المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية
آخر المواضيع المضافة
أثر الإنسان في تغيير البيئة وتأثير الصناعة والتكنولوجيا على البيئة الأثـر البيئـي فـي النـشـاط الاقتـصادي مـدخـل للأبعاد الاقتصاديـة للمشاكل البيئية وأثر التنمية المستدامة توصيات لنقل المجتمعات العربية إلى مجتمع المعلومات ومجتمع المعرفة مـتـطلبـات التـعليـم الإلكـترونـي المداخل الأساسية لنظريات الإعلام- المدخل الاقناعي: نظريات الإقناع توظيف النظريات المستخدمة في البحوث الإعلامية مرحلة تردد راديوي تسبق الكاشف لمحة تاريخية عن مستقبل إعادة التوليد عالي الأداء أساسيات إعادة التوليد Regeneration Basics ما ورد في شأن الرسول الأعظم والنبيّ الأكرم سيّدنا ونبيّنا محمّد (صلى الله عليه وآله) / القسم الثلاثون ما ورد في شأن الرسول الأعظم والنبيّ الأكرم سيّدنا ونبيّنا محمّد (صلى الله عليه وآله) / القسم التاسع والعشرون ما ورد في شأن الرسول الأعظم والنبيّ الأكرم سيّدنا ونبيّنا محمّد (صلى الله عليه وآله) / القسم الثامن والعشرون حاصلات بلاد النوبة المعاملات التجارية بين مصر وبلاد النوبة


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



ماذا يريد الأطفال حقاً؟  
  
52   10:08 صباحاً   التاريخ: 2025-01-25
المؤلف : ستيف بيدولف ـ شارون بيدولف
الكتاب أو المصدر : سر الطفل السعيد
الجزء والصفحة : ص39 ــ 52
القسم : الاسرة و المجتمع / الطفولة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-1-2023 1616
التاريخ: 28-6-2017 15898
التاريخ: 18-1-2016 1915
التاريخ: 20-5-2022 2001

ـ إن ذلك أرخص من ألعاب الفيديو وأكثر فائدة من الآيس كريم!.

يمكن أن نختصر السؤال الرئيسي الذي يدور في عقل الملايين من الآباء يومياً في كلمة واحدة...

لماذا؟ 

لماذا يراوغ الأبناء؟ لماذا ينقبون دائماً في الموضوعات التي لا ينبغي لهم طرحها؟ لم يقدمون على أشياء لا يجب أن يقوموا بها؟ لم يتشاجرون، ويكيدون، ويتمردون، ويجادلون، ويثيرون الفوضى، ويبدون بصفة عامة كما لو كان هدفهم هو مضايقة الأب والأم؟

لم يبدو بعض الأطفال في واقع الأمر وكأنهم (يستمتعون)، بالوقوع في المشكلات؟

إن الطفل يراوغ لسبب واحد وهو أن لديه (احتياجات لم تلبى).

(ولكن ما هذه الاحتياجات؟)، هل لدى أبنائي احتياجات لم ألبها لهم؟، (إنني أطعمهم، وأكسوهم، وأشتري لهم اللعب، وأوفر لهم الدفء والنظافة)، هذا ما يدور في عقلك.

حسناً؛ هناك بعض الاحتياجات الإضافية (ولحسن الحظ فهي ميسورة) وهي تتخطى هذه الأساسيات التي ذكرناها. إن هذه الاحتياجات الغامضة أساسية ليس فقط لإسعاد الأطفال، بل لمواصلة الحياة ذاتها. ربما يمكنني أن أشرح لكم على نحو أفضل إن رويت لكم إحدى القصص.

في عام 1945؛ انتهت الحرب العالمية الثانية وكانت أوروبا تعيش في حالة دمار. وكان من بين المشاكل الإنسانية التي يجب مواجهتها العناية بآلاف الأيتام الذين فقدوا آباءهم في الحرب، إما بسبب الوفاة، أو بسبب الانفصال الدائم نتيجة الحرب.

