أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-12-26
163
التاريخ: 2024-09-08
193
التاريخ: 2024-09-07
160
التاريخ: 2024-09-25
183
|
الأسماء المبنية المفردة التي سمي بها الفعل
وذلك قولهم: صه ومه ورويدَ وإيه وما جاء على فَعال, نحو: حَذارِ ونزالِ وشتان, فمعنى صه: اسكت, ومعنى مه: اكفف, فهذانِ حرفانِ مبنيانِ على السكون سمي الفعل بهما, فأما رويدَ: فمعناه المهلةُ, وهو مبني على الفتح ولم يسكن آخره؛ لأن قبله ساكنًا فاختير له الفتح للياء قبله, تقول: رويدَ زيدًا فتعديهِ, فأما قولك: رويدَك زيدًا فإن الكاف زائدةٌ للمخاطبة وليست باسم, وإنما هي بمنزلة قولك: التجاءَك يا فتى، وأرأيتُك زيدًا ما فعلَ, ويدلك على أن الكاف ليست باسمٍ في: التجاءَكَ دخول الألف واللام, والألف واللام والإِضافة لا يجتمعان وكذلك الكاف في: أرأيتُكَ زيدًا زائدةٌ للخطاب وتأكيده, ألا ترى أن الفعل إنما عمل في زيد, فإن قلت: ارودّ كان المصدر اروادًا, وتصرف جميع المصادر فإن حذفت الزوائد على هذه الشريطة صرفت رويدَ فقلت: رويدًا يا فتى، وإن نعت به قلت: ضعهُ وضعًا رويدًا وتضيفه لأنه كسائر المصادر تقول: رويدَ زيدٍ, كما قال الله عز وجل: [ فَضَرْبَ الرِّقَابِ](1)، ورويدًا زيدًا، كما تقول: ضربًا زيدًا في الأمر, فأما إيه وآه فمعنى إيه الأمر بأن يزيدك من الحديث المعهودِ بينكما, فإذا نونت قلت: إيهٍ والتنوين للتنكير, كأنك قلت: هات حديثًا وذاك كأنه قال: هات الحديثَ, قال ذو الرمةِ:
وقَفْنَا فَقُلْنَا إيهِ عَنْ أمِّ سَالِمٍ ... وَمَا بَالُ تَكْلِيمِ الدِّيَارِ البَلاقِعِ(2)
فإذا فتحت فهي زجرٌ ونهي كقولك: إيه يا رجلُ إني جئتُكَ، فإذا لم ينون فالتصويت, يريد الزجر عن شيءٍ معروفٍ، وإذا نونت فإنما تريد الزجر عن شيءٍ منكورٍ، قال حاتم:
إيهًا فِدًى لَكُمْ أُمّي وَمَا وَلَدَتْ ... حَامُوا على مَجْدِكُم واكْفُوا مَنِ اتَّكَلاَ(3)
ومن ينون إذا فتح فكثير، والقليل من يفتح ولا ينون، وجميع التنوين الذي يدخل في هذه الأصوات، إنما يفرق بين التعريف والتنكير, تقول: صه يا رجلُ هذا الأصل في جميع هذه المبنيات, ومنها ما يستعمل بغير تنوين ألبتة فما دخله التنوين لأنه نكرةٌ قولهم: فدًى لكَ, يريدون به الدعاء, والدعاء حقه أن يكون على لفظ الأمر, فمن العرب من يبني هذه اللفظة على الكسر وينونها؛ لأنها نكرةٌ يريدُ بها معنى الدعاء.
ومن هذا الباب قولهم: هاء يا فتى, ويثنى فيقول هائِمًا، وهائم للجميع، كما قال: [هَاؤُمُ اقْرَأوا كِتَابِيَهْ] (4)، وللمؤنث هاء بلا ياءٍ مثل هاكَ، والتثنية هاؤما مثل المذكرين وهاؤن تقوم الهمزة في جميع ذا مقام الكاف, ولك أن تقول: هاءَ يا قوم كما قال عز وجل: [ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ] (5)، وأصل الكلام "ذلكم" هذا في الخطاب يجوز؛ لأن كل واحدٍ منهم يخاطب, وقال: هاكَ وهاكما وهاكم والمؤنث هاكِ, وأما ما كان على مثالِ فَعالِ مكسورِ الآخر فهو على أربعةِ أضربٍ، والأصل واحدٌ.
