المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 6984 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
الشكر قناة موصلة للنعم الإلهية
2025-01-12
أسباب ودوافع الكفران وطرق علاجه
2025-01-12
عواقب كفران النعمة
2025-01-12
معنى كفران النعمة
2025-01-12
دور الإدارة الحكوميـة فـي التنـميـة التكـنولوجـيـة 2
2025-01-12
دور الإدارة الحكوميـة فـي التنـميـة التكـنولوجـيـة 1
2025-01-12



الملك سيتي ومعبد العرابة الكبير.  
  
805   07:13 مساءً   التاريخ: 2024-07-12
المؤلف : سليم حسن.
الكتاب أو المصدر : موسوعة مصر القديمة.
الجزء والصفحة : ج6 ص 81 ــ 88.
القسم : التاريخ / العصور الحجرية / العصور القديمة في مصر /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-05-27 1154
التاريخ: 2024-08-21 515
التاريخ: 2024-12-31 151
التاريخ: 2024-03-21 1192

لا نزاع في أن أشهر معبد أقامه «سيتي الأول» في البلاد المصرية وفي غيرها من بلدان الإمبراطورية المصرية هو المعبد الكبير الذي كانت تعظم فيه شعائر آلهة مصر الستة الهامة في «العرابة»، وكذلك كانت تقام فيه الشعائر الجنازية لملوك مصر القدامى، هذا إلى أنه كان في الوقت نفسه يعد معبدًا جنازيًّا ﻟ «سيتي الأول» نفسه، وهذا المعبد هو المعروف باسم «بيت من ماعت رع»، أو باسمه المطول «البيت الفاخر لملايين السنين لصاحبه ملك الوجه القبلي والوجه البحري من ماعت رع«. ويقع المعبد على مسيرة سبعة كيلومترات من النيل، وقد كان يصل إليه الحجاج في الأزمان الغابرة بوساطة قناة تخرج من النيل حتى جوار المعبد نفسه. وهذا المعبد الفخم بما يحتويه من نقوش بارزة أنيقة الصنع حفظت ألوان بعضها حتى الآن يعد من أثمن الذخائر الفنية التي ورثناها عن العالم القديم. ومما يؤسف له أن «سيتي» لم تمتد به السنون لإنجاز هذا العمل الفني المنقطع النظير بأكمله. وقد كان لابنه «رعمسيس الثاني» شرف إتمام ما بدأه والده، غير أن «رعمسيس» لم يحافظ في إنجازه على المستوى الفني الرفيع الذي اختطه والده؛ ولذلك يرى المفتن، بل الشخص العادي الفرق واضحًا بين جمال ما أقامه «سيتي» وقبح ما أنجزه «رعمسيس الثاني» في هذا المعبد، وبخاصة أنه قد قام ببعض تغييرات في البناء الذي رفعه «سيتي» لم يمكن حتى الآن معرفة ما كان يقصد بها. وتخطيط معبد «العرابة» فريد في بابه؛ إذ قد وضع تصميمه على صورة زاوية قائمة  بدلًا من الشكل المستطيل المعتاد المتبع في تخطيط المعابد، على أنه قد يكون الداعي للانحراف عن اتباع الشكل المألوف وجود معبد آخر بجواره يحتوي على مبانٍ سفلية سرية، وهو المعبد المعروف الآن باسم «الأوزريون» أو الضريح، وسنتناول الحديث عنه في حينه. وهذا المعبد على ما هو عليه الآن غير كامل لما أصابه من تهديم وتخريب، فلم يبقَ من بوابته الفخمة وردهته الخارجية العظيمة إلا دمن ضئيلة لا يزال عليها بقايا بعض زينة متناثرة من عهد «رعمسيس الثاني»، وكذلك الردهة الثانية التي زينها «رعمسيس الثاني» لم يبقَ منها إلا القليل؛ وفي نهاية هذه الردهة الأخيرة ممرٌّ مزين بالعمد المستطيلة الشكل يوصل إلى قاعة العمد الأولى التي يبلغ طولها نحو واحد وسبعين ومائة قدم، وعرضها حوالي ستة وثلاثين قدمًا. ويرتكز سقف هذه القاعة على أربعة وعشرين عمودًا، كل منها