أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-08-04
1334
التاريخ: 27-11-2014
2042
التاريخ: 11-10-2014
3847
التاريخ: 11-10-2014
3973
|
قال تعالى : { وَلا تَجْعَل يَدَكَ مَغْلُولَة إلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْط فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً * إنّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً }[ الإسراء : 29ـ30].
تفسيرُ الآيات
( الغلُّ ) : ما يُقيَّد به ، فيجعل الأعضاء وسطه ، وجمعه أغلال ، ومعنى قوله : { مَغْلُولَة إلى عُنُقِكَ } أي مقيَّدة به .
( الحسرة ) : الغمّ على ما فاته والندم عليه ، وعلى ذلك يكون محسوراً عطف تفسير لقوله : { مَلُوماً }، ولكنّ الحسرة في اللغة كشف الملبس عمّا عليه ، وعلى هذا يكون بمعنى العريان .
أمّا الآية ، فهي تتضمّن تمثيلاً لمنع الشحيح وإعطاء المسرف ، والأمر بالاقتصاد الذي هو بين الإسراف والتقتير ، فشبّه منع الشحيح بمَن تكون يده مغلولة إلى عُنقه لا يقدر على الإعطاء والبذل ، فيكون تشبيه لغاية المبالغة في النهي عن الشح والإمساك ، كما شبّه إعطاء المسرف بجميع ما عنده بمَن بسطَ يده حتى لا يستقر فيها شيء ، وهذا كناية عن الإسراف ، فيبقى الثالث وهو المفهوم من الآية وإن لم يكن منطوقاً ، وهو الاقتصاد في البذل والعطاء ، فقد تضمّنته آية أُخرى في سورة الفرقان ، وهي : { وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً }[ الفرقان : 67].
وقد وردَ في سبب نزول الآية ما يوضّح مفادها .
روى الطبري أنّ امرأة بعثت ابنها إلى رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وقالت : قل له : إنّ أُمّي تستكسيك درعاً ، فإن قال : حتى يأتينا شيء ، فقل له : إنّها تستكسيك قميصك .
فأتاه ، فقال ما قالت له ، فنزعَ قميصه فدفعهُ إليه ، فنزلت الآية .
ويقال : إنّه ( عليه السلام ) بقيَ في البيت إذ لم يجد شيئاً يلبسه ، ولم يمكنه الخروج إلى الصلاة فلامَهُ الكفّار ، وقالوا : إنّ محمداً اشتغلَ بالنوم واللهو عن الصلاة { إنّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ } أي : يوسّع مرة ويُضيّق مرة ، بحسب المصلحة مع سعة خزائنه (1) .
روى الكليني عن عبد الملك بن عمرو الأحول ، قال : تلا أبو عبد الله هذه الآية : { وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً } .
قال : فأخذَ قبضة من حصى وقبضها بيده ، فقال : ( هذا الإقتار الذي ذكره الله في كتابه ، ثمّ قبض قبضة أُخرى ، فأرخى كفّه كلّها ، ثمّ قال : هذا الإسراف ، ثمّ قبضَ قبضة أُخرى فأرخى بعضها ، وقال : هذا القَوام ) (2) .
هذا ما يرجع إلى تفسير الآية ، وهذا الدستور الإلهي تمخّض عن سنّة إلهية في عالَم الكون ، فقد جرت سنّته سبحانه على وجود التقارن بين أجزاء العالَم ، وإنّ كلّ شيء يبذل ما يزيد على حاجته إلى مَن ينتفع به ، فالشمس ترسل 450 ألف مليون طن من جرمها بصورة أشعة حرارية إلى أطراف المنظومة الشمسية ، وتنال الأرض منها سهماً محدوداً ، فتتبدّل حرارة تلك الأشعة إلى مواد غذائية كامنة في النبات والحيوان وغيرهما ، حتى أنّ الأشجار والأزهار ما كان لها أن تظهر إلى الوجود لولا تلك الأشعة .
إنّ النحل يمتصّ رحيق الأزهار فيستفيد منه بقدر حاجته ويبدِّل الباقي عسلاً ، كلّ ذلك يدلّ على أنّ التعاون بل بذل ما زاد عن الحاجة ، سُنّة إلهية وعليها قامت الحياة الإنسانية .
ولكنّ الإسلام حدّد الإنفاق ونَبذَ الإفراط والتفريط ، فمنعَ عن الشحّ ، كما منعَ عن الإسراف في البذل .
وكأنّ هذه السنّة تجلّت في غير واحد من شؤون حياة الإنسان ، ينقل سبحانه عن لقمان الحكيم أنّه نصحَ ابنه بقوله : { وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ }[ لقمان : 19].
بل يتجلّى الاقتصاد في مجال العاطفة الإنسانية ، فمِن جانب يُصرّح النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) بأنّ : ( عنوان صحيفة المؤمن حُبّ علي بن أبي طالب ) (3) .
ومن جانب آخر يقول الإمام علي ( عليه السلام ) : ( هلكَ فيّ اثنان : مُحبٍّ غال ، ومُبغضٍ قال ) (4) .
فالإمعان في مجموع ما ورد في الآيات والروايات يدلّ بوضوح على : أنّ الاقتصاد في الحياة هو الأصل الأساس في الإسلام ، ولعلّه بذلك سُمّيت الأمّة الإسلامية بالأمّة الوسط ، قال سبحانه : { وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلى النّاسِ }[ البقرة : 143] .
وهناك كلمة قيّمة للإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) حول الاعتدال نأتي بنصّها :
دخلَ الإمام على العلاء بن زياد الحارثي وهو من أصحابه يعوده ، فلمّا رأى سعة داره ، قال :
( ما كنتَ تصنع بسعة هذه الدار في الدنيا ، وأنتَ إليها في الآخرة كنتَ أحوج ؟
بلى ، إن شئتَ بلغتَ بها الآخرة ، تُقري فيها الضيف ، وتصِل فيها الرَّحم ، وتُطلع منها الحقوق مطالعها ، فإذا أنت قد بلغتَ بها الآخرة .
فقال له العلاء : يا أمير المؤمنين ، أشكو إليك أخي عاصم بن زياد ، قال : وما لهُ ؟ قال : لبسَ العباءة وتخلّى عن الدنيا ، قال : عَليّ به ، فلمّا جاء قال :
يا عديّ نفسك ، لقد استهام بك الخبيث ! أمَا رحمتَ أهلك وولدك ! أترى الله أحلّ لك الطيّبات ، وهو يكره أن تأخذها ؟! أنت أهون على الله من ذلك .
قال : يا أمير المؤمنين ، هذا أنت في خشونة ملبسك وجشوبة مأكلك !
قال : ويحك ، إنّي لستُ كأنت ، إنّ الله تعالى فرضَ على أئمّة العدل ( الحقّ ) أن يُقدّروا أنفسهم بضَعَفة الناس ، كيلا يتبيّغ بالفقير فقره ! ) (5) .
_________________
1 ـ مجمع البيان : 3/412 .
2 ـ البرهان في تفسير القرآن : 3/173 .
3 ـ حلية الأولياء : 1/86 .
4 ـ بحار الأنوار : 34/307 .
5 ـ نهج البلاغة : الخطبة 209 .
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|