المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



تأثير اختلالات البدن على السلوك  
  
1962   02:48 صباحاً   التاريخ: 28-1-2016
المؤلف : د. علي القائمي
الكتاب أو المصدر : تربية الأطفال واليافعين وإعادة تأهيلهم
الجزء والصفحة : ص138ـ140
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الصحية والبدنية /

إن الحالات المختلفة للإنسان كأبعاده الوجودية لها تأثير على جسمه وذهنه وروحه، كما انها تؤثر في بعضها البعض الآخر، وعند حدوث اي اختلال في احدها، فإنه يؤدي الى اختلال الأقسام الأخرى. فعندما يظهر في البدن تداخل واضطراب، أو نقص واختلال يصاب الإنسان بالعمى أو الصمم، ويتغير سلوكه. ومن الاختلالات المؤثرة في السلوك:ـ

النقص: الطفل المبتلى بنقص في احد أعضائه كالعمى أو الصمم، أو شلل في يده أو ساقه؛ تكون هيأته قبيحة ومخجلة في نظر الآخرين، جسمه نحيف، ضعيف البنية. ومن البديهي ان يكون سلوكه غير موزون.

فقد يكون سلوكه خشناً وعنيفاً، أو على العكس من ذلك يكون مستسلماً وخاضعاً لإرادة الآخرين وطلباتهم ومفاسدهم تحت اي تهديد أو تشجيع بسيط، أو قد يكون الطفل شخصاً معقداً ولا يعرف السكينة، يحاول دوماً اكتساب محبة الآخرين وعطفهم، أو الانتقام من الآخرين، التشاؤم من الحياة..

ولا شك ان الصعوبات التي يضعها الوالدان، واللوم الدائم له من قبل والدي الطفل أو الآخرين تعمل على تغذية بعض عيوبه لتزيد من تزلزله وعدم ثقته، وتجعل تصرفاته وسلوكه أكثر ابتعاداً عن المطلوب.

2ـ التعب والإرهاق: إن التعب وظهور حالة الانحطاط في البدن تؤدي الى ايجاد تصرفات غير موزونة، فمن يتعب بسبب استهلاك جسده، تتلف عضلاته. ومن لا ينام بشكل كافٍ ولا يستريح لا يمكنه ان يفكر بشكل صحيح ويتخذ القرارات الصائبة، أو يؤدي العمل بشكل حسن. بل يكثر الخطأ في قراراته وعدم الاتزان في تصرفه.

التعب والإرهاق قد يوجدان لدى الشخص حالة من العنف والعصبية، أو على العكس من ذلك حالة من التسليم والأسر والعبودية. وقد يوجد الإرهاق فراغاً أو خللاً دماغياً، يجعل المصاب عاجزاً عن تقييم عمله.

وأخيرا فإنه من البديهي والمسلّم به ان الشخص المرهق لن يكون شخصاً عادياً موزوناً.

3ـ المرض: إن وضع البدن من ناحية سلامته أو مرضه له آثاره على تصرفات الطفل، فالأطفال المرضى دوماً يصابون عادة بانحراف خلقي وعدم اتزان، مساحة توقعاتهم كبيرة، لجوجون، يطلبون عطفاً وحناناً مفرطاً، ويتدللون.

ومن الطبيعي ان تفقّد الطفل بشكل مفرط وزائد سيضر به، تماماً كما هي حالة إهماله وعدم تأمين حاجاته ورغباته. إن الاهتمام الزائد به وخاصة في فترة النقاهة تترك آثاراً سلبية عليه، وتجعل من تصرفه اللاموزون أكثر تأرجحاً.

الأمراض تترك أحياناً اثراً سلبياً على عقل الطفل وذكائه، وتشل نشاط الدماغ. فخلل بسيط أحياناً كانسداد طريق التنفس بسبب الزكام أو غيره يؤدي الى سوء خُلق وعدم اتزان في تصرفات الطفل، ولا بد من معرفة هذه الأمور بشكل جيد.

4ـ وضع المزاج والهضم: تشير الدراسات العلمية الى ان الوضع المزاجي للأفراد يؤثر في سلوكهم، فالطفل الذي يكون مزاجه وخروجه جافا لا يتصرف مثل الطفل السليم . كما ان وضع

الطفل الذي يعاني من اسهال دائم لا يكون مثل الطفل السليم.

فضعف المزاج، الاصفرار الدائم، القابلية الوراثية الناشئة عن أمراض متجذرة موروثة عن الأب أو الأم أو الاجداد، والتي تجعله مؤهلاً أكثر من غيره للإصابة بالأمراض؛ تجعل سلوك الطفل في حالة من عدم الإتزان الدائم، وتؤدي الى بروز السلوك السيء.

الأمر نفسه يكون بالنسبة للأطفال الذين يحبسون البول أو الخروج، ويمتنعون عن دخول الحمام، أو الأطفال المصابين بآلام قلبية وما شابه بسبب شراهتهم أو قلة طعامهم أو بسبب تناولهم لأغذية متضادة وغير متلائمة.

 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.