مثل في صورة حزمة من البردي، أما تيجانها فعلى هيئة زهرة لم تفتح بعد، وقد نظمت هذه العمد في صفين في مجاميع مؤلفة كل منها من عمودين؛ وبذلك يتخلف بينها سبعة ممرَّات متصلة بعدد مماثل من الممرَّات أو الطرقات في قاعة العمد الثانية، وهذه الطرقات أو الممرَّات تؤدي في نهايتها إلى سبعة المحاريب التي خُصصت لآلهة القطر الستة العظام، ولمحراب «سيتي الأول» الذي كان يُعد إلهًا في هذا المعبد أيضًا، وهكذا كانت مواكب الآلهة التي ابتدعت من أجلها هذه الطرقات على هذا النمط تدخل من الردهة الأمامية، وتتخذ سبيلها صاعدة في هذه الطرقات السبع مخترقة قاعتي العمد؛ فتتقدم مصعدة تدريجًا حتى تصل إلى المحاريب السبعة المقدسة التي كان يأوي إليها الآلهة، غير أن «رعمسيس الثاني» — لسبب غاب عنا — قد أقام جدارًا منخفضًا حاجزًا بين ثلاثة العمد الخارجية المربعة الشكل الواقعة على الجانب الشرقي، وبين العمودين الثاني والثالث الواقعين على الجهة الغربية؛ وبذلك أغلق المدخل المباشر للطريق التي بين العمد المؤدية إلى محاريب كل من «سيتي الأول»، والإله «بتاح»، والإله «حور اختي»، والإلهة «إزيس»، ولم يترك بذلك منافذ إلا لمحاريب كل من الإله «آمون»، والإله «أوزير»، والإله «حور«. والنقوش التي زُخرفت بها قاعة العمد الأولى من النوع الرخيص الذي أصبح طرازًا خاصًّا ﻟ «رعمسيس الثاني» في جميع نقوش مبانيه الدينية المعروفة على وجه عام، وسقف قاعة العمد الثانية محمول على ستة وثلاثين عمودًا انتظمت في ثلاثة صفوف في مجاميع أُلِّف كل منها من عمودين، والأربعة والعشرون عمودًا التي يتألف منها الصفان الأولان من طراز العمد البردية الشكل، وتيجانها برعومية الصورة، أما باقي العمد فقد مثلت على هيئة جذوع شجر سيقانها أسطوانية، وقمتها مربعة بسيطة، وليس لها تيجان؛ ويلاحظ أن رقعة القاعة ترتفع قليلًا بين صفي العمد الثاني والثالث بالنسبة لباقي السطح، ويصل الإنسان إلى الجزء المرتفع بوساطة منحدرات ستة لكل من الممرات الستة، وكذلك يوجد منحدر ذو درجتين خاص بالممر الأوسط. ويلاحظ في المعابد المصرية أن العمد تقل في الارتفاع كلما اقترب الإنسان من المحراب؛ وذلك لأن السقف يأخذ في الانخفاض تدريجًا، ولكن في «العرابة المدفونة» يلاحظ أن العمد قد اختصر طولها لا بسبب انخفاض السقف، بل لارتفاع مستوى رقعة المعبد نفسها، وقد يعزى ذلك إلى ارتفاع طبعي في الأرض نفسها. ويرجع تاريخ المناظر والنقوش التي حُلِّيت بها قاعة العمد الثانية إلى عهد «سيتي الأول»، وهي من أحسن ما أخرجته يد المثال المصري في هذا العهد. ومما يسترعي النظر في هذه المناظر أن الآلهة الذين مثلوا برؤوس آدمية قد صوروا جميعًا بنفس الوضع الجانبي الذي مثل به الفرعون، ومن ثم نرى أن المفتن عندما كان يستعمل صورة الفرعون لتكون نموذجًا معبرًا عن صورة الإله، فإنه كان يتملق الفرعون ملقًا مزدوجًا؛ وذلك لأن جمال صورة «سيتي» أولًا كان خليقًا أن يمثل به تقاطيع صورة الإله نفسه، وثانيًا لأن التشابه بين صورة الملك والإله يؤكد ما يدعيه كل ملك مصري من بنوَّته للإله، وهذا التقليد كان متبعًا من قبل، كما يلحظ ذلك في صور الملك «توت عنخ آمون»، وتشابهها بصور تماثيل الإله «آمون»: وتقع المحاريب السبعة الخاصة بآلهة المعبد خلف قاعة العمد الثانية.