فقامت سويسرا - التي نجحت في أن تبقى بمنأى عن الحرب - بإرسال بعثة طبية للمساعدة في حل بعض هذه المشاكل، حيث تولى أحد الأطباء مهمة البحث عن أفضل وسيلة للعناية بالأيتام الرضع.

سافر هذا الطبيب إلى كل أنحاء أوروبا وشهد الكثير من أنواع العناية بالأيتام كي يختبر أكثر هذه الأنواع نجاحاً. وفي أثناء جولته، رأي الكثير من التناقضات. ففي بعض الأماكن كانت المستشفيات الأمريكية الميدانية توفر للأطفال أسرّة من الصلب في عنابر صحية حيث يحصل الأطفال على وجبتهم الغذائية كل أربع ساعات من اللبن المخصص للرضع بواسطة ممرضات متمرسات يرتدين زياً خاصاً.

وعلى الطرف الآخر، رأى في بعض القرى الجبلية النائية إحدى الشاحنات وهي تحمل عدداً من الأطفال؛ وإذا بقائد السيارة يتوقف ويسأل: (هل يمكنكم العناية بهؤلاء الأطفال؟) ثم يترك نصف دستة أطفال وهم يبكون ليتولى أهل القرية رعايتهم. وهناك يعيش الرضع محاطين بالأطفال والكلاب والماعز في أحضان الريفيات؛ يتغذون على ألبان الماعز في ظل حياة عشوائية.

وقد اتبع الطبيب السويسري طريقة بسيطة للمقارنة بين الطرق المختلفة للعناية بالأطفال. لم يكن بحاجة حتى إلى قياس وزن الأطفال أو البحث عن الابتسام والتواصل البصري. ففي أثناء تلك الأيام التي كانت قد تفشى فيها مرض الأنفلونزا والدوزنتاريا، لجأ الطبيب إلى أبسط طريقة إحصائية وهي قياس معدل الوفيات بين الأطفال.

غير أن ما توصل إليه كان بمثابة مفاجأة. فبينما كانت الأوبئة تجتاح أوروبا وتحصد أرواح الكثيرين؛ أثبت الطفل الذي كان يحيا في القرى البدائية كفاءة تفوق نظيره الذي يحظى بكل الرعاية الصحية داخل المستشفيات!

لقد اكتشف الطبيب شيئاً ما كانت العجائز من السيدات قد اكتشفنه منذ زمن بعيد. لقد اكتشف أن الأطفال يحتاجون إلى (الحب)، لمواصلة الحياة.

لقد كان الأطفال في المستشفى ينالون كل شيء عدا الحب والتحفيز. أما الأطفال في القرى؛ فقد كانوا يحظون بقدر أكبر من العناق والمداعبة ويتعرضون لأشياء جديدة أكثر بكثير مما كانوا يعرفونها. ولقد ساعدهم هذا - بالإضافة إلى العناية المعقولة بالمتطلبات الأساسية للطفل - على مقاومة الأمراض.

بالطبع لم يستخدم الطبيب كلمة (حب)، (لأن مثل هذه الكلمات تزعج العلماء)، ولكنه قسم الكلمة في عدد من المتطلبات جعلت الكلمة تبدو واضحة وضوح الشمس، إن الأشياء الهامة على حد قوله هي:

ـ التواصل الجسدي الحميم من جانب اثنين أو ثلاثة من الأشخاص المقربين من الطفل.

ـ الحركة الرقيقة ولكن النشطة مثل حمل الطفل والسير به، وهدهدته فوق الركبة وما شابه ذلك.

ـ التواصل البصري والتبسم في وجه الطفل والبيئة الحية زاهية الألوان.

ـ الأصوات مثل الحديث، وأغاني الأطفال وما شابه ذلك.

لقد كان كشفاً هاماً؛ كما كان ذلك أول تسجيل علمي يصرح بأن الطفل بحاجة للتواصل الانساني والحب (وليس فقط للغذاء والدفء والنظافة). وإن لم يحصل الطفل على هذه الخصائص الانسانية، فقد يموت بسهولة.

