المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
الشكر قناة موصلة للنعم الإلهية
2025-01-12
أسباب ودوافع الكفران وطرق علاجه
2025-01-12
عواقب كفران النعمة
2025-01-12
معنى كفران النعمة
2025-01-12
دور الإدارة الحكوميـة فـي التنـميـة التكـنولوجـيـة 2
2025-01-12
دور الإدارة الحكوميـة فـي التنـميـة التكـنولوجـيـة 1
2025-01-12



عبد القاهر الجرجاني  
  
16539   01:56 صباحاً   التاريخ: 27-1-2016
المؤلف : عمر فرّوخ
الكتاب أو المصدر : تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة : ج3، ص183-188
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-7-2019 2605
التاريخ: 21-06-2015 2458
التاريخ: 28-1-2021 5740
التاريخ: 10-04-2015 2649

هو أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمّد الجرجانيّ، كان فارسيّ الأصل من أهل جرجان، ولد فيها و أخذ فيها العلم عن أبي الحسن محمّد بن الحسين بن محمّد بن الحسين بن عبد الوارث الفارسيّ النحويّ (ت 421 ه‍) . و قيل أخذ أيضا عن أبي الحسن عليّ بن عبد العزيز الجرجانيّ (ت 392 ه‍ -1002 م) . و لم يغادر عبد القاهر الجرجانيّ جرجان قطّ.

تصدّر عبد القاهر الجرجاني في بلده للتدريس. و يبدو أنّه قد تكسّب بالشعر، فقد مدح نظام الملك أبا الحسن عليّ بن الحسن الطوسيّ وزير السلاجقة الذي اغتاله الباطنية سنة 485 ه‍ ؛ و لكنّه لم ينل حظوة عند الممدوحين. و لم تقبل الدنيا على عبد القاهر الجرجانيّ فكان كثير السخط على أحوالها و أمورها.

و كانت وفاة عبد القاهر الجرجاني في بلده جرجان سنة 471 ه‍(1078 م) في الأغلب.

كان عبد القاهر الجرجانيّ من أئمّة اللغة و النحو و الأدب عزيز العلم؛ قيل فيه: هو مؤسّس علم البيان، و لا ريب في أنه خطا بعلم البيان و البلاغة نحو شيء من التنظيم و التعليل المنطقي، فلقد كان أشعريّ المذهب في علم الأصول (أي فقيها متكلّما) ، و يبدو أنّه طبّق شيئا من أصول علم الكلام على البلاغة.

و عبد القاهر الجرجانيّ مصنّف مكثر له في النحو: المغني في ثلاثين مجلّدا- المقتصد (تلخيص للمغني) في ثلاثة مجلّدات، فرغ من تأليفه سنة 454 ه‍ - التكملة (لعلّه استدراك على كتاب الإيضاح لأبي عليّ الفارسيّ المتوفّى 377 ه‍) - الإيجاز (و هو اختصار لكتاب الايضاح المذكور) -العوامل مائة (أو مائة عامل) -الجمل (اختصار لكتاب العوامل المائة) ، و يعرف أيضا باسم الجرجانية، و قد شرحه علماء كثيرون-التلخيص (شرح لكتاب الجمل) -العمدة (في التصريف) .

و لعبد القاهر الجرجانيّ أيضا: كتاب في العروض-المختار من دواوين المتنبّي و البحتري و أبي تمّام-شرح (سورة) الفاتحة-المعتضد (شرح على كتابه «إعجاز القرآن) -الرسالة الشافية في الإعجاز (في عجز البشر عن معارضة القرآن الكريم في الإتيان بشيء من مثله) -المفتاح.

و اشتهر عبد القاهر الجرجاني بكتابين: «دلائل الإعجاز» و «أسرار البلاغة» :

أ- دلائل الإعجاز: هو كتاب في إعجاز القرآن، أي أن القرآن الكريم في أعلى درجات الفصاحة و البلاغة (من حيث التعبير) حتّى أن العرب قد عجزوا عن أن يعارضوه (يقلّدوه، يأتوا بشيء من التعبير عن مقاصد هم يشبه ما جاء فيه) مع أن العرب يوم نزل القرآن كانوا معدن الفصاحة و أرباب البلاغة. و لم يكن عجز العرب عن الإتيان بشيء من مثل ما جاء في القرآن لأنّ القرآن في نفسه معجز فقط، بل لأنّ القرآن قد بهرهم أيضا حتّى أقرّ في أنفسهم أنهم عاجزون عن مثل ذلك. و يتكلّم عبد القاهر الجرجانيّ في هذا الكتاب على وجوه من النحو و البلاغة و الشعر كلاما يدلّ كلّه على عجز البشر عن مجاراة أسلوب القرآن (أو أساليب القرآن) في تصريف وجوه الفصاحة و البلاغة في مواضعها.