 

شكل 1: معبد العرابة. «سيتي الأول» يطلق البخور ويُقدم القربان للإله أوزير وقد ظهر خلفه ابنه حور.

 

وقد انتظمت في الترتيب التالي من أقصى اليمين؛ إذ نشاهد أولًا محراب الإله «حور»، ويليه محاريب الآلهة «إزيس»، و«أوزير»، و«آمون»، و«حور اختي»، و«بتاح»، ثم محراب «سيتي الأول» نفسه؛ إذ كان يُعد إلهًا أيضًا. ويلاحظ أن كل هذه المحاريب لم تكن لها أبواب من خلفها إلا محراب «أوزير»، فقد كان له باب يؤدي إلى قاعة ذات عمد، يوجد في الجانب الغربي منها ثلاث مقاصير صغيرة لثالوث الآلهة المؤلف من: «أوزير»، و«إزيس»، و«حور»، هذا بالإضافة إلى مقاصير أخرى مهداة للإلهة «نفرتوم»، و«بتاح سكر»، ثم الإله «سكر». ومن ذلك نعلم أنه على الرغم من أن المعبد كان مُهدى لأوزير فإنه كان بجانب ذلك يحتوي على محاريب لآلهة مصر العظمى، ويلفت النظر محراب «آمون» ملك الآلهة؛ إذ كان يحتل المحراب الأوسط بين محاريب الآلهة، وعلى يمينه محراب «بتاح منف»، ومحراب الإله «حور اختي»، ويقابلهما على اليسار محرابا «أوزير»، و«إزيس»، في حين أن محراب الملك الذي كان مؤلهًا يقع في الجهة اليسرى ويقابله في الجهة اليمنى محراب «حور بن إزيس»، وهذا الوضع الأخير ربما كان عن قصد؛ لأن «سيتي الأول» كان يريد أن يؤكد وجه الشبه بينه وبين «حور» في كل مناسبة ممكنة، فقد وجد نفسه هنا مع الإله «حور» بوصفه الملك الشرعي على مصر. وبين الصفين الأخيرين من قاعة العمد الثانية في الجدار الشرقي باب يؤدي إلى ممر ضيق يوصل إلى قاعة ذات عمد؛ وعلى الجدار الجنوبي من هذا الممر الضيق نُقشت قائمة أسماء الملوك الشهيرة باسم «قائمة العرابة»، وتشمل أسماء ملوك مصر الذين عدهم «سيتي الأول» ملوكًا شرعيين للبلاد؛ وقد بدأت هذه القائمة باسم الملك «مينا»، وانتهت باسم «سيتي الأول»، ومما تجدر ملاحظته في الأسماء التي دوِّنت على هذه القائمة أن اسم الملكة «حتشبسوت»، وكذلك كل أسماء ملوك عهد الإصلاح الديني؛ أي «إخناتون» وأخلافه لم يُنقشوا فيها. وكان الغرض من تدوين أسماء الملوك الذين ذُكروا في هذه القائمة التي تعد في نظرنا وثيقة تاريخية من الطراز الأول، هو إقامة شعائر عبادة هؤلاء الملوك القدامى، ولا أدل على ذلك من أننا نرى «سيتي الأول» يصحبه ابنه «رعمسيس الثاني» الفتى الصغير يقرأان صلوات من إضمامة «بردي»، وهاك ما جاء عليها: تأدية الصلاة للموتى «ليت «بتاح سكر»، و«أوزير» رب القبر الذي يسكن معبد «سيتي الأول» يضاعفان الهدايا لملوك الوجه القبلي والوجه البحري بوساطة الملك «سيتي»؛ فيجعلانها ألفًا من الخبز، وألفًا من أباريق الجعة، وألفًا من الماشية، وألفًا من الأوز، وألفًا من البخور … إلخ على يد الملك «سيتي الأول» للملك «منا» … إلخ.» (بعد ذلك تتبع أسماء الملوك). ويشاهد على رقعة الجدار الجنوبي من نفس هذا الممر كل من «سيتي»، و«رعمسيس» الفتى الصغير يقدم البخور والقربان للآلهة، ويلاحظ أن «رعمسيس الثاني» كان