أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-1-2022
1837
التاريخ: 23-2-2022
2391
التاريخ: 25-12-2021
2437
التاريخ: 24-04-2015
1937
|
مصحف عليّ عليه السّلام
بعد وفاة الرسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، جمع عليّ عليه السّلام القرآن في كتاب عرف بمصحف عليّ ، وقد بيّن في هامش الآيات شيئا من تفسيرها ، كبيان المحكم والمتشابه ، والناسخ والمنسوخ . . .ولا كلام في أنّه عليه السّلام قد تعرّض لبعض أسباب النزول في معرض بيانه لعدد من الآيات ، ولكنّ الكلام في أنّه هل صحيح ما يظهر من بعض الباحثين من أنّه عليه السّلام استقصى تلك الأسباب ، وأنّه جعلها بابا مستقلا فأوردها كذلك في مصحفه ، « 1 » ليكون بذلك أوّل من جعل هذا الباب مستقلا ، وأوّل من دوّن كتابا فيه ؟
في الحقيقة أغلب الشواهد تشير إلى خلاف ذلك :
أوّلا : قد مرّت الإشارة إلى تأكيد أمير المؤمنين عليه السّلام على عدم رغبته في إشاعة أسباب النزول ونشرها بشكل واسع ، وكان يجيب حين يسأل عن الأسباب :
« لولا أنّكم سألتموني ما أخبرتكم . . . ». « 2 » ثانيا : إنّ ما روي عن عليّ عليه السّلام في تعريفه بمصحفه ليس فيه ما يشير إلى ذلك المطلب ، فعن أمير المؤمنين عليه السّلام في وصف كتابه : « ولقد أحضروا الكتاب كملا مشتملا على التأويل والتنزيل ، والمحكم والمتشابه ، والناسخ والمنسوخ ، لم يسقط منه حرف » « 3 ». ثالثا : لم تظهر فكرة أنّ مصحف عليّ عليه السّلام قد خصّ أسباب النزول بذاك الشكل إلّا في فترة متأخّرة ، وذلك بعد أن شاع هذا العلم عند أهل العامّة ، فبينما لا نرى مثل الشيخ الصدوق والشيخ المفيد يأتي على ذكر ذلك عند حديثه عن مصحف عليّ عليه السّلام ، نرى المتأخّرين يؤكّدون هذا المعنى ؛ فما يذكره الصدوق في الاعتقادات حول هذا المصحف هو نقل ما روي عن عليّ عليه السّلام : « قال أمير المؤمنين عليه السّلام ، لمّا جمعه ، فلمّا جاء به فقال لهم : هذا كتاب اللّه ربّكم كما أنزل على
نبيّكم ، لم يزد فيه حرف ، ولم ينقص منه حرف » ، « 4 » وغاية ما يذكره المفيد أنّ عليّا عليه السّلام كتب في مصحفه تأويل بعض الآيات وتفسيرها بالتفصيل ، « 5 » وأنّه عليه السّلام :
« قدّم المكيّ على المدنيّ ، والمنسوخ على الناسخ ، ووضع كلّ شيء منه في محلّه » . « 6 » رابعا : إنّ الشواهد تشير إلى أنّ استقرار هذا العلم قد تأخّر عقودا عن تلك الفترة التي عاش فيها أمير المؤمنين عليه السّلام حياته المباركة ، كما سيأتي .
خامسا : وهذه ملاحظة عامّة ، يمكن أن تسجّل بالنسبة لمجمل هذه الفترة ، ذلك أنّه لم يرد في أيّ من الوثائق التي وصلتنا عن هذه الفترة مصطلح خاصّ بعلم أسباب النزول ، لا بعنوان « سبب النزول » ، ولا بأيّ عنوان غيره ، بل إنّه يرد تارة بتعبير : « فيمن نزل » ، وأخرى : « في أيّ شيء نزلت » أو « فيم أنزلت » ، وثالثة :
« على من نزلت » ، فيما ترد على ألسنة السائلين بصيغة أعمّ : « سألته عن قوله تعالى ».
وكذلك لم يفصل عنوان « أسباب النزول » عن بقيّة عناوين تفسير القرآن الأخرى ، وإنّما ترد جنبا إلى جنب بلا تمييز بينها ، فتارة يرد : « . . فيمن أنزلت ، وأين نزلت ، وعلى من نزلت . . . » ، « 7 » وأخرى : « أعرف فيمن أنزل ، وفي أيّ يوم ، وفي أيّ وضع . . . » ، « 8 » وثالثة : « . . أين نزلت ، وفيمن نزلت ، وفي أيّ شيء نزلت ، وفي سهل نزلت أو جبل » ، « 9 » فيما نرى أنّه قد تمّ فصل مثل عناوين الناسخ والمنسوخ ، والمحكم والمتشابه ، في نفس تلك الأحاديث ، بشكل واضح . « 10 » مع كلّ ذلك لا يمكن أن نطمئنّ إلى أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام قد ذكر كلّ أسباب النزول المرتبطة بالآيات القرآنيّة ، وأنّه جعلها تحت عنوان مستقلّ خارج إطار التفسير العامّ للآيات .
