المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
الحديث المضطرب والمقلوب
2024-12-22
الحديث المعلّل
2024-12-22
داء المستخفيات الرئوية Pulmonary cryptococcosis
2024-12-22
احكام الوضوء وكيفيته
2024-12-22
أحكام النفاس
2024-12-22
من له الحق في طلب إعادة المحاكمة في القوانين الجزائية الإجرائية الخاصة
2024-12-22



ما موقع المرأة مع الرجل في نظام القيم ونظام الحقوق والواجبات في الاسلام  
  
334   08:56 صباحاً   التاريخ: 2024-11-08
المؤلف : الشيخ حسن الجواهري
الكتاب أو المصدر : أوضاع المرأة المسلمة ودورها الاجتماعي من منظور إسلامي
الجزء والصفحة : ص 29 ــ 36
القسم : الاسرة و المجتمع / المرأة حقوق وواجبات /

إنّ موقع المرأة في نظام القِيَم في الإسلام، وفي نظام الحقوق والواجبات الإسلامية، متّحد مع موقع الرجل، وذلك:

1ـ لأنّهما ينتميان إلى حقيقة واحدة وهي الإنسانية، فالإنسان نوع واحد في الجنس الحيواني، وجميع أفراد هذا النوع متّحدة ومتساوية في الإنسانية، فلا تفاضل بين الناس في الإنسانية، فلا تفاضل لاُنثى على اُنثى، ولا لذكر على ذكر، ولا لذكر على اُنثى، ولا لاُنثى على ذكر.

وهذا ما أكّده القرآن الكريم حيث قال: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1].

2ـ المساواة في الولاية: قال سبحانه وتعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 71].

فالولاية في الإسلام لله وللرسول ولأهل البيت وللمؤمنين، ومعنى الولاية في هذا المورد هو الحبّ والودّ والقرب، والولاية أوسع الروابط وأوشجها في الإسلام، ومنها الولاية بين المؤمنين والمؤمنات.

3 ـ المساواة في أصل الخلق: فالذكر والاُنثى متّحدان في أصل الخِلقة، قال تعالى: {وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى} [النجم: 45، 46].

وقال تعالى: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} [القيامة: 36 - 39].

وقال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 12 - 14].

وقد ورد في السنّة ما يؤكّد هذا المعنى في قول الإمام علي (عليه ‌السلام) في عهده لمالك الأشتر حين ولاّه مصر، فقال له: (واعلم يا مالك إنّ الناس صنفان: إمّا أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق) (1).

4 ـ المساواة في الهدف: إنّ هدف الإنسان ـ ذكراً أو أنثى ـ في هذه الحياة هو هدف واحد أيضاً، فهدف إيجاد الإنسان هو عبادة الله وإعمار الأرض والتمتّع بها، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56].

وقال تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 30].

وقال تعالى مخاطباً الإنسان: (ذكراً أو أنثى أيضاً) {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحج: 65].

وقال تعالى أيضاً: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ} [لقمان: 20].

وقال تعالى أيضاً: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ * قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 31، 32].

5ـ المساواة في المسؤولية والثواب: إنّ مسؤولية الإنسان ـ ذكراً أو اُنثى ـ عن أعماله في الدنيا والآخرة واحدة، بمعنى أنّ مسؤولية المرأة ليست أقلّ ولا أكثر ولا أصغر ولا أكبر من مسؤولية الرجل، بل هما متساويان في المسؤولية أمام الله، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ} [الانشقاق: 6].

وقال تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: 7 - 10].

وقال أيضاً: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} [الأنعام: 164].

وقال تعالى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى} [النجم: 31]، {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى * وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى * أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى * وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى} [النجم: 36 - 41].

ونفهم من كلّ ما تقدّم أنّ التكليف الإسلامي موجّه إلى الإنسان ككلّ دون تمييز أو تفريق.

وقد روي عن أُمّ المؤمنين (أُم سلمة) (رضي ‌الله‌ عنها) أنّها قالت: يا رسول الله لا أسمع ذكر النساء في الهجرة بشيء؟! فأنزل الله: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ} [آل عمران: 195] (2).

