الويل للمحرفين

يقول تعالى: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ} [البقرة: 79]

إن فعل الكتابة ينجز باليد وهذا ما يفهم من جملة: (يكتبون) إذن فتعبير: (بأيديهم) هو تأكيد لإسناد فعل الكتابة إلى علماء بني إسرائيل ليس إلا وهو تأكيد لدفع توهم المجاز كما في قولك: «كتبته بيميني» [1] . فهؤلاء كانوا حقيقة يكتبون أموراً في كتاب التوراة بأيديهم المنحوسة ثم ينسبونها إلى الله تعالى.

وتكرار كلمة: (ويل) ثلاث مرات في آية واحدة دليل على كون التحريف من أكبر المعاصي ومما لا يغتفر؛ فمثل هذا التهديد الوارد بحق العلماء المحرفين نادراً ما يشاهد في الآيات القرآنية؛ ففي مواطن يذكر الله خطيئة عظيمة ثم يتوعد فاعلها في نهاية الآية بجهنم أو ما شابه ذلك، إلا أنه عز وجل في مواطن أخرى، عندما تكون الخطيئة على درجة عالية من الأهمية والخطورة، كتلك التي تهدد أصل الدين، كما هو الحال في الآية محل البحث، فإنه يبتدئ الكلام بذكر العذاب ثم يقول بلحن صارخ شديد اللهجة: (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم... فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم...).