أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-10-01
455
التاريخ: 2024-03-16
1125
التاريخ: 2024-11-28
231
التاريخ: 2023-07-17
1497
|
بعد أن عين الفرعون رجالًا ممن يثق بهم ويعتمد على إخلاصهم حكامًا للمقاطعات، وبعد أن منحهم حقوقًا إدارية مماثلة للتي يتمتع بها الأمراء الوراثيون (Kees, “Kulturgeschichte” P. 205) فكر في تقوية الملكية عن طريق آخر، فأخذ يعمل بجد في انتخاب أناس يثق بهم ليكونوا بطانة له يعتمد عليهم في مهام الأمور وقت الشدة، وقد رأى ألا فائدة من انتخابهم من أشراف بيوتات الدولة القديمة الذين كانوا عمادها، بل اتخذ أتباعه الذين وضع فيهم الثقة بمثابة حرس شخصي له، وقدمهم على كل الموظفين القدامى، ومنحهم مدافن في داخل محيط هرمه في الجبانة الفرعونية الواقعة في «اللشت» أو في «دهشور»، ثم أمر مدير مباني الجبانة الفرعونية أن يقيم لهم مدافن، وحبس عليها كل الأوقاف اللازمة لإقامة شعائرهم الدينية، وعين لهم الكهنة الجنازيين، كل ذلك على حساب الفرعون الخاص، ومن أملاكه الخاصة. وكذلك كانوا يمتلكون مدة حياتهم عقارًا وموالي، وذلك لارتباطهم بالبيت المالك كما كان يحدث في عهد الدولة القديمة، وقد قص علينا «خوسبك» في لوحته Stéle Manchester أنه بوصفه تابعًا للفرعون، وبوصفه وكيل مدير أتباع الملك، يملك 60 رأسًا من الموالي، وكذلك كوفئ بمائة رأس من الأسرى منحها إياه الفرعون على ما قام به في الحروب التي شنها الفرعون ضد أعدائه (Sethe, “Lesestuke”, P. 83)، وقد كان «سنوهيت» الذي مر ذكره تابعًا من هذا الطراز في بداية الأسرة الثانية عشرة، ويدل تاريخه على أنه يمثل الرجل المخلص الذي يبقى بجانب سيده وقت الشدة، وقد وصف لنا «أمنمحات الأول» في الحِكَم المنسوبة إليه أخلاق التابع عندما خانه كل من حوله عند اغتياله بقوله: «وفي يوم المصيبة ليس للمرء خادم أو تابع» وهذا وصف حق ينطبق تمامًا على الإنسان في كل زمان ومكان. والظاهر أن هؤلاء الحراس هم الجنود الذين كان يعتمد عليهم ملوك الأسرة الثانية عشرة في حراستهم؛ إذ كان الجيش قبل تأليفهم يتكون من فرق من المقاطعات، ومن جنود الشرطة «مازوي» النوبيين، وكان الفرعون يضم أحيانًا إلى هؤلاء رديفًا دائمًا له، وكانوا يجنَّدون إما بالاقتراع أو كانوا جنودًا محترفين، ثم كوِّنت فرقة الحرس هذه، وكان يطلق عليها «رجال حاشية الملك»، وأخيرًا نجد أن الفرعون قد أخذ يسترد مكانته الدنيوية والروحية في نفوس الشعب، وصار ينظر إليه القوم بأنه ابن «رع» الذي أنجبه من ظهره، وأنه أصبح المختار من قبله ليحكم مصر وغيرها، وكذلك أصبح في يده السلطة المطلقة في البلاد، كما كانت الحال في عهد عظماء ملوك الدولة القديمة، وقد بدأ فعلًا روح الوحدة يدب في جسم الدولة بصورة ظاهرة خلال حكم أواخر ملوكها، وبخاصة في عهد «أمنمحات الثالث» وسلفه من قبله، ويرجع الفضل في ذلك لجيل الموظفين الجديد الذي عمل ملوك هذه الأسرة على إنشائه ليلتف حولهم، وليكون لهم نصيرًا وظهيرًا على تسيير أداة الحكم في البلاد، والقضاء على حكام المقاطعات كما أسفلنا. ولا غرابة إذن في أن نرى هؤلاء الموظفين حريصين على بث روح الطاعة والمحبة لمليكهم في نفوس أولادهم، وقد بلغ بهم حب الفرعون درجة جعلت تعاليم بعضهم لأبنائه تدور حول حب الفرعون وخدمته والإخلاص له، لا أن ترشدهم إلى الحياة الصالحة السعيدة كما كانت التعاليم التي وصلت إلينا حتى الآن، كما أسلفنا عند الكلام على «أمنمحات الثالث «. ومع كل ذلك فإن مركز الفرعون كان مختلفًا تمام الاختلاف عما كان عليه الملوك القدامى مثل «سنفرو» أو «خوفو»؛ إذ قد اختفت الفكرة الساذجة التي كانت توحي بأن البلاد لم تُخلق إلا لخدمة الفرعون وإقامة المباني الضخمة له، ولغيره من العظماء، بل