أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-04-15
921
التاريخ: 2024-07-13
834
التاريخ: 2024-07-17
746
التاريخ: 2024-08-12
752
|
وتولى عرش يهودا عدد من ملوك يماثل عدد ملوك إسرائيل؛ أي تسعة عشر ملكًا، غير أن المملكة الجنوبية قد امتد بها العمر أكثر من المملكة الشمالية بنحو قرن وثلث قرن. ومما يلفت النظر بين حوادثها السياسية المبكرة غزو فرعون مصر لبلادها، وذلك أن «شيشنق الأول» قد انتهز فرصة الانقسام بين «يهودا» و«إسرائيل» فاقتحم البلاد حوالي عام 920ق.م، وضرب مدنها ونهب «أورشليم» وحمل غنيمة كل كنوز المعبد والقصر (سفر الملوك الأول إصحاح 14 سطر 25-26): وفي السنة الخامسة للملك «رحبعام» صعد «شيشنق» ملك مصر إلى «أورشليم» وأخذ خزائن بيت الرب وخزائن بيت الملك، وأخذ كل شيء، وأخذ جميع أتراس الذهب التي عملها «سليمان»، ولم يكن «رحبعام» في مركز يمكنه من صد غارة المعتدي، ويقال: إن إحدى بنات «شيشنق» تزوجت من «رحبعام»، كما أن والده «سليمان» تزوج من إحدى بنات الفرعون الذي سبق «شيشنق»، وقد أفاد كل من «يهودا» و«إسرائيل» من فترة السكون في «آشور» و«مصر» في خلال القرن الثامن قبل الميلاد؛ إذ لم يكن لهما نشاط حربي ملحوظ.
ولذلك نجد أن حكم «عوزيه» أو (إذاريه) الطويل 682–751ق.م قد برزت فيه بلاده وسعد نجمها، فأعاد نظام جيشه، وأصلح معاقل «أورشليم»، ونال انتصارات على «فلسطين» و«العرب»، وتسلم جزية من العمونيين وأعداء آخرين (أخبار الأيام الثاني إصحاح 26 سطر 6–8): «وخرج وحارب الفلسطينيين، وهدم سورجت وسوريبنه وسور أشدود، وبنى مدنًا في أرض أشدود والفلسطينيين، وساعده الله على الفلسطينيين وعلى العرب الساكنين في جور بعل والمعونيين.» وقد فضل الأعمال السلمية على الشئون الحربية، فشجع الزراعة بحفر الآبار، وحمى قطعانه في الصحراء بإقامة أبراج لا تزال باقية إلى يومنا هذا، ويدل عليها قطع الفخار المؤرخة (سفر أخبار الأيام الثاني إصحاح 26 سطر 9-10): «وبنى عزيا أبراجًا في أورشليم عند باب الزاوية، وعند باب الوادي، وعند الزاوية، وحصَّنَها، وبنى أبراجًا في البرية، وحفر آبارًا كثيرة؛ لأنه كان له ماشية كثيرة في الساحل والسهل وفلاحون وكرامون في الجبال وفي الكرمل؛ لأنه كان يحب الفلاحة.»
وكان من جراء القضاء على «إسرائيل» في عام 721ق.م أن تعرضت «يهودا» إلى هجمات مباشرة من آشور؛ إذ بعد سنين قلائل من هذا الحادث؛ أي في مستهل حكم «حزقيا» (721–693 ق.م) أصبحت خاضعة «لآشور»، وذلك أن المصريين حرضوا «حزقيا» الذي لم يأبه لتحذير «أشيعا Isaiah» على آشور فاعتنق سياسة الاستفزاز، وعقد محالفة مع البلاد الفلسطينية وغيرها من الحكومات المجاورة، واستعدادًا لما عساه أن يحدث من محاصرة العدو له حفر نفقًا في الصحراء طوله 1700 قدم لتوصيل المياه لعاصمته، وهذا النفق هو المعروف باسم نفق «سيلوعام» الذي نُقِشَ على جداره متن مؤلف من ستة أسطر بالعبرية، وقد كُشِفَ عنه بطريق الصدفة، ودل على أن الحفر بُدِئَ به من كِلَا طرفي الصحراء بدقة مدهشة، وهاك النص: «وفي حين كان قاطعو الأحجار يرفعون الفأس الواحد في مقابل الآخر، وفي حين كان لا يزال باقيًا إلا ثلاث أذرع لتقطع، سمع صوت الواحد ينادى الآخر لوجود انشقاق في الصخر.» (راجع Cooke, North Semitic Inscriptions, p. 15)، وعلى ذلك قام «سرجون» بسلسلة حملات وبعوث تأديبية، وقفاه في ذلك خلفه «سنخرب» (705–681ق.م) على مدن الفينيقيين والفلسطينيين ويهودا، وانتهى الأمر بحصار «أورشليم» عام 701ق.