أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-9-2019
1565
التاريخ: 30-7-2019
1799
التاريخ: 2023-07-10
1143
التاريخ: 5-6-2022
1556
|
كما تقدّم أنّ الغفلة في نور الحياة سببٌ للشقاء والانحطاط المادي والمعنوي فإنّ «التغافل» بالنسبة إلى هذه الامور يؤدي إلى نفس هذه النتيجة ، أي أنّ الإنسان يجب أن يعلم بأن الواقع الدنيوي متزلزل وأنّ هذا العالم غير ثابت على أمرٍ واحد ، وعليه أن يعبرهُ إلى حيث الحياة الخالدة ، وأنّ الموت هو قانون طبيعي حتمي على الأشياء ولا اعتبار بالقوى الطبيعية والثروات المادية ، ولكن مع كلّ ذلك فإنّ الإنسان الّذي يعيش الغفلة و«التغافل» يمر على هذه الحقائق من الكرام ولا يعنيه من أمرها شيء.
هذا هو التغافل السلبي الّذي قد يترتب عليه آثار ونتائج مضرة أكثر من الغفلة نفسها ، لأن «الغافلين» قد يقعون في دوامة الحوادث والمشاكل عن جهلٍ وعدم علمٍ بواقع الحال ، اما «المتغافل» فهو يخطو باتجاه هذه المشاكل عن وعي وعلم مسبق ، وبذلك تكون مسؤوليته الإلهية أكثر وظلم الناس له أشد.
اما «التغافل الايجابي» فهو أن يعيش الإنسان بحالة يخفي معها الأشياء الّتي ينبغي اخفاؤها ، أي أن يقوم الشخص بإظهار عدم اطلاعه وعدم علمه بالأشياء الّتي يعلم بها ولكنَّ اظهارها له عواقب سيئة ، ويتصرف معها تصرف المتغافل ويمر عليها مرّ الكرام من موقع سعة الصدر وقوّة الشخصية ، لغرض حفظ ماء وجه الآخرين واحترامهم وحيثيتهم الاجتماعية.
ومن جملة موارد التغافل الايجابي هو اخفاء عيوب الآخرين ، فإنّ لكلّ شخص عيوباً وأخطاءً لا يحب أن يطلع عليها الآخرون ، ولذلك يسعى لكتمانها ، ولكن أحياناً يعلم بها بعض الأشخاص الأذكياء ، ففي مثل هذه الموارد يكون التغافل مطلوباً ، وفي الحقيقة هو نوعٌ من ستر العيوب الخفية الّتي لا ينبغي اظهارها إلّا في موارد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وذلك بشكل لطيف ومستور أيضاً.
وهناك بعض الموارد يكون الكشف عن العيب فيها مؤدياً إلى تسقيط شخصية الأفراد وكذلك يؤدي إلى حث الآخرين على المعصية ، فالفضيحة قد تؤدي إلى زيادة الايغال في ارتكاب الذنوب ، وبعبارة اخرى : إذا زال حجاب الحياء عن المذنبين فإنّهم سوف يقدمون على ارتكاب الذنوب المختلفة ، ولهذا ففي مثل هذه الموارد يكون «التغافل» مانعاً عن تفشي هذه الظاهرة الاجتماعية السلبية.
وببيان عام يمكن القول أنّ أحد الاصول المهمة بالحياة الهادئة والوادعة هي أن يعيش الإنسان «التغافل» عن بعض الامور لا سيّما بالنسبة إلى المدراء وأصحاب المناصب الحساسة في المجتمع حيث يجب عليهم الاستفادة من هذه المسألة بشكلٍ جيد لحلّ الكثير من المشاكل الّتي تعترضهم في عملهم الاجتماعي ، وهذا يعني انه كلّما احتاج الأمر إلى تحذير وتنبيه فعليهم أن يقوموا بهذا الأمر ، وكلّما احتاجت المسألة إلى «تغافل» لحلّها أو جعلها تراوح في مكانها ولا تنتشر وتتفشى وتتعاظم فإنه عليهم سلوك هذا الطريق ، ومن المعلوم ان المدير الّذي لا يرى للتغافل شيئاً حاسماً في سلوكه الإداري ولا يعير له اهتماماً فإنه سيوقع نفسه في مشاكل وصعوبات غير موجهة وبدون مبرر.
ولهذا السبب فإنّ الأئمّة المعصومين (عليهم السلام) أكدوا على هذه المسألة في أفعالهم وأقوالهم ، فمثلاً نجد أنّ النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) يتعامل مع بعض الامور من موقع التغافل بحيث أدّى ذلك إلى اعتراض بعض المسلمين الجهلة ، فمثلاً اعترضوا على النبي بأنه سريع التأثر بما يسمعه من كلمات من هنا وهناك ، فلو قيل له إنّ فلان يقول عنك كذا وكذا لأسرع في تصديقه وقبوله وأرسل خلف ذلك الشخص معاتباً إياه ، ولو أنّ ذلك الشخص أقسم له انه لم يقل هذا الكلام في حقّه لأسرع كذلك إلى تصديقه أيضاً.
القرآن الكريم يشير إلى هذا المعنى في الآية 61 من سورة التوبة ويقول (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ ...).
ومن البديهي أنّ نبي الإسلام مع كلّ ذلك الذكاء والحركة والدراية الّتي اعترف بها الأعداء والأصدقاء لم يكن بالشخص الساذج إلى هذه الدرجة ، بل كان يرى أنّ وظيفته في بعض الموارد هي «التغافل» وهذا التغافل يُعد مصدر رحمة لجميع المؤمنين.
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|