الثورة الفرنسية الكبرى والصحافة

كانت الصحافة الفرنسية على موعد مع تغيرات عميقة في تطورها مع اندلاع الثورة الفرنسية في عام 1789. ولعل ابرز هذه التغيرات هو إقرار حرية الصحافة لأول مرة في العالم كحق من حقوق الإنسان فإذا كانت فرنسا قد تأخرت عن دول أوروبية أخرى في اللحاق بالصحافة اليومية فإنها كانت الدولة الأولى التي أقرت حرية الصحافة ونصت عليها ونصت عليها في تشريعاتها. فقد نصت المادة الحادية عشرة من إعلان حقوق الإنسان والمواطن الصادر في 28 أغسطس 1789 على أن حرية الاتصال والفكر وإبداء الرأي من حقوق الإنسان الثمينة وكل مواطن له الحرية في أن يتكلم ويكتب ويطبع". وتنفيذا لذلك تم إلغاء الرقابة على المطبوعات والصحف كما تم إلغاء نظام الترخيص المسبق لإصدار الصحف.

وكان من نتيجة ذلك أن عاشت صحافة فرنسا فترة من الحرية الكاملة، ظهرت خلالها مئات الصحف والدوريات بلغ عددها في عام واحد (1789) 250 نشرة وصحيفة ومن بينها عدة صحف يومية، أبرزها لو جورنال دى ديبا أو صحيفة المناقشات Le Journal de Debates و جای ناسیونال Gazette Nationale ، وصحيفة لو منيتور Le Moniteur

ولم تدم فترة الحرية التي عاشتها الصحافة الفرنسية أكثر ثلاثة سنوات من فقد أدى الصراع بين أنصار الثورة وبين المنادين بعودة الملكية إلى فرض قيود شديدة على الطباعة والصحافة نالت الصحف المؤيدة لطرفي الصراع.

ولم تجن الصحافة من استيلاء نابليون بونابرت على السلطة في فرنسا عام 1799 سوى مزيد من القيود. ففي يناير 1800 اصدر نابليون 18 اصدر نابليون مرسوما حدد فيه عدد الصحف المصرح لها بالصدور في البلاد بثلاث عشرة صحيفة، واغلق الصحف غير المصرح بها. ولم يبق في فرنسا في عام 1811 سوى أربعة صحف تصدر في باريس هي: لو مونيتور ولو جورنال دی ،باري، و لا جازيت دى ،فرانس، ولو جورنال دى لامير.