أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-12-2014
3076
التاريخ: 16-12-2014
3398
التاريخ: 16-12-2014
3249
التاريخ: 16-12-2014
3219
|
إن منشأ مشكلات مجتمعاتنا السفاهة ، وعلاج أمراضنا الفقاهة ! فعندما يصير الشخص سفيهاً ، حتى لو كان معمماً ذا لحية عريضة ، فإن عيناه لا ترى في الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء صاحبة المقام الرباني الذي لا ينال ، سلام الله عليها ، لا يرى فيها إلا أنها امرأة عادية ! غاية الأمر أنها زوجة ناجحة وربة بيت موفقة ، وأنها عابدة لربها . وانتهى الأمر ! !
فلو كان عنده فقاهة لعرف أنه لا يصح أن يقال لفاطمة إنها امرأة عادية ، بل يجب أن يقال لها ( حوراء إنسية ) فهذه هي العبارة التي تعرف شخصيتها !
لو كان فقيهاً لعرف أنها ليست امرأة كالنساء ، وأن النبي صلى الله عليه وآله عندما عرج به إلى الملأ الأعلى رأى الجنة مكتوباً على بابها : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، عليٌّ حزب الله ، والحسن والحسين صفوة الله ، فاطمة خيرة الله ! إن هذا الحديث لم يروه الشيعة فقط بل رواه السنة أيضاً ! ولا بد للفقيه أن يفهم لماذا يجب أن يفتتح ما كتب على باب الجنة ب ( لا إله إلا الله ) ويختم باسم ( فاطمة ) ! هنا يتميز حد الفقاهة عن حد السفاهة !
والإنسان الذي يقول هذا الكلام لم يبلغ حد الرشد ، وعندما يبلغه سيفهم أن فاطمة الزهراء عليها السلام موجودٌ أبلغ من كل تعبيرنا ، وأن عباراتنا بطبيعتها مفصلة لمعان تبقى قاصرة عن قمة وجود فاطمة الزهراء عليها السلام ، ويفهم معنى اختيار الله اسم فاطمة لها : لأن الناس فطموا عن معرفتها ! !
في هذا اليوم نتعرض لرواية واحدة ، ونلفتكم جميعاً إلى أن أوجب الواجبات عليكم فرداً فرداً أن تعملوا بكل طاقاتكم الفكرية لكي تكونوا علماء فقهاء ، في الدين ، في أصول الدين ، في معرفة النبي وأهل بيته الطاهرين صلى الله عليه وآله ، وتنجوا الناس من هذه الضلالات والفتنة التي أثارها في هذا الزمن بعض المعممين بمساندة جهات ضالة وكافرة ، محاولاً التشكيك في أصول المذهب ومبانيه المحكمة .
الرواية التي نتكلم حولها اليوم لها أصل في مصادر التفسير السنية والحديثية والتاريخية ، كتفسير السيوطي ، ومستدرك الحاكم ، والخطيب البغدادي ، ولكن هذه المصادر لا تهمنا ، والمهم هو الرواية الصحيحة السند التي يعتمد على رجال سندها في الفتوى في مهمات الأحكام الشرعية ، وهي عن الإمام الصادق عليه السلام ( كان رسول الله يكثر تقبيل فاطمة فعاتبته عائشة وقالت يا رسول الله إنك تكثر من تقبيل فاطمة فقال صلى الله عليه وآله : ( إنه لما عرج بي إلى السماء مر بي جبرئيل على شجرة طوبى ، وناولني من ثمرها فأكلته ، فحول الله ذلك ماء إلى ظهري ، فلما هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة ، فما قبلتها إلا وجدت رائحة شجرة طوبى منها ! ) . ( المحتضر للحلي ص 135 ، وفي المناقب : 3 / 114 : ( فكلما اشتقت إلى رائحة الجنة شممت رائحة ابنتي ) . انتهى .