م، وبعد الاستيلاء على «صيدا» و«عكا» وقبول خضوع رسل «أشدد» و«عمون» و«موآب» و«أدوم»؛ سار «سنخرب» على ساحل «فلسطين» وأخضع «يافا» وغيرها من المدن حتى جنوبي «عسقلان» والحدود المصرية، ثم اتجه شرقًا واستولى على «لاكش»، ولكن «صور» و«أفرون» (وهي «عافير» الحالية على مسيرة ستة أميال من غرب «جيزر») قاومتا. ولما سمع «سنخرب» أن الجيش المصري كان يتقدم نحو الشمال فطن في الحال إلى أنه ليس من الحكمة في شيء أن يترك حصنًا قويًّا مثل «أورشليم» وراءه؛ ولذلك أرسل فرقة من جيشه إليها وسار هو بباقي الجيش جنوبًا والتحم عند «التكة Eltekeh» (يحتمل أنها «خرابة المقنع» الحالية) مع الجيش المصري الإثيوبي الذي كان يقوده «تاهرقا» في المعركة وأوقفت تقدمه، ولكن قبل أن يحول كل قوته على أورشليم «كان في تلك الليلة أن ملاك الرب خرج وضرب من جيش أشور مائة ألف وخمسة وثمانين ألفًا، ولما بكروا صباحًا إذا هم جميعًا جثث ميتة.» (سفر الملوك الثاني إصحاح 19 سطر 35). فلا بد أن يكون هذا هو الطاعون الدملي، وهو نفس المرض الذي أصاب جيش «نابليون» في هذا الإقليم عام 1799م، وهو نفس الطاعون الذي كثيرًا ما يصيب الحجاج.
ولم تسقط «أورشليم»، ولكن القرى المجاورة أصبحت خرابًا بلقعًا، وقد اعتقد بطبيعة الحال «أشعيا» والملك أن «يهوه» لا بد أن يحمي مدينتهم على كل حال، وقد سمح «لحزقيال» أن يسترد عرشه، ولكن كان لزامًا عليه أن يدفع المتأخر من الجزية عليه، وأنه بعد عودة «سنخرب» إلى «نينوه» عليه أن يرسل بناته ونساء أخريات من القصر وكنوزًا ثمينة أيضًا إلى «نينوه».
ويلخص «سنخرب» بفخار انتصاراته فيما يلي: «أما عن «حزقيال» اليهودي الذي لم يخضع لنيري؛ فإن ستًّا وأربعين من مدنه المسورة والمدن المجاورة لها التي كانت لا تحصى قد حاصرتها واستوليت عليها ونهبتها وعددها بمثابة غنيمة، أما هو فقد حبسته مثل طائر في قفص في «أورشليم» مدينته الملكية … وحزقيال هذا … فإن بهاء جلالتي الرهيب قد استولى عليه.» (راجع Luckenbill Vol. II 312, cf. Schrader Vol. I p. 2868. 297). وادعى «سنخرب» أنه حمل معه 150–200 رجلًا، وهؤلاء لا بد أن يكونوا عدد سكان بلاد «يهودا» الذين اعتبرهم غنيمة له.
ولا نزاع في أن بلاد «يهودا» قد تُرِكت في حالة خراب بسبب هذه الحملة، وبقيت مدة ثلاثة أرباع القرن السابع قبل الميلاد بمثابة قطر تابع «لنينوه» تدفع لها الجزية بانتظام، وعلى أية حال، فإنها عندما شعرت بضعف «آشور» لم تلبث أن بدأت تقوم من رقدتها، وهذا ما حدث في عهد «يوشع» الذي تولى عرش الملك حوالي 636ق.م وهو في السنة الثامنة من عمره، وفي عهده اتسعت رقعة بلاده شمالًا في محاولة لتوحيد «إسرائيل» و«يهودا»، ولما سقطت «نينوه» عام 612 ق.م في يد الكلدانيين شجع ذلك «مصر» على مد حدود إمبراطوريتها كَرَّة أخرى إلى شمال «سوريا»، فتقدم الفرعون «نخاو» على رأس جيشه شمالًا على طول الساحل، وفي هذا الوقت قام «يوشع» الذي كان يعد نفسه تابعًا لخلف «آشور» وهي «كلديا»، وسار لعرقلة التقدم المصري فجُرِحَ جرحًا مميتًا (606 ق.م) بسهم في ساحة موقعة «مدو». (سفر الملوك الثاني إصحاح 23 سطر 29-30): «في أيامه صعد فرعون نخو ملك مصر على ملك «آشور» إلى نهر الفرات، فصعد الملك يوشيا للقائه فقتله في مجدو حين رآه، وأركبه عبيده ميتًا من مجدو وجاءوا به إلى أورشليم ودفنوه في قبره، فأخذ شعب الأرض يهو آحاز بن يوشيا ومسحوه وملكوه عوضًا عن أبيه.»
