أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-04
![]()
التاريخ: 2024-02-14
![]()
التاريخ: 2024-07-15
![]()
التاريخ: 2024-12-30
![]() |
ولقد بقي السبب الذي دعا إلى هذا الفتح غامضًا حتى أماطت عنه اللثام الكشوفُ الأثرية التي قامت حديثًا في بلاد النوبة؛ إذ تدل الحقائق التي كشف عنها معول الحفار أنه قد حدث زحف قام به أقوام من السودان في العصر الذي يقع بين الدولة القديمة والدولة الوسطى، والظاهر أن هؤلاء الأقوام قد زحفوا من الجنوب وانتشروا على طول النيل شمالًا، وقد تخطت القبائل المغيرة في زحفها الشلال الثاني، ثم اكتسحت في طريقها السكان القدامى؛ أي سكان بلاد النوبة السفلية وهزموهم تمامًا، ثم تابعوا سيرهم حتى الشلال الأول، وتوغلوا في الأراضي المصرية نفسها، وقد كشف عن آثار كثيرة تدل على استعمارهم لبعض الأراضي المصرية حتى «الكاب الحالية». وكذلك تدل البحوث الأثرية وما قام به علماء الأجناس البشرية في هذه الجهات على أن قبائل من جنس واحد قد أوغلوا في البلاد حتى الشلال الثاني على أقل تقدير؛ إذ قد وجدت آثار مساكنهم باقية هناك، وهؤلاء القبائل ليسوا من الزنوج وكذلك ليسوا مثل سكان بلاد النوبة الأقدمين، بل ينتسبون إلى الجنس الحامي، ويحتمل أن الدم الزنجي يجري في عروقهم، وقد كانوا يسكنون أكواخًا مستديرة الشكل محملة عروشها على جذوع أشجار، أما قبورهم فكان يقام على ظاهرها كومة مستديرة الشكل أيضًا، وتدل الكشوف على أن ثقافتهم كانت ساذجة تمامًا، ولقد كان من البدهي أن توجد روابط بين هذه الثقافة والثقافة المصرية في عهد ما قبل التاريخ، وهذه الثقافة كانت لها علاقة بالثقافة المصرية التي توغلت في أعماق السودان في الأزمان السحيقة في القدم، ثم بقيت هناك في صورتها الأصلية، على حين أنها أخذت في النمو والارتقاء باستمرار في الجزء الأسفل من وادي النيل. وتدل الكشوف على أن المستعمرات التي قطنها هؤلاء الوافدون كانت عديدة بدرجة تفوق حد المألوف، وأن البلاد كانت مكتظة بالسكان بالنسبة للأزمان السالفة؛ ومع ذلك فإن الهجرة الجديدة لم تكن مصدر خطر ما. وأن إخضاعهم لم يتطلب مصاعب كبيرة؛ لأنهم كانوا يقطنون في الأراضي الضيقة الزراعية الممتدة على شاطئ النيل في بلاد النوبة السفلية، غير أنه كان يقطن في الجنوب قبائل متصلة بهم، وهؤلاء قد أسسوا في «دنقلة» مملكة قوية البنيان واتخذوا «كرمة» حاضرة لملكهم، وتقع على مسافة قصيرة من جنوبي الشلال الثالث، وهذه المملكة هي التي تُعرف بمملكة «كوش «. وقد ظهر هؤلاء الكوشيون لأول مرة في تاريخ العالم، وهم متصلون اتصالًا وثيقًا بسكان بلاد النوبة السفلية، غير أنهم ليسوا من فصيلة واحدة، وتنطوي ثقافتهم على اختلافات كثيرة ظاهرة عن سكان بلاد النوبة. ومن الغريب أننا لم نعثر حتى الآن على مستعمرات أو مساكن لقوم «الكوش» غير أن مقابرهم الضخمة التي عثر عليها في «كرمة» عام 1913–1915م، قد بسطت أمامنا صورة واضحة عن هذه المملكة التي تعد أقدم مدنية عثر عليها في مجاهل أفريقية، فكل ملك لهم قد دفن تحت تل ضخم (هرم) يبلغ ارتفاعه نحو 90 مترًا، وقد دفن معه عدد عظيم من خدمه الإناث والذكور ليقوموا بخدمته في عالم الآخرة، كما كانوا يخدمونه في عالم الحياة الدنيا، وكذلك وجد في مقبرته مدافن لأعضاء أسرته وأتباعه. وتدل قطع الفخار التي عثر عليها في «كرمة» أنها قد بلغت من الدقة حدًّا مدهشًا، وهي تمثل استمرار تحسن الأواني التي يرجع عهدها إلى عصر ما قبل التاريخ، ويشترك في ذلك مجاميع الفخار التي عثر عليها في بلاد النوبة السفلية، وهذا التحسن في فن صناعة الفخار وشكله نلحظه بصورة منقطعة النظير من جهة الإتقان، وبجانب ذلك نجد أشكالًا محلية كثيرة، كما نجد تقليدًا للأشكال المصرية المعاصرة، فنشاهد في قطع العاج المطعمة طرازًا دقيقًا، وكذلك وجدت بقايا ألوان متساقطة من مباني الأضرحة الملكية التي أقيمت من اللبن، وهذه الألوان تعزى حتمًا إلى صناعة وطنية أصلية، والصور البارزة ترجع إلى أصل مصري، وكذلك الخزف المطلي الذي وجد بجوار مصانعه كان لا بد من عمل مصانع أسسها المصريون هناك. ((Junker, Die Volker des Antiken Orients. Die Agypter, P. 22 ff.); Archaeological Survey of Nubia, Reports, (Firth) 1907 [8; Reisner, 1908] 9, 1909, [10; See also Kees, Kulturgeschichte des Alten Orients; P. 341, ff.) وقد كان الخطر الذي يهدد الحدود المصرية الجنوبية منبعه مملكة «دنقلة» هذه، وقد كان سكان بلاد النوبة يشدون أزرهم؛ ولذلك جعل ملوك الأسرة الثانية عشرة هذه الجهة ميدان قتالهم، والمكان الذي يدافعون منه عن بلادهم؛ من أجل هذا جعل «سنوسرت الأول» وجهته في بادئ الأمر كما أسلفنا الإقليم الشرقي من بلاد النوبة حيث تمكن من منع أي تقدم نحو مصر من قبل العدو، فأخضع له الأقاليم المجاورة، ومد الحدود المصرية حتى الشلال الثاني، ولكن الضربة القاضية كانت على يد «سنوسرت الثالث»
|
|
دراسة تكشف "مفاجأة" غير سارة تتعلق ببدائل السكر
|
|
|
|
|
أدوات لا تتركها أبدًا في سيارتك خلال الصيف!
|
|
|
|
|
مجمع العفاف النسوي: مهرجان تيجان العفاف يعزز القيم الأخلاقية والثقافية لدى طالبات الجامعات العراقية
|
|
|