وقال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 72].

وقال تعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 35].

6 ـ المساواة في الإخوّة: ومبدأ الإخوّة بين المؤمنين المصرّح به في القرآن الكريم هو عبارة عن المساواة بين الذكر والاُنثى في المرتبة، فقال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات: 10].

وقال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [آل عمران: 103].

فليس الذكر أصلاً والاُنثى تابعة، ولا العكس هو الصحيح، بل هما في رتبة واحدة متساوية.

7 ـ الاختلاف الفسلجي والسيكولوجي: ومع كلّ ما تقدّم من اتّحاد بين الذكر والاُنثى في نظام القِيَم والحقوق والواجبات في انتمائهم إلى الإنسانية والولاية ووحدة الخلق والهدف والمسؤولية والإخوّة، إلاّ أنّ الاختلاف بين الذكر والاُنثى في الصنف أمر واضح، فالمرأة تختلف عن الرجل فسلجياً وسيكولوجياً، وهذا يقتضي تنوعاً في وظيفة كلّ منهما في الاُسلوب والطريقة التي يتبّعها في القيام بدوره في وظيفته العامة، فلكلّ منهما وظيفة خاصة ينتج منهما الوظيفة العامة للإنسان في الحياة.

فهناك وظيفة عامة يشترك فيها الذكر والاُنثى، وهناك وظيفة خاصة لكلّ منهما حسب خصوصية صنفه، وهذه الوظيفة الخاصة لكلّ من الذكر والاُنثى تكون كلّ واحدة منهما مكملّة للأخرى في تحقيق الوظيفة العامة للنوع الإنساني.

وبمعنى آخر، أنّ الوظيفة الخاصة لكلّ من الرجل والمرأة تكون علاجاً لنقص أو إيجاداً لكمال في تحقيق الوظيفة العامة، فالرجل والمرأة بوظائفهما الخاصة يوجدان الينبوع البشري الذي أراده الله لاستمرار الحياة وعبادة الله.

وليس هذا الاختلاف في الصنف مقتصراً على البشر، بل هو قانون عام في سائر أجناس وأنواع وأصناف المخلوقات. قال تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين: 4].

وقال تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى * الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} [الأعلى: 1 - 3].

وقال تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49].

وقال تعالى: {قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه: 50].

وقال تعالى: {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان: 2].

ومن نافلة القول بأن تنوّع الوظيفة الخاصة لا يكون نتيجة للأفضلية أو الدونية، لأن التنوّع تنوّع وظيفي للذكر والاُنثى ناشئ من تحقيق الوظيفة العامة من هذا التنوّع، وليس تنوّعاً قيميّاً أو أخلاقياً ناشئاً من أسباب تتصل بالإنسانية.

وبمعنى آخر: إنّ الوظيفة العامة للبشر هو استمرار الينبوع البشري ليقوم بعبادة الله وإعمار الأرض، وهذا يقتضي التناسل والتكاثر. والتناسل والتكاثر المتعارف المرغوب فيه ـ والذي يضمن استمرار البشرية في الكون ـ لا يكون عملية ذاتية لأيّ من الذكر والاُنثى، بل هو نتيجة تفاعل وتكامل بين الذكر والاُنثى، لذا هيّأ الله كلّ صنف لجانب من عملية التناسل لا يمكن أن يقوم به الصنف الآخر جسديّاً ونفسيّاً وعاطفيّاً.

وهذه العملية الجنسية بين الذكر والاُنثى تقتضي الحمل، ونمو الحمل والولادة بعد ذلك، ثمّ بعدها الحضانة والتربية.

كما أنّ النسل يحتاج إلى القوت والمأوى والكساء، والإنسان يحصّن بها حياته من أخطار الطبيعة وآفات الجسد.

وقد اقتضت حكمة الله تعالى أن تكون المهمة الأُولى من وظيفة الاُنثى، وأن تكون المهمة الثانية من وظيفة الذكر.