واعلم: أنه لا يبنى شيءٌ من هذا الباب على الكسر إلا وهو مؤنثٌ معرفة ومعدولٌ عن جهته, وإنما يبنى على الكسر لأن الكسر مما يؤنث به, تقول للمرأة: أنتِ فعلتِ وإنكِ فاعلة وكان أصل هذا إذا أردت به الأمر السكون, فحركت لالتقاء الساكنين، فجعلت الحركة الكسر للتأنيث، وذلك قولك: نَزالِ وتَراكِ، ومعناه: انزلْ واتركْ, فهما معدولان عن المتاركة والمنازلة، قال الشاعر:
وَلِنعْمَ حَشْوُ الدِّرْعِ أنْتَ إذَا ... دُعِيت نَزالِ وَلُجَّ في الذُّعْرِ(6)
فقال: دُعيت, لما ذكر ذلك في التأنيث. وقالوا: تراكَها(7)، وحَذارِ(8)، ونَظارِ، فهذا ما سمي الفعل به باسم مؤنثٍ، ويكون "فَعالِ" صفةً غالبةً تحل محل الاسم نحو قولهم للضبعِ: جَعارِ يا فتى, وللمنية: حَلاقِ ويكون في التأنيث نحو: يا فَساقِ. والثالث: أن تسمي امرأةً، أو شيئًا مؤنثًا باسم مصوغ على هذا المثال نحو: حَذامِ ورَقاشِ. والرابع: ما عَدَلَ مِن المصدر نحو قوله:
جَمَادِ لَهَا جَمَادِ ولا تَقولِي ... طَوَالَ الدَّهْرِ ما ذُكِرَتْ حَمَادٍ(9)
قال سيبويه: يريد: قولي لَها جمود, ولا تقولي لَها حَمْدًا(10)، ومن ذلك فَجارِ، يريدون: الفَجرَة, ومَسارِ يريدون: المَسرةَ، وبَداوِ يريدون: البَدوَ, وقد جاء من بَنات الأربعة معدولًا مبنى قَرْ قارِ، وعَرْ عَارِ، وهي لُغيةٌ وشتان: مبني على الفتح لأنه غير مؤنثٍ فهو اسم للفعل إلا أن الفعل هنا غير أمر, وهو خبر ومعناه: البعدُ المفرط وذلك قولك: شتانَ زيدٌ وعمرٌو فمعناه: بَعُد ما بين زيدٍ وعَمرٍو جدًّا، وهو مأخوذ من شَتَّ، والتشتتُ: التبعيد ما بين الشيئين أو الأشياء, فتقدير: شتانَ زيدٌ وعمرٌو، تباعدَ زيدٌ وعمرٌو, ولأنه اسم لفعلٍ ما تم به كلام قال الشاعر:
شَتَّانَ هَذَا والعِناقُ والنَّوم ... والمَشْربُ البَارِدُ في ظِلِّ الدَّوْمْ(11)
فجميع هذه الأسماء التي سمي بها الفعل إنما أُريد بها المبالغة، ولولا ذلك لكانت الأفعال قد كَفَتْ عنها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- سورة محمد صلى الله عليه وسلم: 4, وتكملتها: {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ} .
2- الشاهد في قوله: إيه بلا تنوين يدل على أنه يريد الاستزادة، من حديث معين. وقيل: تنوين التنكير لا يوجد في معرفة ولا يكون إلا تابعًا لحركات البناء، وذلك نحو: إيه، فإذا نونت وقلت: إيهٍ، فكأنك قلت: استزادة، وإذا قلت: إيه بلا تنوين, فكأنك قلت الاستزادة فصار التنوين علم التنكير وتركه علم التعريف. والبال: الشأن والحال. والديار البلاقع: التي ارتحل سكانها فهي خالية. طلب الحديث من الطلل أولًا ليخبره عن حبيبته أم سالم. وهذا من فرط تحيره وتدلهه في استخباره مما لا يعقل ثم أفاق وأنكر من نفسه بأنه ليس من شأن الأماكن الإخبار عن السواكن.
