أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-08
223
التاريخ: 2024-09-25
180
التاريخ: 2024-09-21
157
التاريخ: 2024-09-08
196
|
الإِخبار عن المصدر
اعلَم: أن المصدر إذا كان منصوبًا وجاء للتوكيد في الكلام فقط ولم يكن معرفة ولا موصوفًا(1)، فالإِخبار عنه قبيحٌ؛ لأنهُ بمنزلة ما ليس في الكلام, ألا ترى أنكَ إذا قلت: "ضربتُ ضربًا" فليس في "ضربًا" فائدةٌ لم تكن في "ضربتُ" وإنما تجيء تأكيدًا, فإذا قلت: ضربتُ ضربًا شديدًا أو الضرب الذي تعلمُ فقد أفادكَ ذلك أمرًا لم يكن في "ضربتُ" فهذا الذي يحسنُ الإِخبار عنه, فإن أردتَ الإِخبار عن ذلك قلت: "الذي ضربتُ ضربٌ شديدٌ" تريد: "الذي ضربتهُ ضربٌ شديدٌ" وإن قلت: "سِيرَ بزيدٍ سيرٌ شديدٌ" قلت: "الذي سِيرَ بزيدٍ سيرٌ شديدٌ" والذي يجوز أن تخبر عنه من المصادر ما جاز أن يقومَ مقامَ الفاعل كما كانَ ذلك في الظروف, قال الله تبارك وتعالى(2): فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (3). وذكر المازني أن الإخبار عن النكرة يجوزُ من هذا الباب, وأن الأحسن أن يكون معرفةً أو موصوفًا، وهو عندي غيرُ جائزٍ إلا أنْ تريد بالمصدر نوعًا من الفعل, فتقول على ذلك: "ضُرِبَ ضَرْبٌ" أي: نوعٌ من الضرب وفيه بعدٌ, وتقول: "ضربتُكَ ضربًا شديدًا" فإذا أخبرتَ عنهُ بالألف واللام قلت: "الضاربكَ(4) أنا ضَرْبٌ شديدٌ" أي: "الذي ضربتكه ضربٌ شديدٌ" فإن ثنيتَ المصدر أو أفردتَ المرة فيه حَسُنَ الإِخبار؛ لأنك تقول: ضُرِبَ ضربتانِ, فتكونُ فيه فائدة لأن قولك: "ضُرِبَ" لا يفصح عن ضربتين وكذلك لو قلت: "ضُرِبَ ضربةٌ واحدةٌ" أو ضربةٌ ولم تذكر واحدةً, فإذا قلت: "ضُرِبَ بزيدٍ ضربٌ شديدٌ" قلت: "المضروبُ بزيدٍ ضَرْبٌ شديدٌ" و"المنفوخُ في الصور نفخٌ شديدٌ"(5), وإذا قلت: "شربتُ شربَ الإبلِ" قلت: "الشاربهُ أَنا شرب الإِبلِ" وإذا قلت: "تبسمتُ وميضَ البرقِ" قلت: المتبسمه أنا وميضُ البرقِ, وقد قال قومٌ: إنَّ وميضَ البرقِ ينتصبُ على "فعلٍ" غير "تبسمتُ"(6)كأنهم قالوا: "ومضتُ وميضَ البرقِ" فهؤلاءِ لا يجيزون الإِخبار عن(7) هذه الجهة، ومن نصب المصادر إذا كانت نكرةً على الحال لم يجز الإِخبار عنها, كما لا يجوز الإِخبار عن الحال, وإذا كانت المصادر وغيرها أيضًا(8) حالًا فيها الألف واللام لم يجز أن تخبر عنها نحو: أَرسلها العِراكَ, والقومُ فيها الجماءَ الغفيرَ, ورجعَ عودَهُ على بدئهِ, وما أشبه هذا مما جاء حالًا وهو معرفة, وكل ما شذَّ عن بابه فليس لنا أن نتصرفَ فيه ولا نتجاوز ما تكلموا به, وكل اسمٍ لا يكون إلا نكرةً فلا يجوز الإِخبار عنهُ, وقد ذكرنا هذا فيما تقدم, فقصة: رُبَّ رَجلٍ وأخيهِ, وكُلُّ شاةٍ وسخلتها, وما أشبه هذا مما جاء معطوفًا نكرةً فهو كالحالِ لا يجوز الإِخبارُ عنهُ, ولو أجزتهُ لوجبَ أن تكرر "رُبّ" فتقول: "الذي رُبّهُ" ولا حجةَ في قول العربِ: رُبّهُ رجلًا, ورُبّها امرأةً؛ لأنَّ هذا ليس بقياسٍ ولا هو اسم تقدم. قال المازني: وأما قول العرب: "ويحَهُ رجلًا" فإنَّما جاءت الهاءُ بعد مذكورٍ, وقد يجوز الإِخبار عنها كما يجوز الإِخبارُ عن المضمر المذكور فتقول: "الذي ويحهُ رجلًا هو"(9) وفيه قبحٌ؛ لأنَّ "ويح" بمعنى(10) الدعاءِ مثل الأمر والنهي, والذي لا يوصل بالأمر والتي؛ لأنَّهما لا يوضحانه, والدعاءُ بتلكَ المنزلة, قال: إلا أنَّ هذا أسهل لأن لفظه كلفظ الخبر قال أبو بكر (11) أنا أقولُ: "وهو عندي غير جائزٍ؛ لأن هذه أخبار جعلتْ بموضع الدعاء فلا يجوز أن تحالَ عن ذلك, وأما ما جاء من المصادر مضمرًا فعله مثل: إنما أنتَ ضربًا وأنتَ سيرًا وضربًا ضربًا" فلا يجوز عندي الإِخبار عنها لأنها مصادر استغني بها عن ذكرِ الفعلِ فقامت مقامه, فلا يجوز الإِخبار عنها كما لا يجوز الإِخبار عن الفعل, والمصدر يدل على فعله المحذوف فإذا أضمرتهُ لم يدل ضميره على الفعل(12). والمازني يجيزُ الإِخبار عن هذا فيقولُ إذا أخبرتَ عن "سير"(13) من قولك: إنَّما(14) أَنتَ سيرًا، قلتَ(15): "الذي أنتَ إيّاهُ سيرٌ شديدٌ" كأنَّكَ قلتَ: الذي أنتَ تسيرهُ سيرٌ شديدٌ.
ــــــــــــــــــــــــــــ
1- في "ب" موصولًا.
2- في "ب" عز وجل.
3- الحاقة: 13، وانظر المقتضب 3/ 104.
4- في "ب" الضاربكه.
5- قال المبرد في المقتضب 3/ 104: "فإن أخبرت عن الصور قلت: المنفوخ فيه نفخة واحدة الصور، وإن أخبرت عن النفخة قلت: المنفوخة في الصور نفخة واحدة.
6- انظر: ارتشاف الضرب/ 146, نقل هذه المسألة من أصول ابن السراج.
7- "عن" ساقط في "ب".
8- في "ب" وأيضًا بعد "حالًا".
9- انظر: شرح الرضي على الكافية 2/ 43-45.
10- في "ب" في معنى.
11-زيادة من "ب".
12- في "ب" فعل، بدون الألف واللام.
13- انظر: شرح الكافية للرضي 2/ 43.
14-زيادة من "ب".
15- قلت: ساقط من "ب".
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|