وقد اقتضت حكمة الله تعالى أن تُخلَق الاُنثى مؤهلة من الناحية النفسية والجسدية لما يناسب مهمة الحمل وما ينتج عنها، وأن يخلق الذكر مؤهلاً من الناحية النفسية والجسدية لما يناسب مهمة العمل في الطبيعة والمجتمع.

ومعلوم أنّ تقسيم العمل هذا يقتضي تنوّعاً في الوظائف الخاصة، ولكن هذا التنوّع لم ينشأ عن أفضلية أحد الصنفين على الآخر. فوظيفة كلّ من الذكر والاُنثى عامل محايد بالنسبة للقيمة الإنسانية والأخلاقية لكلّ واحد من الصنفين (3).

ثمّ إنّ اختلاف الوظيفة الخاصة للذكر عن الاُنثى، الذي يقتضي الاختلاف في التكوين الجسدي والعاطفي، يقتضي أيضاً الاختلاف في التشريع الذي ينظّم عمل كلّ واحد من الصنفين، ليقوم الإنسان بمهمته العامّة للخلافة على الأرض، لأنّ النظام التشريعي لكلّ كائن يجب أن يتوافق مع نظامه التكويني (الجسدي والنفسي) ووظائفه.

وخلاصة لما تقدم نتمكن أن نقول: إنّ أيّ إنسان (سواء كان رجلاً أو امرأة) إذا وجد فيه الاستعداد للوصول إلى حقّ ما، فالحقّ موجود له طبيعيّاً، لأنّ الاستعداد الذي وجد فيه يكون دليلاً على أنّ من حقّه الوصول إلى حقّه الذي وجد فيه استعداد للوصول إليه، فحركة الإنسان ضمن استعداده الذي وجد فيه هو حقّ طبيعي للإنسان، وهذا هو طريق الوصول إلى الكمال الذي ينشده الإسلام من خلقه البشر.

وعلى هذا ستكون الحقوق الاجتماعية للفرد (سواء كان رجلاً أو امرأة) هي عبارة عن الاستفادة من المواهب والحقوق الطبيعية، فيتمكن الفرد أن يصل إلى عمل أو منصب أو فكر أو رأي، أو طهارة أو تقوى أو علم، أو أيّ شيء آخر من حقوقه الطبيعية بواسطة الاستفادة من حقوقه الطبيعية.

نعم، هناك حقوق مكتسبة متفاوتة لوجود تفاوت في القدرات في سبيل الحصول على الحقّ العام، ولو أردنا أن نساوي بين الحقوق المكتسبة لكان هذا ظلماً لبعض أفراد الإنسان، ولهذا نرى أنّ بعض الأفراد سيكون رئيساً، والآخر مرؤوساً، والثالث عاملاً، والرابع صانعاً، والخامس اُستاذاً، والسادس ضابطاً، والسابع جنديّاً، والثامن وزيراً، وهكذا، ولا اعتراض على هذا لو كان ناشئاً من اختلاف في القدرات عند إعمال الحقّ العام.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ نهج البلاغة: كتابه (عليه‌ السلام) إلى مالك الأشتر، رقم 53.

2ـ راجع تفسير الميزان، ج 4 / 90.

3ـ نعم، الإسلام اعتمد معياراً لتشخيص الأفضلية والدونية، وهو مدى التزام الإنسان بوظيفته العامة من خلال الالتزام بمقتضيات الوظيفة الخاصة، وقد عبّر عن هذا الالتزام في نظام القيم الإسلامي بالتقوى، وفي مصطلح الفقهاء بالعدالة.

كما اعتمد الإسلام معياراً آخر للتفاضل بين البشر، ألاّ وهو العلم مع الإيمان، فقد قال تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [المجادلة: 11].

وقال تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} [الزمر: 9].

وهذان المعياران يمكن أن يحصل عليهما كلّ صنف من الذكر والاُنثى على حدٍّ سواء، فالذكر يمكن أن يكون متقيّاً سائراً على وفق موازين الشرع في تحقيق وظائفه الخاصة والعامة، وكذا المرأة على حدٍّ سواء، كما أنّ الذكر والاُنثى يمكن لكلّ واحد منهما أن يحصل على العلم مع الإيمان الذي ينفع به نفسه واُمته. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.