكرية المتصلة بها. وتسعى كبريات الشركات الوطنية في العالم، ومختبرات التكنولوجيا النانوية الأكاديمية الناشئة إلى الحصول على حقوق الملكية الفكرية للمواد وعمليات التصنيع الجديدة. ويتعين أن تكتسب البلدان النامية المعتمدة على السلع فهما أعمق وأكمل لاتجاه وآثار التحولات التكنولوجية التي تستحث التكنولوجيا النانوية، وأن تشارك في تحديد طرق تأثير التكنولوجيات الناشئة في مستقبلها.

وثمة هواجس أيضًا بخصوص طريقة استفادة البلدان المتقدمة استفادة كبرى من التكنولوجيا النانوية، ومعاناة البلدان النامية بصورة أشدّ من المخاطر المحتملة (مثل: الصحة المهنية، واحتمال أن تكون معايير السلامة والأمان أدنى مرتبة، وعدم كفاية البنى الأساسية لإدارة النفايات، والتخلص من النفايات المتصلة بالمواد النانوية والمنتجات المعتمدة على التكنولوجيات النانوية. وهذا يشكل عنصرًا واحدا فقط في مجموعة من الجوانب التي يتعيّن أخذها في الحسبان التام. كما أن احتمال اتساع الفجوة الإنمائية يتطلب اهتمامًا خاصًا في هذا المضمار.