على العكس قد أصبح على قوة العرش يرتكز رخاء البلاد وسعادة الأهلين، وكذلك لم يكن لكثرة عدد رجال البلاط الفرعوني أهمية عظمى؛ لأن ألقاب البلاط التي كانت تفوق كل الألقاب الأخرى في عهد الدولة القديمة عددًا وضخامة أصبحت الآن في المؤخرة، وحتى بالنسبة للوزير، وحامل الختم الملكي، ولم يعد يتحلى بهذه الألقاب الاسمية إلا حكام الأقاليم، ومن ثم أصبحت الفوائد الحيوية للبلاد هي التي تحتل المكانة الأولى، ويرجع الفضل في ذلك إلى تركيز السلطة وإلى الاختصاص المحلي اللذين كان يشد أحدهما أزر الآخر في تسيير الأعمال، مما جعل قوة الفرعون تسير على نهج حدود معينة، ومن هنا نشاهد هذا الازدهار الفني وتلك النهضة الداخلية اللذين يتميز بهما هذا العصر. ومن المحتمل أن هذا الجهد العظيم الذي بُذل لإقامة هذا النظام الدقيق الذي يميز عهد الدولة الوسطى كان بمثابة رد فعل لا بد منه ضد سوء النظام والفوضى اللذين ميزا عهد الإقطاع الأول. فنرى أن الوظائف قد وُزعت توزيعًا دقيقًا، وكذلك ظهرت وظائف جديدة وبخاصة بين أفراد الطبقة الوسطى التي أمكننا أن نكوِّن عنها فكرة طيبة من اللوحات التذكارية العدة التي أقامها أفرادها في مدينة «العرابة المدفونة» المقدسة، مثال ذلك وظيفة «النائب للسلطة العليا»، أما رؤساء المصالح والإدارات فنخص بالذكر منهم وظائف كل رؤساء المكاتب المختلفة، وهم الذين كان عملهم لا يقتصر على كونهم رؤساء تشريفات وحسب، بل كانوا كذلك يقفون بجانب رئيس الخزانة، ومن هؤلاء نذكر اثنين ظهرا في بلاط الأسرة «الثالثة عشرة» وكان كل منهما يحمل لقب «مدير هيئة الموظفين»، وإليهما يرجع الفضل في وضع كتاب إحصاء قيم يبحث في تدبير شئون البلاط والإدارة (راجع: Ein Rechnungbuch des Koniglichen Hofes aus der 13 dynastie, A. Z. Vol. 75, P. 51 ff.; Mariette, Le Papyrus Boulaq, 1874). وهذا الكتاب هو المعروف بورقة بولاق نمرة 18، وعلى حسب ما ذُكر في هذه الوثيقة نجد أنه قد جاء بعد الوزير في ترتيب الوظائف التي كان أصحابها يشرُفون بالمثول بين يدي الملك، القائد، ثم مدير الحقول، ثم كاتب الوثائق الملكية، وأحيانًا رئيس الموظفين، وكل منهم كان يحمل لقب حامل الختم للوجه البحري، وهذه الوظيفة كان يحملها كذلك مدير قاعة الإدارة العامة؛ وهي المركز الرئيسي الذي كان يدير منه الوزير شئون الدولة. ومن بين الوظائف التي كانت متصلة بإدارة البلاط اتصالًا وثيقًا وظيفة «فم نخن» أو «قاضي نخن» «هيراكنبوليس» وهي «الكاب» الحالية، وإن صاحبها قد رُقي فيما بعد إلى وظيفة حامل الختم للوجه البحري. وقد كان يوجد بجانب هذه الوظائف أنواع جديدة من المشرفين مثل المشرف على مائدة الحاكم، وهو بوجه خاص تابع لإدارة بيت المال أو الخزانة، وغير ذلك من المشرفين بالترتيب حتى المشرف على حراس الكلاب. وكذلك تذكر لنا هذه الوثيقة ألقابًا قديمة خاصة بالبلاط والإدارة، فمن ذلك نجد كثيرًا ممن يحملون لقب «عظيم عشرة الوجه القبلي» وأسنُّ رجال القاعة، وكذلك ألقاب محضة مثل «قريب الفرعون «. وقد حفظ لنا كذلك كتاب الإحصاء هذا بعض معلومات سمحت لنا بأن نأخذ فكرة عامة عن إدارة الموارد الطبعية الاقتصادية، وهي تعد من أصعب الأمور وأعوصها في هذا العصر؛ إذ وجدنا مقيدًا فيها مجمل الحقائق العامة عن المواد الغذائية التي كانت تقدَّم لرجال البلاط وغيرهم في مقر الحكم «بطيبة»، ويشمل ذلك كل من كان يأكل من مائدة الفرعون من الموظفين، وهؤلاء كان يزداد عددهم بطبيعة الحال ازديادًا عظيمًا في المواسم والأعياد. ولما كانت هذه الورقة من الأهمية بمكان فإنا سنورد هنا ملخصًا لها ليرى القارئ ما كانت عليه البلاد من الوجهة الاقتصادية والاجتماعية والدينية.
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|