أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-1-2017
2517
التاريخ: 22-12-2020
4261
التاريخ: 2024-09-04
610
التاريخ: 1-8-2022
1865
|
أئمة أهل البيت (عليهم السلام) في علاقتهم مع الله وتقديسه وتعظيمه يشددون على أنفسهم وشيعتهم ومحبيهم والموالين لهم بل وبقية المسلمين ممن يسمع لهم، ولا تأخذهم في الله لومة لائم فتراهم يحثون على التقوى والعمل الصالح وكل ما يؤدي إلى الارتباط بالله وتعظيمه وتقديسه ولا يتساهلون في ذلك على الإطلاق ويدفعون الناس إلى الدرجات العلى وأعلى درجات العبادة.
أما فيما يرجع إليهم أنفسهم وما يعتقده الآخرون فيهم فيدعوهم إلى الحالة الوسطية بين الإفراط والتفريط فتراهم يحذرون شيعتهم ومحبيهم والموالين لهم من التطرف والغلو فيهم فلا يرتضون من أتباعهم أن يرفعوهم إلى درجة الغلو ويدعى لهم الإلوهية أو الربوبية وإخراجهم من حد البشرية: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ} [الأنبياء: 26، 27]، {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6].
فقد جاء عَنْ عَمْرِو (1) بْنِ خَالِدٍ:
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام)، قَالَ يَا مَعْشَرَ (2) الشيعَةِ - شِيعَةِ آلِ مُحَمَّدٍ - كُونُوا النمرقة(3) الوسطى، يَرْجِعُ إِلَيْكُمُ الْغَالِي، وَيَلْحَقُ بِكُمُ التَّالِي.
فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ - يُقَالُ لَهُ: سَعْدٌ -: جُعِلْتُ فِدَاكَ، مَا الْغَالِي؟
قَالَ: قَوْمٌ يَقُولُونَ فِينَا مَا لَا نقُولُهُ فِي أَنْفُسِنَا، فَلَيْسَ أُولئِكَ مِنَّا، وَلَسْنَا مِنْهُمْ.
قَالَ: فَمَا التَّالِي؟
قَالَ: الْمُرْتَادُ يُرِيدُ الْخَيْرَ يُبْلُغُهُ الْخَيْرَ يُوجَرُ عَلَيْهِ(4).
ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا مَعَنَا مِنَ اللَّهِ بَرَاءَةٌ(5)، وَلَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ اللَّهِ قَرَابَةٌ، وَلَا لَنَا عَلَى اللهِ حُجةٌ، وَلَا نَتَقَرَّبُ(6) إلى اللَّهِ إِلَّا بِالطَّاعَةِ، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُطِيعاً لِلَّهِ، تَنْفَعُهُ (7) وَلَايتْنَا؛ وَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ عَاصِيً لِلَّهِ، لَمْ تَنْفَعُهُ(8) وَلَايَتُنَا، ويحَكُمْ لَا تَغْتَرُّوا، وَيْحَكُمْ لَا تغتروا (9)، (10).
نستفيد من هذه الرواية عدة أمور:
1ـ إن هذه الرواية تريد أن تفهم الشيعة أنه لا يجوز لكم أن تغالوا في أهل البيت وتقولوا فيهم ما لم يقولوه في أنفسهم كأن تدعوا لهم الربوبية أو الألوهية أو النبوة أو أنهم يخلقون ويرزقون أو يحيون أو يميتون أو أنهم يعلمون الغيب وغير ذلك مما هم منه براء ولا يرتضونه هم لأنفسهم وقد أنكروه أشدّ الإنكار وتبرؤوا ممن ينسبه إليهم في عدة روايات(11).
2ـ يجب عليكم أيها الشيعة أن تختاروا حالة الوسطية وتكونوا النمرقة الوسطى وهي الوسادة الصغيرة التي يتكأ عليها الإنسان والجمع نمارق قال تعالى: {وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ} [الغاشية: 15]، فالأئمة يريدون من شيعتهم أن يكونوا حالة الوسط.
قال المجلسي وكأن التشبيه بالنمرقة باعتبار أنها محل الاعتماد والتقييد بالوسطى لكونهم واسطة بين الإفراط والتفريط، أو التشبيه بالنمرقة الوسطى باعتبار أنها في المجالس صدر ومكان لصاحبه يلحق به، ويتوجه إليه من على الجانبين(12).
3ـ تشير الرواية إلى تنبيه بعض الشيعة الذين يحملون في أذهانهم أن مجرد الانتساب إلى علي (عليه السلام) وأولاده المعصومين (عليهم السلام) كاف في النجاة من النار ولا يحتاج إلى عمل.
4- الإمام (عليه السلام) يصرح في هذه الرواية وغيرها أنه لا توجد عندهم براءة لأحد من النار بدون عمل وورع وتقوى وليس لهم على الله حجة.
5- وهو الأهم أن مفهوم التولي لأهل البيت (عليهم السلام) يرتكز على طاعة الله ورسوله والتقوى والورع عن محارم الله فلا تصلح ولا تقبل دعوى التولي بمجرد الدعوى ورفع الشعارات في داخل الطائفة أو خارجها بدون العمل بل مفهوم التولي لهم هو أن يكون المدعي لهذه المرتبة مطيعاً لله ولرسوله (صلى الله عليه وآله) ولأهل البيت (عليهم السلام) حتى ينتفع بهذه الدعوى ومن كان عاصياً الله ولرسوله ولأهل البيت فلن تنفعه مثل هذه الدعوى.
