القسوة البدنية الخالية من الرحمة أمر نادر تقدر نسبته بما لا يزيد عن 3 % إلى 5 % من مجموع الأطفال الموضوعين تحت الرعاية، ومع أنه يبدو أنه ليست هناك دراسات خاصة بالصحة العقلية عن شخصية وتاريخ طفولة الآباء الذين يسلكون هذا السلوك الأثيم، فإن خبرات أطباء الصحة العقلية عن أطفال المدارس الذين يتسمون بالقسوة في سلوكهم نحو الأطفال الآخرين، تدل على أن ذلك ناشئ عن سوء التهذيب الشديد الذي ينتج غالباً من الحرمان أو عن النبذ. والقسوة على الحيوان وعلى الأطفال الآخرين ظاهرة مميزة - وإن لم تكن عامة - للانحراف المجرد من كل عطف. كما أن القسوة اللاشعورية التي تثور من حين إلى آخر أمر معهود في بعض صور الأمراض العقلية. ولهذا فمن الممكن التنبؤ في اطمئنان بأنه إذا أجريت دراسة عن الآباء المتصفين بالقسوة البدنية على أطفالهم فإن اضطراب شخصياتهم سيكون برهانا على صحة القاعدة سواء بتتبع تاريخ حياتهم وما عانوه من حرمان أو نبذ في عهد الطفولة، أو بإرجاعها إلى الإصابة بالأمراض العقلية.