أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-6-2016
1806
التاريخ: 2-5-2022
2115
التاريخ: 11-1-2016
4845
التاريخ: 2024-12-19
193
|
الأمر الذي يؤدي الى فشل الأبوة والأمومة ترك الحب والعطف على الأولاد , وهو أمر مهم في المرحلة الأولى لبناء الطفل حتى ينمو على ذلك الحب والحنان , فبقدر ما يظهر الوالدان الحب للأولاد بقدر ما يتعلق الطفل بهما مما يفسح المجال ويساعد على التأثير عليه وتعويده على الطاعة والأدب , وعلى العكس إذا شعر الأولاد بعدم حب الأهل لهم فإنه يؤدي لعصيان أوامرهم مما يفقد عوامل التأثير التربوي عليه .
قال الصادق (عليه السلام) : ((جاء رجل الى النبي (صلى الله عليه واله) فقال : ما قبّلت صبيّا قط , فلما ولى قال رسول الله (صلى الله عليه واله) هذا رجل عندي أنه من أهل النار)) (1). وقال (صلى الله عليه واله) : ((أحبّوا الصبيان وارحموهم)) (2) .
وروي أن رسول الله (صلى الله عليه واله) قبّل الحسن والحسين (عليهما السلام) , فقال الأقرع بن حابس : إن لي عشرة من الأولاد ما قبّلت واحد منهم , فقال : ما علي إن نزع الله الرحمة منك , أو كلمة نحوها .
وقال (صلى الله عليه واله) : (قبّلوا أولادكم فإن لكم بكل قبلة درجة في الجنة ما بين كل درجتين خمسمائة عام) .
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : (قبلة الولد رحمة وقبلة المرأة شهوة , وقبلة الوالدين, عبادة وقبلة الرجل أخاه دين وزاد عنه الحسن البصري : وقبلة الإمام العدل طاعة) (3) .
وقال (صلى الله عليه واله) : ((نظر الوالد الى ولده حبا له عبادة)) (4) .
وقال (صلى الله عليه واله) : ((أحبّوا الصبيان وارحموهم , فإذا وعدتموهم فأوفوا لهم , فإنهم لا يرون إلا أنكم ترزقونهم)) (5) .
ومن مصاديق محبة الطفل وإشعاره بمكانته التشجيع له ومدحه على ما ينجزه من أعمال وأن كانت يسيرة والتجاوز عن بعض الهفوات , وعدم تسفيه أقواله وأعماله وعدم حمله على ما لا يطيق كما جاء في قول رسول الله (صلى الله عليه واله) : ((رحم الله من أعان ولده على برّه ... يقبل ميسوره ويتجاوز عن معسوره ولا يرهقه ولا يخرق به ...)) (6) .
وعليهما ايضا إطعام الأولاد بأيديهما بين فترة وأخرى حتى لو تجاوزوا السابع من العمر , حتى يستمر الشعور بالحب والاهتمام من قبل الوالدين .
وايضا مراقبة طعامهم وفراشهم وكيفية نومهم , وسلامة جسدهم وبنيانهم .
هذا وقال رسول الله (صلى الله عليه واله) : ((إن الله ليرحم العبد لشدة حبه لولده))(7) .
وعند إظهار هذا الحب الواعي والمفيد للأولاد يعكس سعادة على الآباء سواء من الناحية العاطفية التي تخرج منهم فتترك أثرا إيجابيا , أو من ناحية هدوء البال الذي يحصل عند الآباء نتيجة الهدوء والرضا الذي يحصل عند الأبناء جراء الحب والعطف .
قال الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) : ((اللهم ومنّ عليّ ببقاء ولدي .... ورب لي صغيرهم ... وأصِحّ لي أبدانهم وأديانهم وأخلاقهم ... واجعلهم أبرارا أتقياء بُصراء .. وأعنّي على تربيتهم وتأديبهم وبرّهم ... وأعذني وذريتي من الشيطان الرجيم)) (8) .
ـ العطف بين الوالد والولد :
قال الشيخ مغنية في شرح الصحيفة السجادية : أوصى سبحانه الولد بوالديه , وأمره بالعطف عليهما , ولم يوصى الوالد بشيء من ذلك , والسر واضح : لأن الولد بضعة من الوالد , بل هو نفسه , ولا عكس , قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) لولده الإمام الحسن (عليه السلام) : ((وجدتك بعضي , بل وجدتك كلي حتى كأن شيئا لو أصابك أصابني)) (9) .
