أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-9-2019
1705
التاريخ: 2025-01-04
125
التاريخ: 2-7-2019
1765
التاريخ: 11-4-2022
1993
|
الاضطراب من حصول الآلام والمصائب والمشاقّ فعلاً وتركاً من رذائل الملكات المتفرّعة على صغر النفس وضعفه، فيشمل ما يحصل عند التمكّن من الشهوات والمعاصي من اضطراب النفس وميلها إلى فعلها، وما يحصل عند إرادة فعل الطاعات الشاقّة كالحجّ والجهاد وغيرهما من الاضطراب والميل إلى الترك، فإنّ كلّ طاعة مكروهة للنفس كما سنشير إليه، وما يحصل عند عروض المصائب والنوائب من احتراق القلب واضطرابه المترتّب عليه بعض الأعمال الركيكة كشقّ الجيب ولطم الخد والتضجّر والتبرّم وغيره ويختصّ هذا القسم منه باسم الجزع فهو فرد منه.
ثم أنّ ترتبّه على صغر النفس يقتضي إدخاله تحت رذائل الغضبية وهو وإن كان كذلك مطلقاً لما ذكر الا أنّ بعض أفراده ممّا يمكن إدخالها تحت الشهويّة أيضاً لكون الباعث عليها ميل النفس إلى الشهوات وعدم ائتمار القوّة الشهويّة تحت حكم العاقلة وإن كان الباعث للميل المذكور كبر الدنيا على النفس كما أشير إليه فيما سبق، فإنّ هذا الباعث يعمّ جميع الرذائل الشهوية، فلو صار ذلك سبباً لعدّها في رذائل الغضبية خاصّة لزم أن يكون جميع الرذائل الشهوية منها، ولا يكون لها نوع خاصّ بها، وهذا غير عزيز في باب الفضائل والرذائل حيث تكون لفضيلة واحدة جهتان يعدّ كلّ منهما في كلّ منهما، فالاضطراب المذكور من حيث كونه مترتّباً على ميل النفس إلى الشهوات يمكن عدّها من رذائل الشهوية، بل هذه الحيثيّة أظهر لكونها أخصّ، ولذا عدّ القوم الصبر المقابل للجزع في أنواع الشجاعة لاختصاصها بتلك الحيثيّة الأولى خاصّة وهذا القسم من أنواع العفّة لكون الحيثيّة الثانية فيه أظهر فافهم، فإنّ هذا المقام من مزالق الأقدام. ثم إنّه يدلّ على قبح هذه الخصلة وذمّها العقل والنقل.
أمّا الأوّل فلأنّه كراهة لقضاء الله وحكمه والمقدّر كائن فلا رادّ لقضائه ولا معقّب لحكمه.
وفي الحديث القدسي: «مَن لم يرضَ بقضائي ولم يصبر على بلائي فليخرج من أرضي وسمائي [وليطلب ربّاً سوائي]» (1).
ونقل أنّه مات ابن لبعض الأكابر فعزّاه مجوسي فقال: ينبغي للعاقل أن يفعل في يومه ما يفعل الجاهل بعد خمسة أيّام، فقال: اكتبوا عنه.
وأمّا الاضطراب في مشقّة الطاعة فلأنّه يدلّ على جهله وقلّة إدراكه، فإنّ أهل الدنيا يرتكبون أنواع المشاقّ والمتاعب ويوقعون أنفسهم في صنوف الأخطار والمهالك لأجل جزاء منقطع مشوب بأنواع الكدورات، فمن عرف نسبة لذّات الآخرة الموعود بها لجزاء العبادات مع دوامها وشرافتها، إلى لذّات الدنيا لما شقّ عليه العمل، بل كان مثل المستسقي الذي يزيد عطشه ولا يروي بشرب الماء، ولو تفكّر في نعمائه المتواترة عليه في كلّ يوم، بل في كلّ آن، وعرف وجوب شكر المنعم عقلاً لما فرغ نفسه لشغل الا للعبادة والطاعة، ولو حصل أدنى معرفة بالله وعظمته وصفاته وآياته حصلت له من المحبّة والأنس ما عظمت به لذّة العبادة، بحيث لم يرَ فوقها لذّة، بل كان منتهى آماله وغاية مناه.
وأمّا الاضطراب في ترك المعصية فهو يدلّ على عدم تعديله لقوّتيه الشهوية والغضبية وعدم تحصيله العلم بغوائل النفس وجنود الشيطان وما يلحقها من البعد والبوار وعدم تذكّره لما ورد في ذمّ كلّ منهما من الأخبار والآثار وعدم تفطّنه لغوائله ومفاسده، فلو حصلت المعرفة المزبورة سهل عليه ترك الخصلة المذكورة المانعة له عن الاتّصاف بشرائف الصفات والاتّصاف بضدّه الصّبر الذي هو من أمّهات فضائل الملكات. قال الله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 146]
وممّا ذكر يظهر علاجه العلميّ مضافاً إلى التذكّر لما ورد في مدح ضدّه من الآيات والأخبار، ودلّ عليه الاعتبار ممّا سيذكر إن شاء الله تعالى، والعمليّ تقديم التروّي في كلّ فعل يريده حتّى يتفطّن بمفاسده فيسهل عليه تركه أو بمحاسنه وفوائده حتى يسهل عليه فعله إلى أن يصير ملكة.
_________________
(1) لم أجده بهذا اللفظ، نعم يوجد نحوه في جامع الأخبار: ص 133. وما بين المعقوفتين في «ج» فقط.
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
قسم التطوير يقدم محاضرات عن نهج البلاغة في العتبة الكاظمية
|
|
|