هذا بالنسبة لمجمل دور الإمام عليّ عليه السّلام في أسباب النزول ، والذي يختصر حالة المجتمع الإسلاميّ وارتباطه بأسباب النزول في تلك المرحلة .
تقييم المرحلة
في مجال تقييم هذه المرحلة يمكن تسجيل الملاحظات التالية :
إنّ أبرز ما يميّز هذه المرحلة هو بروز ظاهرة تحاول تسيير أمور الإسلام وفهم القرآن ، على أساس التغاضي عن أسباب النزول ، ويمكن أن نقول بأنّ الأسباب قد تعرّضت لمحاولة تجاهل منظّمة ، وقد كان دور أمير المؤمنين عليه السّلام الوقوف بوجه هذا الأمر ، والتأكيد على ضرورة الرجوع إلى أسباب النزول.
بالإضافة إلى ذلك ، نلاحظ أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام قد قام في هذه الفترة بنشر مجموعة من روايات أسباب النزول ، بما يتناسب مع الظروف الموضوعيّة .
في المقابل ، لم يرد حتّى هذا الزمان ، في أيّ من الوثائق التي وصلتنا ، مصطلح « سبب النزول » ، بل لم يستقرّ لهذا الباب مصطلح معيّن ، فورد بتعابير مختلفة ، كما أنّ هذا الباب لم يفصل عن الأبواب والعناوين التفسيريّة الأخرى ، حتّى في روايات الأمير عليه السّلام التي أشارت إلى أهميّة الاطّلاع على الروايات المرتبطة بأسباب النزول ، وإنّما ورد مقارنا لغيره من أبواب وفروع مرتبطة بالقرآن ، بلا تمييز ظاهر بينها.
وفي النتيجة بدا أنّ حركة أمير المؤمنين عليه السّلام في مواجهة تجاهل الأسباب من جهة ، وبثّ عدد من أسباب النزول من جهة أخرى ، جعل هذه المرحلة تقوم على ثنائيّة الوقوف بوجه التنكّر للأسباب وبوادر التكوّن والتأسيس.
_______________
( 1 ) . راجع مثل : المجلسي ، بحار الأنوار ، ص 40 ، 89 ؛ السيّد حسن الصدر ، تأسيس الشيعة ، ص 318 ؛ السيّد محمّد علي أيازي ، سير تطوّر تفاسير الشيعة ، ص 28 ، الشيخ محمّد هادي معرفة ، التمهيد ، ج 1 ، ص 292 ؛ د . رجبعلي مظلومي ، پژوهشي بيرامون آخرين كتاب إلهي ، ج 1 ، جزء 3 ، ص 83 ؛ خالد خليفة السعد ، علم أسباب النزول وأهميّته في تفسير القرآن ، ج 1 ، ص 77 .
( 2 ) . أمالي الصدوق ، ص 227 ، ح 13 .
( 3 ) . الاحتجاج ، ج 1 ، ص 383 ؛ البحار ، ص 40 ، 89 ؛ السيّد الخوئيّ ، البيان ، ص 242 ؛ الصافي ، المقدّمة السادسة ، ج 1 ، ص 41 ؛ ومعنى التنزيل الوارد في هذا الحديث ، ما يأتي في رواية الصدوق وفي غيرها صراحة وهو ، « كما أنزل على نبيّكم من غير أن ينقص فيه حرف أو يزيد فيه حرف » ، أي كما نزل بلا زيادة أو نقيصة ، أو ما يأتي في رواية المفيد من أنّه :
« ووضع كلّ شيء منه [ من القرآن ] محلّه » ، أي بالترتيب المعتبر .
( 4 ) . الصدوق ، الاعتقادات ، ص 86 .
( 5 ) . لاحظ : الشيخ المفيد ، المسائل السرويّة ، ص 79 ؛ أوائل المقالات ، ص 81 .
( 6 ) . المصدر السابق .
( 7 ) . تفسير العيّاشي ، ج 1 ، ص 17 .
( 8 ) . المصدر السابق ، ج 1 ، ص 14 .
( 9 ) . أمالي الصدوق ، ص 227 ، ح 13 .
( 10) . تفسير العيّاشي ، ج 1 ، ص 14 .
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|