أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-10-2014
4129
التاريخ: 11-10-2014
1805
التاريخ: 27-11-2014
1805
التاريخ: 19-02-2015
2278
|
قال تعالى : { وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأنْعُمِ اللهِ فأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الجُوعِ والْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُون * وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظالِمُون }[ النحل : 112ـ113] .
تفسيرُ الآيات :
( رغد ) : عيش رغد ورغيد : طيّب واسع ، قال تعالى : { وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً } .
يصف سبحانه قرية عامرة بصفات ثلاث :
أ : آمنة : أي ذات أمن يأمن فيها أهلها لا يُغار عليهم ، ولا يُشنُّ عليهم بقتل النفوس وسبي الذراري ونهب الأموال ، وكانت آمنة من الحوادث الطبيعية كالزلازل والسيول .
ب : مطمئنّة : أي قارّة ساكنة بأهلها لا يحتاجون إلى الانتقال عنها بخوف أو ضيق ؛ فإنّ ظاهرة الاغتراب إنّما هي نتيجة عدم الاستقرار ، فترك الأَوطان وقطع الفيافي وركوب البحار وتحمّل المشاق رهن عدم الثقة بالعيش الرغيد فيه ، فالاطمئنان رهن الأمن .
ج : { يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلّ مَكَانٍ } ، الضمير في يأتيها يرجع إلى القرية ، والمراد منها حاضرة ما حولها من القرى ، والدليل على ذلك : قوله سبحانه حاكياً عن وِلد يعقوب : { وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيْرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ }[ يوسف : 82] ، والمراد من القرية هي : مصر الحاضرة الكبيرة يومذاك .
وعلى ذلك ، فتلك القرية الواردة في الآية بما أنّها كانت حاضرة لِما حولها من الأصقاع فيُنقل ما يُزرع ويُحصد إليها ، بغية بيعه أو تصديره .
هذه الصفات الثلاث تعكس النِعم المادّية الوافرة التي حظيت بها تلك القرية .
ثمّ إنّه سبحانه يشير إلى نعمة أُخرى حظيت بها وهي : نعمة معنوية ، أعني بعث الرسول إليها ، كما أشار إليه في الآية الثانية ، بقوله : { وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ } .
وهؤلاء أمام هذه النِعم الظاهرة والباطنة بدل أن يشكروا الله عليها كفروا بها .
أمّا النعمة المعنوية ، أعني : الرسول فكذّبوه ـ كما هو صريح الآية الثانية ـ وأمّا النعمة المادّية ، فالآية ساكتة عنها غير أنّ الروايات تكشف لنا كيفية كفران تلك النِعم .
روى العيّاشي عن حفص بن سالم ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) أنّه قال : ( إنّ قوماً في بني إسرائيل تؤتى لهم من طعامهم حتى جعلوا منه تماثيل بمُدن كانت في بلادهم يستنجونَ بها ، فلم يزل الله بهم حتى اضطرّوا إلى التماثيل يبيعونه
ويأكلونها ، وهو قول الله : { وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأنْعُمِ اللهِ فأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الجُوعِ والْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُون * وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظالِمُون } ) (1).
وفي رواية أُخرى عن زيد الشحّام ، عن الصادق ( عليه السلام ) قال : ( كان أبي يكره أن يمسح يده في المنديل وفيه شيء من الطعام تعظيماً له إلاّ أن يمصّها ، أو يكون إلى جانبه صبيّ فيمصّها ، قال : فإنّي أجد اليسير يقع من الخِوان فأتفقده فيضحك الخادم ، ثمّ قال : إنّ أهل قرية ممّن كان قبلكم كان الله قد وسّع عليهم حتى طغوا ، فقال بعضهم لبعض : لو عَمدنا إلى شيء من هذا النقي فجعلناه نستنجي به كان أليَن علينا من الحجارة .
قال ( عليه السلام ) : فلمّا فعلوا ذلك بعثَ الله على أرضهم دواباً أصغر من الجراد ، فلم تدع لهم شيئاً خلقه الله إلاّ أكلته من شجر أو غيره ، فبلغَ بهم الجهد إلى أن أقبلوا على الذي كانوا يستنجون به ، فأكلوهُ وهي القرية التي قال الله تعالى : { وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأنْعُمِ اللهِ فأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الجُوعِ والْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُون * وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظالِمُون } ) (2) .