والحاصل أن التولي لهم (عليهم السلام) هو الإيمان الصادق والإسلام الحقيقي والبراءة من أعدائهم هي البراءة من أعداء الله ورسوله فلم تكن الولاية لأهل البيت والبراءة من أعدائهم شيئاً آخر غير الولاء لله ولرسوله والبراءة من أعدائهما.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ في نسخ (ج، د، ز، ص ف، بر، بف، جر): (عمر) لكن الظاهر صحة (عمرو) فقد روى الكليني (قدس سره) في الكافي: ح12941، عن حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن غير واحد، عن أبان بن عثمان، عن عمرو بن خالد عن ابي جعفر(عليه السلام) وروي أيضاً في الكافي، ح 5332، بسنده عن الحسن بن علي الوشاء، عن أبان، عن عمرو بن خالد، عن أبي جعفر (عليه السلام) ثم إن عمرو بن خالد هذا هو عمرو بن خالد الواسطي الذي عُد من رواة أبي جعفر (عليه السلام)، راجع رجال الطوسي، ص 142 الرقم 1534 تهذيب الكمال، ج 21، ص 603، الرقم 4357.
2ـ في حاشية نسخ (ج، د، بر) (معاشر).
3ـ (النمرقة) بضم النون والراء وبكسرهما وبفتح النون وبغير هاء: الوسادة الصغيرة فاستعار (عليه السلام) لفظ النمرقة بصفة الوسطى باعتبار أن التالي أي المفرط المقصر في الدين يلحق بهم، والغالي أي المفرط المتجاوز يرجع إليهم، كما يستند إلى النمرقة المتوسطة من على جانبيها راجع الصحاح ج 4، ص 1561؛ النهاية ج 5، ص 118، مجمع البحرين، ج 5، ص 242 (نمرق).
4ـ في شرح المازندراني ج 8، ص:231: قال: المرتاد يريد الخير، فسر التالي بأنه المرتاد أي الطالب من ارتاد الرجل الشيء إذا طلبه، والمطلوب أعم من الخير والشر، فقوله: يريد الخير تخصيص وبيان للمعنى المراد هنا يبلغه الخير يؤجر عليه من الإبلاغ والتبليغ وهو الإيصال وفاعله معلوم بقرينة المقام، أي من يوصله إلى الخير المطلوب له يوجر عليه لهدايته وإرشاده.
وقال في مرآة العقول، ج 8، ص 55: المرتاد يريد الخير يبلغه الخير، كأنه من قبيل وضع الظاهر موضع المضمر أي يريد الأعمال الصالحة التي تبلغه أن يعملها، ولكن لا يعمل بها، ويؤجر عليه بمحض هذه النية أو المعنى أنه المرتاد الطالب لدين الحق وكماله وقوله يبلغه الخير، جملة أخرى لبيان أن طالب الخير سيجده ويوفقه الله لذلك، كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69]، وقوله: يؤجر عليه لبيان أنه بمحض الطلب مأجور. وقيل المرتاد: الطالب للاهتداء الذي لا يعرف الإمام ومراسم الدين، بعد يريد التعلم ونيل الحق، يبلغه الخير، بدل من الخير يعني يريد أن يبلغه الخير ليؤجر عليه، ثم نقل ما نقلناه عن العلامة المازندراني وقال: وأقول: على هذا يمكن أن يكون فاعله - أي فاعل يبلغه - الضمير الراجع إلى النمرقة؛ لما فهم سابقاً أنه يلحق التالي بنفسه. وقيل: جملة (يريد الخير) صفة المرتاد؛ إذ اللام للعهد الذهني، وهو في حكم النكرة، وجملة (يبلغه) إما على المجرد من باب نصر، أو على بناء الافعال أو التفعيل استئناف بياني، وعلى الأول الخير مرفوع بالفاعلية إشارة إلى أن الدين الحق لوضوح براهينه كأنه يطلبه ويصل إليه، وعلى الثاني والثالث الضمير راجع إلى مصدر يريد، والخير منصوب ويؤجر عليه، استئناف للاستئناف الأول؛ لدفع توهم أن لا يؤجر، لشدة وضوح الأمر، فكأنه اضطر إليه. وأكثر الوجوه لا تخلو من تكلف، وكأن فيه تصحيفاً وتحريفاً.
5ـ في نسخ (ص، ض، ف): (من النار).
6ـ في نسخ ب، ج، ز، ص، ض، هـ، ف، بر) والبحار: (ولا يتقرب) وفي مرآة العقول: (ولا نتقرب، بصيغة المتكلم أو الغائب المجهول).
7ـ في نسختي (ج، هـ) (ينفعه).
8ـ في نسخة (هـ): (لم ينفعه).
9ـ في نسخة (ف): (لا تغتروا)، واحتمل المازندراني في شرحه كون الفعلين بالفاء من الفتور في العمل.
10ـ الكافي (الطبعة الحديثة)، ج3، ص: 193 رقم 1625 وفي الطبع القديم ج 2، ص 75، الوافي، ج 4، ص 302، ج 1978، البحار، ج 70، ص 101، ح 6، مشكاة الأنوار للطبرسي ص 134.
11ـ أشرنا إلى بعضها في كتاب المؤامرة الكبرى على مدرسة أهل البيت ص 206، و240.
12ـ مرآة العقول ج 8، ص 54.
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|