وكتب ولد لوالده : جُعلت فداك فكتب إليه والده : لا تقل مثل هذا , فأنت على يومي أصبر مِنّي على يومك . ومن الأمثال عندنا في جبل عامل : قلبي على قلب ولدي , وقلب ولدي علي من حجر (10) .
وقال سبحانه :{إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ} [التغابن: 14].
وما قال : إن من آبائكم , وأمهاتكم عدوا لكم فاحذروهم , لأن عاطفة الوالدين ذاتية كما أشرنا أما عاطفة الولد نحو أبويه فهي لا تصل الى مستوى عاطفة أبويه عليه ولذا حالة الانقلاب الى العداوة منتظرة من الولد أكثر مما هي من الوالدين , إلا أننا لا نبالغ إن قلنا إن الأهل مسؤولون بالدرجة الأولى عن نمو مستوى العاطفة لدى الأولاد كما قلناه في الفشل التربوي وأساليبه ولا بد من الإشارة الى أن للحب حدودا وللعاطفة حدود أيضا فينبغي أن يكون للعقل صوته المؤثر عند اشتعال نار الحب والحنان والعاطفة في القلب وحتى لا يتحول الحب والعاطفة الى عكس المطلوب , كما قيل ((من الحب ما قتل)) وسيأتي الكلام في التوازن بين اللين والشدة .
وفي الأشعار(11) :
أرى ولد الفتى كلّاً عليه لقد سعد الّذي أمسى عقيما
فإمّا أن تربيه عدواً وإمّا أن تخلفه يتيما
وبعد فإن الولد إما نعيم ليس كمثله إلا الجنة , وإما جحيم دونه عذاب الحريق , والويل كل الويل لمن ابتلاه الله بامرأة سوء , وولد عاق ... والإمام (عليه السلام) يدعو الله ويناشده في أن يمده, ويسعده بأولاد يحبهم , ويحبونه , أذلة عليه , وعلى المؤمنين أعزة على أعداء الله , وأعدائه , وزين له في مغيبه , ومحضره , وفي الحديث : ((إن الله سبحانه رفع العذاب عن رجل أدرك له ولد صالح , فأصلح طريقا , وآوى يتيما))(12) .
ـ أيهم أشد قسوة الضرب أم حرمان العطف والحنان؟
قال الشيخ محمد تقي الفلسفي : ((هناك آباء وأمهات مستبدون لا يتمالكون على أنفسهم من الإساءة والضرب.
وفي هذه الصورة لا تكون بعض العقوبات البدنية مضرة بمقدار ضرر بعض التشديدات بالنسبة الى القلب .
إن الحبس في غرفة , أو النظر الى الجدار من دون أن يجرؤ على القيام بحركة صغيرة تحطم القابلية على التحمل عند الطفل)).
((هناك بعض الأولياء يصبون طعام الطفل في إناء يشبه إناء طعام الحيوانات : وحتى في بعض الأحيان يقوم هذا الأب أو الأم غير العاديين , بتقديم الطعام الى الطفل في وعاء القاذورات , أو ببصق الأب في وجه الطفل أو يعريه في الشارع وأمثال ذلك مشاهدة بكثرة !)) .
((هؤلاء الأطفال تتحطم اعصابهم , وتصبح أفعالهم خالية من التروي والتفكير , وغالبا يؤدي بهم النفور نحو الانحراف وظهور ذلك في مظهر الجريمة , ذلك أن هؤلاء الأطفال يريدون أن ينتقموا ممن يعذبهم بواسطة نوع من الانتحار الخلقي ولذلك فإنهم لا يهتمون كثيرا بالترحم الذي يمكن أن يصيبهم , كما أنهم لا يتأثرون بكل عقوبة)) (13).
فمن الضروري أن تكون إدارة الأسرة قائمة على العقل والدراية والإنصاف والعدالة , وفي هذا يقول الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله) : ((ما من بيت ليس فيه شيء من الحكمة , إلا كان خرابا)) (14) (15) .