ونال «يوشيا» شهرة خالدة بوصفه مصلحًا دينيًّا؛ ففي عام 621 ق.م عندما كانت تُعْمَل إصلاحات في المعبد عُثِرَ على نسخة من كتاب، ولا بد أن تكون العهد القديم أو جزءًا منه، وهذا الكتاب قد اختفى عن الأنظار بطبيعة الحال في عهود الردة والاضطهاد، وبخاصة عصر «منشة» (693–639 ق.م) ابن «حزقيال»، وقد كان لقراءة هذا الكتاب أثر عميق في نفس الملك وشعبه، حتى إنهم تعاقدوا على عبادة «يهوه» وحده، فحرقوا أواني «بعل» و«السارية» و«أجناد السماء» التي كانت في المعبد، وخربوا البيوت المجاورة التابعة لأهل «سدوم»، وهدموا المرتفعات في كل أنحاء «يهودا» و«إسرائيل» (راجع سفر الملوك الثاني من كتاب العهد القديم إصحاح 23 سطر 1–25).
وقد تأرجحت «يهودا» بعد ذلك بين سياسة الخضوع لحكام «الفرات» الجدد والتحالف مع دولة «مصر» صديقتها القديمة، ولكن «يواقيم» بن «يوشيا» (608–597 ق.م) اختار محالفة «نخاو» ملك «مصر». (سفر الملوك الثاني إصحاح 23 سطر 34): «وملك فرعون «نخاو» «الياقيم» بن «يوشيا» عوضًا عن «يوشيا» أبيه، وغيَّر اسمه إلى «يهو ياقيم»، وأخذ «يهو آحاز» وجاء إلى مصر فمات هناك.» فالواقع أنه كان في الأصل مرشح «نخاو» لعرض ملك «يهودا»؛ ولذلك قام في وجه «نبوخا دنزر» (بختنصر) الذي رأى والده «نابو بولسر» ثورة موفقة كانت من نتائجها بمساعدة الميديين تخريب «نينوه» وتأسيس دولة الكلدانيين، وكان «نبو خادنزر» وهو لا يزال قائدًا في جيش والده قد برهن على مهارته الحربية بهزيمة «نخاو» هزيمة منكرة في موقعة «قرقميش» عام 605 ق.م، وانتزع بذلك من «مصر» كل ممتلكاتها الآسيوية. (سفر الملوك الثاني إصحاح 24 سطر 7): «ولم يعد أيضًا ملك «مصر» يخرج من أرضه؛ لأن ملك «بابل» أخذ من نهر مصر إلى نهر الفرات كل ما كان لملك مصر.» وقد كان ذلك الحادث نقطة تحول في ذلك العصر، فقد فصل نهائيًّا في النزاع الطويل للسيادة في «آسيا الغربية»؛ فقد أصبحت «بابل» تحت سيادة الكلدانيين، وأصبحت هي الدولة المسيطرة التي لا منازع لها في شئون هذه الجهة.
ولم يكن «ليواقيم» من القوة ما يناهض بها «نبو خادنزر» الذي دخل جيشه «أورشليم» عنوة في عام 597 ق.م، وقيد الملك الثائر بالسلاسل ليحمله إلى بابل. (سفر أخبار الأيام الثاني إصحاح 36 سطر 6): «عليه صعد نبو خذناصر ملك بابل وقيده بسلاسل نحاس ليذهب به إلى بابل.» ولكنه إما مات أو قتل وأُلْقِيَ بجسمه خلف أبواب «أورشليم»، وقد تنبأ «أرميا» في وثيقة قطعها الملك وألقى بها في النار بأن «يواقيم» سيدفن دفن الحمار (سفر أرميا إصحاح 22 سطر 19): «يدفن دفن حمار مسحوبًا ومطروحًا بعيدًا عن أبواب «أورشليم».» (وكذلك راجع Josephus, Antiquities Bk X cb. 6. § 3).