لقد عرج بالنبي صلى الله عليه وآله إلى الملأ الأعلى مرات عديدة ، كما ثبت في محله ، وفي تلك المرة أخذ بيده جبرئيل فأدخله الجنة ، وأخذه إلى شجرة طوبى ! وقد ورد وصف طوبى في مصادر السنيين بأنه لم يُرَ أحسن من ورقها ، ولا أطيب من ثمرها ! وقد سميت في القرآن ( طوبى ) وهي مصدر من طاب ، وتسميتها من حمل المصدر على الذات ، والروايات في عظمة هذه الشجرة وأنها الأولى في الجنة والأكبر ، كثيرة في مصادرنا ومصادر غيرنا ، ونحن في غنى عن بحث دلالتها وسندها .
ولشجرة طوبى ميزات منها أن جذعها في بيت النبي صلى الله عليه وآله ، وأن الله تعالى غرسها بيده ، كناية عن أن ملائكة الله بمن فيهم جبرئيل وميكائيل وإسرافيل ، لا يصلون إلى مستوى غرسها !
إن فقه الحديث يكمن في فهم كلماته فتأملوا فيها : تربة شجرة طوبى ومغرسها في بيت الشخص الأول في الوجود صلى الله عليه وآله . ويجري من تحتها ثلاث عيون : السلسبيل ، والتسنيم ، والمعين . وفي أملاك كل مؤمن غصن منها ، هو أعز عليه من كل ما يملك في الجنة ، لأنه مميز بثماره ، وطيوره ، وأنغام حفيف أوراقه ، والثياب التي تنبت عليه . . كل ذلك فوق ما تشتهي الأنفس !
مر بي جبرئيل على شجرة طوبى وناولني من ثمرها ، فأكلته فحول الله ذلك ماء إلى ظهري ، فلما هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة ، فكلما اشتقت إلى رائحة الجنة شممت رائحة ابنتي !
هنا لابد من استعمال أدوات الفقاهة ، فالفقيه هو الذي يفهم العلاقة بين البدن والروح بمستوى ابتدائي ، وقد بحث الشيخ الرئيس ابن سينا ، والخواجة نصير الدين الطوسي ، وقطب الدين الشيرازي ، والى حد ما الفخر الرازي ، بحثوا هذه المسألة إلى الحد الابتدائي ، في ماهية الارتباط بين الروح والجسد ، والتأثير والتأثر ، والعلاقة الجدلية بينهما .
إن خلق الزهراء عليها السلام من ثمر طوبى يفتح نافذة لفقهاء البشر والمفكرين في إنسانية الإنسان ، ويطرح عليهم سؤالاً : إذا أخذت نطفة بدن إنسان من ثمرة شجرة طوبى ، فما هو البدن الذي يتكون من تلك النطفة ؟ ثم ما هي تلكم الروح التي صنعت لتحل فيه ، والتي أكرمها الله أن يصل بدنها إلى مرحلة : فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي ، ( سورة الحجر : 29 ) ، والى أن يكتب الله تعالى على باب جنته : ( فاطمة خيرة الله ) ؟
ترى من كان بدنها كهذا البدن ، فما هو نوع روحها ؟ !
ماذا في تلك الروح ، وما هو مقصدها في الوجود ؟ !
إن المصنع الإلهي قائم على الحكمة ، والصانع هو ذلك الحكيم الذي يدير كل منظومة الوجود التي لا يحدها الحس البشري ، والذي هو اللهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ . ( سورة البقرة : 255 ) ، وكل هذه العظمة والحكمة في عالم المادة ، الذي لا يساوي بالنسبة إلى بقية الوجود أكثر من حصوة المثانة ، على حد تعبير المحقق السبزواري رحمه الله .