هذا هو الحال بالنسبة للرضيع؛ فما هو الحال بالنسبة للأطفال الأكبر سناً؟ الأطفال؟

إن الرضيع يحب الملامسة والتدليل. وكذلك الحال بالنسبة للأطفال الصغار، غير أن لديهم القدرة على اختيار من يتولى هذه المهمة، أما من هم في سن المراهقة، فغالباً ما يخجلون من مثل هذه المتطلبات، ولكنهم يعترفون بوضوح لأهل الثقة أنهم يتوقون إلى مثل تلك العواطف شأنهم شأن غيرهم. وهم بالطبع يسعون إلى أشكال خاصة من العاطفة مع نهاية سنوات المراهقة بمنتهى النشاط!

ذات مرة طلبت من المستمعين في إحدى المحاضرات والذين بلغ عددهم 60 شخصاً من البالغين أن يغمضوا أعينهم ويرفعوا أيديهم إن كانوا يحصلون على قدر من العاطفة في حياتهم اليومية أقل مما يحبون أن يحصلوا عليه. وجاء الرد بالإجماع فقد رفع الكل يده. وبعد مرور دقيقة، بدأ الجميع يسترق النظر وضجت القاعة بالضحك. وقد خلصت انطلاقاً من هذه الدراسة العلمية الدقيقة إلى أن الكبار بحاجة إلى العاطفة أيضاً!

وبعيداً عن الملامسة الجسدية، هناك طرق أخرى للحصول على المشاعر الطيبة من الآخرين. أما أكثر هذه الطرق وضوحاً فهي استخدام الكلمات.

نحن جميعاً بحاجة لأن يشعر الآخرون بوجودنا، لأن يلحظونا، بل نحب أن نستمع إلى عبارات إطراء صادقة. إننا نحب أن نذكر في الأحاديث وأن يستمع الآخرون إلى أفكارنا ويبدوا إعجابهم بنا.

إن طفل الثالثة يعبر عن هذا بشكل مباشر قائلا: (انظر إلي)، إن الكثير من الأغنياء لا يجدون سوى القليل من المتعة في متابعة حسابهم المصرفي ما لم يكن هناك من يلتفت إليهم أثناء ذلك.

كثيراً ما ابتسم لنفسي كلما راودتني فكرة أن عالم الكبار يقوم بشكل أساسي على صورة طفل صغير يبلغ من العمر ثلاث سنوات يركض ويصرخ قائلا (انظر إلي يا أبي)؛ (انظروا إلي أيها الرفاق). ليس أنا بالطبع؛ فأنا أحاضر وأعد الكتب من منطلق شخص ناضج واعِ!.

وهنا تبرز صورة شيقة. نحن نعتني باحتياجات أبنائنا الجسدية، ولكن إن كان هذا هو ما نقوم به فقط، فإنهم مازالوا مفتقدين أشياء أخرى. إذ لديهم متطلبات نفسية أيضاً وهي متطلبات بسيطة ولكنها أساسية. إن الطفل بحاجة إلى تحفيز من النوع الإنساني. (أي أنه لا يكفي أن نزرعهم أمام شاشة التلفاز)، يجب أن ينالوا جرعة من الحديث على أساس يومي مع إظهار بعض العاطفة والمديح لكي يشعروا بالسعادة. وعندما يحدث ذلك بشكل كامل وليس بشكل مقتضب كأن يحادث الآباء أبناءهم من وراء كومة من الملابس المعدة للكي، أو من وراء الصحيفة. إن الأمر لن يستغرق طويلاً!