وتؤرخ نقوش «نبوخادنزر» التي نقشها على صخرة عند «الكلب» قبل هذه الحادثة بزمن قصير، وقد نقشها ثانية على صخرة في «وادي برسا» غربي «ربلة»، حيث نجد «نبوخادنزر» ممثَّلًا واقفًا أمام شجرة أرز في صورة أخرى غير السابقة مُثِّل فيها وهو يدفع عن نفسه أسدًا يقفز عليه (راجع Dussaud, Topographie p. 95).
ولم يكن ابن «يواقيم» وخلفه بأرجح عقلًا من والده، فقد اعتلى عرش البلاد بعد موت والده بثلاثة أشهر في عام 597ق.م، ولم يلبث أن رأى «نبوخادنزر» يظهر شخصيًّا عند أبواب العاصمة، وبعد حصار قصير سلمت المدينة، وحمل الملك الشاب «يواقيم»، وأزواجه، وأمه، وموظفوه، وسبعمائة من جنوده، وألف من مَهَرَة صُنَّاعِه إلى بابل، وكان «أزقيل» ضمن القواد الدينيين الذي أُسِروا، وعلى إثر ذلك نصب «زدقيا» أحد أبناء «يوشيا» ملكًا بأمر «نبوخادنزر»، وقد بقي «زدقيا» الذي كان يبلغ من العمر الواحدة والثلاثين (597–586ق.م) على ولائه للملك «نبوخادنزر» لمدة أعوام، ولكنه لم يلبث أن عاد بعدها إلى طلب الاستقلال، وقد كان ذلك استجابة إلى تحريض قواده الوطنيين، هذا فضلًا عن أنه كان يعتمد على مساعدة مصر، ولما علم بذلك «نبوخادنزر» ثارت ثائرته وأرسل جيشًا ليخرب «أورشليم» التي كانت أصبحت تحت الحصار، وقد رفع الحصار مؤقتًا عندما اقتربت حملة مصرية بقيادة «حوفره» («أبريس» كما ذكره هيردوت) (راجع Diodorus, Bk 1 ch. 68, Bk II ch. 161) غير أنها حوصرت ثانية، وبعد عام ونصف نفدت قوة الحامية وهدمت جدران المدينة في عام 586ق.م، ولما رأى ذلك ملكها فر في جنح الليل مع رجال حربه، غير أن العدو اقتفى أثره ولحق به في سهل «جريكو»، وأحضر إلى معسكر «نبوخادنزر» في «ربله» حيث رأى ذبح أولاده بعيني رأسه، ثم فقأ عينيه ليكون آخر مشهد لهما هذا المنظر المحزن! وبعد ذلك وُضِعَ الملك الأعمى في الأغلال وحمل إلى بابل (راجع سفر الملوك الثاني من كتاب العهد القديم إصحاح 25 من سطر 1–7).
أما «أورشليم» فخربت هي ومعبدها، وحمل عظماء المدينة والريف ويبلغ عددهم 50000 نسمة أسرى، ولم يبقَ في المدينة إلا عدد ضئيل من التعساء، ثم خرَّب هذا العاهل الجبار كل مدينة في «يهودا» تقريبًا، وقد بقيت كذلك عدة قرون، وبحلول عام 582 ق.م كان «نبوخادنزر» قد أعاد فتح البلاد المجاورة لبلاد «يهودا» عدا «صور» التي بقيت تقاوم الحصار حتى عام 572 ق.م، وقد كان ملكها المدافع عنها هو «أتبعل الثالث» الذي سلم الملك في عام 574 ق.م «لبعل الثاني»، وقد حدثت ثورة ضئيلة في «صور» في عام 564 ق.م ولكنها أخضعت بسهولة، وبذلك أصبحت كل «سوريا» في يد الكلدانيين.
|
|
دون أهمية غذائية.. هذا ما تفعله المشروبات السكرية بالصحة
|
|
|
|
|
المنظمة العربية للطاقة تحذر من خطر.. وهذه الدولة تتميز بجودة نفطها
|
|
|
|
|
مركز الثقافة الأسرية يواصل تقديم دورة (البروتوكول والإتيكيت) للملاكات النسوية
|
|
|