يرتدي جلبابًا نُقش عليه طغراء الملك بمثابة حلية، وفي هذا برهان على أنه كان في هذه الفترة مشتركًا مع والده في الحكم، وعلى ذلك يدل تمثيله في صورة صبي صغير لم يبلغ الحلم بعد على صحة ما قاله عن نفسه في نقش الإهداء الذي دونه فيما بعد على جدران هذا المعبد، وقد ادعى فيه أنه قد تُوج ملكًا مشتركًا مع والده في حكم البلاد، وهو لم يزل طفلًا صغيرًا، ويقتبس لنا في هذا النقش الأمر الملكي الذي أصدره والده بمناسبة تنصيبه ملكًا معه، فيقول سيتي: «توِّجوه ملكًا حتى أرى جماله وأنا عائش«(1). وقد عارض الأستاذ «برستد» ما ادعاه «رعمسيس الثاني» من اشتراكه مع والده في الحكم، وهو صغير، غير أن لدينا آثارًا أخرى تثبت صحة ما ادعاه «رعمسيس». ويقول الأستاذ «كيث سيلي» في هذا الصدد: «والآن نعلم أن ادعاءات «رعمسيس الثاني» لا لبس فيها من حيث اشتراكه في الملك مع والده «سيتي الأول»، وقد اعترض عليها بأنها لا تنطبق على الواقع، وبخاصة ما يشير إليه «برستد» بصدد الإضافة التي حُشرت في رسوم الواقعة التي صوِّرت على جدران الكرنك، وهذه الادعاءات ليست مرجحة فحسب، بل إنها قد أصبحت محققة تحقيقًا أكيدًا بالبراهين المعاصرة، هذا على الرغم من عدم وجود آثار باقية تشمل تاريخًا مشتركًا لهما في سنة واحدة من سني حكمهما معًا، كما نجد مثل ذلك في ملوك الأسرة الثانية عشرة.» وسنتناول موضوع اشتراك هذين الفرعونين في الحكم معًا فيما بعد. وقد زُينت جدران الردهة التي يؤدي إليها الممر المكتوب عليه أسماء الفراعنة بمناظر ذبح ثيران، وتقطيعها لتقدم قربانًا، ومن المحتمل أنها كانت المكان العام للذبح في هذا المعبد، ويوجد خلفها عدة حجرات وقاعات صغيرة، وسلم يؤدي إلى السقف. وكان يحوط هذا المعبد في إبان ازدهاره حديقة غناء مغروسة بالنباتات المزهرة والأشجار الباسقة، وقد ظلت بقايا جذوع هذه الأشجار موجودة في أماكنها الأصلية في حفر عميقة حتى أخرجها معول الحفار عندما كشف عن هذا المعبد الذي تكتنفه الصحراء القاحلة الآن. وتدل مادة مباني المعبد على أنه قد رفع بنيانه كله بالحجر الجيري الأبيض ذي الحبات الدقيقة، ويسهل فيه نحت الأشكال الفنية، وقد استفاد المفتن الذي كُلِّف تزيين هذا المعبد من ذلك؛ فأظهر كل ما أوتيه من مهارة لإخراج صورة على هذا الحجر الطيع السلس القياد. وقد ذكرنا من قبل أن كل صور الآلهة الذين مثلوا برؤوس آدمية كانت وجوههم تُنحت بصور الفرعون نفسه، وقد دلت الموازنة بين هذه الوجوه ووجه مومية «سيتي الأول» على أن الشبه بينهما كان تامًّا، ويعد طراز النحت الذي يسود في هذا المعبد من طراز عهد المذهب القديم، وليس فيه أية إشارة تدل على تأثير فن مدرسة عهد «إخناتون»، ولكن الغريب هو أننا لم نرَ من قبل ولا من بعد أن فن العصر الذي سبق عهد «إخناتون» قد أخرج للناس نقوشًا غاية في الإبداع مثل التي جُملت بها جدران هذا المعبد في الجزء المنسوب إلى «سيتي» وكذلك النقوش التي حُليت بها