ذلك الحكيم سبحانه الذي يدير كل تلكم العوالم ، ما غرضه من خلق روح فاطمة الزهراء وبدنها ؟ ! ما غرضه في أن يأخذ الإنسان الأول في الوجود إلى شجرة طوبى التي تحدث عنها لعيسى في الإنجيل ، وذكرها في القرآن فقال : الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ . ( سورة الرعد : 29 ) ، ويطعمه من ثمرها فيتحول ثمرها إلى نطفة في بدنه ، ثم يحل في رحم امرأة أعطت كل ما تملك لربها ، قالوا كانت تجمع ما عندها من حلي وزينة فيبلغ قامة الإنسان ولا يرى الواقف إلى جنبه ! لكنها عندما حضرتها الوفاة قالت لرسول الله صلى الله عليه وآله ليس عندي ثمن كفن ، فأنزل الله تعالى لها كفناً مع جبرئيل عليه السلام !
أمٌّ كهذه ، وأبٌ كهذا ، وبدنٌ فاطمة من ثمار طوبى ، وروحها تلك الروح العليا . . فأي موجودة تكون فاطمة عليها السلام ؟ !
هذا كله ألف باء المطلب ، أما أوْجهُ وختامه فيحتاج إلى فقيه حكيم قد استكمل أصول البحث العقلي والنقلي ، ليدرك نهاية هذا المسار !
وردت هذه الرواية بمضامين مختلفة في مصادر الخاصة والعامة : ( خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وقد أخذ بيد فاطمة عليها السلام وقال : من عرف هذه فقد عرفها ، ومن لم يعرفها فهي فاطمة بنت محمد ، وهي بضعة مني ، وهي قلبي الذي بين جنبيَّ ، فمن آذاها فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله جل وعلا ) . ( المحتضر للحلي ص 133 ، وشرح الأخبار : 3 / 30 ح 970 ، ومناقب ابن شهرآشوب : 3 / 332 . وكتاب الأربعين للماحوزي ص 316 ، عن الفصول المهمة ص 146 ، واللمعة البيضاء للأنصاري ص 59 ، عن كشف الغمة : 2 / 94 . والبحار : 43 / 54 ح 48 ) .
أنظروا إلى التعبير ، فمجلسنا والحمد لله يكفيه إلفات النظر ، ما معنى أن يخرج النبي صلى الله عليه وآله آخذاً بيد فاطمة عليها السلام ؟ ! إن عمله هذا كعمله في حق عليٍّ يوم الغدير ، حيث أصعد ذلك الرجل الفريد معه على المنبر ، وأخذ بيده ورفعها !
وفي هذا اليوم عندما خرج آخذاً بيد فاطمة المرأة الفريدة في العالم ، قال : من عرفها فقد عرفها . . . ومن لم يعرفها فليعرفها !
لاحظوا كيف قدمها النبي صلى الله عليه وآله إلى الأمة ، وعرفهم مقامها درجةً درجة !
إن لكلامه صلى الله عليه وآله في أنفس مستمعيه وقارئيه جاذبيةً خاصة منوعة ! في المرتبة الأولى قال : بضعةٌ مني . لاحظوا كلمة ( بضعة ) ثم انتقل إلى الأعلى إلى المرتبة الثانية فقال : ( وهي قلبي الذي بين جنبي ) ! وعندما يقول النبي ( أنا ) فالأنا هنا غير كلمة بدني ، فالبدن مضاف وضمير المتكلم مضاف اليه . هنا تعابير خاصة : بضعةٌ مني ، وهي أبلغ من بضعة من بدني ، وقلبي الذي بين جنبي غير قلبي ، إنها قلب بين جنبي الشخص الذي ( إنيته ) مبدأ ومنشأ لكل الفضائل البشرية !
الشخص الذي قال وهو الصادق الأمين : ( كنت نبياً وآدم بين الماء والطين ) ! ( المناقب لابن شهرآشوب : 1 / 214 ، ونحوه في مسند أحمد بن حنبل : 4 / 66 )
معنى أن فاطمة قلب إنسان بهذه الصفة ، أنه لو أخذت مني فاطمة فسأبقى بدناً بلا روح ! فإلى أين وصلت الصديقة الزهراء عليها السلام حتى بلغت مقاماً كهذا ، وصارت قلباً بين جنبي علم وعمل ! فجنب النبي الأيمن علم ، والأيسر عمل !