إن الكثير ممن يقرأون هذا قد يكون لديهم أبناء كبار أو مراهقين، وقد يتساءلون: (ولكن الأبناء قد اكتسبوا بالفعل بعض العادات السيئة لجذب الانتباه. كيف يمكن أن أتعامل مع هذا الأمر؟)

ـ إليكم قصة أخرى (عن الفئران والبشر)

منذ سنوات قليلة كان علماء النفس يرتدون المعاطف البيضاء ويتعاملون بشكل أساسي مع الفئران. (أما الآن فهم يرتدون الثياب التقليدية ويتعاملون مع النساء الصغيرات وهكذا بدأت الأشياء تتضح!) لقد كان علماء النفس الذين يتعاملون مع الفئران بالفعل أكثر قدرة على معرفة الكثير عن السلوك؛ لأنه كان بوسعهم أن يفعلوا اشياء مع الفئران لا يمكن تطبيقها على الأطفال، واصل القراءة؛ وسوف يتبين لك ما أعنيه.

في إحدى التجارب الخاصة؛ وضعت الفئران داخل أقفاص خاصة ومعها الطعام والشراب ورافعة صغيرة، فأكلوا وشربوا وأخذوا يلهون، ثم بدأوا يطرحون على أنفسهم نفس السؤال الذي نطرحه على أنفسنا - فيم تستخدم هذه الرافعة؟ فضغطوا عليها (فهم يشبهون الأطفال في انهم يريدون أن يجربوا كل شيء)، ففوجئوا أن هناك نافذة صغيرة قد فتحت داخل القفص وأظهرت فيلماً كان يعرض على الجدار الخارجي. ربما كان فيلماً لـ (ميكي ماوس) ـ لا أدري! وسرعان ما أغلقت النافذة، فكان على الفأر أن يضغط ثانية على الرافعة كي يواصل مشاهدة الفيلم.

كانت الفئران على استعداد لأن تعمل بمنتهى الكد في الضغط على الرافعة لكي تواصل مشاهدة الفيلم وهو ما يقودنا إلى المبدأ الأول وهو: إن الحيوانات الذكية مثل الفئران (والأطفال) تحب القيام بشيء مثير للاهتمام. فهو يساعد عقلهم على النمو.

نقل الباحثون الفئران بعد ذلك إلى أقفاص مختلفة فيها طعام وشراب فقط دون وجود أية رافعة أو نافذة. فشعرت الفئران بسعادة لوهلة ثم بدأت تسيء السلوك! فقد بدأت تقضم الجدران وتتشاجر وتنتزع الفرو الذي يغطي جسدها أي أنها كانت فئران سيئة بشكل عام! وهو ما - يقودنا إلى المبدأ الثاني وهو: إن المخلوقات الذكية مثل الفئران (والأطفال) سوف تقدم على عمل أي شيء كي تتغلب على الملل بما في ذلك الأشياء التي يمكن أن نطلق عليها أشياء سخيفة أو مدمرة.

وأخيراً لجأ الباحثون إلى تجربة مثيرة للاشمئزاز بالفعل. فقد نقلوا الفئران إلى قفص مزود بالطعام والشراب والقليل من الأسلاك الكهربية في أرضية القفص موصلة بالبطاريات. ومن حين لآخر كانوا يحدثون بعض الصدمات الكهربية من خلال الأسلاك كانت كافية لان تشعر بها هذه المخلوقات الصغيرة ولكن دون ان تصيبهم بأذى (لعلكم أدركتم الآن لم لا يمكن أن يخضع الأطفال لمثل هذه التجارب).

وأخيراً حانت اللحظة المثيرة. فقد أخرجت الفئران من الأقفاص وخيرت في الذهاب إلى أي قفص تريد. ربما كان بوسعك أيها القارئ أن تخمن الاختيار الأول والثاني وهكذا؟ وإليك ما خمنته:      

ـ القفص المزود بالطعام والشراب والأفلام.

ـ القفص المزود بالطعام والشراب. 

ـ القفص المزود بالطعام والشراب والصدمات الكهربية غير المتوقعة.

