تتلخص أهم التطورات والتغيرات التي أدخلت على المحتوى الجغرافي في النقاط التالية:

1ـ تنوع الموضوعات اذ نرى أن الجغرافيين تطرقوا الى موضوعات جديدة لم يسبق بحثها من قبل ودخلت في مجال الجغرافيا العامة، وأصبحت تكون هذه الموضوعات فروعا جديدة وظهرت فيها مؤلفات جديدة مثل الجغرافية الطبية Medical geog جغرافية الأديان، جغرافية السياحة والترفيه، جغرافية القيادة The go. of leadership ، وجغرافية الجريمة، وسبب هذا التزايد في الموضوعات هو أن كل ظاهرة تتغير بحسب المكان وتتأثر بالمسافة يمكن اعتبارها موضوعا جغرافيا يستحق الدراسة.

2ـ محاولة تضييق المحتوي الجغرافي وقصره على دراسة بعض الظواهر وتفضيل التركيز على منهج الترابط بين الظواهر كرد فعل للاتجاه الأول، وهذا اتجاه مخالف لمنهج الجغرافيا الاقليمية التقليدية حيث كان الجغرافيون بموجبه يدرسون جميع الظواهر في الاقليم وكانوا يفترضون بعض الارتباطات فيما بينها، ولكن نظرا للتحول الحديث عن الجغرافيا الاقليمية وتزايد الاهتمام بالجغرافيا العامة وجه الباحثون اهتمامهم الى تلك الظواهر التي تبرهن على وجود الارتباطات فيما بينها وبناء عليه فإن المحتوى الجغرافي اقليميا كان أو عاما أصبح ضيقا عند أنصار هذا الاتجاه.

3- التغير الثالث أكثر دقة من سابقيه لأنه يعتبر أن مظهر الظاهرة هو الأهم لقد كان الجغرافيون قبلا حينما كانوا يدرسون موضوع مثل التربة يهتمون بأصلها المادي ومكوناتها وتركيبها، وكانوا يعتقدون أن مثل هذه الدراسة حيوية بالنسبة لهم، ويرجع ذلك الى تزايد الاهتمام بدراسة الجوانب الطبيعية التي كانت سائدة وقتهم حيث كان يتم تفسير الظواهر الجغرافية بأصولها الطبيعية ، ولكن الاتجاه الجغرافي الحديث يرى أن الظروف الطبيعية وخاصة ما يرتبط منها بالزراعة لم تعد غاية في الأهمية كما كانت قبلا وانما صار التركيز على المزارع من حيث الموضع Site والموقع Location وعلاقة المزارع بالمباني السكنية والطرق والأسواق، من حيث القرب أو البعد. 

4ـ تزايد التغير والتطور في دراسات جغرافية العمران والحضر، فيها لم يعد التركيز على أنماط المساكن وأنواعها ومواد البناء المستخدمة في اقامة المساكن وما يلزمها من مواد خام ولا على حتمية هذه الخامات مثل بناء المساكن الحجرية في المناطق الجبلية وتشييد البيوت من الطوب فى المناطق السهلية التي لا يتوفر فيها الصخر الصالح للبناء ولا حتمية المناح، وبدلا من ذلك أصبح الاهتمام أكثر على موضوع توزيع وتصنيف المباني والتنظيم المكاني لهذه المساكن، وبينما كان اهتمام الجغرافي في السابق ينصب على مخططات المدن والمواقع الفريدة للبلدان ونموها التاريخي أصبح اليوم يهتم بالموقع والوظيفة ومنطقة النفوذ التي تعتمد المدينة عليها وتتبادل معها الخدمات والمنافع، والخلاصة أن الموضوع الذي كان مهما للجغرافي منذ ربع قرن مضي أصبح اليوم موضوعا جانبيا.

5ـ اتباع المنهج الكمي في الدراسات الجغرافية.

6- اتجاه التحول عن الدراسات الاقليمية في الجغرافيا وأصبح وجود الاقليم ذاته مثار جدل كبير ، الا أنه يجب ان نقرر حقيقة وجود الاختلافات الاقليمية وأن الجغرافيا الاقليمية تقوم بدراستها وتختلف الجغرافيا الاقليمية عن الجغرافيا العامة في أن الأولى تدرس عدة موضوعات في أماكن قليلة والثانية تدرس ظاهرة أو ظاهرتين فى العالم كله، ويكملان بعضهما البعض ويعتبران جزءا الجغرافيا الضروريان لحفظ التوازن بينهما، فالجغرافيا الاقليمية تدرس الأقاليم بالتفصيل وتدرس حالات خاصة وتربط بين عدد كبير من الموضوعات ولكنها لا تستطيع أن تضع قوانين عامة أما الجغرافيا العامة فتدرس ظاهرة معينة دراسة عالمية في نفس الوقت، ومن ثم تتمتع بالنظرة الشاملة وهى تستطيع أن تحلل العوامل التي تؤثر في موضوع واحد مرة واحدة وتستطيع أن تضع قوانين عامة.