أقرأ أيضاً
التاريخ: 19/10/2022
1659
التاريخ: 8-11-2018
2452
التاريخ: 2-2-2017
3300
التاريخ: 28-4-2017
2672
|
قول أمير المؤمنين (عليه السلام): (يَمْزجُ الْحِلْمَ بِالْعِلْمِ).
قال الراغب:
الحلم: ضبط النفس والطبع عن هيجان الغضب، وجمعه أحلام، قال الله تعالى: {أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} [الطور: 32]، قيل معناه: عقولهم (1) وليس الحلم في الحقيقة هو العقل، لكن فسروه بذلك لكونه من مسببات العقل (2) وقد حَلُمَ (3) وحَلْمَهُ العقل وتَحَلَّم، وأَحْلَمَتِ المرأة: ولدت أولاداً حلماء (4) قال الله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ} [هود: 75]، وقوله تعالى: {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ} [الصافات: 101] أي: وجدت فيه قوة الحلم وقوله (عز وجل): وإذا {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [النور: 59] أي: زمان البلوغ، وسمي الحلم لكون صاحبه جديراً بالحلم (5).
وقيل: الحلم الأناءة والثبت في الأمور، وهو يحصل من الاعتدال في القوة الغضبية ويمنع النفس من الانفعال عن الواردات المكروهة المؤذية، ومن آثاره عدم جزع النفس عند الأمور الهائلة، وعدم طيشها في المؤاخذة وعدم صدور حركات غير منتظمة منها، وعدم إظهار المزية على الغير، وعدم التهاون في حفظ ما يجب حفظه شرعا وعقلا، انتهى. وعن محمد بن عبد الله (6)، قال:
سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: لا يَكُونُ الرَّجُلُ عَابِداً حَتى يَكُونَ حليماً، وَإِنَّ الرَّجُلَ كَانَ إِذَا تَعبُدَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، لَمْ يُعَدُّ عَابداً حتى يصمت (7) قبل ذلك عشر بين (8).
ويدل الحديث على اشتراط قبول العبادة وكمالها بالحلم لأن السفيه يبادر بأمور قبيحة من الفحش والبذاء والضرب والإيذاء بل الجراحة والقتل، وكل ذلك يفسد العبادة فإن الله إنما يتقبلها من المتقين.
وقيل: الحليم هنا العاقل وقد مر أن عبادة غير العاقل ليس بكامل ولما كانت الصمت عما لا يعني من لوازم الحلم غالباً ذكره بعده، ولذلك قال النبي (صلى الله عليه وآله): (إذا غضب أحدكم فلیسکت) (9).
وكيف كان فهذه الصفة التي لا بد أن يتصف المؤمن هو أن يمزج الحلم بالعلم فبمقدار ما لديه من العلم يوازيه ما لديه من الحلم، وهو يحلم عن علم بفضل الحلم وأهميته لا حلم عن جهل كما يفعله الجاهلون فلهذا فهو لا يجهل ولا يطيش بل إن جملة من الصفات العالية والدرجات الرفيعة متوقفة على الحلم وبدونه لا قيمة لتلك الصفات فقد جاء في الصحيح عَنْ زُرَارَةَ:
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) قَالَ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) يَقُولُ: إِنَّهُ ليعجبني الرّجُلُ أَنْ يُدْرِكَهُ حلْمُهُ عِنْدَ غَضَبِهِ (10).
ومن هذا المنطلق فإن الحليم محبوب لله ولرسوله وللأولياء والصالحين بل لكل الناس فإن فائدة هذه الصفة يرغب فيها ويفتخر بها كل البشرية فقد روي عن جابر:
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) قَالَ (11): إِنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ ـ يُحِبُّ (12) الْحَيي الحليم (13)، (14).
وبسند آخر عَنْ جَابِرٍ:
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله): إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْحَيِي الْحَلِيمَ الْعَفيف (15) الْمُتَعَفف (16)، (17).
كما أن من معطيات هذه الصفة أنها سبب لعز الأشخاص بل إذا عمت في قوم تكون سبب عزهم كما ورد عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَفْصِ الْعوْسِي (18) الكوفي:
رَفَعَهُ إلى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله): مَا أَعَزُّ الله بجهلٍ قط، وَلَا أَذَلَّ بِحِلْمٍ قَط (19).
وعَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام)، قَالَ: إِذَا وَقَعَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ مُنَازَعَةٌ نَزَلَ مَلَكَانِ فَيَقُولَانِ لِلسَّفِيهِ مِنْهُمَا: قُلْتَ وَقُلْتَ (20) وَأَنْتَ أَهْلُ لِمَا قُلْتَ، سَتُجْزِى (21) بِمَا قُلْتَ، وَيَقُولان لِلْعَلِيمِ مِنْهُمَا: صَبَرْتَ وَحَلُمْتَ، سَيَغْفِرُ اللَّهُ (22) لَكَ إِنْ أَتْمَمْتَ ذلِكَ قَالَ (23): فَإِنْ (24) رَدَّ الْحلِيمُ عَلَيْهِ ارْتَفَعَ الْمَلَكَانِ (25).
فجميع الناس على اختلاف طبقاتهم بحاجة ماسة إلى الحلم ولكن العلماء هم أحوج الناس إلى الحلم لذا ركزت الروايات على وجوب التزام العلماء بالحلم وإن العالم، فقد روى الصدوق في الخصال بسنده عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيٍّ (عليهم السلام) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله): مَا جُمِعَ شَيْءٌ إِلى شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ حلْمٍ إلى عِلْمٍ (26).
وعَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ (عليهم السلام) عَنْ عَلِي (عليه السلام) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله): وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا جُمِعَ شَيْءٌ إِلى شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ حِلْمٍ إِلى علم (27).
وحينئذ العالم بدون حلم قد يكبد الأمة مصائب وويلات تنوء بحملها لعشرات أو مئات السنين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ وهو قول ابن زيد كما في الدر المنثور 7 / 636.
2ـ قال السمين: وفيه نظر، إذ قد سمع إطلاقه مرادا به الحقيقة. عمدة الحفاظ: حلم.
3ـ انظر الأفعال، 3 / 365.
4ـ المصدر السابق.
5ـ المفردات في غريب القرآن، ص 253.
6ـ هكذا في نسخ (ر، ز، ص، ف، جر)، وفي (ب، ج، ض، بس، بف) والمطبوع: (محمد بن عبيد الله)، والصواب ما أثبتناه؛ فقد توسط محمد ومحمد بن عبد الله الأشعري ومحمد عبد الله القمي بين احمد بن محمد بن ابي نصر وأبي الحسن الرضا (عليه السلام) في عدد من الأسناد. وقد ذكر الشيخ الطوسي محمد بن عبد الله الأشعري ومحمد بن عبد الله بن عيسى الأشعري - والظاهر اتحادهما - في أصحاب علي بن موسى الرضا (عليه السلام). رجال الطوسي، ص 365، الرقم 5411 ـ 5419، وص 367، الرقم 5468. راجع: معجم رجال الحديث، ج 16، ص 231 الرقم 11072، وص 257، الرقم 11152، وص 428.
ثم إن ما ورد في التهذيب، ج 1، ص 111، ج 292، من توسط محمد بن عبيد بين الله بن أبي نصر والرضا (عليه السلام)، فإنه مضافاً إلى وجود نسخة (عبد الله) في بعض نسخ التهذيب، روى الكليني الخبر في الكافي، ج 3999، وكذا الشيخ الطوسي في الاستبصار، ج 1، ص 103، ج 337 بسنديهما عن أحمد بن الله محمد بن أبي نصر، عن محمد بن عبد الله.
7ـ في (ب): (يصمت) بالتشديد.
8ـ الكافي (الطبعة الحديثة)، ج 3، ص 288، الحديث رقم 1811 باب 55 باب
الحلم وفي الطبع القديم ج 2، من 111.
9ـ مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول (صلى الله عليه وآله)، ج 8، ص 205.
10ـ الكافي (الطبعة الحديثة)، ج 3، ص 290، الحديث رقم 1813 وفي الطبع القديم ج 2، ص 111، الوافي ج 1، ص 447، ح 2303 الوسائل، ج 15، ص 265، ح 20464 البحار، ج 71، ص 404، ح 13.
11ـ في حاشية نسخة (ز): + (قال رسول الله).
12ـ في نسخة (ب): + (الخلق).
13ـ في نسخة (ج): (العليم).
14ـ الكافي (الطبعة الحديثة)، ج 3، ص 290 الحديث رقم 1814 وفي الطبع القديم
ج 2 ص 111، الوافي، ج 4، ص 447، ح 2304 الوسائل، ج 15، ص
266، ج 20467 البحار، ج 71 ص 404 ح 14.
15ـ في الزهد: (الغني).
16ـ في تفسير العياشي: (الضعيف).
17ـ الكافي (الطبعة الحديثة)، ج 3، ص 292 رقم 1818 وفي الطبع القديم ج 2، ص 112، الزهد، ص 70، ح 20، عن علي بن النعمان عن عمرو بن شمر، عن جابر عن أبي عبد الله (عليه السلام) مع زيادة في اخره، الأمالي للصدوق، ص 254، المجلس 44، ح 4، بسند اخر عن جابر. تفسير العياشي، ج 1، ص 48، ح 63، عن جابر، تحف العقول، ص 300، عن ابي جعفر (عليه السلام)، وفي الثلاثة الأخيرة من دون الاسناد الى النبي (صلى الله عليه وآله) ومع زيادة في أوله الوافي، ج 4، ص 448، ح 2308؛ الوسائل، ج 15، من 266، ح 20465 البحار، ج 71، ص 405، ح 18.
18ـ في البحار: (القرشي). وفي هامش المطبوع: في بعض النسخ: العويسي، وفي
بعضها: الأوسي وفي بعضها: القرشي.
19ـ الكافي (الطبعة الحديثة)، ج 3، ص 290 الحديث رقم 1815 وفي الطبع القديم
ج 2، ص 111، الوافي، ج 4 ص 447، ح 2305، الوسائل، ج 15، ص 266، ح 20468 البحار، ج 71، ص 404، ح 15.
20ـ تكرار الفعل لبيان كثرة الشتم وقول الباطل، وربما يقرأ الثاني بالفاء، كما هو في بعض النسخ. يقال: فالرجل في رأيه وفيل، إذا لم يصب فيه، ورجل فايل الرأي وقال المجلسي: (والظاهر أنه تصحيف).
21ـ في (بر) والوسائل: (وستجزى).
22ـ في (بس) وحاشية (ج) والوسائل: - (الله).
23 في (د) والوسائل: - (قال).
24ـ في الوسائل: (وان).
25ـ الكافي (الطبعة الحديثة)، ج 3، ص 292، رقم 1819 وفي الطبع القديم ج 2، ص 112، الوافي، ج 4، ص 448، ح 2309 الوسائل، ج 15، ص 267،
ح 20470، البحار، ج 71، ص 406، ح 19.
26ـ وسائل الشيعة، ج 15، ص 268، رقم 20473.
27ـ المصدر السابق، رقم 20474.
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|