ـ التوازن في تربية الطفل بين اللين والشدة :
(تكريم الطفل والإحسان إليه وإشعاره بالحب والحنان وإشعاره بمكانته الاجتماعية وبأنه مقبول عند والديه وعند المجتمع , يجب أن لا يتعدى الحدود الى درجة الإفراط في كل ذلك , وأن لا تترك له الحرية المطلقة في أن يعمل ما يشاء , فلا بد من وضع منهج متوازن في التصرف معه من قبل الوالدين , فلا يتساهلان معه الى أقصى حدود التساهل , ولا أن يعنّف على كل شيء يرتكبه , فلا بد أن يكون اللين وتكون الشدة في حدودهما , ويكون الاعتدال بينهما هو الحاكم على الموقف منه لأننا أبناء الشريعة الوسطى حتى يجتاز مرحلة الطفولة بسلام واطمئنان , يميز بين السلوك المحبوب والسلوك المنبوذ , لأن السنين الخمس الأولى أو الست من الحياة هي التي تكون نمط شخصيته .
وقد أكدت الروايات على الاعتدال في التعامل مع الطفل فلا إفراط ولا تفريط . قال الإمام الباقر (عليه السلام) : (شر الآباء من دعاه البر الى الإفراط ...)(16) .
وفي حالة ارتكاب الطفل لبعض المخالفات السلوكية , على الوالدين أن يشعرا الطفل بأضرار هذه المخالفة وإقناعه بالإقلاع عنها , فإذا لم ينفع الإقناع واللين يأتي دور التأنيب أو العقاب المعنوي أو ... والعقوبة العاطفية خير من العقوبة البدنية كما أجاب الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) حينما سئل عن كيفية التعامل مع الطفل فقال ((لا تضربه واهجره ... ولا تطل )) (17) . (18) .
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : ((الافراط في الملامة يشب نيران اللجاج)) (19) .
إن (طريقة المبالغة التي تتبعها الأمهات عندما يصاب أطفالهن بالمرض تؤثر على نفسية الطفل في الكبر .. . يخلق منه طفلا مكتئبا كثير الشكوى سريع الانفعال) (20) .
_____________________________________________________
1ـ الكافي : 6/50 , ح7 .
2- بحار الأنوار : 104/93 .
3- مكارم الأخلاق :206 , الفصل السادس في الأولاد وما يتعلق بهم , في فضل الأولاد .
4- مستدرك الوسائل 626:2 .
5- مكارم الأخلاق : 219.
6- الكافي 50:6 ح6 باب بر الأولاد , لا يخرق به أي ل يأتي بما لا يرفق به , كما هو المستفاد من مجمع البحرين
7- من لا يحضره الفقيه : 3/310 .
8- الصحيفة السجادية الجامعة: 128- 129 مؤسسة الإمام المهدي قم 1411هـ ط1.
9- انظر , نهج البالغة : 3/38 , الكتاب (31) شرح نهج البلاغة للمعتزلي : 16/ 57 , شرح نهج البلاغة لعبده : 3/43, نظم درر السمطين : 162 , ينابيع المودة 3/438 , تحف العقول : 68 , مناقب آل أبي طالب : 3/199 .
10- انظر كتاب الأمثال البغدادية : 351.
11- ينسب هذا الشعر الى القاضي أبي القاسم التنوخي (الصغير) قبل موته بقليل , دخل عليه القاضي أبي عبد الله ابن الدامغاني , قال فأخرج إلي ولده من جارية فلما رآها بكى فقلت : تعيش إن شاء الله , وتربيه , ويقر الله عينك به فقال : هيهات والله ما يتربى إلا يتيما وأنشد هذا الشعر , انظر , معجم الأدباء : 14/110 – 124.
12- انظر , الكافي : 6/4 , أمالي الشيخ الصدوق : 414 , وسائل الشيعة : 11/561 ح2 .
13- جه ميدانيم ؟ تربيت أطفال دشوار ص30
14- تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي : 1/382 .
15- الطفل بين الوراثة والتربية – الشيخ محمد تقي الفلسفي : 1/395 المحاضرة الخامسة عشرة.
16- مشاكل الآباء : 141 , عنه تربية الطفل في الإسلام : 62, مركز الرسالة , قم ...
17- تاريخ اليعقوبي 320:2 .
18- تربية الطفل في الإسلام : 62 مركز الرسالة قم ..
19- تحف التقول : 84 .
20- قاموس الطفل الطبي: 278، عنه تربية الطفل في الاسلام: 66، مركز الرسالة، قم.
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
العتبة العباسية تستعدّ لتكريم عددٍ من الطالبات المرتديات للعباءة الزينبية في جامعات كركوك
|
|
|