أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-07-2015
1517
التاريخ: 2025-01-05
233
التاريخ: 24-10-2014
894
التاريخ: 24-10-2014
1302
|
القدرة هي تمكن الفاعل - العالم بما في الفعل أو الترك من المصلحة أو المفسدة - من الفعل وتركه والقادر هو الذي إذا شاء أن يفعل فعل، وإذا شاء أن يترك ترك، مع الشعور والعلم بما فيه من الخير الذي يدعوه نحوه، فالقدرة قد تكون في مقابل العجز فإن من لم يصدر عنه فعل لفقده إياه، عاجز عنه، بخلاف من يمكن صدوره منه فإنه قادر بالنسبة إليه، وقد تكون القدرة في مقابل الإيجاب فمن أمكن له الفعل والترك فهو قادر، بخلاف من لم يمكن له الترك، فإنه موجب كالنار بالنسبة إلى الإحراق.
ثم إن صدور الفعل أو تركه عن الانسان أو ذي شعور آخر يحتاج إلى مرجح، وهو لا يكون بدون العلم والشعور، وعليه فالعلم والشعور من مبادئ الفعل أو الترك. وإن كان في مرتبة من الضعف فالقدرة لا تطلق إلا إذا كان للعلم والشعور مبدئية في ظهور الفعل أو تركه، فلذا لا تطلق القدرة على القوى الطبيعية.
ثم إن هذه القدرة من الكمالات الوجودية، ويدل على اتصاف ذاته تعالى بها أمور:
منها: صرفية وجوده بحيث لا يشذ عنه كمال من الكمالات الوجودية وإلا لزم الخلف في صرفيته.
ومنها: إنا نجد في أنفسنا القدرة وهي كسائر المعاليل منتهية إليه تعالى، فهو واجد لأعلاها، فإنه في رتبة العلة بالنسبة إلى غيره من الموجودات، ومعطي الشئ يستحيل أن يكون فاقدا له كما لا يخفى.
هذا مضافا إلى أن مشاهدة آثاره وتدبيره في النظام، والاختلاف المشاهد في هبة الولد أو المال ونحوهما لفرد دون فرد مع أنهما متعاكسان في القابلية والاستعداد وهكذا في طول العمر والامكانيات وغير ذلك من الأمور يحكي عن كون أزمة الأمور طرا بيده وقدرته وأنه يفعل ما يشاء.
ثم إن تقريب أزلية القدرة كالتقريب الماضي في أزلية العلم فلا نعيد.
ثم إن مقتضى اشتمال القدرة على العلم والشعور بما في الفعل أو الترك، ومبدئيتهما هو عدم انفكاك القدرة عن الاختيار، إذ ترجيح أحد الطرفين من الفعل أو الترك لا يمكن بدون الاختيار والإرادة، ولذلك نبحث عن الاختيار والإرادة فيما يلي:
وأما الاختيار فهو بمعنى الترجيح في أحد الطرفين من الفعل أو الترك وإرادته مع العلم بما فيها وهو في أفعالنا موقوف على التأمل حول الفعل أو الترك، حتى يحصل العلم بوجود المصلحة وارتفاع المفسدة فيه، وربما يحتاج إلى مضي زمان ومدة، كما إذا كان التأمل نظريا، فالاختيار ربما يتأخر في مثلنا عن القدرة، ولكن فيه تعالى حيث كان العلم بوجود المصلحة وارتفاع المفسدة حاصلا ومقارنا مع قدرته من دون حاجة إلى روية أو تأمل، فلا يتأخر عن القدرة بحسب الزمان. نعم لو كان الراجح أمرا زمانيا مختصا بزمان خاص، لا يتحقق الراجح إلا في ظرف زمانه، لأنه راجح فيه دون غيره، ولكن اختياره وإرادته تعالى إياه من الأزل، وليس بحادث.
وكيف كان فالدليل عليه واضح مما مر، حيث إن فقدان الاختيار بالمعنى المذكور يرجع إلى صدور الفعل أو الترك عنه بلا دخل له تعالى فيه، كالقوى الطبيعية، بل ينتهي إلى سلب صدق القدرة عليه، لأن القوى الطبيعية العاملة العادمة للشعور والعلم المؤثر، لا تسمى قادرة.
ففقدان الاختيار نقص وهو يتنافى مع كونه صرف الكمال كما مر مرات عديدة، هذا مضافا إلى أن ملاحظة النظام وتناسب كل واحد منه مع آخر وترتب الغايات الراجحة على وجودها، توجب العلم القطعي بأن الله تعالى لم يخلقها إلا لترجيح وجودها على عدمها، لترتيب الغايات الراجحة عليها، بحيث لولاها لما أوجدها (1) فهو تعالى قادر لا عاجز، ومختار في فعله وليس بموجب.