هل خمنت؟ حسناً؛ لقد جاء القفص المزود بالأفلام في المقام الأول، أما الاختيار الثاني للفئران فقد كان اختياراً مثيراً بالفعل حيث فضل الفئران القفص المزود بالصدمات الكهربية عن القفص الذي لا يحمل الا الطعام والشراب. وهو ما يقودنا إلى المبدأ الثالث وهو أحد المبادئ بالغة الأهمية بالنسبة للأطفال وهو: إن المخلوقات الذكية مثل الفئران (والأطفال)، تفضل أن يقع لها مكروه عن عدم حدوث أي شيء بالمرة.

أو بعبارة أخرى؛ إن أي تحفيز أو إثارة أفضل من لا شيء حتى وإن كان ذلك مؤلماً.

وبلغة الطفل؛ إن كان عليه أن يختار بين التجاهل والتوبيخ أو حتى التعنيف؛ فماذا تظن أنه سوف يفضل؟ ما الذي سوف يختاره أبناؤك؟ بالطبع، إن كان الطفل يحظى بالانتباه الإيجابي على الأقل مرة أو مرتين يومياً؛ فلن يلائمه أياً من الاختيارين السابقين.

سوف أختتم بقصة أخرى ولكنها هذه المرة عن الأطفال. أنت أكثر ذكاء من الأطفال والفئران، أي أنك في غنى عن أي شرح!

كان هناك زوجان في سن الشباب يتمتعان بالثراء ولديهما ولدين؛ أحدهما في التاسعة والآخر في الحادية عشرة.

كان الطفلان يملكان غرفة خاصة للعب أسفل المنزل مزودة بطاولة وثلاجة مليئة بالمشروبات الخفيفة ومسجل (حيث لم تكن ألعاب الفيديو قد ظهرت في ذلك الوقت وإلا كانا قد حصلا على إحداها أيضاً) وما شابه ذلك من الألعاب. وعلى الرغم من كل تلك الرفاهية، فقد كان الأبناء في حالة شجار دائم حتى أن الأبوين كانا يتحرجان من استقبال ضيوف على العشاء. وأخيراً اصطحب الوالدان الطفلين إلى عيادة لتقويم السلوك طلباً لمساعدة المتخصصين في مجال علم النفس. فقال المتخصصون النفسيون للوالدين: (حسناً، نحن نجري تجاربنا بشكل أساسي على الفئران؛ غير أننا على استعداد لأن نتابع حالة ابنيكما حيث تعيشون)، وهكذا تمت كل الترتيبات اللازمة. وجد الوالدان الأمر غريباً بعض الشيء، ولكنهما كانا حريصين على إيجاد حل لهذه المشكلة حيث أنها كانت تؤثر على حياتهما الاجتماعية بشكل بالغ.

وصل فريق الباحثين النفسيين واستقروا حول المنزل وهم يحملون دفاتر لتدوين الملاحظات وساعة رقمية. كان ذلك فى إحدى الحفلات؛ ولذلك بقي بعض الباحثين في الطابق العلوي (حيث كان الكبار) بينما بقي الآخرون مع الأبناء في الطابق السفلي (حيث جلسوا في هدوء وهم يدونون الملاحظات). وفي حوالي السابعة مساءً؛ لاحظ المراقبون في الطابق العلوي أن الأم تومئ لزوجها وتشير إلى الطابق السفلي في الوقت الذي لاحظ فيه المراقبون في الدور السفلي أن الطفلين قد انتهيا من اللهو بكل الألعاب وشرعا في الشجار. كان الشجار يبدو غير مألوف وكان عنيفاً؛ لقد كان أقرب إلى مشهد على خشبة المسرح، أو نوع ما من الرقص. غير أن الضوضاء التي أحدثها ذلك كانت تشبه إلى حد كبير صوت الشجار!.

بعد ذلك شاهد المراقبون في الدور السفلي الأب وهو يظهر على الدرج بعد أن طلبوا منه أن يتصرف بشكل طبيعي (إنها ليست مهمة سهلة)، وهنا بدأ الأب في نهر أبنائه لتصرفهم المخزي. وقد لاحظوا شيئاً فريداً لم يشاهدوه في الفئران من قبل. لقد كان الطفلين يستمعان إلى أبيهما وهو يصيح ويتقبلان الأمر بمنتهى الارتياح باستثناء تلك الابتسامة الصغيرة الخبيثة التي رسماها على وجهيهما وهو أحد التعبيرات التي أصبحت شائعة والتي يطلق عليها المحللون النفسيون اسم (ابتسامة الموناليزا). 

