أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-02-15
![]()
التاريخ: 2023-06-26
![]()
التاريخ: 2024-03-23
![]()
التاريخ: 2024-02-01
![]() |
يعد «نسناوياو» من أبرز الرجال العظام الذين عاصروا الملك «بسمتيك الأول»، كما تحدثنا عن ذلك النقوش التي وجدت على تمثال له من الجرانيت الأسود والمحفوظ الآن بمتحف «برلين» (راجع A. Z. 4 4 P. 42).
ويحمل هذا العظيم لقب كاهن الإله «حور» في «إدفو». وقد مثل «نسناوياو» في هذا التمثال قاعدًا القرفصاء، وصناعة التمثال متوسطة الحالة، وليس في هيئة جسمه، وتقاطيع وجهه ما يلفت النظر، هذا وقد وجد مشوه الأنف.
ويلحظ أنه قد نقش على الجزء الأعلى من ساعديه عموديًّا اسم الملك «بسمتيك» ولقبه. فعلى الذراع اليمنى نقش: «بسمتيك» وعلى الذراع اليسرى نقش «واح أب رع». وتبتدئ نقوش هذا التمثال بذكر لقب المتوفى واسمي والديه مع التماس من صاحب المقبرة من زائريه أن يتلوا صيغة القربان الجنازية المعروفة، وعلى ذلك سينالون جزاءهم الأوفى في الحياة الآخرة، ثم يتلو ذلك تقرير مختصر من المتوفى عن معاملته الحسنة للناس والآلهة، إذ كان يعمل كل ما يحبه الناس والآلهة، وخاتمة النقش التي تشير إلى بدايته تحتوي على ذكر الإله حور صاحب «إدفو».
ولا نزاع في أن التمثال كان مقامًا في معبد «حور» بإدفو، كما يدل على ذلك الأسطر 3، 19 … إلخ.
وتدل شواهد الأحوال على أن المتوفى قد وضع تمثاله هذا في معبد «حور»؛ لأجل أن يتمتع بالقربات التي كانت تقدم لهذا الإله في معبده، كما كانت العادة منذ أزمان بعيدة.
وتمثيل صورة المتوفى قاعدًا القرفصاء، كانت من الأوضاع المحببة في هذه الفترة منذ عهد الأسرة الاثنتين والعشرين (22) وما بعدها. وقد كان أمثال هذا التمثال توضع في ردهة المعبد، وذلك على غرار ما كان يعمل في عالم الدنيا، فكما أن أتباع السيد العظيم كانوا يجلسون في ظل ردهة قصر سيدهم، عندما كانوا يفرغون من عملهم اليومي، كذلك كان يرغب أهل التقى والصلاح بعد نهاية حياتهم الدنيوية في أن يقعدوا في معبد سيدهم الإلهي، وينعمون بالراحة الأبدية. وهاك النقوش:
(1) يا رع «حور أختي» أيها الإله العظيم، رب السماء، الأمير الوراثي والحاكم وكاهن «خور إدفو»، والمعروف لدى الملك حقًّا «نسناوياو» بن «حوروزا» وابن ربة البيت «نس-نيت-برت» المرحومة يقول (هكذا) عندما تضرع لأوزير؛ لأجل الإله الكامل (له الحياة والصحة والعافية) رب الأرضين (المسمى) «واح-أب-رع» بن «رع» (المسمى) «بسمتيك» العائش أبديًّا.
(2) أنتم يا كل الكهنة والعظماء والكتاب الذين يدخلون في معبد «إدفو» يوميًّا (4) لتقديم القربان قولوا من أجلي صيغة القربان: ألفًا من الخبز والجعة والثيران والإوز (وكل الأشياء)، التي منها يعيش إله لأجل روح الأمير الوراثي والحاكم «نسناوياو» بن «حوروزا»، وأن الآلهة والإلهات الذين يأوون في هذا المكان ليتهم يمدحونكم ويثبتون أولادكم في أماكنكم إذا ما نطقتم اسمي، ومن سينطق الاسم ممن يعيش ويرى آخر (أنك تعمل ذلك لي) فإن المثل سيعمل لك.
