وهي المواد التي تصنع منها السلع المختلفة التي يستخدمها الإنسان، وهذه قد تكون نباتية أو حيوانية أو معدنية ، وقد تكون من منتجات الحرف الأولية كالقمح الذي يصنع منه الطحين والحيوانات التي يتم تحويلها الى لحوم وجلود بعد ذبحها، كما يمكن أن تكون من إنتاج الصناعات الأولية كالطحين الذي يصنع منه الخبز واللحم الذي يحول الى معلبات والجلود الى منتجات جلدية ويمكن أن تكون مواد نصف مصنعة من إنتاج الصناعات التحويلية المختلفة كالحبيبات البلاستيكية التي تستخدم في صناعات عديدة نهائية يستخدمها الإنسان مباشرة .

والمواد الأولية إحدى عناصر الإنتاج الأساسية، ورغم ذلك فإن وجودها ليس شرطاً لقيام الصناعة، إن ضمان الحصول على المواد الأولية بسهولة وبكلفة منخفضة ومزايا رئيسية تسعى جميع الصناعات للتمتع بها. كما أن وجودها لا يفرض قيام الصناعة، لأن ذلك مرتبط بعوامل أخرى مثل رأس المال والخبرة الفنية  والطاقة ، وتتعدد وتتنوع المواد الأولية المستخدمة في الصناعة ولكل من هذه المواد خصائص وصفات تؤثر بطرق معينة على الصناعة، فالمواد الأولية المعدنية تقوم في مواقع احتياطاتها الصناعات الاستخراجية، ووجود موارد متنوعة منها وباحتياطات اقتصادية يوفر إمكانية توطن صناعات استخراجية وأخرى تحويلية تستخدمها كمدخلات في عملياتها الصناعية وخامات المعادن تتباين في قدرتها على اجتذاب المواقع الصناعية نحوها، فمنها ما يرتبط بموطنه صناعات استخراجية وتحويلية مثل الأحجار والأطيان التي تقوم عليها صناعات إنشائية، ومنها ما ينقل مسافات بعيدة عن موطنها قبل إدخالها بعدد من الصناعات التحويلية مثل المعادن الفلزية التي تقوم عليها الصناعات المعدنية الأساسية والنفط الذي تقوم عليه صناعات تصفيته وعدد آخر من الصناعات البتروكيمياوية.

أما المواد الأولية الزراعية فهي تهيئ إمكانية جيدة لإقامة كثير من الصناعات الزراعية الموجهة نحو الاستهلاك المحلي أو لغرض التصدير في الأسواق الخارجية ، إلا أن بعض المنتجات الزراعية عرضة للتلف قبل إيصالها لمستهلكيها النهائيين ، وهناك منتجات زراعية أخرى تحتاج لمعالجة صناعية قبل أن تصبح جاهزة للاستهلاك وتتماثل نسبياً موادها الأولية ومنتجاتها في كلف نقلها وفي تحمل النقل مسافات طويلة من دون أن تتعرض للتلف مثل القمح، والشعير، والذرة والقطن والصوف، فهذه يمكن توقيع مصانعها عند مصدر إنتاجها أو عند أسواق استهلاكها بفرض ثبات العوامل الأخرى.

ومن المنتجات الزراعية ما يتم إدخالها بعمليات صناعية معقدة لتحويلها الى خلاصات أو أنواع جديدة من المنتجات الغذائية للإنسان أو الحيوان مثل الذرة وزهرة الشمس، وبذور القطن والتمور، والتي تقوم عليها صناعات استخلاص النشا والبروتين والزيوت النباتية والصابون وسكريات متنوعة. وهذه الصناعات يفضل إقامة مصانعها في أقاليم إنتاجها وقد يمكن إقامة بعضها عند أسواق استهلاكها بعد حساب الكلف على وجه اليقين .

ومن المواد الأولية ما هو ليس من إنتاج الحرف الأولية، بل مواد نصف مصنعة تنتجها مصانع أخرى، فالتطور التقني المستمر في الصناعة يشجع على تخصص مصانع منفردة بعمليات صناعية معينة رغم تتابع بعضها، وصار للمنتجات نصف المصنعة أهمية في إمكانية اجتذابها لعدد من الصناعات والمصانع التي تجد في سهولة الحصول عليها وفي انخفاض كلف نقلها بالمجاورة مغرياً لاختيار مواقع لها بالجوار، وهذا يشمل المنتجات الرئيسة والمنتجات العرضية مثل قيام العديد من الصناعات الكيمياوية الى جوار مصافي النفط وتوفر بعض الصناعات مثل الكيمياوية والهندسية إمكانية جيدة للجذب الصناعي للروابط التي تجمع بين فروعها، ليس أقلها استفادة بعضها من منتجات مصانع أخرى واستخدامها كمواد أولية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1). د. فؤاد محمد الصقار ، الجغرافية الصناعية في العالم، وكالة المطبوعات (الكويت) ، الطبعة الثانية، دار القلم ، بيروت، 1984 ، ص 268 .