علمٌ عنده تتلاشى كل علوم الأنبياء عليهم السلام ! وعملٌ عنده تتلاشى كل أعمال الأولياء ! ! والقلب الذي بين هذين الجنبين هو الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء عليها السلام ! ! وهنا يتضح سر الحديث القدسي في النبي والعترة صلى الله عليه وآله :
( هم فاطمة وأبوها . . وبعلها وبنوها ) !
سيدتي ، ما ذا فعلت حتى صرت المحور والقطب ؟ !
سيدتي ، ما ذا فعلت حتى صرت قلب عالم الوجود ؟ !
سيدتي ، حتى صرت في مقام قال عنك خاتم النبيين صلوات الله عليه : ( من صلى على فاطمة فهو معي أينما كنت في الجنة ) !
إن العمل الذي عملته لا يعرف كنهه وقيمته إلا الله تعالى ومن هم خزائن أسرار الله تعالى . . فأنت تلك العظيمة التي يقول فيك الإمام الصادق عليه السلام لو حاول الناس جادين أن يعرفوا كنه فاطمة ما عرفوه : لأنهم فطموا عن معرفتها !
وهنا نصل إلى مرحلة من كلام الإمام الصادق عليه السلام : ( اللهم إني أسألك بفاطمة وأبيها ، وبعلها وبنيها ) !
فكروا وتفهموا سر هذه الكلمات . . فالسؤال بفاطمة ، وأب فاطمة ، وبعل فاطمة ، وأبناء فاطمة ، وختام هذا الدعاء كلمة هي ختم الكلام : والسر المستودع فيها ! !
في معراج النبي صلى الله عليه وآله أخذوه إلى شجرة طوبى ، وقطفوا له من ثمرها ، وأطعموه منها ، ومن هذا الثمر انعقدت نطفة فاطمة ، وفي هذه النطفة وضعوا جوهر روح اختارها الله تعالى من أشرف ما في خزائنه من جواهر ! !
المسألة هنا : والسر المستودع فيها ، فأي سر هذا السر ، الذي كان لابد له من مقدمات ، معراج النبي صلى الله عليه وآله ، وأن يتناول من ثمار شجرة طوبى ، ليتكون البدن الذي يكون محلاً لهذا السر ! هذا السر يحتاج إلى فرصة أخرى لبيانه .
إنها سرٌّ . . سر الله الأعظم . . فقد كان قلبها سراً . .
وما في ذلك القلب كان سراً . .
ألمها كان سراً ، لونها كان سراً . .
ما تحملته كان سراً . .
قدرها كان سراً ، مقامها ما زال سراً . .
سرٌَ في سر ، وحتى القبر التي حوى جثمانها كان سراً !
ماذا فعلت يا بنت رسول الله حتى صرت سر الله ؟ !
والى أي مقام وصلت ؟ !
الذي أستطيع أن أقوله إن العمل الذي قامت بها فاطمة عليها السلام أحيت به قيم الأنبياء عليهم السلام من آدم إلى النبي الخاتم صلى الله عليه وآله !
العمل الذي عملته . . به أحيت اسم الله تعالى . . أحيت كل حرمات الله تعالى . .
عندما يموت المؤمن . . أول تحفة يقدمونها له في الجنة أنهم يقولون له : كل
من شارك في تشييع جنازتك مغفور له . وفاطمة تعرف ذلك ولذا قالت : يا علي لا تُعلم بموتي أحداً منهم !
هذا العمل وما أحدثه ، جدير بأن نفكر فيه كثيراً ، لنعرف ماذا حدث ؟ !
عندما غادر النبي الدنيا صلى الله عليه وآله كانت فاطمة في كامل النشاط وغاية السلامة ، وبعد مضي خمس وسبعين يوماً لحقت به !
وفي الليلة التي غسلوا جثمانها قالوا إنها كانت من ضعفها كالخيال ! وأن جسدها على المغتسل كان كالشبح !
لم يبق إلا نفَسٌ خافتُ * أو مقلةٌ إنسانها باهتُ !
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|