وبعد هذه المقدمة يبتدئ بطلنا يقص علينا قصة حياته فيقول:
إني سأقول لكم ماذا حدث لي — وليس فيه كذب — لقد أعطيت الجوعان خبزًا، والعريان كساءً، واحتفلت بعيد عزق الأرض لسيدتي سنويًّا في يوم السكر، ليتها تكافئني على ذلك بحفظ الحياة (والمقصود هنا بالسيدة هي الإلهة «حتحور» سيدة «دندرة»، أما عيد عزق الأرض فكان يحتفل به في 12 كيهك. راجع Rec. Trav V, 86 § 89).
لقد أعطاني سيدي مكافأةً إذ جعلني أميرًا وراثيًّا (للمكان المسمى) «برانب».
لقد أعطاني سيدي مكافأة مرةً ثانيةً، إذ جعلني أميرًا وراثيًّا على «بر-نب-أم».
لقد أعطاني سيدي مكافأة مرة ثالثة إذ جعلني أميرًا وراثيًّا على «خاس تمح».
لقد أعطاني سيدي مكافأة مرة رابعة، إذ جعلني أميرًا وراثيًّا على «بر-رما».
لقد أعطاني سيدي مكافأة (13) مرة خامسة، إذ جعلني أميرًا وراثيًّا عظيمًا وأميرًا على «راكايم» (14).
لقد أعطاني سيدي مكافأة سادسة، إذ جعلني أميرًا على «مرت (؟) (15) نثرت».
لقد أعطاني سيدي مكافأة سابعة إذ جعلني (16) … على «طيبة».
لقد أعطاني سيدي مكافأة ثامنة إذ جعلني (17) أميرًا وراثيًّا على «الكاب».
لقد أعطاني سيدي مكافأة تاسعة (18)، إذ جعلني أميرًا على «إدفو»؛ وذلك لأن مهارتي (19) كانت غالية في قلبه.
وإن هذا الإله العظيم الرفيع صاحب ونس حور قد جعل اسمي يصلح مثل اسمه يبقى دائمًا وأبديًّا!
وأول ما يلحظ في هذا المتن أنه في أوله كان عاديًّا بالنسبة لهذا العصر، ولكن نجد من أول السطر التاسع حتى السطر الخامس عشر منه أن المتن يحتوي على مكافآت، نالها صاحب التمثال تسترعي النظر وتحتاج إلى درس عميق، إذ تميط اللثام عن صفحة في تاريخ هذه الفترة من تاريخ الميلاد، من حيث نظام حكمها فيقص علينا المتوفى كيف أن سيده؛ أي «بسمتيك الأول» قد كافأه تسع مرات بتنصيبه في كل مرة أميرًا وراثيًّا (1)على ثماني مدن مختلفة، وأكثر من ذلك نصبه أميرًا وراثيًّا أعظم على الغرب، وكذلك خلع عليه وظيفة كبرى في «طيبة» لم يعرف كنهها بعد.
ومن كل ذلك نفهم أننا أمام موظف عظيم من موظفي الدولة في تلك الفترة.