جدران مقبرته الفخمة. والواقع أن التأثير العظيم الذي تتركه هذه النقوش يرجع بعض الفضل فيه إلى مهارة المثَّال الذي كان يسير في عمله بكل دقة على نهج مدرسة ما قبل عهد العمارنة؛ إذ قد جمع مناظره ورتبها، وكذلك أفسح المسافات بين الأشكال، وبين النقوش مما لا يقتصر على إنتاج صور فنية وحسب، بل كذلك وضع أمامنا نموذجًا جميلًا متزنًا، هذا فضلًا عن أن الصور نفسها قد أُخرجت بدقة ورشاقة يكاد يعجز القلم عن وصفها. وعلى سبيل المثال نأخذ صورة «أوزير» وهو مزمل في ملابسه العادية التي كانت تعد بمثابة كفن، فنجد أن المثَّال قد أخرج صور هذا الإله بمهارة مدهشة؛ إذ أظهر فيها كل التفاصيل التشريحية من تحت الملابس، حتى أصبح في استطاعتنا أن نرى تفاصيل العضلات التي في ذراعيه الموضوعتين على صدره، كما نشاهد تفاصيل عظام الفخذين، ودقائق مفاصل الركبتين والكعب، ولكن على الرغم من كل هذا الإبداع في التصوير يقول الأستاذ «بتري» عن نحت هذا المعبد ما يأتي: «إن النعومة البديعة، والإتقان التام اللذين نشاهدهما في العمل الجيد الذي أقامه «سيتي الأول» في العرابة خالٍ تمامًا من كل حياة، وعارٍ عن قوة الملاحظة؛ إذ ليس فيه تفاصيل تشريحية، بل قد أخرجته آلات إنسانية تحسن الصنعة لم يكن في مقدورهم أن يعبروا عن عاطفة لم يحسوا بها أنفسهم«(2). على أن مثل هذا الحكم يجعل الإنسان في حيرة من أمره، ويتساءل عما إذا كان «بتري» قد فحص مناظر معبد العرابة حقيقة، أو أنه قد بنى حكمه على بعض صور من التي تُعد من الدرجة الثالثة بالنسبة لصور المعبد الرائعة؛ حيث توجد التفاصيل التشريحية ظاهرة واضحة لكل ذي عينين، هذا فضلًا عن أن الصور كلها عاطفية إلى حد كبير؛ إذ إن كل حركة من حركات الفرعون أو الإله مملوءة بالرشاقة والحنان والعواطف الطافحة التي يعبر فيها عن الحب والإخلاص. وعلى الرغم من أننا نجد أحيانًا إشارات عابرة تدل على الكآبة، وهي التي نلحظها في الابتسامات الحلوة المطبوعة على وجوه الإلهات، فإنها تُعد مع ذلك انتصارًا للفن؛ لأن المثَّال قد نجح في إسباغ الرشاقة الرقيقة التي تُطبع بطابعها العذارى في عنفوان شبابهن، وفي الوقت نفسه أضفى على صور هؤلاء الإلهات مسحة الجلال والوقار اللذين تتميز بهما امرأة أعلى من بنات البشر. وإذا كانت نقوش معبد «العرابة» تنقصها قوة الفن القديم وحيويته؛ فإنها من جهة أخرى قد اكتسبت حواس داخلية تعبر عن أحاسيس نفسانية. والواقع أن فن الدولة القديمة على ما فيه من جمال وصدق تعبير كان خاصًّا بعالم الدنيا والمادة، في حين أن مثَّال «العرابة» عندما كان يمثل جسم الإنسان في كل مظاهر جماله ألقى نظرة خاطفة على ما هو أعظم من ذلك الجمال المادي، وهو جمال الروح الذي يقع وراء الجسم، وقد وصل بمهارته ودأبه الذي لا يعرف الملل إلى أن مثل الصورتين الجسمية والروحية في قطعة واحدة من الحجر الجيري الأبيض. على أن تقدير قيمة هذه النقوش المدهشة بالنسبة لذوق عصرنا