ثم إن الإرادة والاختيار بالمعنى المذكور لا تنافي ما دل من الاخبار على أن إرادته تعالى إيجاده وإحداثه، لأن النفي في تلك الأخبار إضافي لا حقيقي وإنما النظر فيها إلى العامة الذين يقولون بامكان الإرادة فيه تعالى مع ما فيها من التأمل والتروي وحدوث الجزم والقصد ومن المعلوم أن الإرادة مع هذه المقرونات محال بالنسبة إليه تعالى، لأنه عالم بجميع الأمور ولا يحتاج إلى التأمل والتروي ولا يكون معرضا للعوارض والطوارئ، ولذا نفت الأخبار المذكورة هذه الإرادة المقرونة ولا نظر لها إلى نفي الإرادة الخالية عن هذه الأمور، فلا مانع من إثبات الإرادة المجردة عن الشوائب المذكورة للذات المتعال ومن المعلوم أن الإرادة والاختيار الخالية عن المقرونات المذكورة من المعاني المدرجة في حقيقة قدرته تعالى فافهم واغتنم.
ثم إنه قد يستعمل الاختيار في مقابل الإكراه والاضطرار، ولا إشكال ولا كلام في صدق المختار بهذا المعنى على الله تعالى، لاستحالة انفعاله من غيره، فإن الانفعال عين العجز، وهو ينافي كونه صرف الكمال وغنيا مطلقا كما لا يخفى.
ثم إن قدرته تعالى عامة ولا اختصاص لها بشئ، فإن الاختصاص أثر المحدودية، وهو تعالى محيط على كل شئ، ولا موجب بعد إحاطته وكماله للاختصاص، فهو قادر على كل شئ يمكن وجوده.
وأما المحالات فالنقص من ناحيتها لا من ناحيته سبحانه وتعالى، ومن المحالات هو:
أن يخلق الله تعالى مثله لأن معناه أن يكون الممكن المخلوق واجبا وهو خلف.
أما في الواجب: فإن اللازم بعد ذلك هو أن يكون المخلوق المماثل في عرضه لا في طوله، ومعه يصير الواجب محدودا وهو خلف.
وأما في الممكن: فلأن لازم ذلك هو جعل الممكن واجبا وهو خلف في كون الإمكان ذاتيا له.
ومنها أيضا: أن يخلق حجرا بعجز عن رفعه - نعوذ بالله - فإنه خلف في صرفيته وإطلاق إحاطته.
هذا مضافا إلى أن المعلول يترشح وجوده منه تعالى، والعلة واجدة لمراتب المعلول بنحو الأشد والأعلى، فكيف يعجز عن ناحية معلوله مع أنه لا استقلال لمعلوله، بل هو عين ربط به تعالى.
ومنها أيضا: هو أن يدخل العالم مع كبره في بيضة مع صغرها، وإلا لزم الخلف في صغرها أو كبرها قال مولانا أمير المؤمنين - عليه السلام - في الجواب عن إمكان إدخال العالم في البيضة مع ما عليها من الحجم: إن الله تبارك وتعالى لا ينسب إلى العجز والذي سألتني لا يكون (2).
وبالجملة أن المحال لا يكون قابلا للوجود والنقص من ناحيته، وأما غيره من الأشياء فهو بالنسبة إلى قدرته تعالى سواء، من دون فرق بين عظيمه وحقيره، وكبيره وصغيره، وقليله وكثيره، إن الله على كل شئ قدير.
ثم إن قدرته تعالى غير متناهية ، ولتلك القدرة خصائص. منها: أن قدرته تعالى لا تنحصر على المجاري العادية، بل له تعالى أن يجري الأمور من طرق أخرى كالإعجاز.
ومنها: أن إعمال القدرة من ناحيته تعالى لا يتوقف على وجود شرط أو عدم مانع، لكونه تام الفاعلية ولعدم استقلال شئ في وجوده حتى يمكن له أن يمنعه تعالى.
نعم قد يكون مصلحة شئ مترتبة على شئ آخر أو مقرونة بالمفسدة المانعة ولعل إليه يؤول قوله تعالى " إنما قولنا لشئ إذا أردناه أن نقول له كن فيكون " (3).
ثم في ختام البحث عن العلم والقدرة نقول: إن عرفناهما حق المعرفة واطمأننا بهما لم نذهب إلى معصية: لأنه عليم بفعلنا ولم نتوكل إلا عليه، لأنه يقدر على كل شئ وهكذا نترتب عليهما الأصول الأخلاقية القيمة الكثيرة التي لا مجال للإشارة إليها.
____________
(1) گوهر مراد: ص 180.
(2) بحار الأنوار: ج 4 ص 143.
(3) النحل: 40.
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|