ولا يفوتنا أن نذكر هنا أولًا أن لقب كاهن الإله «حور إدفو»، الذي كان يحمله لم يكن إلا لقب شرف وحسب، وقد جرت العادة في زمنه أن يحمل مثل هذا اللقب رجال عظماء الدولة، وأعظم مثل أمامنا هو الحاكم العظيم «منتومحات» الذي كان يعتبر أكبر رجال عصره، فكان يحمل لقب كاهن آمون الرابع (راجع الجزء الحادي عشر). والواقع أن الوظيفة الأصلية لبطلنا كانت دنيوية قبل كل شيء، وذلك على الرغم من أنه كان يلقب في نقوش مائدة قربان له «مدير كهنة حور إدفو»، مما يدل على أنه كان يقوم فعلًا بأعباء هذه الوظيفة. أما مواقع البلاد التي أقره الملك عليها، فيجد الباحث لأول وهلة أنها تشتمل على بعض الصعاب من حيث تحديد مواقعها، وبخاصة الخمسة الأول. والواقع أنه ليس لدينا ما يساعد على تحديدها إلا الأسماء التي جاءت على لوحة التبني التي خلفتها لنا المتعبدة الإلهية «نيتوكريس»، فنجد أن الاسمين الرابع والخامس في لوحة التبني، وهما «منف» و«كوم الحصن» يقابلان الاسمين الأول والثاني في متن التمثال الذي نحن بصدده، وعندما نرى أن اسم المدينة الثالثة في المتن الذي نفحصه يدعى «خاس-تمح»؛ أي أرض «لوبيا»، وأن «نسناوياو» كانت مكافأته في الدفعة الخامسة هو الأمير العظيم لبلاد الغرب، فإن ذلك يوحي إلينا بأن نظن على وجه التقريب أن المدن الخمس كانت كلها في الوجه البحري، وأنه كان قد نصب حاكمًا على هذه المقاطعة، وأنه بعد ذلك قد ثبت بوصفه حاكمًا على كل واحدة منها على انفراد.
ينتقل بنا المتن بعد ذلك إلى مدينة أخرى، وهي السادسة وهي مدينة «نثرت» وهي التي وحدها «بروكش» ببلدة «أزيوم» Iseum القديمة وببلدة «بهبيت الحجر» الحديثة الواقعة في وسط الدلتا شمالي «سايس». أما المدن من السابعة حتى التاسعة في متننا فهي «طيبة» و«الكاب» ثم «إدفو»، وكلها في الوجه القبلي. على أن امتداد سلطان رجل واحد بعينه يصبح بعيد المدى بهذه الصورة يعد من الأمور الغريبة حقًّا.
ولا نزاع في أن الإنسان يمكنه أن يجد حلًّا لهذه المعضلة، وذلك بأن ما جاء في الأسطر من التاسع حتى الخامس عشر يصور لنا حالة مصر السياسية في السنين الأولى من حكم «بسمتيك الأول» بصورة غير مباشرة، فلدينا في هذا النقش سجل هام نفهم منه أن الملك الجديد، قد أعاد للبلاد وحدتها بعد أن كانت منقسمة قسمين الدلتا والصعيد.
ففي عصر الحكم الكوشي الآشوري كانت الوحدة الحكومية معدومة. وكانت المدن الكبيرة بما لها من أرض محكومة بأمراء مستقلين كل يناهض الآخر. وقد كان «بسمتيك» واحدًا منهم أميرًا على «سايس»، غير أن طموحه وشجاعته كانا يفوقان طموح الآخرين وشجاعتهم … وكان والده «نيكاو الأول» قد نصب من قبل الآشوريين كما قلنا حاكمًا على أرض الكنانة، وقد كان جل هم «بسمتيك» توحيد البلاد تحت سلطانه؛ ولذلك كان أول واجب عليه هو أن يخضع الأمراء المناهضين له؛ وذلك بانتزاع استقلالهم من أيديهم.
وكان كل من لم يخضع عن طيب خاطر يخضعه على أية حال بمهارته وحسن سياسته، دون أن يلحق به أذى، ومن ثم أصبح أمراء المدن الذين سلموا عن طيب خاطر يشاطرونه الإخلاص، ومن بين هؤلاء «نسناوياو». ولا بد أنه كان له أهمية خاصة، ولا أدل على ذلك من أنه بعد خضوع الدلتا كان يشغل مكانة علية، وعندما امتدت سيادة «بسمتيك» نحو الجنوب تولى بطلنا وظائف في «طيبة» وفي «الكاب»، وأخيرًا في «إدفو» التي لم تكن بعيدة عن الحدود الجنوبية للمملكة المصرية.