الحالي يمكن إدراكه في المناظر التي ذهبت عنها ألوانها التي كانت تزينها. ويجب أن نعترف بأن المثَّال الذي حفر هذه المناظر كان عبقريًّا، كما أن الذي أبدع ألوانها لا يقل عنه مهارة وحذقًا، فالألوان التي لا تزال باقية حتى الآن في أماكن كثيرة من أرجاء المعبد كما كانت عليه في الأصل تشبه قطع المجوهرات في بهائها ورونقها، فلا يعتورها أي نقص أو سماجة في إبداعها، فنشاهد مجاميع الألوان متزنة التوزيع والتنسيق، ويسودها ظلال بديعة من اللون الأزرق واللون الأخضر، مشفوعين باللون الأحمر القاني، والأصفر الفاقع. وقد كان المصري يستعمل اللون الأزرق بدلًا من الأسود كلما سمحت الأحوال بذلك؛ تفاديًا من وقوع تغيير مفاجئ في ظهور قطع من الألوان المتناقضة التي تزوَر عنها العين، ويمجها الذوق. والواقع أن اللون الأسود كان يستعمل في الأصل لإبراز التفاصيل الدقيقة الصغيرة مثل: العينين، والحاجبين. ويخيل للإنسان أن جدران هذا المعبد عندما كانت سقفها تامة كانت تشبه قطع المجوهرات الذهبية الثمينة المرصعة بالأحجار نصف الكريمة التي عرفناها في مجاميع المجوهرات التي عُثر عليها من عهد الأسرة الثانية عشرة في «اللاهون»، و«دهشور»، وكذلك ما أُخرج من مقبرة «توت عنخ آمون «. والواقع أن الفن المصري الذي مثل في معبد «العرابة» كان مثله كمثل أغنية البجعة، أو كبيضة الديك، لم يصل المصري ثانية إلى جماله وسمو منزلته قط في أي عصر من العصور التي تلت. وعندما قضى «سيتي» كان الجزء الرئيسي من المعبد قد تم تشييده، فلم يبقَ منه إلا الردهة الخارجية، التي لم تكن قد تمت زينتها، أو أخذت زخرفها بعد. وفي استطاعة الإنسان الآن بعد هذا الوصف أن يرخي لخياله العنان، ويتصور الأحفال والشعائر الدينية التي كانت تقام في هذا المعبد في حياة بانيه، فيشاهد أمامه مواكب الكهنة بملابسهم البيضاء يتهادون في الطرقات بين الأعمدة المزخرفة بأجمل الألوان، متجهين نحو المحاريب التي كانت تشبه في بهائها قطع المجوهرات الأخاذة، كما أنه في استطاعتنا أن نسمع في مخيلتنا أغاني أولئك الكهنة في ردهات المعبد، ونشم رائحة البخور ودخانه الأبيض الذي يتصاعد من المباخر نحو سقف القاعات المحلاة بالألوان البديعة، وكذلك في استطاعتنا أن نتصور الفرعون نفسه راكعًا أمام أرباب «العرابة» في ملابسه الفاخرة ذات اللون الأزرق والذهبي، وهي نفس الملابس التي كان يرتديها الآلهة وهم جالسون على عروشهم، أو وهم واقفون يستقبلون الفرعون، أو يقودونه إلى عرش ملكه عند الاحتفال بتتويجه، أو حينما نراهم كذلك، وهم يتقبلون منه الأسرى الذين كانوا يقدمون لهم عبيدًا جزاء لما وهبوه الفرعون من انتصارات ساحقة على الأعداء في البلاد النائية.

.......................................

1- راجع: Gauthier A. Z., 48. P. 53. L. 45 ff..

2- راجع: Petrie Arts & Crafts of Anc Egypt p. 53.




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).