ب- أسرار البلاغة: في البيان خاصّة و في المعاني و البديع، و كان بحثه في هذه الأوجه من البلاغة أوسع في هذا الكتاب ممّا جاء في كتاب «إعجاز القرآن» .

و في هذا الكتاب أيضا يعرض عبد القاهر الجرجانيّ لرأيه في الإعجاز، و ذلك أن الألفاظ لا توجب حكما و لا يبدو فيها جمال إلاّ إذا ألّفت نوعا من التأليف ثمّ انطوت على معنى. و في الكتابين (إعجاز القرآن و أسرار البلاغة) وجوه من الشبه في الموضوعات المطروقة و في الأمثلة المضروبة.

و لعبد القاهر الجرجانيّ شعر من شعر العلماء بعضه في المديح و أكثره في الشكوى و الأدب. ثمّ هو بلا ريب ناقد من الطبقة الرفيعة.

مختارات من آثاره:

- من فاتحة كتاب «أسرار البلاغة» :

اعلم أنّ الكلام هو الذي يعطي العلوم منازلها و يبيّن مراتبها و يكشف عن صورها و يجني صنوف ثمرها و يدلّ على سرائرها و يبرز مكنون ضمائرها. و به أبان اللّه تعالى الإنسان من الحيوان (1)و نبّه فيه على عظيم الامتنان، فقال -عزّ من قائل- «الرحمن علّم القرآن. خلق الإنسان، علّمه البيان» (2).

فلولا (الكلام) لم تكن لتتعدّى فوائد العلم عالمه، و لا صحّ من العاقل أن يفتق عن أزاهير العقل كمائمه (3)، و لتعطّلت قوى الخواطر و الأفكار من معانيها. . . . .

و إذا كان هذا الوصف مقوّم ذاته (4) و أخصّ صفاته، كان أشرف أنواعه ما كان فيه أجلى و أظهر. . . . و الألفاظ لا تفيد حتّى تؤلّف ضربا خاصّا من التأليف و يعمد بها إلى وجه دون وجه من التركيب و الترتيب. . . . و هذا الحكم-أعني الاختصاص في الترتيب-يقع في الألفاظ مرتّبا على المعاني المرتّبة في النفس المنتظمة فيها على قضيّة العقل (5). . . .

و ههنا أقسام قد يتوهّم في بدء الفكرة، و قبل تمام العبرة، أنّ الحسن و القبح فيهما لا يتعدّى اللّفظ و الجرس (6) الى ما يناجى فيه (7) العقل و النفس. . . . . .(فمن ذلك) التجنيس و الحشو.

أمّا التجنيس، فانّك لا تستحسن تجانس اللفظتين إلاّ إذا كان موقع معنييهما من العقل موقعا حميدا، و لم يكن مرمى الجامع بينهما مرمى بعيدا. أتراك استضعفت تجنيس أبي تمّام في قوله:

ذهبت بمذهبه السماحة فالتوت...  فيه الظنون: أ مذهبٌ أم مذهبُ؟

و استحسنت تجنيس المحدث (8):

ناظراه في ما جنى ناظراه... أو دعاني أمت بما أو دعاني

لأمر يرجع إلى اللفظ أم لأنّك رأيت الفائدة ضعفت (في) الأوّل و قويت في الثاني؟ . . . . . فقد تبيّن لك أنّ ما يعطي التجنيس من الفضيلة أمر لا يتمّ إلاّ بنصرة المعنى؛ إذ لو كان باللفظ وحده لما كان فيه مستحسن، و لمّا وجد فيه إلاّ معيب مستهجن. و لذلك ذمّ الإكثار منه و الولوع به.