وقد كان «نسناوياو» هذا يقطن فيها حتى مماته، أما تعيينه في الوظيفة التي كان يشغلها في «طيبة»، فلا بد أنه لم يكن بعد السنة الثامنة من حكم «بسمتيك» بزمن طويل؛ وذلك لأن «تانو تأمون» كان لا يزال في خلال السنة الثامنة من حكم «بسمتيك» قابضًا على زمام الأمور في «طيبة»، ونعلم ذلك من لوحة التبني التي خلفتها لنا المتعبدة الإلهية «نيتوكريس»، ومن جهة أخرى لم نجد من بين المدن التي قدمت جزية للمتعبدة الإلهية «نيتوكريس» بلدة من البلاد التي جنوبي «طيبة». وهذا يوحي بأن الأرض التي كانت في الجنوب لا تزال تحت نفوذ «تانو تأمون»، أو من أتى بعده من الملوك «الكوشيين»، وعلى ذلك فإن تنصيب «نسناوياو» أميرًا على كل من «الكاب» و«إدفو»، قد جاء بعد السنة التاسعة من حكم الملك «بسمتيك الأول».
ومن المهم أن نلحظ أن «طيبة» كانت المدينة الوحيدة التي لم ينصب عليها «نسناو ياو» أميرًا من بين المدن التسع التي ولي عليها، وهذا يرجع إلى حقيقة تاريخية كبيرة؛ وذلك أن أمير «طيبة» أو حاكمها وقتئذ كان «منتومحات» الذائع الصيت. وتدل الوثائق التاريخية التي في متناولنا على أن «بسمتيك الأول» قد اعترف به حاكمًا عليها، كما يتضح ذلك جليًّا من لوحة التبني التي خلفتها لنا «نيتوكريس»، إذ نجد أنه كان لا يزال حاكمًا على المدينة عندما وصلت إليها «نيتوكريس» لتسلم مهام وظيفتها.
ووما يؤسف له أنه لا يمكننا أن نعرف أية وظيفة كان يشغلها «نسناوياو»؛ وذلك لأن اللقب الذي حمله في نقوش هذا التمثال ليس معروفًا، ولكن من مخصص الكلمة يظهر أنه كان شبه ملاحظ أمين يثق فيه الملك تمامًا في مثل هذه المدينة العظيمة الواقعة في الجنوب، بعيدة عن عاصمة ملكه التي في أقصى الشمال.
هذا وتوجد مائدة قربان في متحف «فلورنسا» لنفس «نسناوياو» صاحب التمثال الذي تحدثنا عنه. والنقوش التي على هذه المائدة لها أهميتها ولا بد من ذكرها هنا (راجع Schiaparelli’s Katalog, der Agyptischen Sammlung des Museum in Florenz S. 433 F).
وهاك ترجمتها:
«رع حور» أختي الإله العظيم الذي يسكن في «إدفو» إنه يعطي الحياة والعافية والصحة والعمر الطويل، وشيخوخة جميلة عالية مع سرور القلب (كسر من 2-3 سنتيمترات) للأمير الوراثي والحاكم وللمحبوب حقًّا المعروف لدى الملك ومدير الكهنة … وللحاكم العظيم للغرب «نسناوياو» (؟) والعائش ابن «حوروزا» وأمه هي «نس-نيت-برت».
وهكذا نجد أن هذه المائدة ينطبق معظم ما فيها على ما جاء من نقوش على تمثال هذا العظيم.
..............................................
1- وهذا يذكرنا بعهد الإقطاع في خلال الأسرة الثانية عشرة، وبخاصة في «بني حسن».
|
|
التوتر والسرطان.. علماء يحذرون من "صلة خطيرة"
|
|
|
|
|
مرآة السيارة: مدى دقة عكسها للصورة الصحيحة
|
|
|
|
|
نحو شراكة وطنية متكاملة.. الأمين العام للعتبة الحسينية يبحث مع وكيل وزارة الخارجية آفاق التعاون المؤسسي
|
|
|