وقد أدرك المحللون النفسيون للأطفال في هذه اللحظة أن هذه الابتسامة غير المكتملة ما هي إلا رسالة سرية تعني حسناً؛ من المفترض أن أشعر بالذنب، وأنا أحاول أن أبدو نادماً، ولكن - هل تدري - إنني أستمتع إلى حد ما بهذا!

ربما لم يلتفت أي من الآباء لهذا، وهكذا يأتي رد فعل الأب دائماً بلا وعي متمثلاً في العبارة الشهيرة (إياك أن تبتسم وأنا أتحدث إليك!).

أثناء ذلك وعند عودة الطفلين إلى الدور السفلي كانا، قد استحوذا على اهتمام من الأب أكثر من ذلك الاهتمام الذي حصلا عليه طوال اليوم وبذلا قصارى جهدهما حتى لا تبدو علامات السعادة عليهما.

عاد المحللون إلى معملهم وأعدوا تقريراً مفصلاً عن الحالة والتقوا بالوالدين وأخبروهما بما تمكنوا على الأرجح من تخمينه بالفعل: (أنتما شديدا الانشغال بحياتكما الاجتماعية، بينما الأطفال بحاجة إلى المزيد من الانتباه. إنهما يحبان والدهما؛ لأن الطفل في هذه السن يسعى لتعلم كيف يصبح رجلاً، وهكذا توصلا إلى الطريقة الوحيدة التي تمكنهما من استقطاب والدهما وهي الشجار).

لقد كان المحللون على حق، غير أنهما لم يفهما الأب والأم جيداً. فجاءت إجابة الوالدين على هذا النحو: (ما هذا الهراء، كيف يمكن أن يسعى الأطفال للنهر؟)، وهكذا ترى أن الآباء يجهلون أمر الفئران والصدمات الكهربية، ناهيك عن ابتسامة الموناليزا.

فما كان من الوالدين إلا أن اصطحبا الطفلين إلى أحد الأطباء النفسيين الذي شرع في تحليل أحلامهما على مدى عامين، وبعد أن باءت محاولاته بالفشل، اصطحباهما معهما للعب الجولف؛ فشفيا بالطبع!

يمكننا بسهولة أن نلخص ما سبق كالآتي:

يفرغ الأطفال كامل طاقتهم في اللعب لأنهم يشعرون بالملل.

هل هناك شيء ما يمكن أن تفعله لكي توفر المزيد من التحفيز لأبنائك؟ ربما كان بوسعك أن تصحبهم إلى أحد المتنزهات وأنت تحمل معك الكرة، أو تدعو أصدقاءهم إلى هذه النزهة. أو تشاركهم في الألعاب الجماعية، أو تحضر لهم ألعاباً من مكتبة الألعاب. كما يمكنك أن تحتفظ بصندوق يحتوي على بعض القصاصات والقطع لبعض الألعاب الخيالية حتى لا تشعر أنت أو هم أنكم تعيشون داخل سجن.

يفرغ الأطفال كامل طاقتهم في اللعب لأنهم يشعرون بالرفض.

هل يمكنك أن تقضي القليل من الوقت يومياً توليهم خلاله الانتباه الكامل والإيجابي والتواصل الجسدي؟ هل تشعر بالاسترخاء والسعادة الكافية التي يمكن أن تمنحهم الشعور بالأمان؟

يفرغ الأطفال كامل طاقتهم في اللعب كي يجذبوا الانتباه.

ابحث عن ابتسامة الموناليزا؛ إنها إشارة إلى أن الطفل بحاجة إلى بعض الانتباه كي يفعل الصواب. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.