و قد تجد في المتأخّرين الآن (9) كلاما حمل صاحبه فرط شغفه بأمور ترجع إلى ما له اسم في البديع الى أن ينسى أنّه يتكلّم ليفهم و يقول ليبين (10)؛ و يخيّل إليه أنّه إذا جمع بين أقسام البديع في بيت فلا ضير (11) أن يقع ما عناه في عمياء، و أن يوقع السامع من طلبه في خبط عشواء (12). و ربّما طمس-بكثرة ما يتكلّفه-على المعنى و أفسده، كمن ثقّل العروس بأصناف الحليّ حتّى ينالها من ذلك مكروه في نفسها. . . . . . .

و اعلم أنّ غرضي في هذا الكلام الذي ابتدأته و الأساس الذي وضعته أن أتوصّل الى بيان أمر المعاني كيف تتّفق و تختلف، و من أين تجتمع و تفترق، و أفصّل أجناسها و أنواعها، و أتتبّع خاصها و مشاعها، و أبيّن أحوالها في كرم منصبها (13) و تمكّنها في نصابه و قرب رحمها (14) منه أو بعدها حين تنسب إليه.

- و لعبد القاهر الجرجانيّ في الشكوى من الممدوحين البخلاء:

لا تأمن النفثة من شاعرٍ... ما دام حيّا سالما ناطقا (15)

فانّ من يمدحكم كاذبا... يحسن أن يهجوكم صادقا

- و بالغ في التشاؤم و لم يصب التعبير الموفّق لما قال:

كبّر على العلم و لا ترمه... و مل الى الجهل ميل هائم (16)

و عش حمارا تعش سعيدا... فالسعد في طالع البهائم (17)

_____________________

1) أبان الانسان من الحيوان: فرق أحدهما من الآخر (فضل الانسان) .

2) الكمائم-الاكمام: كأس الزهرة (الأوراق الخضر التي تضم الزهر قبل تفتحها) .

3) ذاته-ذات العلم، جوهره و حقيقته.

4) المقصود-أن ترتيب الكلام تابع لترتيب المعاني في العقل.

5) الجرس (بفتح الجيم أو بكسرها) : الصوت أو الصوت الخفي، نغمة اللفظة.

6) ما يناجى به العقل و النفس: ما يتعلق بالفكر و العاطفة.

7) السماحة: الكرم. مذهب: طريقة، مبدأ. مذهب: انصراف، ابتعاد (عن أمر ما) .

8) ناظراه: (فعل أمر للمثنى من ناظر: جادل) . ناظراه: عيناه. أو دعاني (لفظتان) ، دعاني: أتركاني. أودعاني (لفظة واحدة: فعل ماض للمثنى الغائب مع ضمير متصل هو فاعل ثم نون الوقاية ثم ضمير آخر متصل هو مفعول به) : ضعا في.

9) في زمن عبد القاهر الجرجاني (القرن الخامس الهجري-الحادي عشر الميلادي) .

10) يبين: يفصح، يوضح.

11) لا ضير: لا ضرر.

12) أن يقع ما عناه في عمياء: أن يكون المعنى الذي قصده الكاتب غامضا على السامع. ان يوقع السامع من طلبه (طلب ما عناه الكاتب) في خبط عشواء (في تخيل عدد من المعاني من غير أن يهتدي الى المعنى المقصود) .

13) مكانتها و سمو قدرها في العقل.

14) الرحم: القرابة. النصاب: الاصل و المرجع (بكسر الجيم) : النطاق أو الإطار الذي يكون فيه أمر من الأمور. ، المكان المخصوص بالشيء.

15) النفثة: النفخة اليسيرة يحاول أن يخفف بها الانسان بعض ما يشكو منه من الضيق.

16) كبر على العلم (أربع تكبيرات: صل عليه صلاة الجنازة) يقصد: أن العلم قد مات، لم يبق منه فائدة. الهائم: المحب المدله بالحب.

17) في طالع البهائم-تعبير معناه أن المولود يكون سعيدا أو شقيا في حياته بحسب النجم الذي يكون طالعا في يوم مولده، فجميع البهائم (الناس الجهلة) قد ولدوا في أيام كانت فيها كواكب السعود طالعة، و جميع البشر (الناس العاقلون المتعلمون) قد ولدوا في الأيام التي كانت فيها كواكب النحس مشرقة (و في بروج السماء التي تنزل فيها الكواكب اسماء حيوانات: برج الاسد-برج الحمل-برج العقرب) .

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.