وبذلك يُعلم : أنّ ما يقوم به الجيل الحاضر ـ من رمي كثير من فتات الطعام في سلّة المهملات ـ أمر محظور وكفران بنعمة الله ، حتى أنّ كثيراً من الدول وصلت بها حالة البطر بمكان أنّها ترمي ما زاد من محاصيلها الزراعية في البحار ؛ حفظاً لقيمتها السوقية ، فكلّ ذلك كفران لنِعم الله .
ثمّ إنّه سبحانه جزاهم في مقابل كفرهم بالنِعم المادية والروحية ، وأشار إليها بآيتين :
الأولى : { فأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الجُوعِ والْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُون } .
الثانية : { فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظالِمُون } .
فلنرجع إلى الآية الأولى ، فقد جزاهم بالجوع والخوف نتيجة بطرهم .
وهناك سؤال مطروح منذ القِدم وهو : أنّه سبحانه جمعَ في الآية الأولى بين الذوق واللباس ، فقال : { فَأَذاقَهَا الله لِباسَ الجُوعِ } مع أنّ مقتضى استعمال الذوق هو لفظ طَعمَ ، بأن يقول : ( فأذاقها الله طعمَ الجوع ) .
ومقتضى اللفظ الثاني أعني : اللباس أن يقول : ( فكساهم الله لباس الجوع ) ، فلماذا عدلَ عن تلك الجملتين إلى جملة ثالثة لا صلة لها ـ حسب الظاهر ـ بين اللفظين ؟
والجواب : إنّ للإتيان بكلّ من اللفظين وجهاً واضحاً .
أمّا استخدام اللباس ؛ فلبيان شمول الجوع والخوف لكافة جوانب حياتهم ، فكأنّ الجوع والخوف أحاط بهم من كلّ الأطراف كإحاطة اللباس بالملبوس ، ولذلك قال : { لِبَاسَ الجُوعِ والْخَوْفِ } ولم يقل : ( الجوع والخوف ) لفوت ذلك المعنى عند التجريد عن لفظ اللباس .
وأمّا استخدام الذوق فلبيان شدّة الجوع ، لأَنّ الإنسان يذوق الطعام ، وأمّا ذوق الجوع فإنّما يُطلق إذا بلغَ به الجوع والعطش والخوف مبلغاً يشعر به من صميم ذاته ، فقال : { فأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الجُوعِ والْخَوْفِ } .
هذا ما يرجع إلى تفسير الآية ، و أمّا ما هو المراد من تلك القرية بأوصافها الثلاثة ، فقد عرفتَ من الروايات خصوصياتها .
نعم ، ربّما يقال بأنّ المراد أهل مكّة ؛ لأنّهم كانوا في أمنٍ وطمأنينة ورفاه ، ثمّ أنعمَ الله عليهم بنعمة عظيمة وهي : محمد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) فكفروا به وبالغوا في إيذائه ، فلا جَرم أن سلّطَ عليهم البلاء .
قال المفسّرون : عذّبهم الله بالجوع سبع سنين حتى أكلوا الجيَف والعظام .
وأمّا الخوف ، فهو أنّ النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) كان يبعث إليهم السرايا فيُغيرون عليهم .
ويؤيد ذلك الاحتمال : ما جاء من وصف أرض مكّة في قوله : { أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ }[ القصص : 57].
ومع ذلك كلّه ، فتطبيق الآية على أهل مكّة لا يخلو من بُعد .
أمّا أوّلاً : فلأَنَّ الآية استخدمت الأفعال الماضية ممّا يشير إلى وقوعها في الأزمنة الغابرة .
وثانياً : لم يثبت ابتلاء أهل مكّة بالقحط والجوع على النحو الوارد في الآية الكريمة ، وإن كان يذكره بعض المفسّرين .
وثالثاً : إنّ الآية بصدد تحذير المشركين من أهل مكّة من مغبّة تماديهم في كفرهم ، والسورة مكّية إلاّ آيات قليلة ، ونزولها فيها يقتضي أن يكون للمَثل واقعية خارجية وراء تلك الظروف ، لتكون أحوال تلك الأُمم عِبرة للمشركين من أهل مكّة وما والاها .
________________________
1 ـ تفسير نور الثقلين : 3/91 ، حديث 247 .
2 ـ تفسير نور الثقلين : 3/92 ، حديث 248 .
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|