وانظر: المقتضب 3/ 179 ورواه المبرد: ما بال تكليم الرسوم بدل الديار, ومجالس ثعلب/ 275، وشرح المفصل 9/ 30، وإصلاح المنطق/ 291، والمخصص 14/ 18، والخزانة 2/ 19، واللسان "إيه"، والديوان/ 356.
3- في المقتضب: تقول: أيها يا فتى، إذا أمرته بالكف وويها إذا أغريته، ورواه المبرد: ويهًا فداء لكم أمي ... وروي البيت في الديوان: ويها فداؤكم أمي وما ولدت. ورواية اللسان: ويهًا فدى لكم أمي وما ولدت. وانظر: المقتضب 3/ 180، وابن يعيش 4/ 71، وشرح الكافية 7/ 67، واللسان "ويه".
4- الحاقة: 19.
5-المجادلة: 12.
6- من شواهد سيبويه 2/ 37 على أن "نزال" بمعنى انزل، جعل لابس الدرع حشوا لها لاشتمالها عليه، كما يشتمل الإناء على ما فيه، وهو العامل في "ذا" لأنه بمعنى لابس، وقيل: متعلق بنعم لما فيه من معنى الثناء. ومعنى: وعاء الأبطال بعضهم بعضًا بنزال، أن الحرب إذا اشتدت بهم وتزاحموا فلم يمكنهم التطاحن بالرماح، تداعوا بالنزول عن الخيل والتضارب والسيوف، ومعنى: لج في الذعر تتابع الناس في الفزع، وهو من اللجاج وهو التمادي فيه، والبيت لزهير بن أبي سلمى في مدح الهرم بن سنان. وانظر المقتضب 3/ 370، وأمالي ابن الشجري 2/ 111، وابن يعيش 4/ 50، وإصلاح المنطق/ 336، والخزانة 3/ 64، وشواهد الشافية/ 230، والديوان/ 87، والدرر اللوامع 2/ 138، وشرح السيرافي 1/ 66، ومفاتيح العلوم للسكاكي/ 285، والإنصاف/ 278 وروايته: ولأنت أشجع من أسامة إذ......
7- قال الشاعر: تراكها من إبل تراكها. وانظر: الكتاب 2/ 37.
8- قال الشاعر: حذار من أرماحنا حذار. وانظر: الكتاب 2/ 37.
9-من شواهد سيبويه 2/ 39، على قوله: جماد وحماد وهما اسمان للجمود والحمد, معدولان عن اسمين مؤنثين سميا بهما كالجمدة والحمدة.
ووصف امرأة بالجمود والبخل, وجعلها مستحقة للذم ومستوجبة للحمد، وطوال الدهر وطوله سواء, والبيت للمتلمس.
وانظر ابن يعيش 4/ 5, ورواية الشطر الثاني هكذا:
.... لها أبدًا ما ذكرت حماد.
10- انظر الكتاب 2/ 39.
11- البيت للقيط بن زرارة بن عدس بن تميم ويكنى أبا نهشل، ويروى الشطر الثاني:
والمشرب الدائم في ظل الدوم.
ويراد على هذه الرواية بالدوم الدائم, فهو مصدر أقيم مقام اسم الفاعل, وعلى رواية ابن السراج: الدوم شجر المقل وهي رواية أبي عبيدة. وقد أنكرها الأصمعي؛ لأن الدوم لا ينبت في بلاد الشاعر. والعناق بكسر العين: المعانقة، والمعنى: افترق الذي أنا فيه من التعب والمشقة، فليس بشبه المعانقة والراحة, والنوم والماء العذب في ظل هذا الشجر أو تحت الظلال الدائمة. وانظر: المقتضب 4/ 350، وابن يعيش 4/ 37، والخزانة 3/ 57، والمخصص 14/ 85، والجمهرة 2/ 87.
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
العتبة العباسية تبحث سبل التعاون مع شركة التأمين الوطنية
|
|
|