أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-02-05
1175
التاريخ: 2024-05-13
963
التاريخ: 2024-08-17
697
التاريخ: 2024-10-09
405
|
قام «تحتمس الثالث» بجيشه زاحفًا نحو «سوريا» في حملته الخامسة؛ ليطفئ نار ثورة محلية في مكانٍ لم يُعرَف اسمه، وربما كان «وارثت» على ساحل فينيقية، فإنه يقصُّ علينا دون مقدمات أنه استولى على المدينة، ولا بد أنها كانت ذات شهرة عظيمة وثراء جم؛ إذ استولى منها على مغانم كثيرة، وقد كان فيها معبد للإله آمون بناه أحد آبائه، وبعد أن استولى على تلك المدينة المجهولة أقلع بأسطوله وسار شمالًا محاذيًا للشاطئ حتى وصل إلى مدينة «أرواد» العظيمة، فحاصرها (انظر مصور رتنو العليا)، ولم يمضِ طويل زمن حتى سلمت، وبسقوطها استولى المصريون على مقدار عظيم من ثروة فينيقية، واتفق أن الاستيلاء عليها كان في فصل الخريف، وقد كانت الحدائق والخمائل محمَّلة بالفاكهة، والخمر يجري كالغيث، وحبوبها تنحدر على جوانب الرمال أكثر من رمال الشاطئ، وقد غنم رجال الجيش مغانم عظيمة بالسلب والنهب حتى إن «تحتمس» لم يكن في مقدروه في مثل هذه الأحوال أن يحفظ النظام بين رجال جيشه. والواقع أن رجال جيشه في الأيام الأولى كانوا ثملين ومعطرين بالزيوت الزكية الرائحة، كأنهم يحتفلون بعيد في مصر. وعلى إثر هذه الهزيمة جاء أمراء الساحل حاملين جزيتهم مقدِّمين خضوعهم، وبذلك ضمن «تحتمس» لنفسه منفذًا بل منافذ على سواحل البحر في الشمال؛ ليربط بينه وبين مصر من جهة، وبينه وبين جيوشه الموغلة في الداخل من جهة أخرى، ومن ذلك الوقت أصبحَتْ مدنُ هذا الساحل قاعدةً لأعماله الحربية في داخل هذه البلاد؛ تنفيذًا لخطته التي كان قد وضعها لمهاجمة ملك «قادش «. وقبل أن ننتقل إلى حروبه مع ملك قادش نورد النص المصري القديم عن هذه الحملة؛ ليقف القارئ على مقدار الأسلاب التي استولى عليها الفرعون خلالها:
السنة التاسعة والعشرون: تأمَّلْ! كان جلالته في أرض «زاهي» ليخضع البلاد الأجنبية الثائرة عليه في حملته الخامسة. تأمَّلْ! إن جلالته استولى على «وارثت» … وهلَّلَ هذا الجيش لجلالته كما قدم ثناءه للإله آمون لما وهبه من نصر لابنه، وقد كان ذلك سارًّا لقلب جلالته أكثر من أي شيء، وعلى إثر ذلك اتجه جلالته نحو مخازن القربان ليقدم القرب للإلهين «آمون» و«حواراختي»، من ثيران وعجول وطيور لأجل فلاح وعافية «منخبرع» (تحتمس الثالث) العائش مخلدًا.
الغنائم التي استولى عليها من هذه المدينة: قائمة الأسلاب التي استولى عليها رجاله من العدو صاحب مدينة «تونب»: أمير المدينة، ثلاثمائة وتسعة وعشرون محاربًا، ومائة دبن من الفضة، ومائة دبن من الذهب، هذا إلى لازورد وفيروزج وأوانٍ من البرنز والجمشت.
الاستيلاء على سفينتين من العدو في أثناء عودة الفرعون إلى وطنه: تأمَّلْ! إنه استولى على سفينتين مجهَّزتين ببحارتهما ومحمَّلتين بكل شيء، من عبيد وإماء ونحاس وقصدير واستفياذج (صنفرة)، وكل ما طاب.
وبعد ذلك سار جلالته إلى مصر إلى والده «آمون رع» بقلب فَرِح.
نهب أرواد: تأمَّلْ! إن جلالته نهب مدينة «أرواد» بما فيها من حبوبٍ، كما قطع كلَّ أشجارها الجميلة.
خيرات بلاد زاهي: تأمَّلْ! لقد وجد كل منتجات بلاد زاهي؛ فكانت حدائقها محمَّلة بالفاكهة، وقد بقي نبيذها في معاصرها يسيل كالماء، كما كانت حبوبها مكدَّسة في أجرانها أكثر من رمال الشاطئ، وقد غمر رجال الجيش بأنصبتهم.
قائمة الجزية التي جلبها جلالته من هذه الحملة: أحضر واحدًا وخمسين من العبيد والإماء، واثنين وثلاثين جوادًا، وعشرة أطباق من الفضة، وكذلك أحضر أربعمائة وسبعين إناءً من الشهد، وستة آلاف وأربعمائة وثمانية وعشرين إناءً من الخمر، ونحاسًا وقصديرًا ولازوردًا، وفلسبارًا أخضر، ونحو ستمائة وثماني عشرة من الماشية الكبيرة، وثلاثة آلاف وستمائة وستة وثلاثين رأسًا من الماشية الصغيرة، ورغفانًا مختلفة أنواعها، وقمحًا نقيًّا، وحبوبًا مطحونة … وكل فاكهة جميلة من هذه البلاد. تأمَّلْ! إن جنود جلالته كانوا ثَمِلين ومعطرين بالزيت كلَّ يوم كأنهم في عيد في مصر.
أثر الغنائم في المصريين: والواقع أن هذه المغانم (إذا كانت الأرقام التي تدل عليها صحيحةً) تُشعِر ببداية إدخال الترف والنعيم على قوم مصر بصورة مزعجة مما لم يُسمَع به من قبلُ في تاريخ البلاد؛ ولذلك لا ندهش إذا كنَّا نرى أن هذا اليسار والثروة الطائلة كان الخطوة الأولى في انحلال الأخلاق، وفساد العناصر الطيبة في البلاد، ممَّا أدَّى بعد زمنٍ غير طويل إلى الانحطاط الخلقي والعسكري معًا. وسنرى أن الدم المصري أخذ يلتحم بالدم الأجنبي ويمتزج به من جرَّاء ما كان يرد على البلاد من أجنبيات فاتنات لا ينقطع معينهن.
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
الأمانة العامة للعتبة العسكرية المقدسة تكرم هيئة الشاب الحيدري في محافظة واسط
|
|
|