المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



الأنماط أو الطرق التربوية في القرآن / التربية بالمثل أو بالتمثيل  
  
238   08:51 صباحاً   التاريخ: 2025-03-13
المؤلف : د. بلال نعيم
الكتاب أو المصدر : التربية والتعليم في القران الكريم
الجزء والصفحة : ص 124 ــ 128
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الروحية والدينية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-1-2016 2413
التاريخ: 2024-07-23 918
التاريخ: 2024-06-11 1187
التاريخ: 18-8-2018 2148

هناك الكثير من المفاهيم المجردة والقيم التي يمكن أن تقدم على نحو نظري، لكنها تبقى بعيدة عن الامتثال إذا لم يتم تحديدها إما على نحو التعريف أو على نحو التوصيف. وكلاهما، أي التعريف والتوصيف، إذا لم يصلا إلى حد المثل قد يبقى كل من الفكرة والمبدأ والمفهوم في حيز الذهن والتصوّر. من هنا كانت أهمية التمثيل وتقديم المفاهيم، على نحو أمثلة تقرّب الفكرة إلى الذهن لتجعلها أقرب إلى الفهم، ولاحقاً تعزز إمكانية الامتثال لها في السلوك.

ولتوضيح الصورة فيما تقدّم نجد أن الله سبحانه في القرآن الكريم ضرب للناس من كل مثل وأنه لم يستح من أي مثل فالهدف هو التربية والموعظة، وليس مجرد الأمثلة وضربها. من هنا نصل إلى القواعد الآتية:

ـ الهدف هو التربية.

- مجرد المفاهيم وطرحها لا يؤدي حكماً إلى التربية.

- بعض المفاهيم أو أكثرها تحتاج إلى أمثلة توضيحية.

ـ ولا مجال للإعراض عن أي مثل طالما أنه يوصل إلى الهدف وهو التربية والاتعاظ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ} [البقرة: 26].

ولإعطاء الأمثلة على ما تقدم، نأخذ بعض النماذج القرآنية:

أ- الحياة الدنيا: بذاتها، حقيرة، زائلة، غرورة.. وقد وصف الدنيا كثيراً في القرآن كما أبدع وصفها الإمام علي (عليه السلام) سيد الزاهدين والهدف من كل ذلك (أي القرآن ونهج البلاغة) هو التوصيف من أجل التزهيد، فأرقى القيم والأخلاق الحسنة تتمثل في الزهد عن الدنيا، والارتباط بالله وبالغيب والآخرة.

فالمطلوب هو إخراج حب الدنيا من القلب، والوسيلة هي إبراز مساوئ الدنيا وهذا الإبراز تارة يكون على نحو المفاهيم المجردة وحتى القابلة للمعاينة والتحسّس، وتارة يكون من خلال الأمثلة الداعية إلى الزهد والصدوف عنها. فمن أمثلة القرآن عن الحياة الدنيا: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا} [الكهف: 45].

فالمثل يوضح أن الدنيا في النهاية زائلة وغير باقية، ومن المنطق والحكمة والعقل أنَّ الإنسان لا يرتبط بالزائل بل بالباقي.

ب- الولاية لغير الله تعالى، ارتباط بالسراب وباللاشيء ويمكن أن يتم تصوير هذه الولاية على نحو الحديث عن الهباء والفقر والضعف والهوان، لكن الله سبحانه، قدم هذه الولاية على نحو مثل: {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت: 41].

سوف يتصوّر القارئ أو السامع بيت العنكبوت شكلاً ومضموناً، ثم يتصوّر الضعف لهذا البيت ويربط ولاية غير الله بهذا الضعف والوهن.

ج- أعمال الذين كفروا، وأنه لا شيء، وأنه ليس له أثر، وأنه ظل وعدم في النهاية فقد تم توضيحه بالمثل: {مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ} [إبراهيم: 18].

{وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [النور: 39].

د - الإنفاق في سبيل الله، والإنفاق رئاء الناس، والمثل الذي قدم للإنفاق في سبيل الله: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 261]، أي يضاعف الصدقة.

{وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [البقرة: 265]، أي التزكية والنماء.

أما الإنفاق رئاء الناس فهو: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 264]، أي عدم النماء ولا المضاعفة، بل وحتى عدم القبول لأنه لم يستقر. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.