أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-6-2016
![]()
التاريخ: 8-05-2015
![]()
التاريخ: 17-5-2022
![]()
التاريخ: 25-1-2016
![]() |
مصبا- ونسيت الشيء أنساه نسيانا : مشترك بين معنيين ، أحدهما- ترك الشيء على ذهول وغفلة ، وذلك خلاف الذكر له. والثاني- الترك على تعمّد ، وعليه- ولا تنسوا الفضل بينكم- أي لا تقصدوا الترك والإهمال ، ويتعدّى بالهمزة والتضعيف ، ونسيت ركعة : أهملتها ذهولا ، ورجل نسيان : كثير الغفلة.
مقا- نسى : أصلان صحيحان : يدلّ أحدهما على إغفال الشيء ، والثاني على ترك شيء. فالأوّل- نسيت الشيء إذا لم تذكره. وممكن أن يكون النسي منه. والنسي : ما سقط من منازل المرتحلين من رذال أمتعتهم ، فيقال : تتبّعوا أنساءَكم. وقال بعضهم : الأصل في الباب النسيان ، وهو غروب الشيء عن النفس بعد حضوره لها. والنساء : عرق في الفخذ ، لأنّه متأخّر عن أعالي البدن الى الفخذ ، مشبَّه بالمنسيّ الّذي اخّر وترك.
لسا- نسى : والنسيان : ضدّ الذكر والحفظ.
والتحقيق
أنّ الأصل الواحد في المادّة : هو الغفلة عمّا كان ذاكرا له. وسبق في السهو : إنّه غفلة عمّا لم يكن. كما أنّ الغفلة تكون عمّا يكون. فيقال : غفل عن عمل ولم يتذكّره حتّى كان.
فالترك يتحقّق في النسيان بالنسبة الى شيء كان متذكّرا له فترك. وفي السهو : بالنسبة الى شيء كان قاصدا بأن يعمله فترك. وفي الغفلة : بالنسبة الى ترك شيء فوجد.
فتفسير المادّة بالترك أو الذهول أو الغفلة : تفسير تقريبي.
ثمّ إنّ النسيان على ثلاثة أقسام :
1- نسيان طبيعيّ بالذهول عمّا كان ذاكرا له : كما في :
{فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا} [الكهف : 61]. {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة : 286]. {لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ } [ص : 26]
2- نسيان يظهر في أثر التوجّه والاشتغال بأمور تخالف الموضوع فيغفل عن العمل بالوظيفة الّتي كان ذاكرا لها : كما في : {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ} [الكهف : 57]. {ثمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ} [الزمر: 8]. {وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ} [الفرقان : 18] فالتوجّه الى الأمور المادّيّة والاشتغال بالحياة الدنيويّة : يوجب انصراف القلب وإعراض الباطن عن التوجّهات الإلهيّة.
3- حصول حالة النسيان بالاختيار والتعمّد : وهذا كما في أعمال الربّ عزّ وجلّ ، فيراد منه نتيجة النسيان وأثره ، وهو قطع التوجّه والذكر ، وحصول الترك والإعراض - كما في :
{فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا} [الأعراف : 51]. {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [التوبة : 67]. {قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} [طه : 126] فانّ حقيقة النسيان عبارة عن انقطاع الذكر والتوجّه وحصول حالة الترك والإعراض عن شيء ، ولا مدخليّة في السبب الموجب لهذا المعنى ، سواء كان بجريان طبيعي ، أو بتوجّه الى ما يقابله وينافيه حتّى يشغله عن الذكر والتوجّه ، أو بداع باطني يوجب قطع التوجّه ، كما في مقام الجزاء وسلب الرحمة والانعطاف واللطف من اللّه تعالى.
فانّ المجازاة بمقتضى الحكمة والعدل ولإجراء ضوابط النظم والتقدير التامّ في الخلق ، ولازم أن يكون مماثلا بالجرم. فالعبد إذا نسى آيات اللّه وغفل عن يوم اللقاء وأعرض عن ذكر اللّه تعالى : فللّه تعالى أن يجازيه بالأعراض وترك التوجّه واللطف عنه بحكم العدل والحقّ.
{وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [الأنعام : 160] ومن هذا القبيل نسيان العبد في تعمّد واختيار ، إذا كان بداع باطني من ضعف الاعتقاد وفساده ، ومن انكدار القلب وغشاوة فيه ، فهو ينسى ويُعرض عن الذكر اختيارا وعمدا.
وهذا المعنى يناسب نسيان العبد في الآيتين وما يشابههما ، فيكون الجزاء بمثل عملهم ونظير نسيانهم دقيقا.
ثمّ إنّ النسيان يختلف أثره شدّة وضعفا باختلاف المنسيّ ، من اللّه والربّ وذكره تعالى وآياته وعهده ولقائه ويوم الحساب وخلقه والأنفس والنصيب من الدنيا والأمور المادّيّة.
وكما أنّ نسيان أمر مادىّ في الحياة الدنيويّة يوجب محروميّة عن آثاره وفوائده الدنيويّة : كذلك نسيان أمر روحانيّ يوجب محروميّة في مرتبة عالية شديدة ، الى أن ينتهى الى نسيان اللّه وذكره ، فيوجب مضيقة في الحياة الدنيا والآخرة ، وذلك نهاية الخسران.
{وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا } [طه : 124]. {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ} [الحشر: 19] ولا يتصوّر عذاب وابتلاء وخسران فوق أن ينسى الإنسان نفسه ، ولا يتوجّه بوجه الى مضارّه ومنافعه وسعادته وشقاوته وخيره وشرّه ، فانّ هذا موت مستمرّ وفناء دائم وخسران أبدىّ.
نعم إنّ اللّه عزّ وجلّ هو مبدأ كلّ خير ، وبيده قاطبة الأمور المستحسنة مادّيّة ومعنويّة ، ومنه جميع الفيوضات والفتوحات المتنوّعة.
_________________________
- مصبا = مصباح المنير للفيومي ، طبع مصر 1313 هـ .
- مقا = معجم مقاييس اللغة لابن فارس ، ٦ مجلدات ، طبع مصر . ١٣٩ هـ.
- لسا = لسان العرب لابن منظور ، 15 مجلداً ، طبع بيروت 1376 هـ .
|
|
تحذير من "عادة" خلال تنظيف اللسان.. خطيرة على القلب
|
|
|
|
|
دراسة علمية تحذر من علاقات حب "اصطناعية" ؟!
|
|
|
|
|
العتبة العباسية المقدسة تحذّر من خطورة الحرب الثقافية والأخلاقية التي تستهدف المجتمع الإسلاميّ
|
|
|